Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرائق أستراليا تشتد سوءا وقادة عالميون يطلقون نداء استغاثة

وصفت بنار جهنم وأجبرت مئات الآلاف على النزوح وقطعت المياه عن المدن والتهمت نصف مليار حيوان

أطلق قادة عالميون وناشطون بيئيون تحذيراً مفاده أنّ الحرائق التي اندلعت في استراليا تشكّل حالة طوارىء بيئية ويتوجّب معالجتها فوراً، فيما عمد سكان إلى الهرب من مواقع النيران المروّعة التي وُصفت "بنار جهنّم على الأرض".

وشدّد السيناتور بيرني ساندرز المرشّح للانتخابات الرئاسية الأميركية على أنّ الحرائق التي حصدت أرواح 18 شخصاً حتى اليوم وأبادت ما يربو على 500 مليون حيوان، يتوجّب أن تحثّ العالم على تحرّك "شرس" لمواجهة الأزمة المناخية.

وغرّدت [المرشحة السابقة للرئاسة الأميركية] هيلاري كلينتون معبّرةً عن دعمها للجهود العلميّة الهادفة إلى ترميم العالم الطبيعي، مضيفة أنّه "مع حرائق أستراليا وذوبان الجليد في القطب الشمالي، من الواضح أننا نعيش حالة طوارىء مناخية."

كما شاركت الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ أخباراً ومشاهد مصوّرة لحرائق الغابات في صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي مرفقةً إياها بعبارة ساخرة "الأمور على ما يرام".

وجاءت تلك التعليقات متزامنة مع ترقّب أستراليا موجةٍ جديدة من الأحوال الجوية الخطيرة خلال اليومين القادمين إذ يُتوقّع أن تشتدّ سرعة الرياح وترتفع درجات الحرارة لتبلغ 45 درجة مئوية أو أكثر، مّا يهدّد بتأجيج ألسنة النيران التي سبق أن اجتاحت ولايتي "نيو ساوث ويلز" و"فيكتوريا".

وهرب عشرات آلاف الأشخاص من ألسنة النار التي اقتربت من المدن الساحليّة، وبدأت الزوارق والمروحيّات بإجلاء آلاف الأشخاص الذين حاصرتهم النيران بينما تقلّصت المؤن الغذائية بعد أن أغلقت المتاجر أبوابها لأسبابٍ تتعلّق بالسلامة. يُذكر أنّ 17 شخصاً اعتُبروا في عداد المفقودين.

وواجه سكّان غاضبون رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون بصيحات الاستهجان وطلبوا منه المغادرة، عندما زار إحدى البلدات التي التهمتها النيران.

وفي مناطق أخرى، أدى الدخان الكثيف إلى نشر الفوضى على نطاقٍ واسع. وأُلغِيَتْ الفحوصات الطبية المتصلة بتشخيص الأمراض في مستشفى كانبيرا عندما اجتاح الدخان أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي. وكذلك احتُجز أشخاص في الفنادق الصغيرة لأنّ الدخان الأسود أدّى إلى انسداد منازلهم في وقتٍ نفذت فيه أقنعة الوجه الواقية من الدخان من الأسواق.

وفي سياقٍ متصل، قُطعت مياه الشرب عن بعض البلدات. واضطرّت مؤسسة البريد الاسترالية إلى إلغاء عمليات التسليم حفاظاً على سلامة عمّالها، وألغيت أيضاً المسابقات والمباريات الرياضية كافة.

وحذّر السيناتور ساندرز من أنّ "ما يحصل اليوم في أستراليا سيصبح أمراً شائعاً على نحوٍ متزايد حول العالم، ما لم نحارب بحزمٍ التغيّر المناخي وننأى بنظام الطاقة الذي نعتمد عليه بعيداً عن استخدام الوقود الأحفوري. مستقبل كوكبنا في خطر. علينا التحرّك."

واصطفّت آلاف السيارات في طوابير على مدى ساعات في بلداتٍ صغيرة جنوب مدينة "ناورا" الواقعة على الساحل الجنوبي، بعد أن أمر قادة الإطفاء بإخلاء مساحة على امتداد 150 ميلاً (241 كلم).

وفي الإطار نفسه، تحدثت ميشيل روبرتس من "مالاكوتا" الواقعة في أقصى الساحل الجنوبي الشرقي حيث حوصر أربعة آلاف من السكّان والسيّاح على الشاطىء منذ ليل الاثنين الفائت، واصِفَة الحالة بـ"إنّها جهنّم على الأرض... إنه أسوأ ما يمكن للمرء رؤيته على الإطلاق."

ومن المتوقّع أن تعمل السفينة البحرية "إتش أم أيه أس شولز" التي وصلت إلى البلدة يوم الخميس الماضي، على إنقاذ الناس من حرائق تلتهم بلدتهم، وستنفذ رحلتين أو ثلاثة خلال الأيام القليلة القادمة.

وأعلنت مقاطعة "نيو ساوث ويلز" حالة الطوارىء للمرة الثالثة خلال أشهر قليلة، الأمر الذي يمنح السلطات الحقّ في إجبار الناس على مغادرة منازلهم. وكذلك أشارت رئيسة وزراء مقاطعة "نيو ساوث ويلز"، غلاديس بيريجيكليان "أننا نودّ التأكّد من اتخاذ كافة إجراءات السلامة استعداداً لما من شأنه أن يكون يوماً رهيباً السبت القادم."

وفي سياق متّصل، أعلن دانيال أندروز رئيس وزراء ولاية "فيكتوريا" المجاورة حالة كوارث طاولت ست مناطق ومنتجعات سياحية. وجرى إنقاذ آلاف الأشخاص من "جيبسلاند الشرقية" في الولاية ضمن إحدى أكبر عمليات الإخلاء التي تشهدها استراليا منذ الإعصار الضخم الذي ضربها في 1974.

وكذلك ذكرت قوّات الدفاع الاسترالية أنّ خمس مروحيّات عسكريّة في طريقها إلى الساحل، موضحة أنها مزوّدة بالمياه والوقود.

ووقف السكّان في طوابير خارج متاجر أبقت أبوابها مفتوحة وأمام محطّات الوقود، في حين انقطع التيار الكهربائي عن أكثر من 50 ألف شخص.

وأشارت نجمة الياسين التي تعمل ممرضة في مستشفى "كانبيرا" إلى أنّ الدخان منتشر في المبنى "لكننا ما زلنا نقدّم أفضل خدمة ممكنة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي أحد مستشفيات مدينة "سيدني"، أُفيد أنّ المرضى عانوا من مضاعفاتٍ سببها الربو جرّاء استنشاق الدخان. ولقي 18 شخصاً حتفهم حتى ساعة كتابة المقال، منذ اندلاع الحرائق في سبتمبر (أيلول) الماضي، وبعد أن اعتُبِر ديسمبر (كانون الأول) 2019 الأشد حراً في تاريخها [بالمقارنة مع أشهر مماثلة في السنوات السابقة كلها]، فيما لا يزال أكثر من 200 حريق مندلعاً ومهدداً عدد من المدن والبلدات.

وأفاد رؤساء الإطفاء في "نيو ساوث ويلز"، أنّ الحرائق دمّرت حوالى 1300 منزلاً وألحقت الأضرار بحوالى 442 آخر. والتهمت النيران بلدات بأكملها، وانتشرت بسرعة عبر الغابات، فيما حملت الرياح القويّة جمرات مشتعلة لمسافاتٍ بعيدة.

وأدّت النيران إلى محو الحياة البريّة بالكامل في المناطق المنكوبة بأعدادٍ غير مسبوقة، ما يزيد المخاوف من عدم قدرة بعض الكائنات والأنواع النباتية على استعادة عافيتها، وكذلك جُرّدت الأراضي من الحشرات بعمقٍ يفوق كل الأوقات الماضية مع الأخذ بعين الاعتبار أنها تشكّل الغذاء الأساسي للطيور والثدييات. وقدّر علماء البيئة مقتل ما يزيد عن 480 مليون حيوان، ضمنهم 8000 من نوع الـ"كوالا".

وفي هذا الإطار، نشرت جمعية "كوالا كرايزس" التي تُعنى بحيوانات الـ"كوالا" الثديية [وتنتمي إلى فئة القوارض] أنّ "أحداً من مقدّمي الرعاية الذين تحدّثت معهم الجمعية لم يرَ نحلاً وحشرات ويرقات وديدان وحلزونات وخنافس وديدان  من ذوات الألف رجل، على مدى أشهر. لم تتمكّن الأنواع الحيوانية كلها من  النجاة في المناطق القاحلة التي أصبحت اليوم تغطّي ملايين الهكتارات في المقاطعات الاسترالية كلها."

واستُقبل رئيس الوزراء سكوت موريسون بصيحات الاستهجان والهتافات التي اتهمته بتجاهل الشعب. وطُلب منه الرحيل أثناء زيارته بلدة "كوبارغو" التاريخية في "نيو ساوث ويلز" التي شهدت وفاة رجل عمره 63 عاماً مع إبنه، في مطلع الاسبوع الحالي.

وفي وقتٍ لاحق، أعلن رئيس الوزراء أنّ غضب الناس لم يفاجئه، مضيفاً أنّ الحكومة الفدرالية كانت ترسل الامدادت تلبيةً لطلب المقاطعات بما في ذلك التمويل الإضافي والدعم العسكري. وفي المقابل، حذّر موريسون من أنّ عمّال الطوارىء لم يتمكّنوا من الدخول إلى عدد من المناطق بشكلٍ آمن.

وألقى موريسون اللوم على الجفاف الذي ضرب البلاد على مدى ثلاثة أعوام، إضافة إلى انعدام أنظمة الحدّ من المخاطر في أوقات الأزمات. وردّاً على الانتقادات التي طاولت سياساته البيئية، أصرّ موريسون على أنّ استراليا علمت دوماً على الارتقاء إلى مستوى التحدّي "أفضل من غالبيّة البلدان" في تحقيق الأهداف الدولية المتصلة بالبيئة.

تجدر الإشارة إلى أنّه من المتوقّع أن ترتفع درجات الحرارة لتبلغ 45 درجة مئوية على طول الساحل الجنوبي الجمعة أو السبت. وأشار شاين فيتزسيمونس مفوّض خدمات الإطفاء الريفية في "نيو ساوث ويلز" إلى أن [الجمعة أو  السبت] "سيكون يوماً خطيراً بامتياز".

وحطّ فريق مؤلّف من 39 رجل إطفاء من الولايات المتحدة في مدينة "ملبورن" الأسترالية، ما يرفع عدد الأميركيين والكنديين الذين يساعدون في معالجة الأزمة، إلى حوالى مئة شخص.

وأعربت هيلاري كلينتون المرشّحة السابقة للانتخابات الرئاسية الأميركية عن دعمها لمؤسسة "إيرث شوت برايز" التي تشكّل جهداً يرمي إلى إلهام الذين يتولّون حلّ المشاكل التي تواجه مساعي ترميم العالم الطبيعي.

© The Independent

المزيد من بيئة