Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

2020 عام الحزم الأميركي تجاه إيران

استهداف طهران لناقلات النفط في مياه المنطقة مجددا   سيناريو وارد 

قُتل الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، في غارة جوية على مطار بغداد في وقت مبكر أمس الجمعة بأمر من الرئيس الأميركي دونالد ترمب. الغارة وجهت رسالة صارمة لإيران والميليشيات المدعومة منها، مفادها بأن الولايات المتحدة لن تتردد في الدفاع عن قواتها في المنطقة.

ويبدو أن 2020 سيكون عام الحزم الأميركي في مواجهة إيران، في ظل الغارات الأميركية المتتالية والتي استهدفت مسؤولين إيرانيين وميليشيات تابعة لإيران، وإعلان الولايات المتحدة إرسال 3 آلاف جندي إضافي إلى منطقة الشرق الأوسط لمواجهة التهديدات الإيرانية بالانتقام لمقتل الجنرال قاسم سليماني، والذي يحظى بمكانة خاصة في قلوب الإيرانيين تكاد ترقى لمكانة المرشد الأعلى آية الله الخميني أول قائد للثورة الإسلامية في إيران.

يستبعد المحلل العسكري والجنرال الأميركي المتقاعد مايكل مكفيري، في لقاء مع "قناة أس أم بي سي"، دخول إيران في مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة، متوقعاً أن تتجه إيران إلى شن هجمات على القواعد والمصالح الأميركية في المنطقة، وربما العودة إلى مسلسل الهجمات على ناقلات النفط في مياه المنطقة، أو التهديد بإغلاق مضيق هرمز الشريان النفطي للعالم في وجه الملاحة البحرية.

الداخل الأميركي

ويشير مكفيري إلى أن الولايات المتحدة فقدت حليفها الأوروبي، في وقت يواجه ترمب في الداخل الأميركي تهديدات بعزله، مما يجعل قرار البيت الأبيض الدخول في حرب مع إيران قراراً غير حكيم على حد قوله.

توبيخ معظم مرشحي الرئاسة الأميركية من الديمقراطيين لترمب على إعطائه شخصياً الأوامر بشن الغارة التي تسببت في مقتل سليماني، ينم عن بوادر انقسام في الداخل الأميركي أعقبت الغارات، التي استهدفت مسؤولين إيرانيين وميليشيات تابعة لإيران، حيث افتتح بيرني ساندرز مقره البلدي في أناموسا، أيوا، أمس الجمعة بتوبيخ شديد لـ "التصعيد الخطير" للرئيس دونالد ترمب للصراع في الشرق الأوسط قائلاً، "عندما صوّتت ضد الحرب في العراق عام 2002، كنت أخشى أن تؤدي إلى زعزعة استقرار أكبر في ذلك البلد وفي المنطقة بأسرها. في ذلك الوقت، حذرت مما يسمى بـ"النتائج غير المقصودة" للغزو الأحادي الجانب. اليوم، بعد 17 سنة، تحول هذا الخوف للأسف إلى حقيقة". كما انتقد جو بايدن وبيت بوتيغ وإليزابيث وارين، الغارة التي من شأنها تأجيج الصراع في المنطقة.

ومن المرجح أن تُستخدم الغارات الأميركية كورقة ضغط من قبل الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في ظل مساعيهم الحثيثة للإطاحة بترمب متهمين إياه بعدم الكفاءة في اتخاذ القرارات غير التقليدية، بخاصة أن قتل جنرال إيراني كبير في العراق، قرار غير تقليدي بطبيعة الحال.

استغلال الضربة الايرانية

كما استغلت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري الداعم لترمب، على الفور الضربة الإيرانية في مواجهة جو بايدن المرشح الديمقراطي الأوفر حظاً للفوز بالرئاسة. وفي بيان مُعد، قالت فيه إنه إذا كان بايدن رئيساً، "سيظل أسامة بن لادن على قيد الحياة، وسيظل أبو بكر البغدادي على قيد الحياة، وسيظل سليماني على قيد الحياة، وستتناول الصين طعامنا، وستكون إيران في الطريق لامتلاك السلاح النووي".

وأضافت اللجنة "اليوم على ترمب أن يثبت بأنه نجح في التفاوض مع إيران، وفي حال فشل وتسببت قراراته في مقتل مسؤولين أميركيين فقد تكون خسارته كبيرة وقد تتلاشى معها حظوظه في ولاية رئاسية ثانية".

في المقابل، دافع وزير الدفاع مارك إسبر، عن الغارة وقال إنها جاءت في أعقاب شن ميليشيات كتائب حزب الله المدعومة من إيران بشن هجوم آخر يوم الجمعة الماضي ضد القوات الأميركية في العراق، ما تسبب بمقتل مواطن أميركي وإصابة أربعة آخرين من أفراد الخدمة واثنين من شركائهم في قوات الأمن العراقية.

ويأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة من الهجمات التي استهدفت قواعد تستضيف قوات أميركية وقوات أمنية عراقية بحسب إسبر، والذي تحدث عن ارتباط كتائب حزب الله الوثيق بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي يتهمه الأميركيون بتلقي المساعدة والدعم والتوجيه من إيران.

وكانت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران شنت العديد من الهجمات خلال الشهرين الماضيين على قواعد تستضيف القوات الأميركية في العراق، ما أسفر عن وقوع ضحايا عراقيين.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أطلقت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران صواريخ على قاعدة القيارة الجوية في شمال غربي العراق. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2019، شنت هجوماً صاروخياً على قاعدة عين الأسد الجوية، كما أطلقت صواريخ على قاعدة بلد الجوية، وصواريخ مماثلة على مركز الدعم الدبلوماسي في بغداد الواقع في مطار بغداد الدولي. وكانت الولايات المتحدة قد اتهمت النظام الإيراني بتوجيه تلك الهجمات، وبخاصة قيادة الحرس الثوري.

ناقلات النفط

في سياق متصل، يقول الخبير في الشأن الإيراني محمد رمضان في حديث لـ "اندبندنت عربية"، إن ما يحصل اليوم لا يمكن وصفه بالمواجهة الأميركية مع إيران، ما حصل هو استهداف لإيرانيين أو ميليشيات تابعة لهم داخل العراق. ويستبعد رمضان حدوث مواجهة عسكرية، مرجحاً لُجوء إيران لاستهداف المصالح الأميركية في المنطقة، مشيراً إلى أن الحرب الإلكترونية بين البلدين لا تزال مشتعلة منذ سنوات، إضافة إلى إمكانية عودة استهداف إيران لناقلات النفط في مياه المنطقة، إلا أنه يستبعد هذا الخيار في هذا التوقيت، قائلاً في حال استهدفت إيران أي ناقلات نفطية في مياه المنطقة فسيكون ذلك تصعيداً خطيراً من الجانب الإيراني.

ويوضح رمضان أن التهديدات التي جاءت على لسان إسماعيل قآني القائد الجديد لـ"فيلق القدس" في الحرس الثوري، التي توعد فيها برؤية جثث الأميركيين في كل الشرق الأوسط انتقاماً لاغتيال سليماني واضحة جداً. ما حصل هو استهداف مسؤولين إيرانيين خارج إيران ويتوقع أن ترد إيران بالمثل وتستهدف مسؤولين أميركيين خارج الولايات المتحدة.

ويضيف رمضان أن إيران تهدد منذ سنوات طويلة إلا أن هجماتها على منشآت أرامكو السعودية، حولت تلك التهديدات من لفظية إلى حقيقة على أرض الواقع، وكان لتلك الهجمات أثر كبير وسلبي على أسواق النفط العالمية.

ويرى الخبير في الشأن الإيراني أن ترمب عمد إلى استخدام سياسة (العصا والجزرة) في تعامله الأخير مع إيران، تماماً كما فعل مع الصين عندما شن عليها حرباً تجارية ضارية ومن ثم دعاها إلى طاولة المفاوضات، وكذلك الحال في تعامله مع ملف كوريا الشمالية وتهديداتها.

وكان ذلك واضحاً في تغريدة ترمب اليوم، الذي دعا خلالها إيران للجلوس إلى طاولة المفاوضات، قائلاً في تغريدته أن إيران لم تخسر قط في أي مفاوضات سابقة.

أمر بشن غارات على إيران ومن ثم دعاها للجلوس إلى طاولة المفاوضات، "والسؤال هنا هل ستُقدم إيران على عمل عسكري قوي قبل الجلوس للتفاوض من موقع قوة؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القليلة المقبلة". ويرجح رمضان أن تميل الكفة نحو التفاوض لا الحرب.

المزيد من دوليات