Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوصلة الاستثمار في المنطقة تراقب التهديدات الإيرانية

طهران قد تتجه لمناورات عسكرية بهدف تعطيل الحركة التجارية

إيرانيون يرتدون قمصانا تحمل صورة الجنرال قاسم سليماني خلال تشييع جنازته (أ.ف.ب.)

ارتفعت أسعار النفط الخام بعد أن تعهدت إيران "بالانتقام القاسي" على غارة جوية أميركية صباح يوم الجمعة تسببت في مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، أحد أقوى المسؤولين العسكريين في إيران،  دخل التصعيد في الأيام الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران مرحلة جديدة خطيرة ، حيث من المتوقع أن تشن إيران عمليات انتقامية قصيرة الأجل.

وهناك العديد من السيناريوهات المحتملة التي قد تتبناها طهران للانتقام وبغض النظر عن السيناريو الذي ستختاره فإن المشهد الجيوسياسي يبدو قاتمًا. وسيكون للتجارة حصة من المشهد الاقتصادي القائم، فعلى الأرجح ستستأنف إيران مضايقة الشحن التجاري في الخليج وقد تشن مناورات عسكرية لتعطيل الشحن مؤقتاً. وقد تضع يدها وتسيطر على حقول النفط جنوبي العراق، وقد ترسل أسعار النفط الخام إلى ما يقرب من 80 دولاراً للبرميل.

الأزمة الأميركية الإيرانية بطبيعة الحال ستعقّد المشهد الاقتصادي العالمي، خاصة في ظل عدم اليقين المحيط بآفاق الاقتصاد في العديد من البلدان، والتباطؤ الاقتصادي المتوقع في الصين والولايات المتحدة، ووجود عدد من المخاطر المعاكسة البارزة، فالاحتمال كبير بأن تتباطأ وتيرة النشاط العالمي إلى حد أكبر بكثير.

ناصر السعيدي المحلل الاقتصادي ووزير الاقتصاد والتجارة اللبناني الأسبق، ذكر لـ"اندبندنت عربية"، أن التجارة العالمية عانت في 2019 حالة من عدم اليقين في السياسات التجارية، مما تسبب في حدوث تراجع في معدلات نموها، وأثر هذا على النمو الاقتصادي لبلدان المنطقة والعالم بشكل عام، وقد أحدث ذلك بطبيعة الحال أثراً على معدلات الطلب على النفط، وحدد سقف أسعار النفط لتبقى في حيز 60-65 دولاراً للبرميل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف السعيدي، أن التطورات الأخيرة على خلفية مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قد تؤثر سلباً في توقعات النمو  لتجارة المنطقة الخليجية والعالمية بشكل عام.

ورجح استمرار التراجع في نمو التجارة الخليجية والعالمية هذا العام، باستثناء حدوث ما قد يدعو إلى التفاؤل، على حد قوله. متوقعاً أن يتجه صندوق النقد الدولي إلى تعديل توقعاته للنمو الاقتصادي للمنطقة هذا العام، خاصة أن تلك التوقعات ارتبطت بارتفاع أسعار النفط، ولكن مع التطورات الحاصلة في المنطقة سينتظر ويراقب الصندوق، كما هو حال التجار والمستثمرين ما ستؤول إليه الأحداث خلال الشهرين المقبلين. 

وكان صندوق النقد العالمي توقع أن يتحسن النمو العالمي تحسنا طفيفا في 2020 ليصل إلى 3.4%، بانخفاض قدره 0.2% عن توقعاته في شهر أبريل (نيسان) الماضي. غير أن هذا التعافي، خلافا للتباطؤ المتزامن، ليس واسع النطاق كما أنه محفوف بالمخاطر، ولعل الأزمة السياسية المشتعلة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران كافية كي يراجع الصندوق توقعاته الإيجابية لعام 2020.

 ويرى المحلل الاقتصادي ناصر السعيد أن التهديدات الإيرانية من شأنها رفع نسب المخاطر، وبالتالي إذا ما استمرت التطورات الحاصلة فقد تأثر سلبا على معدلات الاستثمار، حاليا هناك حالة ترقب لدى المستثمرين لما ستتجه إليه الأحداث خلال الأشهر القليلة القادة.

وكان محللون اقتصاديون حذروا من أن الصراع بين إيران والولايات المتحدة من شأنه أن يقود إلى تقلبات في أسواق العملات والأسهم وارتفاع فوري في أسعار النفط والذهب، وأن تنعكس التهديدات الإيرانية سلبا على ثقة المستثمرين والاقتصاد العالمي ككل.

 من جانبه، أشار فواز العلمي، المختص في شؤون التجارة الدولية، إلى أن جميع التقارير الدولية تشير إلى أن النمو الاقتصادي العالمي سيزداد ضعفاً وسط عدة عوامل مؤثرة على التجارة الدولية، أهمها التوتر الشديد في العلاقات الأميركية الإيرانية بعد مقتل قاسم سليماني، وارتفاع وتيرة الديون السيادية في العالم إلى أكثر من ثلاثة أضعاف الناتج العالمي الإجمالي، وتفاقم حدة النزاعات التجارية بين الصين وأميركا، التي قد تتراجع في حال تم التوقيع على المرحلة الأولى من المفاوضات بين البلدين منتصف الشهر الحالي.

 ومن هذا المنطلق يتوقع صندوق النقد الدولي مواصلة التباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي ليصل إلى 3.5% في عام 2020، وهو أقل بمقدار 0.1 نقطة مئوية من التوقعات الصادرة عن الصندوق منتصف العام الحالي في تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي. وهذا سيؤدي إلى تراجع الاستثمار والطلب على السلع الاستهلاكية المعمرة على مستوى الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة لينخفض نمو حجم التجارة العالمية بنحو 0.5% في النصف الأول من عام 2020 على أساس سنوي مما سيؤثر بدوره على ضعف الآفاق المتوقعة للصناعة التحويلية والتجارة وسط نظرات متشائمة بصفة خاصة تجاه الطلبات الجديدة.

ويرى العلمي وهو اقتصادي متخصص في الشؤون الدولية أن التوتر في العلاقات الأميركية الإيرانية يأتي على رأس قائمة التحديات التي تواجه العالم، خاصةً أن 30% من إمدادات النفط العالمي و85% من صادرات النفط الخام إلى الأسواق الآسيوية تمر عبر الخليج العربي. لذا سيظل النشاط الاقتصادي العالمي ضعيفاً بوجه عام، وسيبقى تأثير العرض مهيمناً على تحركات أسعار السلع الأولية، خاصة في حالة أسعار النفط، التي ستتأثر صعوداً بالصراعات في فنزويلا وليبيا والتوتر القائم بين أميركا وإيران.

إيان شيفردسون، كبير الاقتصاديين في "بانثيون ماكروميكوميكس"، قال إن القيادة الإيرانية تدرس بالفعل "كيف، وليس ما إذا كانت" ستستجيب للهجوم الأميركي، لكن الصراع على نطاق واسع أمر "غير محتمل".

وأضاف المحلل الاقتصادي أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران شلت بالفعل اقتصاد البلاد، ومن المرجح أن يبتعد المسؤولون الإيرانيون عن أي عمل من شأنه أن يغرق البلدين في الحرب.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد