Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان يحث الجيش الليبي على إغلاق "الجسر الجوي" بين أنقرة وطرابلس

الاتفاقية بين حكومة الوفاق وتركيا فخ سياسي ستظهر نتائجه العكسية قريباً

مطار معيتيقة في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

 

سيطرت حالة من الترقب على المشهد الليبي خلال اليومين الماضيين بعد أن بدأت أوراق اللعبة في معركة طرابلس تتكشف، لتنجلي حقيقة مفادها أن المعركة لم تعد محلية وأن لاعبيها الفاعلين ليسوا ليبيي الهوية، وذلك بعد التأكد بالصوت والصورة من دخول مقاتلين أجانب إلى جبهات العاصمة وتجهيز تركيا المتزايد للتدخل العسكري في صف حكومة "الوفاق"، محفزةً من قبل قوى إقليمية مثل مصر لنصرة حليفها قائد الجيش المشير خليفة حفتر، حمايةً لمصالحها الاستراتيجية ودفاعاً عن أمنها القومي. كل ذلك يحبس أنفاس الليبيين ومحيطهم خوفاً من تفجر الأوضاع في أي لحظة، فالاحتمالات عديدة والسيناريوهات المحتملة لا تنبئ خيراً. ووسط هذه الأجواء، بحث الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي في اتصال هاتفي "أخطار تصعيد عسكري" في ليبيا، داعيين "مجمل الفاعلين الدوليين والليبيين... إلى أكبر قدر من ضبط النفس"، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية، الاثنين 30 ديسمبر (كانون الأول). 

مواصلة الزحف العسكري

عسكرياً، بدا الجيش الوطني الليبي غير مستعد للتراجع عن هدف دخول العاصمة، غير آبهٍ بالدعوات الدولية للتهدئة والتهديدات التركية بالتدخل العسكري، فقد بينت وسائل إعلام تابعة له ومقربة منه بالصوت والصورة سيطرته على محور الهيرة، الذي خاض صراعاً عنيفاً عليه لأشهر طويلة مع قوات "الوفاق" لأهمية موقعه الرابط بين طرابلس والعزيزية، التي تفصل بين العاصمة ورشفانة الموالية للجيش، ما يعني اقترابه من السيطرة على كامل المنطقة الفاصلة بين طرابلس ومدينة الزاوية البالغ مساحتها 40 كيلومتراً باتجاه الغرب.

ويصف الصحافي الليبي الصديق الورفلي هذا التطور العسكري بالهام، وقال لـ"اندبندنت عربية"، إن "السيطرة على كامل المساحة الفاصلة بين طرابلس والزاوية له أكثر من بعد استراتيجي، باعتبر أنها تمهد أولاً لتوسع الطوق العسكري الذي أعلنه الجيش للضغط على دفاعات الوفاق من الجنوب إلى الغرب، عن طريق إمدادات مفتوحة لن تصمد في وجهه دفاعات قوات الوفاق التي تعاني متاعب جمة بالأيام الأخيرة، ثانياً عزل الزاوية عن طرابلس التي تعتمد على بوابتها الغربية كثيراً في تقديم الدعم اللوجستي والعسكري عندما تحتاجه".

رد من الجو

وبعد ظهور مقاطع مصورة لمقاتلين أجانب تابعين لفيلق "الشام السوري" في محور صلاح الدين جنوب طرابلس، يخوضون المعارك ضد القوات المسلحة الليبية، وتواتر الأنباء عن نقل مزيد منهم عبر مطار معيتيقة، وجّه الجيش ضربات جوية جديدة على مواقع في المطار، قالت مصادر عسكرية إنها تستخدم لنقل "المرتزقة" إلى ساحات المعارك مع الجيش".

من جانبه، طالب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب طلال الميهوب، القيادة العامة للجيش الليبي بإصدار التعليمات لسلاح الجو بإغلاق المجال الجوي الليبي أمام الرحلات "مدنية كانت أم غير مدنية"، بحسب قوله.

وأرجع الميهوب طلبه إلى أن حكومة "الوفاق" التي وصفها بحكومة "أردوغان في ليبيا" قامت "بجلب مرتزقة إرهابيين من سوريا إلى بلادنا عبر مطارات مصراتة ومعيتيقة على متن رحلات مدنية، وهو الأمر الذي يجب إيقافه ولا يمكن السكوت عنه".

