Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعضها عالق وآخر ينتظر الحلحلة... 4 قضايا تتصدر أولويات مصر خلال 2020

أزمة "سد النهضة" تنتظر الحسم منتصف يناير... وترقب حذر للتصعيد في ليبيا وشرق المتوسط

جامعة الدول العربية أثناء اجتماع طارئ بشأن ليبيا في القاهرة  (أ.ف.ب)

تودّع مصر عام 2019 بمزيد من الترقب بعد أن احتل عددٌ من الملفات والقضايا أولوية تحركها الخارجي على الصعيدين الإقليمي والدولي خلال العام المنصرم، حققت في بعضها حلحلة فيما بقيت أخرى عالقة بانتظار ما سيشهده العام الجديد من تطورات بشأنها.

وعلى مدار العام المنصرم، تصاعدت فجأة حدة قضايا وُصف بعضها بـ"المصيري والحيوي" لمصر وأمنها القومي، وعلى رأسها قضية "سد النهضة"، وأزمته المتفاقمة بين القاهرة وأديس أبابا، بعد أن وصلت المفاوضات لـ"طريق مسدود"، قبل أن تتدخل كل من واشنطن والبنك الدولي على الخط لحلحلة الخلاف ووضع جدول زمني للوصول إلى حل في منتصف يناير (كانون الثاني) من عام 2020.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبجانب "سد النهضة"، تصدرت أولويات التحرك المصري، والقضايا العالقة، وفق مراقبين، الأزمات في كل من "ليبيا والصراع على الغاز في شرق المتوسط"، وهو ما يتوقع أن تستمر في العام الجديد، فيما حدث اختراق في ملفات السودان بعد إطاحة الرئيس السابق عمر البشير في أبريل (نيسان) الماضي، وكذلك الملف الفلسطيني والتوصل إلى هدنة طويلة بين الفصائل في قطاع غزة وإسرائيل، بعد أن شهد منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) تصعيداً غير مسبوق، ليطوي عام 2019 صفحاته الخاصة بالقاهرة ببعض النجاحات وكثير من الترقب لما ستكشف عنه الأيام المقبلة في عام 2020.

 

 

"سد النهضة"... تفاؤل حذر

بعد أن وصلت الأزمة "المتعثرة منذ سنوات" بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم ومسار التفاوض بينهما لـ"طريق مسدود" وفق إعلان مصر في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بدأ التفاؤل يلوح في الأفق، بدخول واشنطن والبنك الدولي على الخط لتسريع حل المشكلات والخلافات العالقة والوصول إلى حل "مستدام يرضي جميع الأطراف".

فللمرة الأولى منذ انطلاق مفاوضات سدّ النهضة الإثيوبي، المثير للخلاف منذ نحو 9 سنوات من المفاوضات، حدّد وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا، بعد اجتماعهم الأول بواشنطن في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني)، مهلة حتى 15 من يناير (كانون الثاني) 2020 للتوصل إلى اتفاق بشأن مشروع السد الهائل على نهر النيل الأزرق، الذي يثير توترا كبيرا بين بلدانهم.

وفي اجتماعهم المذكور، الذي رعاه كل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ووزير خزانته ستيفن منوتشين، تعهد الوزراء الثلاثة تنظيم "أربعة اجتماعات تقنية حكومية على مستوى وزراء الدولة". بمشاركة الولايات المتحدة والبنك الدولي، للتوصل إلى اتفاق بحلول 15 يناير 2020"، مع لقاءين مرحليين، عقد الأول بواشنطن في 9 ديسمبر (كانون الأول) والثاني من المقرر عقده  في 13 يناير المقبل، لتقييم مسارات التقدم في هذا المفاوضات.

ووفقما أُعلن حينها، فإنه "إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول 15 يناير 2020، فسيقوم الوزراء بتفعيل المادة العاشرة من إعلان المبادئ الموقّع في 2015". حيث ستتطلب مثل هذه الخطوة وسيطاً دوليا للمساعدة في حل النزاع.

وبحسب اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا في مارس (آذار) 2015، تنصّ المادة العاشرة، التي تحمل اسم مبدأ التسوية السلمية للمنازعات، على أنه في حال فشل المفاوضات على المستوى الوزاري، يرفع الأمر إلى رؤساء الدول أو الحكومات، أو يمكن طلب "وساطة" خارجية.

