Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استهداف "حزب الله" العراقي يربك حسابات اختيار رئيس الوزراء الجديد

تحالف الفتح المقرب من إيران يطلق حملة لإخراج الجيش الأميركي من البلاد

تعزيز الأمن العراقي حول قاعدة عين الأسد بعد مقتل متعاقد أميركي (أ.ب)

أربكت غارات شنتها الولايات المتحدة على مواقع مجموعة عراقية مسلحة تابعة للحشد الشعبي في محافظة الأنبار قرب الحدود مع سوريا، مساء الأحد 29 ديسمبر (كانون الأول)، الحسابات السياسية في بغداد إبان مشاورات حاسمة لاختيار رئيس وزراء جديد، خلفاً للمستقيل عادل عبد المهدي.

مقتل 25 وجرح 55

جاءت الغارات الأميركية، التي قتل فيها 25 وجرح 55 من عناصر قوات الحشد الشعبي، بعد يومين من هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية في مدينة كركوك العراقية الغنية بالنفط، تسبب في مقتل متعاقد أميركي، ودارت الاتهامات في تنفيذه حول ميليشيا كتائب "حزب الله"، وهي نسخة عراقية من "حزب الله" اللبناني بزعامة حسن نصر الله.

وقال مراقبون إن استجابة الحكومة العراقية للهجومين اللذين وقعا في كركوك والأنبار، كانت مختلفة كثيراً، فبينما لازمت الصمت في الهجوم الأول الذي تسبب في مقتل مواطن أميركي وجرح آخرين، حفزها الهجوم الثاني على إطلاق سلسلة إجراءات، بينها اجتماع طارئ لمجلس الأمن الوطني واتصال رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي بوزير الدفاع الأميركي للإعراب عن رفضه للهجوم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بغداد تتحد ضد واشنطن

وتطابقت وجهات نظر معظم الجهات الرسمية والسياسية في بغداد بشأن اعتبار الهجوم الأميركي على أرض عراقية هو انتهاك صارخ للسيادة. لكن الباحث العراقي نزار حيدر، يعتقد أن انتهاك السيادة بدأ عندما "سمحت الحكومة العراقية للميليشيات بتخريب اتفاقاتها مع الآخرين".

ولم تصمد سوى ساعات فرضية ضلوع تنظيم "داعش" في الهجوم الصاروخي الذي استهدف معسكراً عراقياً في مدينة كركوك يستضيف قوات أميركية، إذ سرعان ما قفزت الميليشيات العراقية الموالية لإيران لتحتل قلب المشهد، ليتجسد مستوى جديد من التوتر بين واشنطن وطهران في المنطقة.

الحد الفاصل

يوم الجمعة 27 ديسمبر (كانون الأول)، سقط حوالى 30 صاروخاً على معسكر "كي وان" في مدينة كركوك شمال العراق، الذي يستضيف قوات محلية وأجنبية، ما تسبب في مقتل متعاقد أميركي، وجرح آخرين.

لم يكن هذا النوع من الهجمات التي تتهم إيران بتدبيرها ضد مصالح الولايات المتحدة في العراق جديداً، لكن الجديد أنه تسبب في مقتل مواطن أميركي، وهو أمر لم يحدث منذ سنوات في هذا البلد. وبنظر كثيرين، فإن مقتل مواطنين أو جنود أميركيين بنيران ميليشيات إيرانية في العراق، كان الحد الفاصل بين السلم والحرب بالنسبة للولايات المتحدة، لذلك فإن السؤال لم يكن ما إذا كانت واشنطن سترد على هجوم كركوك، بل بتوقيت الرد وكيفيته ومكانه.

تجاهل الاهتمام الأميركي

وقال مراقبون إن الحكومة العراقية تجاهلت مراراً تحذيرات من أن الولايات المتحدة لن تواصل الصمت أمام استمرار الميليشيات الموالية لإيران في قصف مصالحها وقواتها في العراق، إذ تعرضت هذه المواقع خلال عام 2019، إلى حوالى 20 غارة.

ويقول مسؤول عراقي مطلع إن بغداد ربما تغاضت عن نتائج الاهتمام الأميركي المفرط بالتحقيق في كيفية تنفيذ الهجوم على القاعدة العسكرية في كركوك، ولم تجب على استفسارات عديدة وجهت لها بشأن مواقع استخدمت في التحضير للعملية وأثبتت التحقيقات صلتها بكتائب "حزب الله" العراقية.