كشف تفاصيل "رحلات مشبوهة"

وفي سياق ذي صلة، كشف رئيس فرع شركة الخطوط الجوية الأفريقية الليبية في شرقي البلاد سراج الفيتوري، عن "رحلات مشبوهة قامت بها طائرات تابعة للشركة في طرابلس خلال يومي 25 و26 ديسمبر (كانون الأول)"، مبيناً "أن مصادر في الشركة في طرابلس أبلغتهم بذلك".

وأضاف "هذه الرحلات انطلقت تحديداً يوم 25 ديسمبر، عند الساعة السادسة مساءً بتوقيت ليبيا، ووصلت إلى إسطنبول في الساعة العاشرة ليلاً، ولم تكن مُجدولة ضمن الرحلات، وكشفت الخطوط الجوية الأفريقية عن عشر رحلات ابتداءً من 25 ديسمبر، أربع منها وصلت وباقي ست رحلات أخرى"، على حد قوله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع الفيتوري "عندما وصلت هذه الطائرة إلى مطار إسطنبول الجديد لم تكن محملة بالركاب، بينما لم تعلن الإدارة في طرابلس عنها وتابعها أحد الموظفين الأتراك، إذ تزامن هبوطها مع هبوط طائرة عسكرية تركية إلى جانب طائرة الخطوط الجوية الأفريقية"، بحسب مصادر وصفها بالمؤكدة، "وكانت تحمل عدداً كبيراً من المسافرين، أغلبهم كان يرتدي الزي المدني، وطلب لهم 140 وجبة غذائية".

وأكد "الطائرة التي نقلت 140 من المرتزقة وصلت حوالى الساعة السادسة فجراً إلى مطار طرابلس"، مضيفاً "المعلومات المؤكدة لدينا تفيد بوصول ما يقارب الـ500 فرد عن طريق مطار إسطنبول إلى مطار معيتيقة".

منصات صواريخ ومدرعات

من جهته، كشف آمر سلاح المدفعية التابع لقوات حكومة "الوفاق"، العقيد فرج مصطفى اخليل، صراحةً عن نوع الدعم العسكري التركي الذي تلقته قواتهم خلال الأيام القليلة الماضية.

وأضاف، "اليوم وبعد أن تدخل الحليف التركي بمنصات صواريخ ضد الطيران والمدرعات وقوات على الأرض ستشتغل قريباً، جئتم تتباكون لإيقاف الاتفاقية لما فيها من تهديد لمصادر الغاز والطاقة لكم، وكذلك تهديد مصالح اليونان بالمياة الإقليمية الليبية".

وقال اخليل في منشور على صفحته الشخصية على "فيسبوك"، "الحكومة الإيطالية ووزراء الاتحاد الأوروبي انتهى وقتكم ولا مجال للرجوع عن الاتفاقية مع أردوغان ولا نريد فرض حظر طيران لا على طرابلس ولا على غيرها".

المشري: مصر تقود انقلاباً

على صعيد آخر، قال رئيس مجلس الدولة خالد المشري، إن "المشير حفتر ورئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح يستعينان بالخارج، خصوصاً الدول الإقليمية منذ عام 2014"، في معرض تبريره للاستعانة بتركيا لتقديم الدعم العسكري لقواتهم في مواجهة الجيش.

وأضاف المشري في لقاء تلفزيوني، "لم يلتفت إلينا أحد طوال الفترة الماضية حتى أصبحنا لا نثق بالشرعية الدولية، لذا توجهنا إلى تركيا بعدما استعان حفتر وعقيلة صالح بفرنسا ومصر"، متهماً في الوقت ذاته "القاهرة بأنها تقود انقلاباً في ليبيا".

وتابع، "لا يمكن للجزائر أبداً القبول بقوات مصرية على حدودها"، معرباً عن تفاؤله بانتهاء الأزمة العام المقبل".

في حين اعتبر عضو المجلس محمد معزب أن "الاتفاقية بين السراج وأردوغان أصبحت في طور التفعيل وليس رسم السياسات"، لافتاً إلى أنه عند تصديق البرلمان التركي مطلب حكومة الوفاق لتقديم المساعدات العسكرية ستدخل الاتفاقية حيز التنفيذ مباشرةً".

خلافات تركية حول ليبيا

ومع اقتراب موعد تصويت البرلمان التركي على مشروع قرار يمنح الضوء الأخضر للرئيس رجب طيب أردوغان بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، تصاعد الجدل في الأوساط الرسمية والسياسية التركية حول هذا القرار. فقد أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في تصريحات صحافية "أن قوات الجيش التركي مستعدة لتولي المهام داخل البلاد وخارجها من أجل حماية حقوق بلادنا ومصالحها"، مشدداً على أن "مذكرة التفويض المتوقع تمريرها من البرلمان التركي، من أجل إرسال قوات إلى ليبيا، أمر شبه محسوم".

في حين قال الرئيس المشارك لحزب "الشعوب الديموقراطي" الكردي سزائي تمالي، في تصريحات نقلتها عنه صحيفة "الزمان" التركية خلال اجتماع لحزبه، أمس الأحد، إن نواب حزبه لن يصوتوا على قرار تدخل بلاده العسكري في ليبيا"، قبيل انطلاق جلسات البرلمان لهذا الأسبوع للتصديق على قرار إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، بناء على طلب حكومة "الوفاق"، استناداً إلى الاتفاق الموقع بين البلدين.

وأضاف تمالي "سنقول لا للتدخلات العسكرية في ليبيا، كما قلنا من قبل في قرارات التدخل العسكري السابقة، لقد حان وقت المعارضة الحقيقية، قرارات إرسال القوات العسكرية، انتهاك لحقوق الشعوب، لن نسمح بذلك".

فخ سياسي

أما المستشار السياسي للقيادة العامة للجيش فرج زيدان، فاعتبر أن "المذكرة التي وقّعت قبل أيام بين حكومة الوفاق وتركيا كانت فخاً سياسياً لهما ستظهر نتائجه العكسية عليهما على المدى المتوسط والبعيد"، موضحاً، أن "هذه المذكرة أو الاتفاقية أفقدت حكومة الوفاق الحاضنة الشعبية وزادت مستوى الدعم الشعبي للجيش وكشفت وجهها الحقيقي لليبيين، وحكومة بلا حاضنة اجتماعية سقوطها محتوم، بينما عززت سمعة تركيا في ظل حكومة رئيسها رجب طيب أردوغان دولة داعمةً للإرهاب ومهددة لاستقرار المنطقة، وهذا سيقودها للعزلة ودوامة من الصراعات تستنزف قواها ومقدراتها".

ورحب زيدان بالحراك السياسي والدبلوماسي لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح والتنسيق المتواصل والمستمر مع مصر واليونان وقبرص لاتخاد خطوات تجهض هذه المذكرة "المستفزة التي تهدد استقرار قلب العالم البحر الأبيض المتوسط"، بحسب تعبيره، واصفاً إياها بـ"خطوات في اتجاه صحيح".

هذه التطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة الليبية، فتحت باب الأسئلة والتكهنات والنقاشات بين المراقبين للمشهد داخل ليبيا وخارجها على مصرعيه، هل ستتدخل أنقرة عسكرياً  بجيشها في ليبيا وتهب مصر لنصرة الجيش الليبي؟ وإذا حدث هذا، ما موقف العواصم الأوروبية التي لها مصالح ضخمة في ليبيا وسيهددها تفاقم الأزمة؟ وكيف سيتفاعل مجلس الأمن الوصي على ليبيا منذ عام 2011 بحكم القرار 1973 مع كل هذه التطورات، وهو الذي يفرض حظراً للتسليح والتسلح على ليبيا؟ وهل سيكتفي قطبا العالم في موسكو وواشنطن بالمتابعة والتحرك خلف الكواليس والمشاركة في الأزمة بـ"الوكالة"؟ وهل ستتحول أزمة ليبيا إلى ملف للمساومات السياسية وتصفية الحسابات؟ هل تتحول ليبيا إلى سوريا جديدة وطرابلس إلى دمشق ثانية، وما تأثير كل ذلك على أمن المنطقة والمحيط الإقليمي لليبيا؟

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي