Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليلة ملتهبة في طرابلس... وانشقاقات في بيت "الوفاق" وسقوط أول الجنود الأتراك

كثرت مسودات المبادرات ودارت الحوارات في كل عواصم الجوار الليبي

حافظ المشهد الليبي بشقيه السياسي والعسكري على وتيرته المتسارعة لليوم الرابع على التوالي، متأثراً بالحرب التي تدق طبولها على مشارف مصراتة، والتلويح التركي بالتدخل العسكري، وتحفز مصري للرد بمثله إذا حدث، واستمرار حالة الانسداد السياسي بين طرفي الصراع، ومخاوف إقليمية من الأثار الجيوسياسية لانفجار الأزمة، بناءً على المعطيات السابقة، فكثرت مسودات المبادرات ودارت الحوارات في كل عواصم الجوار الليبي وتلتها بيانات تدعو للتهدئة وتدفع باتجاه طاولة الحوار.

ليلة ملتهبة في طرابلس

ميدانياً، شهدت طرابلس معارك عنيفة جداً فجر الجمعة 10 يناير (كانون الثاني)، وكان اللافت فيها أنها امتدت إلى أحياء بوسليم والهضبة وغوط الشعال داخل العاصمة، بعدما شنت قوات الجيش هجوماً موسعاً عليها، إثر انسحاب جزء من قوات مصراتة المدافعة عنها إلى مدينتها التي تكابد مصاعب لمنع تقدم الجيش إليها، والذي بدأ بعد سيطرته على مدينة سرت.

وأدت الاشتباكات العنيفة في محور بوسليم إلى سقوط بعض قذائف الهاون على أحياء سكنية، بحسب مصادر محلية، متسببة في أضرار مادية، من دون ورود أنباء عن وقوع ضحايا. وتمكنت القوات الموالية لحكومة "الوفاق" من صد هذا الهجوم بعد دفع تعزيزات إلى المحور لتعبئة الفراغ الذي خلفته القوات المنسحبة.

مصراتة تحت الضغط

وفي جبهة مصراتة، أعلن الجيش الليبي أن "القوات الخاصة الصاعقة" التابعة له تتقدم في مواقع عدة باتجاه المدينة بعد سيطرتها على منطقة الوشكة"، مشيراً إلى أن مضادات الدروع استهدفت ثلاث آليات لقوات حكومة "الوفاق".

وقال مدير المكتب الإعلامي لـ"قوات الصاعقة" الليبية رياض الشهيبي، في تصريحات صحافية إن "القـوات الخـاصة تتقـدم وتسيـطر عـلى أماكن عـدة بعـد منطقة الـوشكـة"، كاشفاً أن التقدم حصل "بمساندة سلاح الجو الليبي الذي مهد بتوجيه ضربات عنيفة دمر خلالها آليـات لمليشيات مصراتة بالقرب مـن كـوبري سـداده بعـد فرارها مـن بوقـرين".

انشقاق عسكري وآخر سياسي

ولم يختلف يوم الخميس عن الأيام التي سبقته والتي حفلت بالمفاجآت، إذ شهدت البلاد حالتي انشقاق لافتتين على المستوى العسكري والسياسي، بدأت بإعلان "الكتيبة 604 مشاة" التابعة لمدينة مصراتة في بيان لها انضمامها للقوات المسلحة الليبية، بعد اتهامها بـ "الخيانة" من قبل قيادات في مدينة مصراتة في "عملية البنيان المرصوص".

ودعا آمر الكتيبة 604 مشاة "عبد الحميد بن رجب"، أهالي مصراتة إلى عدم تسليم مصير المدينة وأهلها إلى من وصفهم بـ"أذناب الإخوان الذين يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية تحت ستار العصبية القبلية"، مشيراً إلى أن "مصراتة من أكثر المدن خسارة في الأرواح والتجارة والعلاقات الاجتماعية، بسبب استخدام هؤلاء لطاقات المدينة في تحقيق أهدافهم تحت الستار القبلي، بحجة أنهم لا يريدون أن تُحكم البلاد من غير أهل مصراتة، وهم في الحقيقة يقودون المدينة إلى موت بطيء يوماً بعد يوم"، بحسب قوله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف في البيان، "هؤلاء عملاء لدول أجنبية لن يرضوا أن يحكم البلاد أحد إلا من زمرتهم، أو أن يجلبوا المستعمر إلى بلادهم، ولهذا كل من وجدوا فيه الكفاءة والقوة لحكم البلاد همشوه أو حاربوه أو شوهوه أو قتلوه كما فعلوا بعميد بلدية مصراتة".

من جانبه، أعلن القائم بالأعمال في سفارة ليبيا في غينيا " صبري بركة "، انشقاقه عن حكومة "الوفاق"، مؤكداً أن سفارته باتت تتبع مجلس النواب والحكومة المؤقتة التي تغير اسمها بقرار برلماني قبل أيام إلى الحكومة الليبية.

وأرجع بركة في مقطع فيديو بُث على صفحة وزارة الخارجية في الحكومة الليبية، انشقاقه إلى "استدعاء حكومة الوفاق" التي وصفها بـ"حكومة الصخيرات، للاستعمار التركي اعتقاداً منها بأنه سينقذها من غضب الشعب الليبي الرافض للتبعية والرافض للاستعمار".

وأضاف "الشعب الليبي وضع ثقته في قيادة الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر ومنحها الثقة لإعادة تنظيم الوطن وحمايته من الإرهاب والإخوان"، بحسب تعبيره.

القفز من المركب التي تغرق

وأثارت حالتا الانشقاق جدلاً كبيراً في ليبيا وتحليلاً واسعاً لدلالتها التي يرجعها الصحافي الليبي هشام بن صريتي في حديث لـ "اندبندنت عربية"، لعلم المقربين من حكومة "الوفاق" ومن يدورون في فلكها، بحرج الموقف الذي تعيشه حالياً سياسياً وعسكرياً، ما دفعهم للقفز من مركب "الوفاق" التي تغرق، مرجحاً أن تتزايد وتيرتها في الأيام المقبلة.

ويضيف بن صريتي "الأثار المعنوية لمثل هذه الحالات من الانشقاقات ستكون كبيرة وستسهم في زيادة التصدعات في بيت حكومة طرابلس، بينما تدعم المعنويات في الصف المقابل للبرلمان والجيش"، مؤكداً أن "دلالة حدث الانشقاق السياسي والعسكري أكثر وضوحاً من أن يسهب في شرحها وتصف الحالة التي تعيشها حكومة الوفاق، ويمكن تلخيصها في إدراك المقربين منها بأنهم في الصف الخاسر، ما دفعهم للزحف إلى الضفة المقابلة".

رفض مبطن وترحيب مشروط

سياسياً، وفي تصريح اعتبره مراقبون رفضاً مبطناً للمبادرة الروسية التركية، أكد الناطق باسم الجيش اللواء أحمد المسماري في بيان، أن "القيادة العامة للقوات المسلحة ترحب بمبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإحلال السلام"، مؤكداً أن "إقامة الدولة المدنية تتطلب القضاء على الإرهابيين في الأراضي الليبية كافة".

وأضاف "الدول الداعمة للإرهاب تنقل إلى ليبيا مرتزقة من جميع أنحاء العالم للقتال مع قوات حكومة الوفاق ضد الجيش الليبي، وتحقيق الاستقرار والأمن يستلزم حل المليشيات المسلحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية"، قائلاً إن "هذا الطلب أصبح دولياً وليس محلياً".

وتابع "القوات المسلحة الليبية تؤكد استمرار جهودها في حربها على الإرهابيين ودحر الإرهاب من كامل الأراضي الليبية".

من جانبها، أبدت كتلة "نواب برقة" في البرلمان الليبي، ترحيباً مشروطاً بالمبادرة الروسية لوقف إطلاق النار في ليبيا، وقالت في بيان، إنها ترحب "بأي مبادرة تؤدي إلى حقن دماء الشعب الليبي شرط التزامها بالإعلان الدستوري وتعديلاته والتشريعات النافذة، وبما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الليبي في دولة مدنية ديمقراطية خالية من الإرهاب والتطرف".

ثقة وموقف حرج

وتباينت ردود أفعال المحللين المتابعين للمشهد الليبي في قراءة رفض الجيش وترحيب "الوفاق" بمبادرة "بوتين وأردوغان"، وذهب بعضهم للقول إن دلالة الموقفين السياسيين واضحة في إعطاء صورة عما يجري على الأرض، إذ رفض الجيش وقف إطلاق النار نظراً للتقدم العسكري الذي حققه بعد السيطرة على سرت والتقدم صوب مصراتة وطرابلس، بينما قبول "الوفاق" بالمبادرة يكشف حرج موقفها العسكري الذي يدفعها إلى الترحيب بأي مقترح للتهدئة.

وقال الصحافي المصري مصطفى بكري، إن "إصرار المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي على رفض أية مبادرات تدعو إلى وقف معركة طرابلس التي تهدف إلى تحرير العاصمة من الإرهابيين، موقف مبدئي يعبر عن ثقة الجيش في قدراته وإصراره على تحقيق النصر على الخونة عملاء أردوغان".

أما الكاتب الصحافي الليبي فضيل الأمين من مدينة مصراتة، فاعتبر أن "الإعلان عن وقف إطلاق النار الذي أشارت إليه تركيا وروسيا، ليس مقترحاً ولا يعتبر طلباً، بل هو قرار مدعوم دولياً ومرحب به محلياً"، وتابع "إصدار البيانات برفضه أو الطنين في وسائل التواصل الاجتماعي من قبل دعاة الحروب والقتل والدمار، لن يغير من الأمر شيئاً، والقصف العشوائي هو استمرار لجرائم الحرب".

ولم تحد الجهود والمباحثات السياسة بين الدولة الإقليمية وذات العلاقة بالأزمة الليبية، عن مسارها المتسارع بالأيام السابقة، حين تعددت اللقاءات والبيانات المشتركة بين عدد من الدول، على رأسها مصر وفرنسا والجزائر وإيطاليا وتونس، والتي كانت أغلبها على مستوى وزراء الخارجية ونظرائهم في هذه الدول، وصبت أغلب المواقف التي رشحت عنها في التركيز على نقطتين لا ثالث لهما، رفض التدخلات العسكرية الخارجية والدعوة الملحة للعودة إلى المسار السياسي عبر استئناف الحوار بين أطراف الصراع الليبي.

مقتل 3 جنود أتراك

ومع تردد معلومات حول وصول دفعة من القوات التركية إلى ليبيا للمشاركة في معارك طرابلس إلى جانب حكومة "الوفاق"، تحدثت صحف تركية عن مقتل ثلاثة جنود أتراك في ليبيا وإصابة ستة آخرين، ما يجعلها أول خسائر تركية في العمليات العسكرية في ليبيا التي أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان آواخر العام الماضي.

وقالت المصادر إن "جثامين الجنود الأتراك وصلت مطار مصراتة"، وإن طائرة تركية خاصة نقلتها اليوم الجمعة إلى تركيا.

وكشفت تغريدات على "تويتر" وجود عدد من الجنود الأتراك الجرحى في مستشفى مدينة نالوت 270 كلم غرب طرابلس.

ولم يعرف بعد المكان الذي قتل فيه الجنود الأتراك، إلا أن مصادر تركية توقعت أن يثير وصول جثث الجنود الاتراك موجة غضب في الأوساط السياسية والاجتماعية التركية، ويفتح الجدل بشأن "مغامرة الرئيس أردوغان في المستنقع الليبي".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي