Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أحزاب سياسية تحذر من جعل تونس منصة عسكرية لتركيا

الرئاسة ترد: دعم حكومة السراج يندرج في إطار التشبث بالشرعية الدولية

عبّرت أحزاب وأطراف سياسية تونسية عن توجسها من أهداف الزيارة التي أداها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس، محذرة رئاسة الجمهورية التونسية من مغبة جعل تونس منصة عسكرية لصالح تركيا.

هذا وقد أثارت كلمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس 26 ديسمبر (كانون الأول) من أنقرة، حفيظة التونسيين وغضبهم، والتي جاء فيها ما يلي "تركيا وتونس اتفقتا على دعم حكومة فائز السراج المعترف بها دولياً في ليبيا"، مضيفاً أن "تركيا سترسل قوات إلى ليبيا بناء على طلب طرابلس"، كاشفاً عن مشروع قانون لإرسال قوات تركية إلى ليبيا، سيُعرض على البرلمان في يناير (كانون الثاني) 2020.

لكن وفي اتصال مع مصلحة الإعلام في مؤسسة رئاسة الجمهورية التونسية، أكد مصدر رسمي لـ "اندبندنت عربية" أنهم سيصدرون بياناً لتوضيح هذا الأمر.

وزار أردوغان تونس الأربعاء 25 ديسمبر، لبحث التعاون بشأن إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا.

منصة لتخريب ليبيا

وتفاعلت الناشطة السياسية والحقوقية رجاء بن سلامة مع ما قاله الرئيس التركي في تدوينة لها، دعت فيها إلى التظاهر يوم السبت 28 ديسمبر، احتجاجاً على التدخل الخارجي في ليبيا، واحتجاجاً على الزج بتونس في أحد محاور الصراع، وأيضا رفضاً لأن تكون تونس أو الجنوب التونسي منصّة لتخريب ليبيا وإراقة دماء الليبيين لصالح الطرف التركي.

كما اعتبرت حركة "مشروع تونس" أن زيارة الرئيس التركي توحي باصطفاف رسمي تونسيّ لصالح محور تركيا وحكومة "الوفاق" الليبيّة، الذي أنتج اتفاقيّة هي محل رفض أغلب العواصم العربية والأوروبيّة، داعية رئاسة الجمهورية إلى النأي بتونس عن هذه الاصطفافات وأن يكون موقفها معتدلاً ومحايداً.

كما رفضت الحركة في بيانها، "استعمال تونس منصّة سياسيّة لمحور دولي معيّن تتناقض مصالحه مع مصالح تونس ومع سلامة علاقاتها العربيّة والدولية".

اصطفاف غير مبرر

من جهتها، عبرت حركة "الشعب" عن رفضها "اصطفاف تونس غير المبرر مع أحد أطراف الصراع الليبي والمحور الإقليمي، من دون مراعاة لمصالح تونس ومصالح الشعب الليبي ومصالح الأشقاء من الدول العربية المجاورة"، الأمر الذي الذي اعتبرت الحركة أنه "سيُفقد تونس صفة الطرف المحايد الإيجابي من جهة المساهمة في وقف الاقتتال".

ونددت حركة "الشعب" أيضاً بتحويل تونس مرة أخرى إلى "منصة للعدوان على ليبيا على غرار ما حصل عام 2011، وقاعدة خلفية للجيش التركي واستخباراته لدعم الجماعات الموالية له وتهديد أمن دول الجوار".

وحذرت مما وصفته  بـ"المسار الخطير الذي تسير فيه السياسة الخارجية التونسية، إذ يتأكد في كل مرة غياب رؤية واضحة لإدارة السياسة الخارجية على قاعدة المصالح العليا والأمن القومي لتونس، في ظل وضع إقليمي ودولي شديد الخطورة".

صراعات إقليمية

بدوره، أعرب حزب "آفاق تونس" عن رفضه المطلق والمبدئي لكل أشكال الاصطفاف في المحاور الإقليمية، محذراً في هذا السياق، من "مغبة إقحام تونس في صراعات إقليمية وإيدلوجية وطائفية يكون لها الأثر السلبي على المصالح الاستراتيجية وأمن البلاد القومي.

ودعا إلى الالتزام الدائم بالثوابت التقليدية للديبلوماسية التونسية القائمة على مبادئ عدم الانحياز، وحل النزاعات بالوسائل السلمية وتحقيق الأمن والاستقرار.

كما حذّر حزب العمال من "أي اصطفاف وراء تركيا أو تسخير تونس بأي شكل من الأشكال لخدمة أهدافها في ليبيا"، معتبراً أن "مصلحة تونس تكمن في عدم الانخراط في أي محور من المحاور الإقليمية والدولية المتنازعة في ليبيا، ولا في مساندة أي طرف من الأطراف الداخلية المرتبطة بهذه المحاور".

اعتماد الشفافية

كذلك أعرب الحزب "الدستوري الحر"، عن استغرابه لعدم الإعلان عن هذه الزيارة وموعدها من قبل الإعلام الرئاسي، طبقاً للنواميس المعمول بها، مستنكراً بلوغ مثل هذه المعلومات المهمة إلى الرأي العام عبر وسائل الإعلام التركية.

ودعا الحزب رئاسة الجمهورية إلى اعتماد الشفافية في مجال السياسة الخارجية وتوضيح الخيارات المتبعة في هذا الشأن وإطلاع الرأي العام على مثل هذه المسائل السيادية.

كما حذر من اتخاذ رئاسة الجمهورية أية خطوات أو إصدار أي قرارات باسم الشعب التونسي، لها علاقة بالملف الليبي، من شأنها أن تمثل انحرافاً عن ثوابت السياسة الخارجية التونسية، التي تقوم على مبدأ عدم التدخل في الشأن الداخلي للدول وعدم إقحام تونس في محاور وتجاذبات دولية أو إقليمية قد تمس من السيادة الوطنية والأمن القومي.

تداعيات خطيرة

هذا وحذرت رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والأمنية و العسكرية بدرة قعلول، في تصريح خاص، من تبعات هذا القرار الخطير على تونس وأمنها، موضحة أن "فتح النار على الجيش الليبي من تونس يؤدي إلى فتح الحدود لدخول اللاجئين بالآلاف مع إمكانية دخول وتسلل مجموعات إرهابية الى تونس، والبلاد ليست مستعدة لا أمنياً ولا اقتصادياً لاستقبال مليون ونصف لاجئ ليبي".

كما اعتبرت قعلول أن "ما خسرته تركيا في شمال سوريا ستحاول تطبيقه في الجنوب التونسي"، مستنكرة "اصطفاف تونس وراء من تعتبره داعم للميلشيات والإرهابيين في ليبيا".

وأيضاً من التداعيات الأخرى التي تراها قعلول خطيرة، هي "انقسام الشارع التونسي بين مؤيد ورافض وهذا سيؤدي إلى تناحر نحن في غنى عنه"، معربة عن تخوفها من تبِعات هذا القرار على الصعيد الدولي و"تأثر العلاقات مع الجارة الجزائر والشقيقة مصر في حال قررت رئاسة الجمهورية التونسية دعم محور تركيا وحكومة السراج".

وختماً، دعت قعلول رئاسة الجمهورية إلى توضيح موقفها من مزاعم الرئيس التركي بأن تونس ستدعم حكومة "الوفاق" واعتماد الشفافية مع الشعب التونسي في الملف الليبي.

الرد الرئاسي

ووسط هذا الجدل الدائر، حرصت رئاسة الجمهورية على التأكيد أن "تونس لن تقبل بأن تكون عضواً في أي تحالف أو اصطفاف على الإطلاق، ولن تقبل أبداً بأن يكون أي شبر من ترابها إلاّ تحت السيادة التونسية وحدها.

أمّا التصريحات والتأويلات والادعاءات الزائفة التي تتلاحق منذ الأربعاء، فهي إمّا أنّها تصدر عن سوء فهم وسوء تقدير، وإمّا أنّها تنبع من المصادر ذاتها التي دأبت على الافتراء والتشويه.

وإذا كان صدر موقفٌ عَكَسَ هذا من تونس أو من خارجها، فهو لا يُلْزمُ إلّا من صرّح به وحدهُ.

رئيس الجمهورية حريص على سيادة تونس واستقلالها وحريّة قرارها، وهو أمر لا يمكن أن يكون موضوع مزايدات أو نقاش، ولا توجد ولن توجد أية نيّة للدخول لا في تحالف ولا في اصطفاف.

وعلى من يريد التشويه والكذب أن يعلم أنّه لا يمكن أن يُلهي الشعب التونسي بمثل هذه الادعاءات لصرف نظره عن قضاياه الحقيقية ومعاناته اليومية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي".

​​​​​​​التشبث بالشرعية الدولية

وبخصوص الدعم السياسي لحكومة "الوفاق"، قالت المكلفة بالإعلام في رئاسة الجمهورية رشيدة النيفر، "الدعم السياسي لحكومة السراج يندرج في إطار تشبث تونس بالشرعية الدولية، لكن هذا لا ينفي حرصها على تقريب وجهات النظر بين جميع الفرقاء لحقن الدماء وتغليب الحل السلمي".

وتابعت "الدعم المتفق عليه في الملف الليبي يتعلق بإيجاد حل سلمي للأزمة الليبية من دون التطرق إلى دعم طرف على حساب طرف آخر، وأوضحت أّن رئيس الجمهورية قيس سعيد أكّد إثر لقائه الرئيس التركي، في ندوة صحافية مشتركة الأربعاء 25 ديسمبر، تشبثه بما تضمنه "إعلان تونس" إثر اجتماعه مع عدد من مُمثلي المجلس الأعلى للقبائل والمُدن الليبية.

الاتحاد العام التونسي للشغل

كذلك، أصدر المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشّغل بياناً دان فيه "الحرب الدّائرة في ليبيا التي لم تخلّف غير الدمار والقتل والخراب"، مندداً بالتدخّلات الأجنبية في الشأن الليبي، كما حذر من "دعوات الحرب التي أصبحت بعض الدول تدقّ طبولها".

وأضاف البيان "حلّ الخلافات الليبية لن يكون إلاّ داخليّاً وبعيداً من تدخّل الدول الأجنبية التي لا تخدم غير مصالحها، ويهيب بالسلطات جميعاً لرفع حالة اليقظة والحذر، للحيلولة دون تحويل تونس ممرّاً للأسلحة ومعبراً للدواعش باتجاه ليبيا أو ملاذاً لهم، ونعبّر عن الثقة التامة في جيشنا وأمننا الوطنيين لحماية تراب تونس وسيادتها".

المزيد من العالم العربي