وتخشى القاهرة أن يؤدي بناء سد النهضة، الذي بدأته إثيوبيا في 2012، إلى تراجع في تدفق النيل الأزرق الذي تعتمد مصر عليه للحصول على 90% من مياهها. وتواجه المباحثات بين هذين البلدين والسودان، الذي يعبره النهر أيضا، عراقيل منذ تسع سنوات.

وأعلنت إثيوبيا أن السد الضخم الذي تقدّر تكلفته بأربعة مليارات دولار سيبدأ توليد الكهرباء بحلول نهاية عام 2020، على أن يبدأ تشغيله بالكامل بحلول عام 2022. وتسعى مصر إلى وساطة دولية حول المشروع الذي من المتوقع أن يصبح أكبر مصدر للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، حيث سيبلغ إنتاجه ستة آلاف ميغاواط.

وتطالب القاهرة بحد أدنى سنوي مضمون حجمه 40 مليار متر مكعب، وهو ما لم توافق عليه إثيوبيا، مشيرة إلى "حقوق تاريخية" في النهر، تضمنها سلسلة من المعاهدات.

 

 

ليبيا... للقصة بقية

من الجنوب إلى الغرب، عززت القاهرة موقفها ووجودها في الساحة الليبية وأزمتها المتواصلة منذ سنوات في صراع على السلطة بين حكومتين إحداهما مدعومة أمميا، والأخرى مدعومة من قوى إقليمية.

فمع عودة المواجهات العسكرية المحتدمة بين قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، على مشارف العاصمة طرابلس، بعثر دخول أنقرة على الخط بدعمها حكومة الوفاق، "أوراق اللعبة"، وفق تعبير السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق.

ورغم حفاظ مصر على موقفها طوال العام الماضي، ومنذ انطلاق الأزمة الليبية، على ضرورة دعم جهود الأمم المتحدة والتمسك بالحل السياسي خياراً وحيداً للحفاظ على ليبيا ووحدة أراضيها، فضلا عن دعم جهود الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر الذي استضافته أكثر من مرة خلال العام، في مكافحة الإرهاب والميليشيات المتطرفة بهدف تحقيق الأمن والاستقرار، فإن ما شهدته الساحة الليبية من تطورات في الأسابيع الأخيرة، ينذر القاهرة "بمزيد من الترقب والحذر".

فمنذ أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اتخذت الأزمة الليبية، منحى جديداً بعد أن وقّعت تركيا وحكومة الوفاق (مقرها طرابلس وتعترف بها الأمم المتحدة) اتفاقين، يتعلق الأول بترسيم الحدود البحرية بين الطرفين، فيما يتناول الثاني التعاون العسكري والأمني، تبعه إعلان جديد من خليفة حفتر قائد الجيش الليبي في الشرق، لـ"ساعة الصفر" للسيطرة على العاصمة طرابلس من حكومة الوفاق. والاتفاق الموقع مع أنقرة، الذي قللت من "شرعيته وآثاره القانونية" أغلب الدول المتشاطئة للمتوسط، الذي يتيح لتركيا توسيع حدودها البحرية في شرق المتوسط حيث اُكتشفت حقولٌ تحوي كميات كبيرة من المحروقات في الأعوام الأخيرة، فضلا عن تلويح أنقرة بإرسال قوات عسكرية لدعم حكومة الوفاق في طرابلس.

في المقابل، كرر الرئيس المصري في أكثر من مناسبة خلال الأيام الأخيرة، أن القاهرة "لن تسمح لأحد أن يعتقد أنه يستطيع السيطرة على ليبيا والسودان، ولن نسمح لأحد بالسيطرة عليهما"، وأضاف "لن نتخلى عن الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده حفتر، معتبراً أنه "أمر في صميم الأمن القومي المصري"، مشيرا إلى أن السودان وليبيا "دول جوار" مباشر لمصر.

وبحسب تعبير مسؤول مصري رفيع المستوى، فإن "القاهرة عازمة على المضي قدما في تعهداتها لأبعد حد والحفاظ على أمنها القومي في ليبيا". وأوضح، في تصريحات سابقة لـ"اندبندنت عربية"، أن "تصريحات الرئيس السيسي وتحركات الدولة المصرية بشأن ليبيا في الأيام الأخيرة لا تحمل سوى رسالة واحدة هي أن القاهرة لن تسمح بالعبث في الأراضي الليبية من القوى الخارجية لا سيما التدخلات التي تلقي بظلال سلبية على الملف الليبي"، في إشارة إلى التدخل التركي في الأزمة.

 

 

غاز المتوسط ... صراع لم تحسم أبعاده

لا يزال الغموض يكتنف مستقبل الصراع حول غاز المتوسط لا سيما بين مصر وتركيا، بعد أن ارتبط التصعيد السياسي والعسكري في ليبيا بالملف، إبّان توقيع أنقرة وحكومة الوفاق الليبية في طرابلس اتفاقية لترسيم الحدود البحرية، تسمح لأنقرة بالمطالبة بحقوق في مناطق واسعة من شرق البحر المتوسط تطالب بها دول أخرى خصوصا اليونان.

وبعد أشهر من الرسائل غير المباشرة المتبادلة بين أنقرة والقاهرة، بشأن طموحات البلدين في غاز المتوسط، ارتفعت حدة الرسائل المباشرة في الأسابيع الأخيرة، بعدما نشرت الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري المصري صورا وفيديوهات لاستعدادات بحرية مصرية في البحر المتوسط، وإطلاق صواريخ جديدة بعيدة المدى من الغواصات تصل إلى 130 كيلو مترا تسمى هاربون. بالمقابل نشرت وكالة الأناضول التركية تسجيلات مصورة لمشاة البحرية التركية، أثناء مناورات بحرية.

رغم ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص، تسعى تركيا من وقت لآخر، رغم الإدانات الأوروبية والدولية لتحركها، للتنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحل الجزيرة الأوروبية.

وفي مايو (أيار) الماضي، أعلنت تركيا عزمها تنفيذ أعمال تنقيب عن الغاز في مياه البحر المتوسط، التي تعتبر جزءا من المنطقة الاقتصادية الخاصة بدولة قبرص، في خطوة أثارت انتقادات شديدة من قبل الاتحاد الأوروبي ودول أخرى.

قبرص ليست الدولة الوحيدة التي لديها خلاف مع تركيا حول ثروة الغاز الطبيعي في المتوسط، فهناك أيضا اليونان ومصر التي لا تزال تتبادل التهديدات مع تركيا بخصوص أعمال التنقيب.

وكانت مصر أعادت ترسيم الحدود البحرية بينها وبين قبرص في منطقة شرق المتوسط عام 2013، عقب ظهور اكتشافات جديدة للغاز الطبيعي في منطقة المياه الاقتصادية بين مصر وقبرص.

ولمواجهة المطامع التركية، أنشأت القاهرة، منتدى غاز شرق المتوسط الذي اجتمع في القاهرة خلال يناير (كانون الأول) الماضي، وهو منظمة دولية تهدف إلى إنشاء سوق غاز إقليمية في منطقة شرق البحر المتوسط، لخدمة مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد على الوجه الأمثل وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية. ويتكون المنتدى من سبع دول هي، مصر، وإيطاليا، واليونان، وقبرص، والأردن، وإسرائيل، وفلسطين، ويقع مقر المنتدى في القاهرة.

 

 

فلسطين... 2020 تختبر صمود الهدنة

بعد أن شهد قطاع غزة منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2019، تصعيدا عسكريا "غير مسبوق"، بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة الجهاد الإسلامي، بدأت باغتيال إسرائيل القيادي العسكري في حركة الجهاد بهاء أبو العطا وزوجته وأسفرت عن مقتل 36 فلسطينيا وجرح العشرات، تمكنت القاهرة بمشاركة الأمم المتحدة من رعاية هدنة ووقف لإطلاق النار بين الجانبين، لتدخل "صمودها" في اختبار تحديات العام الجديد لا سيما مع مأزق تشكيل الحكومة الإسرائيلية والتمهيد لانتخابات ثالثة بإسرائيل في أقل من عام مقررة في مارس (آذار) المقبل.

وعلى مدار الأيام الأولى من الشهر الأخير من عام 2019، استضافت القاهرة، قادة الفصائل الفلسطينية في غزة، وعلى رأسهم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ورئيس حركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، لبحث التفاهمات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، و"تثبيتها".

ومثلت اللقاءات التي احتضنتها القاهرة، بحث إمكانية تحقيق تهدئة طويلة الأمد في قطاع غزة والجانب الإسرائيلي، مقابل تسريع خطوات تخفيف الحصار المفروض على القطاع، ووقف أي تصعيد عسكري إسرائيلي محتمل. فضلا عن بحث مستقبل المصالحة الفلسطينية المتعثر بين الفصائل، وملف الانتخابات التي أوشك الإعلان عنها من قبل الجانب الفلسطيني".

وكان من اللافت خلال التصعيد الأخير في القطاع، تصدر حركة الجهاد الإسلامي للتصعيد مع إسرائيل، بعكس أجواء التصعيد السابقة التي شهدها القطاع وكانت حماس تتصدره في غزة. وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية حينها عن تقدم في تفاهمات تعزيز وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل، التي تُجرى بوساطة مصر والأمم المتحدة.

وكان جوهر الاتفاق الذي اقترحته القاهرة على الجهاد الإسلامي ووافقت عليه، يقضي بضرورة موافقة إسرائيل على "وقف الاغتيالات في القطاع وعدم التصعيد المستقبلي على القطاع"، مع تعهد الحركة بوقف تصعيدها، ورشقاتها الصاروخية. إلا أن مطالبة إسرائيل بوقف مسيرات العودة المتواصلة منذ مارس (آذار) 2018.

ومنذ مارس (آذار) 2018، يخرج الفلسطينيون كل جمعة على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة، إحياء لذكرى "مسيرات العودة"، المطالبة برفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع وبحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي التي هُجّروا منها منذ عام 1948.

وتتوسط مصر منذ سنوات في ملفات فلسطينية أبرزها المصالحة الداخلية بين حركتي فتح وحماس، ووقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة و"إسرائيل"، وما يترتب على ذلك من مطالبات فلسطينية بضرورة إنهاء الحصار الإسرائيلي على القطاع لتحسين الأوضاع المعيشية للسكان.

ومنذ 2008، شنت إسرائيل ثلاث حروب على حماس وفصائل حليفة لها في القطاع. وتفرض إسرائيل حصارا على القطاع منذ 2006.

 

 

السودان... تجاوز "إرث" البشير

مثّلت محطة إطاحة الرئيس السوداني عمر البشير في 11 أبريل (نيسان) 2019، "لحظة اختبار للعلاقات المصرية السودانية كان لها ما بعدها لا سيما أن السودان يمثل أمنا قوميا للقاهرة"، بحسب السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأفريقية.

ففي أعقاب خروج البشير من السلطة، سارعت القاهرة للتفاعل مع  المشهد السوداني الجديد، للتأكيد على الوقوف إلى جانب الشعب السوداني و"تدارك أخطاء" الاضطرار إلى التعامل مع البشير سياسيّاً، بحسب تعبير مسؤول مصري. حيث نجحت مصر في استضافة قمة أفريقية مصغرة، جمعت 11 رئيس دولة ومسؤولا رفيع المستوى لمناقشة تطورات "الأزمة السودانية"، وأسفر اللقاء عن إقرار التمهل في الضغط على المجلس العسكري الانتقالي في السودان لتسليم السلطة لحكومة مدينة.

ووفقما ذكرت منى عمر، فإن "التحرك المصري باتجاه السودان، وتحديدا بعد عزل البشير في 11 أبريل (نيسان) الحالي، انطلق بالأساس في احتواء أي فوضى أو عدم استقرار محتمل بشكل استباقي والضغط لعدم انتقال الأوضاع إلى صورة تخرج عن سيطرة الجميع".

وواجه الموقف المصري في السودان تحديا خلال الأيام الأولى لعزل البشير، لا سيما بعد أن قدمت القاهرة دعما "مباشرا وغير مباشر" إلى الرئيس المعزول في أيامه الأخيرة، وهو ما أغضب أطرافاً سودانية في الداخل، وهو ما دفع القاهرة لسرعة التحرك لما يمثله السودان من أهمية محورية بالنسبة لمصر وأمنها المائي والحدودي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي