Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس... الفساد يهدد الانتقال الديمقراطي

هاجـس البلاد العمل على تركيز الهيئة الدستورية للحوكمة الرشيدة

العميد شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (موقع الهيئة الإلكتروني)

يُجمِع المنشغلون بمسارات الانتقال الديمقراطي في العالم على أن فشل سيطرة الدول على الفساد يساهم في تعثر الانتقال الديمقراطي و يسبب أزمة للديمقراطية في ذلك البلد ، ويُعتبر الفساد من الآفات التي  تهدد مسار الانتقال الديمقراطي في تونس على الرغم من المجهود الكبير الذي تقوم به الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالإضافة إلى فعاليات المجتمع المدني من خلال مجموعة من الآليات لتطويق الظاهرة والحد من انتشارها في دولة تعاني معظم مؤسساتها من تدهور آليات الحوكمة في تسييرها بالإضافة إلى تغوّل المجموعات النقابية النافذة فيها .

22 في المئة نسبة المصرحين بمكاسبهم 

ومن بين الآليات القانونية التي وضعتها الهيئة، القانون 46 لسنة 2018 المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، وهو قانون ثوري في مجتمع يميل إلى الكرامة والشفافية والعدالة الاجتماعية، وهي من مطالب الثورة.

وما يدلّ إلى عدم نضج التجربة التونسية في ترسيخ الشفافية من خلال التصريح بالمكاسب، إذ لم تتجاوز نسبة المصرّحين 22 بالمئة من جملة المطالبين بالتصريح وعددهم حوالى 350 ألف شخص ممن يحددهم القانون المذكور علاوة على أن 34 حزباً فقط من جملة أكثر من 200 حزب قام مسيّروها بالتصريح بمكاسبهم.

كما تضع الهيئة رقماً اخضر مجانياً للتبليغ عن شبهات الفساد، وتنظيم الملتقيات والورشات والدورات التكوينية من أجل ترسيخ قيم الشفافية والمسؤولية في ادارة الشأن العام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إحالة 200 ملف إلى القضاء... والداخلية في الصدارة

وقدّمت الهيئة تقريرها السنوي حول مكافحة الفساد لسنة 2018 الذي أبرز أنّ عدد الملفات التي وردت عليها بلغ 8150 ملفاً منها أكثر من 30 بالمئة تخصّ الوزارات أحالت منها الهيئة 200 ملف إلى القضاء، وشملت ملفات شبهات الفساد معظم الوزارات إلى جانب عدد من الولايات (المحافظات) والبلديات والمنشآت العمومية إلى جانب جمعيات ومنظمات وطنية.

وتصدّرت وزارة الداخلية قائمة الوزارات المعنية بملفات الفساد، وتلقت الهيئة بشأنها أكثر من 516 ملفاً تلتها وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بـ 509 ملفات.

وتولّت وزارة الدفاع الوطني إحالة 18 ملف فساد إلى القضاء، بينما أحالت وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية 14 ملفاً، ووزارة الشؤون الاجتماعية سبعة ملفات.

القطاع العام في الصدارة

وبخصوص توزيع الملفات حسب القطاعات، فقد تصدّر القطاع العام بحوالى ستة آلاف ملف، أي ما يمثل أكثر من 70 بالمئة من جملة الملفات التي تلقتها الهيئة، كما جاء في تقرير الهيئة أن 55 بالمئة من المبلّغين ذكور و11 بالمئة إناث.

ونوّه التقرير إلى انه تمت إحالة 16 ملفاً من اجل التنكيل بمبلغين عن الفساد كما تم تمكين 36 شخصاً من الحماية.

تونس الأولى مغاربياً والسادسة عربياً

وعلى الرغم من المجهود الذي تقوم به الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، فإن هذه الآفة ما زالت تهدد المسار الديمقراطي في تونس، وما زال أمامها جهد كبير لتحسين ترتيب البلاد في مدركات الفساد الذي تعدّه منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية، والذي يضمّ 180 دولة حول العالم، بحسب مقياس مدركات الفساد في قطاعها العام، وتحتل تونس المرتبة 73 عالمياً.

وتتقاسم البلاد هذا الترتيب مع المغرب وجنوب أفريقيا، وهي أفضل من دول عدة كبلغاريا في المرتبة 77 والهند 78 وتركيا 78، وتحتل تونس المرتبة الأولى مغاربياً والسادسة عربياً.

نقص الإمكانيات يعيق هيئة مكافحة الفساد

وبحسب تقرير هيئة مكافحة الفساد، فإن نقص الإمكانيات الماديّة واللوجستية، بالإضافة إلى قلة إمكانيات التحري والتقصي من الاسباب التي تعيق عمل الهيئة، ودعا التقرير إلى مزيد التعويل على التوعية والتكوين، وانجاز الدراسات حول الظاهرة من اجل تطويقها بالتشريعات، وأيضاً عبر التغيير التدريجي للعقليات وجَسْر الهوة بين المواطن ومؤسسات الدولة، وأوصى التّقرير بأهمية تعاون مختلف الوزارات مع ما يثار حولها من شبهات فساد لافتاً إلى أن عدداً منها لا يتعاون مع الهيئة في هذا الشأن.

وأكد عدد من المتابعين للشأن السياسي في تونس ضرورة وضع حدّ للمال السياسي الذي يؤثر بشكل كبير على أداء الأحزاب السياسية وعلى تشكيل المشهد السياسي في البلاد، إذ إن الحاجة ملحة إلى استكمال الإطار التشريعي الذي يمكن من تنظيم تمويل الأحزاب السياسية ونشر حساباتها من اجل ترسيخ الشفافية في الأنشطة الحزبية.

ويبقى هاجـس تونس بعد الانتخابات التشريعية والرئاسية العمل على تركيز الهيئة الدستورية للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد واعتبارها مـن المهام الملحة لمجلس النواب الجديد.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي