Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تعيد النظر في الإفراج المبكر عن الإرهابيين إثر اعتداء "جسر لندن"

تظهر الأرقام أن أكثر من 500 سجين إرهابي أطلق سراحهم منذ 2011

فتح اعتداء "جسر لندن" الأعين مجدداً على علاقة السجون بمسار حياة الإرهابيّين (أ.ب.)

شرعت الحكومة البريطانية في مراجعة طارئة لملفات أولئك الذين ارتكبوا أعمالاً إرهابية وباتوا على وشك الخروج من السجن، وسط تساؤلات حول نجاعة مراقبة جهاز "الاستخبارات العسكرية" (أم آي 5) لهم بعد الإفراج عنهم.

إذ تبيّن أن عثمان خان الذي نفّذ الهجوم الإرهابي على "جسر لندن" يندرج ضمن 500 سجين إرهابي أُفرِج عنهم من السجون البريطانية منذ 2011.

وأشار روبرت بكلاند، وزير العدل البريطاني إلى أن الحكومة تُراجِع القيود المفروضة على 74 إرهابياً مطلقي السراح حالياً بموجب شروط إعطائهم رخصة [العودة الى الحياة العادية].

وفي حديث إلى إذاعة "أل بي سي"، ذكر بكلاند "نحن سننظر إلى قائمة أوسع تضم بضع مئات من الأشخاص الذين قد لا يكونوا منخرطين في جرائم إرهابية، لكن يشتهر عنهم امتلاكهم آراءً متطرفة... أنا أريد التوثّق من أننا نغطي هذا الجانب بدقة، ونحن نتدارس مسبقاً حالة أولئك الأشخاص الذين قد يُفرج عنهم من الحبس خلال الأسابيع القليلة المقبلة".

وحتى الآن اعتُقِل شخص واحد في الأقل هو نَظام حسين، نتيجة إعادة النظر في الإفراج عنه من قِبَلْ وزارة العدل. وقد احتُجِزَ هذا الشخص (34 سنة)، للاشتباه بأنه يستعد لتنفيذ أعمال إرهابيّة، وأعيد إلى السجن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتُظهر الأرقام الرسمية أن 80% من السجناء الإرهابيين البالغ عددهم 223 شخصاً يعتبرون من الإسلاميين المتطرفين، فيما ينضوي 15% منهم تحت مظلة اليمين المتطرف.

ويسجل عدد الإرهابيين رقما قياسياً تاريخياً منذ 2018، ويضم أشخاصاً محتجزين حاليا بسبب انخراطهم في جرائم إرهابية، وكذلك متطرفين مسجونين بسبب جرائم اخرى. وأضاف بكلاند أنه يعمل من أجل ضمان أن تكون شروط رخصة إطلاق سراحهم "صارمة إلى أقصى حدّ ممكن".

وفي المقابل، وُضِع خان تحت 22 شرطاً من ذلك النوع تعمل كها على تقنين نشاطاته وتحركاته وعلاقاته، وعلى الرغم من ذلك استطاع شن هجومه الإرهابي أثناء حفل لإعادة التأهيل.

ويصرّ مسؤولون على أن خان أظهر امتثالا لبرامج مكافحة التطرف بعد سجنه بسبب مشاركته في خطة تهدف إلى تفجير أسواق البورصة في لندن 2012.

وذكرت مصادر لصحيفة "الاندبندنت" أن خان، العضو السابق في شبكة "المهاجرون" التي يقودها أنجم تشوداري، كان تحت رقابة "الاستخبارات العسكرية" ("أم آي 5")، لكن ليس بشكل مكثف لأنه "لم يكن هناك ما يدل على أنه يسعى إلى تنفيذ هجوم ما".

وأثار هذا الإقرار أسئلة حول النظام الذي تتبعه "أم آي 5" في تقييم النشاطات  المحتملة التي يمكن للإرهابيين تنفيذها لوحدهم، وقد تعرض إلى النقد سابقاً بعد مقتل العسكري لي ريغبي 2013 والهجوم الإرهابي على "جسر لندن" عام 2017.

وفي تقرير نُشر الشهر الماضي، وصف كبير قضاة التحقيق لإنجلترا وويلز النظام بأنه "غير دقيق وشديد التفاوت في تقييماته". وكذلك ذكر مارك لوكرافت الذي يحمل لقب "مستشار الملكة" ضمن التقرير نفسه، "في رأيي، هناك مخاطر من وقوع حالات قتل مستقبلية ما لم يُتَّخذ إجراء بذلك".

وكذلك دعا اللورد اندرسون، المراجع المستقل السابق للتشريعات المعنية بالإرهاب، إلى إجراء تحسينات على نظام المراقبة بعد تقييمه معلومات استخباراتية عن الإسلاميين المتطرفين الذين شنوا موجة من الهجمات الإرهابية في 2017.

وقبل ثلاث سنوات، حذرت "لجنة الاستخبارات والأمن" البرلمانية من "الفجوات" الموجودة في النظام المعني بالإرهابيين القادرين على العمل لوحدهم ممن يسعون إلى تنفيذ خطط غير منسقة مع آخرين وبتقنيات بدائية.

ينظر ارهابيو شبكة "مهاجرون"  بشك عميق إلى كل برمجة قسرية للتخلص من نزعة التطرف، باعتبارها محاولة من طرف الحكومة للسيطرة على أفكارهم 

وفي هذا السياق، ذكر رافايلو بانتوتشي، الزميل الأقدم في "المعهد الملكي للخدمات المتحدة" إن الدوائر الأمنية كدّت كثيرا لتكييف نفسها في الانتقال من مراقبة شبكات إرهابية منظمة إلى رصد أفراد يعملون لوحدهم.

وأفاد بانتوتشي في حديثه مع "الاندبندنت" بأن "ذلك الشكل من التهديد الذي نواجهه وأظن أن طبيعته غير القابلة للتنبؤ بها مسبقاً، يمثّل جزءاً من المعضلة".

وأشار إلى أن "الاستخبارات العسكرية" ("آم آي 5") "طورت جهازاً خاصاً يراقب [الإرهابيّين] الذين يعملون لوحدهم... أظن أنه جيد جداً، لكنه ليس مثالياً".

ويُذكَر أن خرام بَت، منفذ الهجوم الإرهابي على "جسر لندن" عام 2017 ، قد قُيِّم بواسطة الجهاز على أن له "مقدرة ضعيفة" على تنفيذ هجوم  إرهابي، ومن المرجح أن هذا التقييم قد شمل خان أيضاً.

وأفاد بانتوتشي إنه حتى لو كان خان منخرطاً بصدق في برامج مكافحة التطرف، فقد تكون لديه "أزمة شخصية" أخرى حدثت أخيراً في حياته، ودفعته إلى تنفيذ هجومه... من الواضح أنه أيا كان التفاعل [مع برامج مكافحة التطرف] فإنه لم تجرِ المحافظة عليه".

وأضاف أن هذا الأمر "يثير أسئلة حول المرجعية المطلوبة للإبقاء على التفاعل على مستوى فردي مع شريحة كاملة من الناس، وهذا قد يكون ضرورياً للشخص المعني لعقود عدة".

وفي ذلك السياق، علمتْ "الاندبندنت" أن خان وُضِعَ قيد مراقبة من أعلى المستويات من قبل وكالات متعددة معنية بحماية الجمهور، ويشمل ذلك ضباط مراقبة السلوك (بعد الخروج من السجن) والشرطة. وقد اعتُقِلَ خان في 2012 ضمن خلية إرهابية تتكوّن من تسعة أشخاص خططوا لشن هجوم على أسواق البورصة اللندنية.

وصدر حكم أولي ضد خان قضى بسجنه لمدة غير المحددة بهدف حماية الجمهور، على أن تكون أقل فترة يقضيها وراء القضبان ثماني سنوات.

لكن هذا الحكم أُلغي بعد الاستئناف ضده في 2013. وصدرت بحقه عقوبة محددة أمدها 16 سنة، وأدى ذلك إلى إطلاق سراحه في ديسمبر (كانون أول) 2018 بعد قضاء نصف محكوميته في السجن.

وجاء في  بيان "محكمة الاستئناف" عند إصدار حكمها ضد خان وشريكيه، أنهم "وقعوا تحت تأثير رجال دين متطرفين" وأصبحوا منخرطين في نشاطات تنظيم "المهاجرون".

ووصف القضاة كيف ناقش خان صُنع القنابل الانبوبيّة، وحاول إقناع آخرين بالانتقال إلى التطرف، وأنشأ معسكراً تدريبياً للناشطين المتطرفين في باكستان.

وكذلك صدرت مذكرة عن "لجنة مواجهة التطرف" في أكتوبر الماضي حذرت فيها من أن ناشطي تنظيم "المهاجرون" قادرون على "الاحتفاظ بقوة بقناعاتهم".

وفي ذلك الصدد، كتب مايكل كيني في المذكرة أنهم "ينظرون بشك عميق إلى كل برمجة قسرية للتخلص من نزعة التطرف، باعتبارها محاولة من طرف الحكومة للسيطرة على أفكارهم وإجبارهم على القبول بفهم "صحيح" لإسلام تُقِرّه الدولة".

وأضاف كيني، "إنهم يعتبرون مشاركتهم القسرية في برنامج كهذا نوعاً اخر من القمع، يتماشى مع المداهمات والاعتقالات ووسائل التحكم الاخرى التي مروا بها سابقاً".

وجاء هجوم خان بالسكاكين خلال مؤتمر لتأهيل السجناء نُظِّمَ بالتعاون مع "معهد علم الإجرام- جامعة كمبردج"، حيث كان ضيفا عليه.

ويشار إلى أن جاك مريت أحد ضحيتي خان، كان مُنَسِّقاً لبرنامج "التعلّم معاّ" بينما كانت زميلته الضحية الأخرى ساسكيا جونز تعمل متطوعة فيه.

بدأ خان هجومه من دون تحذير حوالى الساعة الثانية بعد الظهر في 29 تشرين الثاني الماضي، وقد واجهه بعض المدعوين للمؤتمر وموظفون في "قاعة فيشْمونغر" قبل تعقبه على "جسر لندن" وقتله على يد أفراد مسلحين من الشرطة.

© The Independent

المزيد من تحلیل