واصلت قوات الجيش الليبي رفع وتيرة عملياتها العسكرية في جنوب العاصمة طرابلس، مع السيطرة على مواقع جديدة أبرزها مقر رئاسة الأركان العامة في محور صلاح الدين. وكثفت طلعاتها وقصفها الجوي في طرابلس والزاوية.
تتداول وسائل الإعلام الليبية وناشطو التواصل الاجتماعي شريط فيديو يُقال إنه لمقاتلين سوريين نقلتهم تركيا إلى طرابلس للمشاركة إلى جانب قوات الوفاق في قتال الجيش.
ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان التابع للمعارضة السورية شريط فيديو قال إنه لإرهابيين سوريين تابعين لما يسمى "لواء السلطان مراد وفيلق الشام" بقيادة السوري فهيم عيسى، في اشتباكات خلف معسكر التكبالي بمنطقة صلاح الدين.
وكانت مصادر عسكرية في الجيش الليبي قد قالت قبل يومين إن "تركيا نقلت نهاية الأسبوع الماضي مقاتلين سوريين إلى طرابلس عبر مطاري معيتيقة ومصراتة. وعلى الفور تداولت وسائل إعلام ونشطاء بشكل مكثف الفيديو الذي أثار جدلاً واسعاً في الشارع الليبي.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، إن "تركيا بدأت نقل مقاتلين موالين لها من سوريا إلى ليبيا للمشاركة في القتال مع حكومة الوفاق في خطوة هي الثانية من نوعها خلال أشهر".
وكشف عبد الرحمن في تصريحات أدلى بها لقناة تلفزيونية ليبية أن "النظام التركي يستقطب عدداً من السوريين بمغريات مالية كبيرة، مشيراً إلى أن عملية النقل إلى ليبيا تتم عبر مطار إسطنبول".
بينما قال الباحث والمعارض السوري مزاح السلوم إن "كبار مسؤولي الاستخبارات الذين أداروا ملف تركيا في سوريا يجري نقلهم إلى ليبيا، ومن بين الشخصيات الرئيسة قادة في فيلق الشام السوري المدعوم من تركيا، وهي جماعة متطرفة إسلامية لها صلات بجماعة الإخوان المسلمين".
في السياق نفسه، نفى المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي صحة التسجيلات المرئية التي يتم تداولها بشأن ظهور مقاتلين سوريين في أحد المعسكرات.
وأوضح المكتب عبر صفحته على فيسبوك أن "الصفحات الموالية للمشير خليفة حفتر تزعم أن هؤلاء المقاتلين في ليبيا"، بينما "تم التأكد أن هذا التسجيل التقط في مدينة إدلب السورية".
وأعلن المكتب أن حكومة الوفاق ستلاحق قضائياً كل من يسهم في نشر هذه الأكاذيب وغيرها من الافتراءات.
حقيقية الشريط المصور
بعيد انتشار الشريط المثير للجدل نشر صحافيون ليبيون ونشطاء على مواقع التواصل صوراً التقطت بالأقمار الصناعية، تؤكد أن مكان تصوير أشرطة الفيديو في طرابلس وتحديداً في منطقة صلاح الدين خلف ما يعرف بـ"معسكر التكبالي".
واعتمد النشطاء في تأكيدهم موقع التصوير على صور مقارنة للمباني التي ظهرت بالموقع مع صور التقطت لها من الجو. ولاحظوا بمراقبة المواقع التي ترصد حركة الملاحة الجوية في العالم ارتفاعاً لافتاً في عدد الرحلات الجوية بين مطاري معيتيقة وإسطنبول وصل عددها يوم السبت إلى 5 رحلات، وهو رقم غير مسبوق، مرجحين نقل هذه الرحلات مقاتلين إلى طرابلس كما تؤكد وسائل إعلام ليبية ودولية في اليومين الماضيين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الوقت الذي أرجع فيه مراقبون سبب رفع الجيش الليبي وتيرة عملياته العسكرية في جنوب طرابلس لرغبته بدخولها قبل وصول الدعم العسكري التركي الذي تنتظره قوات الوفاق على أحر من الجمر لعرقلة هذه التقدم إلى قلب العاصمة، قال آمر إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي العميد خالد المحجوب في تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية"، إن العمليات العسكرية دخلت مرحلة جديدة سماها بـ"الطوق" بعد فتح قوات الجيش كل محاور جنوب العاصمة ووصولها إلى بعضها البعض لتبدأ الضغط على المواقع الدفاعية في أحياء داخل طرابلس تتمركز بها قوات الوفاق في شكل طوق عسكري بات يتلقى الإمداد بيسر وسهولة".
أضاف المحجوب أن "الجيش سيطر على مواقع جديدة في مناطق الرملة والقويعة وعين زارة مع السيطرة على موقع استراتيجي آخر في محور صلاح الدين وهو مقر رئاسة الأركان العامة، مؤكداً "غنم عدد من المدرعات والسيارات والذخائر عقب التقدم بكل موقع من المواقع المذكورة".
عين على الزاوية
ومع تكثيف الضغط على مواقع قوات الوفاق في جنوب طرابلس واصل الجيش الليبي عملياته العسكرية والاستطلاعية في الزاوية. ما يشير إلى رغبته في السيطرة عليها لما تمثله من أهمية استراتيجية في معركة طرابلس، باعتبارها بوابتها الغربية وتحوي على عدد من الكتائب القوية، على رأسها كتيبة الفاروق التي يتهم عناصرها بالانتماء إلى تنظيم القاعدة في المغرب العربي، إضافة إلى احتوائها على أكبر مصفاة لتكرير النفط في ليبيا وميناء استراتيجي. وهما يقدمان دعماً لوجستياً حيوياً لقوات الوفاق لقربهما من موقع المعارك.
حالة تأهب على الحدود التونسية
وفي خطوة مشابهة لما قامت به السلطات الجزائرية قبل يومين، رفع الجيش التونسي وقوات الأمن، السبت 28 ديسمبر (كانون الأول)، حالة التأهب على الحدود الشرقية تحسباً لتطورات محتملة للنزاع في ليبيا.
وانتشرت وحدات من الجيش وقوات الأمن في ولاية مدنين المحاذية للحدود الشرقية مع ليبيا، لتأمين احتفالات رأس السنة الميلادية، وفق الإذاعة الوطنية التونسية.
وتضم المنطقة منتجعات سياحية، خصوصاً في مدينة جرجيس وجزيرة جربة، وهي تشهد عادة تدفقاً للسياح من الجزائر وليبيا في مثل هذه الفترة من العام.
وترتبط تونس بحدود مشتركة مع ليبيا تمتد على نحو 500 كيلومتر، تضم معبرين رئيسين في رأس جدير والذهيبة في الجنوب التونسي.
وتأتي هذه التطورات بينما تخوض تركيا سباقاً مع الزمن للرد على طلب حكومة الوفاق الليبي إرسال الدعم العسكري لمواجهة دخول الجيش إلى وسط مدينة طرابلس الذي بات خطراً حقيقياً يتهددها بقوة. ونقلت وسائل إعلام تركية عن مصادر في حزب العدالة والتنمية، السبت، أن "مذكرة طلب تفويض لإرسال قوات إلى ليبيا قد تتم مناقشتها في البرلمان التركي، الخميس المقبل".