Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قانون الطوارئ يثير الجدل في تونس

لا يتماشى القانون مع واقع جديد في بلاد تعيش انتقالاً ديمقراطياً وتنعم بمناخ من الحريات

القوات الخاصة التونسية (أ.ف.ب)

قرّر رئيس الجمهورية التونسي، قيس سعيّد، إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد حتى نهاية يناير (كانون الثاني) 2020، من دون أن يبيّن أسباب هذا القرار.

حالة طوارئ منذ 3 سنوات

وتعيش تونس في حالة طوارئ منذ أكثر من ثلاث سنوات، بعد أن أعلنها الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، وذلك إثر التفجير الانتحاري في تونس العاصمة، والذي أودى بحياة 12 عنصراً من الأمن الرئاسي، وجرى تجديد حالة الطوارئ مرات عدة.

ويتزامن تمديد حالة الطوارئ هذه السنة مع توتّر الأوضاع الأمنية في ليبيا واحتداد المواجهات العسكرية بين قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ومسلحين تابعين لحكومة "الوفاق" في العاصمة طرابلس، وأيضاً مع الاحتفالات برأس السنة الميلادية في تونس، التي تشهد إقبالاً متزايداً من السياح خلال هذه الفترة وسط إجراءات أمنية كبيرة، تحسباً لأي عمل إرهابي.

كما تشهد الحدود التونسية الليبية الممتدة على طول نحو 500 كلم، استنفاراً أمنياً كبيراً وانتشاراً عسكرياً مكثفاً تحسّباً لعمليات تسلل مسلحين من ليبيا، وخصوصاً المناطق الحدودية القريبة من تونس.

قانون الطوارئ يعود إلى السبعينيات

ويثير قانون الطوارئ في تونس جدلاً كبيراً لأنه لا يتماشى والمكاسب الجديدة بعد انتفاضة يناير (كانون الثاني) 2011، ولا سيما دستور 2014 الذي يكرّس الحرّيات، بينما يحدّ القانون الذي يعود إلى الأمر الرئاسي عدد 50 لسنة 1978 الذي أصدره أول رئيس للجمهورية التونسية، وهو الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، من هذه الحريات ويعطي سلطة مطلقة لوزير الداخلية لتقييد حرية التنقل للأفراد وإمكانية اعتقال أشخاص من دون الرّجوع إلى النيابة العمومية.

قانون لا يتماشى ودستور 2014

ولا يتماشى هذا القانون مع واقع الحريات في تونس اليوم، وخصوصاً ما ينصّ عليه الدستور، ما يجعله متناقضاً مع الواقع التونسي الجديد.

وكان السبسي قد تقدم عام 2018 بمشروع قانون إلى مجلس النواب الهدف منه تنظيم حالة الطوارئ في البلاد. وحينها بدأت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية مناقشته، لكنه سرعان ما قوبل برفض المجتمع المدني في تونس، إذ اعتبره المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مكرِّساً للاستبداد ويعطي السّلطة التقديرية المطلقة، من دون الرجوع إلى السلطة التشريعية.

رفض من المنظمات الدولية

كما دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" البرلمان التونسي إلى التخلّي عن مشروع قانون الطوارئ أو مراجعته بشكل شامل، بسبب منحه السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة لتقييد الحريات أو فرض الإقامة الجبرية أو تعليق عمل الجمعيات، بالإضافة إلى فرض قيود على التنقل وتفتيش المحلات ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي والسينما والمسرح، من دون الحصول على إذن مسبق.

ولفتت منظمة العفو الدولية في تقريرها لسنة 2017- 2018، إلى أن السلطات التونسية استخدمت حالة الطوارئ كمبرّر لفرض قيود على حرية التنقل وشنّ مداهمات من قوات الأمن، من دون إذن قضائي.

الحاجة ملحّة لقانون ينظم حالة الطوارئ

ودوماً ما توجه الملامة إلى الرئيس التونسي قيس سعيد، وهو أستاذ القانون الدستوري، لاعتماده قانوناً يعود لعام 1978، لتسيير وضع جديد في بلاد تعيش انتقالاً ديمقراطياً وتنعم بمناخ من الحريات، على الرغم من الصعوبات التي تمر بها، وهو قانون لا يتماشى وروح دستور 2014 الذي خصّص باباً كاملاً للحقوق والحريات.

ويبقى قانون طوارئ جديد متلائم مع الدستور أمراً ضرورياً ومطروحاً بإلحاح أمام مجلس النواب الجديد، في ظل وضع داخلي مهدّد بالعمليات الإرهابية، وواقع إقليمي متحرك في المنطقة، خصوصاً مع التطورات الأمنية والعسكرية على الساحة الليبية.

المزيد من العالم العربي