Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تحجب بشدة مستندًا يكشف تكتيكات مستخدمة لإقناع المواطنين بقبول الغاز الصخري

"الحقيقة أنهم حاولوا إخفاء معلومات هامة للغاية من خلال التعديلات التي أدخلوها على العديد من الصفحات وهو ما يؤكد تخلي الحكومة عن دورها تجاه الشعب"

حزب المحافظين لم يرد على طلب تعليقه على تقرير عن صناعة تكسير الصخر الغازي في بريطانيا

خرج تقرير حكومي سري الى العلن، وُصف بأنه "شديد الحساسية" عن صناعة تكسير الصخر الغازي في بريطانيا، وذلك بعد صدور قرار من المحكمة بنشره لتنتهي سنوات من محاولات حكومية لإخفائه.

وعلى مدار 22 شهراً متواصلة، دارت معركة قادتها منظمة السلام الأخضر(Greenpeace) متسلحة بقانون حرية تداول المعلومات FOI للكشف عن التقرير، الذي رأى النور في يناير من العام 2018. وكانت الحكومة أخفت التقرير منذ 2016، وذلك لكونه "قد يثير شكوكاً في مدى الجدوى من صناعة تكسير النفط والغاز الصخري".

وشهد يوم الاثنين الماضي إذعان الحكومة لقرار المحكمة المختصة في حرية نشر المعلومات، رغم أن الحكومة تجاهلت تطبيق القرار الصادر في أكتوبر الماضي. وتم تنقيح 37 صفحة من أصل 48 يشملها التقرير، بعد أن كانت مخفية بحبر أسود. 

فقد أظهرت المقاطع المتبقية التي لم تُخفَ أن الحكومة أدركت أن الاعتراض الشعبي هو العقبة الأخطر أمام تقدم صناعة التكسير المائي، فقررت إنشاء "خطاب ممالئ"، مع نية إدراج رسائل شركات الطاقة في "حملات التواصل الحكومية ذات المدى البعيد".

كما أظهر التقرير أن مخاوف الشركات العاملة بالصناعة، قد دفعت المؤسسات الحكومية إلى اللجوء لطرق بديلة تجعل من عمليات التخطيط والاستشارات في تلك المشروعات أكثر سرعة و"أكثر قابلية للتنبؤ".

وبدأت الحكومة دراسة مجموعة من الاقتراحات، منها البدء في تقليل الاعتماد على بعض المواد التي يتم استخدامها في الصناعة والتي تخضع لرقابة السلطات المحلية. ويعني ذلك تقليل الوقت الذي كانت تحتاجه هذه الرقابة لطلب معلومات إضافية عن تفاصيل الصناعة، والبحث عن خدمات استشارية للحصول على مهلة من الوقت بشكل قانوني لتأخير تقديم بديل لتلك الموارد.

وفي تعقيبه على هذا الأمر، قال الوزير في حكومة الظل جون تريكيت:"يظهر ذلك التقرير حجم التنازلات التي قدمها حزب المحافظين من أجل تحقيق مصالح الشركات الكبرى وخاصة العاملة في صناعة النفط والغاز".

وأضاف تريكيت "لقد حصل المحافظون على رشى قدمتها لهم الإدارات التنفيذية في الشركات العاملة بقطاع النفط من أجل التغاضي عن حقوق المجتمعات والبيئات المحلية التي تعمل تلك الشركات فيها والتي قد تعرضت لتهديدات بيئية واضحة".

وأكمل حديثه قائلا: "الحقيقة أنهم حاولوا إخفاء معلومات هامة للغاية من خلال التعديلات التي أدخلوها على العديد من الصفحات والتي تخص محادثاتهم مع الولايات المتحدة عن التخلص من أجزاء من النظام الوطني للخدمات الصحية، وهو ما يؤكد تخلي الحكومة عن دورها تجاه الشعب".

وكانت الحكومة قد وافقت على منع عمليات تكسير الصخور الزيتية بعد قرار المحكمة الصادر في أكتوبر الماضي، والذي استند إلى مسؤولية أعمال الحفر التي تتم في بئر بريستون في مقاطعة لانكشر عن سلسلة من الهزات الأرضية. يأتي ذلك في الوقت الذي أبدى فيه نشطاء مخاوفهم من أن يكون التوقف مجرد "حيلة انتخابية"، بحسب وصف جيريمي كوربين وأن تعود أعمال الحفر من جديد اذا ما فاز حزب المحافظين في الانتخابات.

وقد أقرت وزيرة الاستثمار أندريا ليدسوم بالفشل بسبب قرار منع عمليات التكسير، ووصفته بأنه "مخيب للآمال"، حيث أشارت إلى أن بريطانيا تحتاج إلى الغاز الصخري بشدة لعقود مقبلة، وأن الحظر سوف يستمر ما لم يتم تقديم "أدلة جديدة ودامغة".

وعقبت رئيسة النشاط السياسي في مؤسسة السلام الأخضر ريبيكا نيوسوم قائلة "يبدو أن إدارات حزب المحافظين السابقة قد اتخذت خطوات للخلف وقدمت تنازلات، وهو ما فتح الطريق أمام صناعة تكسير الصخر الغازي إلى داخل الريف البريطاني."

وأضافت نيوزوم "يمكن للشعب أن تزداد ثقته في حزب المحافظين في حالة استخدامه للأدلة التي لا تقبل الشك والتي أظهرت المخاطر والآثار السلبية على البيئة والأفراد (من عمليات التكسير)، وذلك بجعل المنع الحالي دائما بما يبعد تلك الصناعة إلى الأبد وبدون رجوع".

وكان فريق التحقيقات في منظمة السلام الأخضر قد حصل على جزء صغير من التقرير من خلال طلبه، مستنداً إلى قانون حرية تداول المعلومات FOI، حيث أظهر هذا الجزء وجود تشكيك من المسؤولين في ما يمكن أن يتحقق من نجاح عمليات التكسير. ودفعهم ذلك إلى السعي للحصول على التقرير كاملاً.

وتظهر بعض الأجزاء التي تم الكشف عنها، أن مجلس الوزراء كان على استعداد لتقديم التنازلات والذهاب بعيداً من أجل نجاح تلك الصناعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكشفت أجزاء التقرير أيضا أنه، بدلاً من أن تقوم بالتفاعل مع التحفظات التي أبداها المواطنون حول البيئة ونوعية الحياة وسلامة المجتمعات المحلية وزيادة الاعتماد على مصادر طاقة متجددة، اتجهت وزارة الطاقة والتغير المناخي - التي كانت موجودة في ذلك الوقت- الى زيادة جهودها عبر شن حملة إعلامية من أجل تقبل المواطنين لصناعة تكسير الصخور الزيتية. وأطلقت بالفعل حملتين الأولى "الحملة الوطنية والإقليمية لجيل الصخور الزيتية" وحملة "أبطال الصخور الزيتية".

كما أظهر جزء أخر أن المسؤولين، وعلى الرغم من عدم وجود دلائل واضحة على سلامة صناعة التكسير المائي، كانت اهتماماتهم تنصب على كيفية تخفيف القيود التنظيمية التي تثير مخاوف الشركات العاملة في الصناعة.

وجاء نص الفقرة التي تشير إلى تلك المخاوف كالتالي:"تقوم الشركات العاملة في الوقت الحالي، وكذلك المتوقع عملها في المستقبل، بالضغط من أجل تخفيف القيود المرتبطة بالوقت وعمليات التخطيط وما يثار من شكوك، حتى يتسنى لهم العمل في مواقع أكبر حجماً. وفي حالة عدم تبديد تلك المخاوف فلن يتسنى للمملكة المتحدة أن تنتج النفط الصخري حتى لو أثبتت توافره في مكامن جيولوجية بأراضيها".

وركزت الحكومة البريطانية جهودها على مدار فترة طويلة للتأكيد على أن صناعة تكسير الصخور الزيتية سوف يساهم في تقليل الاعتماد على الواردات، والدخول في مرحلة إنتقالية لتخفيف انبعاثات الكربون، وذلك بالرغم أن عمليات التكسير تتسبب في إطلاق كميات هائلة من غاز الميثان، وهو أحد الغازات الدفيئة الملوثة للبيئة.

وعلقت السيدة نيوسوم على ذلك بقولها: "عند النظر إلى المساحات السوداء في الصفحات التي تم تنقيحها، سيتساءل المواطنون عن أسباب رغبة الحكومة في إخفاء الكثير من الأمور حول صناعة تكسير الصخور الزيتية".

وأكملت قائلة: "اذا ما تخلت الحكومة بالفعل عن تقديم الدعم إلى تلك الصناعة، فلماذا لا تقوم بنشر التقرير كاملاً، حتى يصبح الأمر أكثر شفافية ويظهر للعلن ما كان يجري وراء الأبواب المغلقة على مدار سنوات بشأن تلك الصناعة".

وقد وصف الرئيس التنفيذي لمجموعة "أونشور" البريطانية للطاقة والغاز كين كرونين التقرير بأنه "لم يتضمن معلومات جديدة ذات أهمية".

وقال كرونين "بالفعل تشهد صناعة الغاز الصخري في المملكة المتحدة تطوراً بطيئا نسبيا، وهو ما يتناسب مع طبيعة الاستكشافات وما تحتاجه الصناعة من اجراءات تنظيمية معقدة للغاية".

وأضاف كرونين "بالنظر إلى تاريخ إصدار التقرير وبدء أولى عمليات التكسير المائي في العام 2011، وعلى مدار تلك السنوات فقد تم إنشاء العديد من مواقع العمل وإجراء اختبارات بها في شمال مدينة نوتينغهام، بالإضافة إلى العديد من المواقع التي تم التخطيط إلى مزيد من الاعمال الاستكشافية بها بمناطق متفرقة في كل من ديبريبشاير ولانكشاير".

واختتم تصريحاته قائلاً: "المشكلة لا تقتصر فقط على صناعة تكسير الصخور الزيتية، وانما كما الحال في كافة الصناعات التي تحتاج إلى تنمية، فهي تعاني من تباطؤ في إتمام الاجراءات مع السلطات المحلية، وهو الأمر الذي واجهته كافة مشروعات الطاقة الأخرى من طاقة الرياح والطاقة الشمسية من تأخير في إتمامها نتيجة تلك الاجراءات."

فيما لم يرد حزب المحافظين على طلب تعليقه على التقرير. يمكن مشاهدة التقرير الذي تم تنقيح صفحاته ما عدا الغلاف على شبكة الإنترنيت.

© The Independent

المزيد من بيئة