Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"التفكيك" يطيح بـ "إعلام البشير"... ومعارضون يعتبرونه تأميما

اتهامات لوسائل إعلام سودانية بتأليب المواطنين ضد الحكومة الانتقالية

سودانية ترفع علامة النصر فرحاً بالذكرى السنوية الأولى لانطلاق الثورة في 25 ديسمبر (كانون الأول) الحالي (رويترز)

ما إن أعلنت لجنة تفكيك نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير وإزالة التمكين، قرارها القاضي بوقف صدور صحيفتين ومنع محطتين تلفزيونيتين من البث للاشتباه في تلقيهم تمويلاً من الحكومة السابقة، حتى غصّت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي السودانية بسجال واسع بين مؤيد ومعارض لهذا القرار، فالمؤيدون يعتبرونه إجراءً قانونياً يتماشى مع مطالب الثورة الشعبية، فيما وصفه المعارضون بأنه أشبه بقرار تأميم الصحف الذي أصدره الرئيس السابق جعفر نميري عام 1970 وإعادة تبعيتها للدولة.
 

تحفظ وحجز
وإنفاذاً لقرارات لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال، داهمت قوة أمنية مقرات، تلفزيونَيْ "الشروق" و"طيبة" وصحفيتَيْ "السوداني" و"الرأي العام"، وتم التحفظ عليها وحجزها،  ما يعني منع الصحيفتين من الصدور والمحطتين التلفزيونيتين من البث وفقاً لعضو مجلس السيادة محمد الفكي الذي لفت إلى أن المراجع العام سيعكف على مراجعة أصولها. وأضاف "هذه المؤسسات كانت تتلقى التمويل من الدولة ونحن نريد إعادة أموال الشعب السوداني، والعاملين في هذه المؤسسات لن يتأثروا".
وأوضح أن "اللجنة تعمل في ملفات حساسة بتأنٍّ شديد، لتصفية دولة الحزب الواحد، لصالح دولة كل السودانيين، وتأمل في ألاّ تكون الخطوة تصفيةً للحسابات، بقدر ما هي لصالح الوطن"، مردفاً أن "النظام السابق عمل على تصفية الخدمة المدنية والمؤسسات العسكرية والأمنية، وتمكين كادر الحركة الإسلامية، حتى أصبحت الدولة ملكاً لحزب واحد". وأكد الفكي أنه "سيُصار إلى استرداد أي مال أو وظيفة أو أرض أو عقار أُخذ بغير وجه حق"، منوّهاً بأنه من صلاحيات اللجنة "توصية الجهات المختصة بحل أي جهاز حكومي حزبي، وحل أي كيان أو جسم أو أي مؤسسة تقع تحت تعريف التمكين".

 

بسط القانون

وأشار الفكي إلى أن "الثورة جادة جداً في استرداد الحقوق وبسط القانون، والتأكيد على عدم التراجع عن القرارات الصادرة"، موضحاً أن "اللجنة من حقها التوصية بإنهاء عمل أي شخص في الخدمة المدنية، أو الجهاز الحكومي أو مجالس الإدارة، وإذا ثَبُت أن الشخص نال وظيفته نتيجة للتمكين".
ونبّه إلى فحص كل ملفات الخدمة المدنية التي تم التحفظ عليها، قائلاً إنّ "كل مَن نال وظيفة بغير وجه حق سيكون عرضة لفقدانها، وأي شخص حصل على العمل نتيجة لتزوير في الشهادة الجامعية أو شهادة الخبرة سيواجه إجراءات قانونية، وسنقتاد أي شخص زوّر أوراقاً رسمية إلى العدالة لينال نصيبه". ولفت إلى  أنّ القرارات قابلة للمراجعة والطعن فيها والنقاش حولها، إذا كانت هناك أدلة مختلفة، مضيفاً "إذا تم إغلاق أي مؤسسة، أو فصل أي شخص، نؤكد عدم إضرار العاملين في هذه المؤسسات لأن الثورة أتت لإنصاف السودانيين وليس لإذلالهم أو قطع أرزاقهم أو لتصفية الحسابات".