ويؤكد المسؤول نفسه لـ "اندبندنت عربية" أن رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي لم يكن يتوقع أن تقدم الولايات المتحدة على هذا الرد، في لحظة تشهد مشاورات حاسمة لاختيار رئيس الوزراء الجديد.

حملة ضد الولايات المتحدة

واستغل تحالف الفتح البرلماني الموالي لإيران، الغارة الأميركية على مواقع كتائب "حزب الله" العراقية، ليطلق حملة تدعو إلى إخراج القوات الأميركية من العراق.

وقال التحالف الذي يتزعمه هادي العامري زعيم ميليشيا بدر "الاعتداء السافر من قبل القوات الأميركية على القوات الأمنية، في منطقة القائم اعتداء على السيادة الوطنية وعلى الكرامة العراقية التي تأبى المساس بها"، مشيراً إلى أن "هذا الفعل الإجرامي المتغطرس سيجابه برفض عراقي مستعد لخوض أي تحد يتعلق بكرامته وسيادته".

أضاف "أننا في تحالف الفتح، إذ ندين بقوة هذا الاعتداء السافر على السيادة الوطنية، ندعو جميع القوى الوطنية والكتل السياسية في مجلس النواب إلى اتخاذ قرار عاجل وجريء يقضي بمطالبة الحكومة بإخراج كل القوات الأجنبية من الأراضي العراقية"، مشيراً إلى أن "هذه القوات أضحى وجودها خنجراً في خاصرة الوطن".

كما أعلنت حركة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، وهي جزء من تحالف الفتح، أن "الوجود العسكري الأميركي صار عبئاً على الدولة العراقية، لذلك أصبح لزاماً علينا التصدي لإخراجه بكل الطرق المشروعة قبل أن يتمادى أكثر في تهديده لأمن واستقرار عراقنا الحبيب".

نقطة تحول

ويمثل موقف تحالف الفتح، بالنسبة لمراقبين، نقطة تحول قد تقود النقاش بشأن أولويات المرحلة المقبلة في العراق، فحتى قبل وقت قريب، كانت الأولوية تتمثل في الاستجابة لمطالب المتظاهرين العراقيين الذين يواصلون احتجاجاتهم منذ ثلاثة شهور، لكنها توشك أن تكون حكومة مواجهة مع الولايات المتحدة.

ويعزز هذا الرأي، اتفاق جميع المعارضين للسياسات الإيرانية التوسعية في العراق، على إدانة الهجوم الأميركي على كتائب "حزب الله" العراقية، بما في ذلك رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ورئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، إذ لا يمكن تصور أن يدعم أحدهم هجوماً يتسبب في قتل مواطنين عراقيين.

ويخشى سياسيون عراقيون أن تذهب كتائب الحزب إلى أبعد من وعيدها، وتنفذ التهديدات التي أطلقتها بعد تعرض مقراتها إلى غارة أميركية، تسببت في قتل وجرح العشرات.

وقالت استخبارات الكتائب "نحن في حالة استنفار وانعقاد مستمر لبحث آلية الرد المناسب من الخيارات المتاحة لدينا على الجريمة الأميركية الشنعاء بحق أبناء الحشد الشعبي"، مضيفة "معركتنا اليوم مع أميركا ومرتزقتها باتت مفتوحة على كل الاحتمالات، ولا خيار لنا اليوم سوى المواجهة، وليست ثمة حسابات ستمنعنا من الرد على جريمة استهداف حماة الوطن من أبناء الحشد الشعبي"، وأكدت الكتائب أن ردها قد يشمل المصالح الأميركية في دول أخرى غير العراق.

واشنطن تستغل وضع العراق

ويقول قادة في الحشد الشعبي إن الولايات المتحدة تستغل اضطرابات الوضع الداخلي في العراق لتعزيز وجودها العسكري في هذا البلد، بما يتضمن زيادة عدد الجنود والمعدات القتالية، وفقاً لضباط عراقيين.

وحدثت أكبر الزيادة في الوجود الأميركي ضمن قاعدتين، تقع الأولى في أقصى غرب البلاد، والثانية شمال العاصمة العراقية، على حد وصف المصادر.

ويقول مراقبون إن طهران وحلفاءها العراقيين يعتبرون أن الولايات المتحدة ربما تجاوزت من جانبها الحدود المرسومة للنفوذ المسموح به لها في هذا البلد، ما يفسر تجاوزهم الخط الأميركي الأحمر، الذي يقول إن نقطة نهاية حالة السلم مع إيران تبدأ بمقتل مواطن أو جندي أميركي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي