طلب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من هيئة قانونية مشكلة من 17 خبيراً دستورياً يقودهم البروفسور أحمد لعرابة، إعداد مقترح تعديل دستوري عميق في مهلة لا تتعدى 3 أشهر. وقيّد أعضاء الهيئة بسبعة محاور لا تمس "المواد الصماء" التي تنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية والأمازيغية لغتان رسميتان.
وحدّد الرئيس الجزائري في رسالة تكليف رئيس الهيئة أحمد لعرابة، المحاور الكبرى لهذا التعديل الذي سيُطرح على استفتاء شعبي بعد مصادقة البرلمان عليه. وكشفت رسالة التكليف عن سبعة محاور قابلة للتعديل ومهلة 3 أشهر لتسليم نسخة أولية بالتعديلات المقترحة.
يُذكر أن لعرابة، أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الجزائر، وممثل بلاده لدى محكمة العدل الدولية في قضية مشروعية بناء جدار الفصل في فلسطين، كما أنه مستشار قانوني للدولة الجزائرية في تحكيمات عدّة لنزاعات حول الاستثمارات الدولية. ويرافقه في مهمته 16 خبيراً آخرين من جامعات جزائرية، راعت رئاسة الجمهورية في اختيارهم "توزيعاً جهوياً".
سبعة محاور
ثانياً، "حماية الحياة العامة ومكافحة الفساد"، إذ أشار رئيس الجمهورية إلى أنه "يتعين على اللجنة أن تدرس وتقترح آليات من شأنها تفادي تضارب المصالح بين ممارسة المسؤوليات العامة وتسيير الأعمال وذلك من أجل إبعاد نفوذ المال عن تسيير الشؤون العامة".
ثالثاً، "من المهم بشكل خاص، تحديد الولاية الرئاسية بفترة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، وجعل ذلك أمراً ثابتاً لا يمكن المساس به، كما تجب إعادة الاعتبار إلى دور الأحزاب كفاعلين لا غنى عنهم في تنشيط الحياة السياسية للأمة".
رابعاً "تعزيز سلطة الرقابة البرلمانية. ويتعلق الأمر بوضع آليات فعّالة تسمح للبرلمان بممارسة مهماته كاملة في مراقبة عمل الحكومة وتقييمه من خلال تكريس جلسة كل شهر على الأقل، بحضور رئيسها".
في المحور الخامس، "تعزيز استقلالية السلطة القضائية مع احترام القانون، بعيداً من كل ضغط أو تأثير، وهو الهدف الذي لا يمكن تحقيقه من دون توفير حماية حقيقية للقاضي".
سادساً، "مراجعة الحصانة البرلمانية وإلغاء حظر المناصب السامية على مزدوجي الجنسية".
أما سابعاً وأخيراً "إلغاء الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات نهائياً مع إعطاء سند دستوري للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"المواد الصماء"
بناءً على المحاور الكبرى التي أعلنها تبون، يبدو أن الأخير لن يمس بما يُعرَف بـ"المواد الصماء" التي تثير جدالات عادةً بين تيار المحافظين والأحزاب العلمانية. وقال رجل القانون عمار خبابة إن "المواد غير القابلة للتعديل هي، الطابع الجمهوري للدولة، النظام الديمقراطي القائم على التعددية الحزبية، الإسلام باعتباره دين الدولة، العربية باعتبارها اللغة الوطنية والرسمية، الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن، سلامة التراب الوطني ووحدته، العلم الوطني والنشيد الوطني باعتبارهما من رموز الثورة والجمهورية".
وأوضح أن "رسالة تبون بشأن تعديل الدستور استثنت بوضوح الفصل الأول، المتعلق بالثوابت في "النظام واللغة والدين والعلم الوطني"، مضيفاً أنّ "الاقتراحات الواردة من الرئاسة تصب في كفة إعادة التوازن بين السلطات بحكم ما يملكه الرئيس من صلاحيات والخلل بين صلاحيات السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية". كما "يمكن توقع إعادة النظر في صلاحيات المجلس الدستوري بشكل جذري، وسلطة الانتخابات التي نشأت بشكل استعجالي في أيلول (سبتمبر) الماضي".
محاسبة الرئيس
وفي قراءة سياسية لمحاور التعديل، ذكر النائب السابق عدة فلاحي أن "تنصيب رئيس الجمهورية للجنة تعديل الدستور هي خطوة شجاعة، لكنها تفتقد للمخرجات المقبولة مثلها مثل الانتخابات الرئاسية التي لم يكن التحضير لها في المستوى المطلوب". وأشار إلى أن بعض التعديلات في حال تمت هي "تحصيل حاصل. فمن الطبيعي الذهاب إلى تحقيق التوازن بين السلطات وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية حتى لا يتغول مؤسساتياً وزمنياً وإعادة الاعتبار إلى منصب رئيس الحكومة".
أما الأهم بالنسبة إلى فلاحي، فهو "هل سيتم التأسيس لمحكمة دستورية يُحاسَب فيها رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والطاقم الوزاري، سواسيةً مثلهم مثل كل المواطنين في حال ارتكابهم أي جريمة أو خيانة للوطن، ويسقط ما يُسمّى بالقضاء الامتيازي".
وانتقد القاضي السابق عبد الله هبول لجوء رؤساء الجزائر جميعهم إلى "تعديلات دستورية على المقاس"، لافتاً إلى أنه منذ استقلال البلاد عام 1962 "تنتهي الدساتير برحيل الرؤساء"، مذكّراً أن "الرئيس السابق أحمد بن بلة عدّل الدستور عاماً بعد الاستقلال، ثم عدّله هواري بومدين عام 1976، كما كان للشاذلي بن جديد دستور عام 1989، وكذلك ليامين زروال عام 1996، أما عبد العزيز بوتفليقة فعدّله ثلاث مرات في 2002، ثم 2008 وأخيراً في 2016".