قرار ظالم
إلاّ أنّ رئيس تحرير صحيفة "السوداني" الموقوفة عن الصدور ضياء الدين بلال، رفض قرار اللجنة، مؤكداً أنه "غامض ولم يتضمن أي تفاصيل"، مضيفاً أن "القرار اتُخذ بسبب الاشتباه، وبالتالي لا يمكن أن تعاقب جهة ثم تبحث عن الأدلة". وتحدّى بلال أي جهة سياسية وعدلية وقانونية أن تثبت تلقي صحيفته مبلغاً مادياً من أي جهة حكومية أو حزبية، فيما أعلن اتخاذ الصحيفة إجراءات قانونية بمواجهة القرار.
كذلك اعترض رئيس مجلس إدارة صحيفة "الرأي العام" علي اسماعيل العتباني على قرار لجنة إزالة التمكين ووصفه بـ"الظالم"، مؤكداً أن أسرته التي أسست الصحيفة في منتصف عام 1945 أُجبرت في فترة من عهد النظام السابق على بيع أسهمها، "لكن تمت إعادة شراء هذه الأسهم وفق القانون والدستور وتحت مظلة السلطة القضائية وفي وضح النهار في سوق الخرطوم للأوراق المالية باعتبارها شركة مساهمة عامة، وذلك في عملية بيع شفافة وواضحة في سبتمبر (أيلول) 2019 أي في عهد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك". وشدّد العتباني "سنحتفظ بحقنا في انتهاج كل الأساليب القانونية لمناهضة هذا القرار الظالم، واسترداد حقوقنا المصادرة".
كما طالبت قناة "الشروق" الفضائية الخاصة، الحكومة الانتقالية بمراجعة القرار الذي وصفته بـ"الجائر والمجحف في حق المالك والعاملين والمشاهدين".
في المقابل، استقبلت قطاعات عدّة من الإعلاميين والصحافيين قرارات لجنة تفكيك المنظومة الإعلامية لنظام البشير بارتياح كبير، مؤكّدةً أنها كانت منتظرة منذ فترة، وأن صدورها حالياً مسألة مهمة، بسبب الدعم المستمر الذي تقدمه لعناصر النظام البائد. وأشارت تلك القطاعات إلى أن القرار "انتصار للأوساط الشعبية التي تبحث عمَّن يتحدث بلسان الثورة في الإعلام".
ويعتبر إعلاميون سودانيون أن معظم هذه الصحف والقنوات تخاطب أساساً المنتمين إلى حزب المؤتمر الوطني الذي حكم سابقاً، ولا تملك شعبية بين المواطنين المناوئين للتنظيمات الإسلامية، ما انعكس في خطابها أخيراً، إذ حاولت زرع الفتنة بين المواطنين من خلال الترويج لكل ما من شأنه زعزعة ثقتهم في الحكومة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


منصة تعبوية

وفي سابقة لم يشهدها تاريخ الصحافة السودانية، أنشأ جهاز الأمن الوطني والاستخبارات في السودان خلال حقبة نظام البشير مؤسسات إعلامية عدّة، وجرى توظيف مئات الموالين والمحسوبين على الحركة الإسلامية بالسودان في القنوات والصحف التي يملكها، ما حوّلها إلى منصات ترويجية للبشير ونظامه، وفق سياسة تحريرية تعبوية. ولم تتوقف مطالبات قطاع كبير من الإعلاميين بسرعة تفكيك سيطرة عناصر النظام السابق على المؤسسات الإعلامية، كأحد أهم بنود واستحقاقات الوثيقة الدستورية، عقب عمل تلك المؤسسات على تأليب المواطنين ضد الحكومة الانتقالية التي يرأسها الخبير الاقتصادي عبدالله حمدوك.

وتخضع القنوات الحكومية، وعلى رأسها التلفزيون السوداني الرسمي، وقنوات الولايات المختلفة إلى سيطرة السلطة الانتقالية حالياً، فيما يسيطر رجال أعمال تابعون للنظام السابق على قنوات فضائيات خاصة. ويهيمن بعض رجال الأعمال غير المحسوبين بصورة مباشرة على نظام البشير على قنوات أخرى، إلاّ أنّهم يُصنّفون أيضاً كتابعين للنظام السابق، لأن تلك القنوات لم تكن لترى النور من دون موافقة الأجهزة القيادية التابعة لحزب المؤتمر الوطني المنحل.

المزيد من العالم العربي