Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بالوثائق... اجراءات ميليشيوية تنتهك خصوصيات المجتمع اليمني

الجماعة تحدد للمواطنين قصات الشعر والملابس... وتفرض توجيهات بشأن تصفح الإنترنت

نسخة من تعميم حوثي على إدارات المعاهد والمدارس (وسائل التواصل الاجتماعي)

فرضت جماعة الحوثي، منذ اجتياحها العاصمة صنعاء، قيوداً على الحريات العامة والخاصة، وتحكمت في خصوصيات السكان ونمط حياتهم الخاص، ابتداءً من تحديد أنواع قصات الشعر وطبيعة ملابس النساء ونوعية الإعلانات في الشوارع، إلى توجيهات بشأن تصفح الإنترنت.

ففي العاصمة اليمنية، اقتحم عناصر الحوثي المقاهي، بحجة أنها تتيح للشباب والفتيات الاختلاط، وشكلوا مجموعات مراقبة تابعة لهم في الجامعات، لا سيما في جامعة صنعاء، لمنع الحديث بين الجنسين في الساحات والأماكن العامة.

وكان زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي حرَّض في خطاب سابق له ضد معاهد اللغات الأجنبية والمقاهي العامة، واتهمها بإفساد الشباب وغزوهم فكريا، وقال إنها "تهدف إلى ضرب المجتمع في أخلاقه وعفته وطهارته، عبر شبكات منظمة تعمل على إفسادهم".

فرق الرقابة الحوثية... كابوس
 
وتشكل فرق الرقابة الحوثية كابوساً للطلاب والطالبات داخل الجامعات والمعاهد بذرائع عدة، وهي في الأساس تنتهك خصوصيات المجتمع، ابتداءً من منع الحديث بين الجنسين إلى تحديد نوعية الملابس، حيث اعتدت عناصر الجماعة على طالبات بحجة ارتدائهن "عباءة قصيرة"، الأمر الذي يعتبره الحوثيون "ملابساً غير محتشمة".
 
حرق عباءات النساء
 
وأخيراً، نفّذت جماعة الحوثي حملة مداهمة استهدفت معامل خياطة ومحلات بيع ملابس نسائية في صنعاء، وصادرت بعضها بزعم أنها غير محتشمة ومخالفة للباس الشرعي، كما استهدفت محلات بيع المعاطف في أحد شوارع العاصمة، وأحرقت عباءات نسائية بحجة أنها "تثير الفتنة".
 
وأمرت النساء بعدم ارتداء العباءات التي تحتوي على "ربطة خصر"، وتوعدوا بمعاقبة كل من تخالف ذلك، كما أعلن الحوثيون أنهم سيكلفون عناصر نسائية ملاحقة اللاتي لا يلتزمن ذلك في كل الأماكن، وأهمها الجامعات.
 
الحوثي يحذو حذو إيران
 
على خطى إيران في تقييدها الحريات الشخصية وفرضها نمطاً معيناً للهيئة والملبس والمظهر، يطبق الحوثيون تلك الإجراءات حرفياً، وهذا المستوى من التطابق بين إيران والحوثيين يدفع إلى الجزم بأن طهران هي التي فرضت هذه الأمور، ضمن الثقافة التي تصدرها إلى اليمن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى غرار لجان الآداب التابعة للحوثيين، لدى إيران جهاز بوليسي يسمى شرطة الآداب، مهمته مراقبة وتأديب من يرتدي أي ملابس يخالف فيها قانون الأحوال الشخصية الذي حدّد ما يرتديه المواطنون، وبخاصة النساء، ومنع ما سماه الاختلاط في التعليم والعمل والمقاهي والمطاعم والشواطئ والحدائق، وكان هذا من أوائل القوانين التي أقرتها طهران، إثر قيام الثورة الإيرانية عام 1979.

تنميط المجتمع
 
وبعد أيام من تعميم إيراني بتحديد قصات الشعر، أصدرت وزارة داخلية الجماعة الحوثية تعميماً وزعته على عدد من محلات الحلاقة، وعلقته في بعض الكليات، وضعت عليه تعليمات إرشادية، مع تحذير المصففين من تنفيذ بعض التسريحات، وفرضت عقوبة مالية باهظة على من يخالف ذلك.

 

وألزمت الجماعة محلات الحلاقة عدم تنفيذ أي تسريحة شعر للشباب تشبه التسريحات الحديثة، وأجبرتهم على حلاقة نمطية، وهددت الشباب بالسجن في حال مخالفتهم التعليمات، وفي منطقة كتاب في محافظة "إب" لاحقت الحلاقين، واعتدت على آخرين في أمانة العاصمة، في حوادث عدة كان آخرها مقتل مصفف شعر في منطقة "بني حوات" برصاص أحد عناصر ميليشيات الحوثي.

سياج حوثي لعزل اليمنيين عن العالم
 
وعلى الضفة الأخرى، يمارس الحوثي تقييداً للحريات وتفرض سياجاً حديدياً، يزيد كل يوم من عزلة المجتمع في مناطق سيطرتها عن العالم الخارجي، بتقليل سرعة الإنترنت وزيادة أسعار الخدمة، ومنع إعادة توزيع خدمات الاتصالات.
 
ودشنت جماعة الحوثي توجيهاتها بتقييد الاتصالات والتواصل عبر الإنترنت بتصريحات مثيرة لوزير اتصالاتها، مسفر النميري، الذي أوصى بضرورة حصول أي مواطن على دورة حسن سير وسلوك تؤهله لاستخدام الإنترنت، ناصحاً المواطنين بعدم تضييع أوقاتهم في تصفح المواقع.
 
وأعقبت تصريحات الوزير حملة ميدانية لمصادرة ونهب شبكات الـ"واي فاي" في عدد من أحياء العاصمة ومناطق أخرى تحت سيطرة الحوثي، وهذه الشبكات تعد مصدر دخل لكثير من الأسر في فترة قلت فيها فرص العمل وانقطعت رواتب الموظفين.
 
مراقبون أكدوا أن مصادرة الحوثيين شبكات الإنترنت يأتي في إطار سعيهم إلى إنشاء شبكات خاصة تسهل مراقبتها والتجسس عليها واحتكارها بصورة نهائية.
 
وفي "عمران"، أول مدينة أحكمت الجماعة قبضتها عليها بعد معقلها الرئيس "صعدة"، منع عناصرها الأغنيات في الأعراس، وأغلقت استوديوهات الأغاني، وفرضت عقوبات مالية باهظة وأحكاماً بالسجن على من يخالف أوامرهم، وكذلك داهمت مجاميعهم عدداً من الأعراس واختطفت مواطنين بينهم عرسان، بحجة سماع الغناء والموسيقى.
 
وتعتبِر الجماعة سماع الأغاني، سواء في السيارة أو اقتنائها في الهاتف الجوال الشخصي، جنحة تستوجب التوقيف والاحتجاز، حيث يقوم عناصرها بتفتيش جوالات المواطنين، ومن بين ما يبحثون عنه الأغاني والموسيقى. كما عممت، عبر وزارتي الأوقاف والثقافة الخاضعتين لسيطرتها، قراراً فرضت فيه على خطباء المساجد ومديري المدارس توعية المواطنين والطلاب بخطر ما يسمونه "الأغاني والمظاهر الغربية في المجتمع".
 
مبرر لانتهاك الخصوصيات
 
ويبرر الحوثيون هذه الإجراءات التي تقمع المواطنين وتصادر حقهم في اختيار ملابسهم ومظهرهم، بمخالفتها الشريعة وخروجها عن عادات وتقاليد الشعب اليمني، وتقليدها النمط الغربي.
 
ويؤكد القيادي الحوثي أبو محمد، أن هذه المظاهر "تعد تجاوزاً أخلاقياً وشرعياً يؤخر النصر (يقصد انتصارهم في المعركة ضد الشرعية والتحالف)، وهي مظاهر غزو فكري، ونمط حياة يحاكي النزعات التقليدية للغرب في المظهر والملبس وتسريحات الشعر".
 
وتعطي هذه العبارة إيحاءً نفسياً بأن النصر قادم، إلا أنه سيتأخر، وهي عبارة منتقاة بعناية، يجري ترويجها بين العامة، لقبول الاستعباد من قبل الجماعة الحوثية ووضع المجتمع في قالب تعده الجماعة، بما يسهل عليها السيطرة عليه.
 
قبيل الانفجار
 
وبما أن الضغط يولد الانفجار، فإن المجتمع في مناطق سيطرة الحوثيين يمر بحالة من التذمر والحنق الشديد من هذه التدخلات في خصوصيات المواطنين، ويقول وزير حقوق الإنسان، محمد عسكر، إن "ما تقوم به ميليشيات الحوثي يجعلنا نتذكر تاريخ وامتداد هذه الجماعات والأجندة التي تنفذها تلبية لخدمة مشروعات إيرانية، من خلال عقد ندوات ومحاضرات طائفية ونشر مفاهيم مستقاة من كتب إيرانية وما يعرف بـ(ملازم حسين الحوثي) ومحاولة تغيير صيغة الأذان في المساجد وتغيير المناهج الدراسية، بما يخدم مشروعاتهم".
 
يتابع عسكر "تناسى الحوثي أن ثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962 لم تكن حدثاً عادياً عابراً، بقدر ما كانت تمثل خلاصة نضال الشعب اليمني ضد كابوس خرافة الحق الإلهي المزعوم، الذي حوّل اليمن إلى مذبح كبير في معبد الآلهة الإمامية المزعومة".
 
بكل تأكيد فإن جماعة الحوثي تحذو حذو أسلافها من المشروع الإمامي الكهنوتي، وأضافت إليه سلوكيات النظام الإيراني في نهج استبدادي واسع، تحاول من خلاله ابتلاع شعب بأكمله، غير مدركة أن الشعوب كالبحار تبتلع كل المستبدين والكهنوتيين، وخير شاهد وأقربه الثورة اليمنية في السادس والعشرين من سبتمبر، عندما اقتلع الشعب اليمني الكهنوت الإمامي، بعد عقود من حياة التخلف والظلم والجهل والفقر والاستبداد الذي تحاول جماعة الحوثي إحياءه من جديد.
اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط