Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا قد تفرح "نيسان" وربما بريطانيا بخبر فرار كارلوس غصن؟

يجب إعادة رسم التحالف بين "رينو" والشركة اليابانية لإظهار تفوق الأخيرة

صراعات مصالح الشركات والدول الكبرى قد تفوق الإثارة والغموض في عملية فرار كارلوس غصن إلى لبنان (أ.ب.)

قد يكون هروب كارلوس غصن إلى لبنان خياراً جيّداً بالنسبة إليه شخصيّاً أو لا. في المقابل، قد يكون لذلك الخبر وقعٌ جيّد بالنسبة إلى مستقبل شركة "نيسان"، وربما بالنسبة إلى عمليات تلك الشركة اليابانية في بريطانيا.

وكنقطة الانطلاق، لنركز على أن غصن قد أنقذ شركة "نيسان" بدعمٍ من "رينو" الفرنسية. ولا يمكن لكل ما حدث منذ اعتقاله أن يبعد عنه هذا الإنجاز. لكن في الأعوام الأخيرة تحوّل إلى مدافع عن الجانب الفرنسي في ذلك الاندماج الجزئي للشركتين، ما سمح لـ"رينو" بتجفيف "نيسان" من الأموال التي تساعدها على مواصلة الإنتاج. وعلى امتداد العقد الماضي، أقلّه حتى هذه السنة، حقّقت "نيسان" أرباحاً أكثر من "رينو". ومع ذلك، كانت الشريك الأصغر في العلاقة، إذ لم تمتلك سوى 15% من "رينو"، بينما امتلك الجانب الفرنسي 43% من "نيسان".

وكذلك تأكّدت المخاوف اليابانية من كون غصن صوتاً لفرنسا عندما جاءت ردّة الفعل الفورية من القيادة العليا لشركة "رينو" على اعتقاله، على هيئة تشكيك في أسباب الاعتقال. وظلّ الأمر كذلك حتى كُشِفَ عن الدعوى المرفوعة ضدّه، ليتراجع بعدها الدعم الفرنسي له. وظلّ غصن ينفي ارتكاب مخالفات.

إذاً ماذا سيحصل الآن؟

الآن، بات متوجّباً في الأقل إعادة رسم التحالف بين الشركتين كي يعكس حقيقة أن "نيسان"، على الرغم من الصعوبات الراهنة التي تمرّ فيها، تمثّل الشريك الأقوى. إذ تفتقر "رينو" إلى النفوذ خارج أوروبا، فيما تتمتّع "نيسان" بعلامة تجارية قوية في الولايات المتّحدة. في المقابل، قد يكون مستحيلاً تغيير الترتيبات المالية والتنظيمية لاتّحاد الشركتين. وأيّاً كانت الثقة الموجودة بينهما، فقد فجّرها هروب غصن من اليابان. ومهما كان رأيه في المسار القانوني الياباني، عِبْرَ رفض الخضوع له أو الفرار منه، فقد بات أكيداً أن النخبة اليابانية لن تثق بالفرنسيين أبداً بعد الآن.

تستطيع المملكة المتّحدة تقديم نفسها إلى المصنّع الياباني بوصفها موقعاً لأعمال قابلة للاستمرار، ولا بدّ أن يلقى ذلك آذاناً صاغية في اليابان. وفي المقابل، لن تقدر فرنسا على فعل شيء مماثل

 

قد يكون الانفصال بين الجانبين معقّداً، ويعود ذلك جزئياً إلى أن البنية المتداخلة لشركتي "نيسان" و"رينو" قد صُمّمت لتجعل ذلك الأمر صعباً، وكذلك لأن مصنّعاً يابانياً آخراً تمثّله شركة "ميتسوبيشي"، بات جزءاً من هذا التحالف. في ذلك المسار، لنذكر أن الترتيبات المالية كلها قابلة للانهيار، وتوحي موازين الاحتمالات أن ذلك ينطبق على هذا التحالف. وبحسب رأييي، تتمثّل الطريقة الوحيدة لاستدامة العلاقة بين جانبي التحالف، في حدوث بعض التعاون بينهما على الصعيد التقني، لكن... لا شيء آخر.

كيف يمكن إذن لمستقبل "نيسان" ربما بالاشتراك مع شركة "ميتسوبيشي"، أن يتطوّر نحو النجاح؟

من المتوقّع أن يواجه ذلك الأمر مشكلةً كبيرة على المدى القصير. فقد حقّقت الشركة للتو أسوأ نتائجها على مدار عقد من الزمن، وتعمل على خفض إنتاجها وعدد موظّفيها. وثمة ما قد يريحها بعض الشيء يتمثّل في أن صناعة السيارات حول العالم تعاني أيضاً في مجملها من مصاعب. وتواجه "نيسان" مشاكل تحديداً في الولايات المتّحدة وهي سوق حيوي. إذ تراجعت سمعتها قليلاً عن مستويات النجومية التي بلغتها قبل بضعة أعوام. لكنها ما زالت تتمتّع بسمعة طيبة في التميّز الهندسي لسيّاراتها، وكذلك ما زالت رائدة في مجال تصنيع السيّارات الكهربائية من طراز "ليف"، ولديها بعض التصاميم الجديدة المهمّة التي أخذت طريقها نحو الإنتاج. وفيما يصعب التأكّد من ذلك، إلا أن علاقتها مع "رينو" قد تشكّل عبئاً على عملية التطوير، وبالتالي فقد تكون عقبةً في وجه مستوى أدائها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقع المعطيات السابقة كلها ضمن اهتمامات المملكة المتحدة. فقد كانت "نيسان" رائدة في مجال تجميع السيّارات اليابانية في بريطانيا، ونهضت بذلك الأمر في وقتٍ كانت فيه صناعة السيارات البريطانية تتدهور بشكلٍ كارثي تأتّى جزئياً في الأقل من العلاقات العمّالية السيئة وكذلك إلى ضعف تطوير المنتج. وكذلك جرى تصدير ما يتراوح بين ثلثي أو ثلاثة أرباع سيّارات تلك الشركة اليابانية المصنوعة في "سندرلاند" إلى أوروبا. وربما يصبح الأمر أكثر صعوبة بالنسبة إليها، مهما كانت نتيجة مفاوضات الخروج البريطاني من الاتّحاد الأوروبي. فمع القدرة الإجمالية على الإنتاج التي تتمتّع بها صناعة السيارات الأوروبية، وأمام مواصلة فرنسا دورها كشريك رئيس في التحالف [بين "رينو" و"نيسان"] والطرف الذي يتّخذ القرارات، فليس من الصعب على الأرجح توقع المصانع التي ستوقفها ["نيسان"] عن العمل.

وفي الواقع، هدد كارلوس غصن في 2002 بالانسحاب من المملكة المتّحدة إذا لم تنضم بريطانيا إلى منطقة اليورو. في المقابل، استطاع المديرون التنفيذيّون اليابانيّون الذين حقّقوا آنذاك نجاحاً هائلاً في استثماراتهم في المملكة المتّحدة ولم يرغبوا في التخلّي عن ذلك الإنجاز، أن يرجّحوا حججهم على المنحى الذي انتوى غصن المضي فيه.

وكي يكون الأمر واضحاً، لن تبقي "نيسان" في المملكة المتحدة بتأثير المشاعر وحدها، بل يتوجب أن يتحّسن الأداء الاقتصادي البريطاني. في المقابل، بدت السلطات اليابانية كأنها حمقاء في ظل الهروب المذهل الذي نفّذه كارلوس غصن. ويضاعف انتقاده للنظام القانوني الياباني من شكوك تلك البلاد وغضبها. ومن الآن فصاعداً، تستطيع المملكة المتّحدة تقديم نفسها إلى المصنّع الياباني بوصفها موقعاً لأعمال قابلة للاستمرار، ولا بدّ أن يلقى ذلك آذاناً صاغية في اليابان. وفي المقابل، لن تقدر فرنسا على فعل شيء مماثل.

© The Independent

المزيد من آراء