Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الباغوز: معركة داعش الأخيرة

مع اقتراب انتهاء المعارك ضدّ "داعش" الذي انحسر وجوده في كيلومتر مربع واحد، يسود خوف من تحوّل التنظيم بعد هزيمته عسكرياً إلى تهديد أمني عبر خلايا نائمة

تقع بلدة باغوز في أقصى ريف دير الزور الشرقي قرب الحدود السورية - العراقية (إندبندنت عربية)

تواصل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) حملتها الأخيرة لإنهاء تنظيم "داعش" الذي انحسر وجوده في مساحة كيلومتر مربع من المنازل السكنية في بلدة باغوز، الواقعة أقصى ريف دير الزور الشرقي قرب الحدود السورية- العراقية، ومخيم جنوب البلدة، وسط قصف جوي لطائرات التحالف الدولي على مواقع التنظيم.

"حتى النفس الأخير" 

تعرقل الألغام الكثيفة والخلايا النائمة والأنفاق التي حفرها التنظيم وصول "قسد" إلى آخر الجيوب التي يسيطر عليها، بعدما أعلنت السبت الماضي إطلاق "المعركة الأخيرة" للقضاء على "داعش" بعد إخلائها 20 ألف مدنيٍّ تقريباً من مناطق التنظيم خلال 10 أيام قبيل بدء المعركة.  

وتستمرّ معارك "الكرّ والفرّ" بين الطرفين وسط "استشراس" ما تبقّى من مسلحي التنظيم في الدفاع عن منطقة سيطرتهم، وفق ما أفاد قادة ميدانيون في "قسد" وكالة "فرانس برس".   

واستغرب الناطق باسم حملة "قسد" في دير الزور عدنان عفرين الجمعة، استمرار "داعش" بالقتال ورفض مسلحيه الاستلام. وقال "لا نعرف ما هو هدف هذه المقاومة".  

وأوضح عفرين أن "قسد" اضطرت إلى تمشيط المناطق التي سيطرت عليها بسبب لجوء التنظيم إلى تحريك الخلايا التي زرعها فيها. أضاف "نحن مضطرون إلى أخذ حذرنا... إنّها مرحلة حساسة جداً كونها نهاية التنظيم، إضافة إلى وجود مدنيين من ذوي عناصر داعش في الداخل".

 

 

300 عنصر

ذكر مصدر عسكري في "قسد" لـ "اندبندنت عربية" أن "داعش" ذبح 12 مدنيّاً الخميس داخل بلدة باغوز، مرجّحاً أن يكونوا ذُبحوا بعد محاولتهم الفرار من التنظيم الذي يستخدم المدنيين دروعاً بشرية. وقدّر المصدر ذاته بقاء نحو 300 عنصر من "داعش" داخل البلدة. 

وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أنّ قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، تنهمك في تفكيك الألغام الكثيفة التي زرعها التنظيم خلفه، وفي البحث عن عناصر متوارية وأنفاق يتحصّن فيها مسلحو "داعش" ليشنوا منها هجمات انتحارية، إذ غالباً ما يلجأ التنظيم عند محاصرته إلى هذا النوع من العمليات لإيقاع أكبر عدد من الخسائر البشرية في صفوف مهاجميه. ولفت المرصد إلى عثور "قسد" على جثث 26 مسلحاً من التنظيم خلال عمليّات التمشيط منذ الخميس.    

وشهد دافيد يوبنك، من منظمة "فري بورما راينجرز" الطبية الأميركية، خروج نحو 70 مدنياً الخميس من آخر المناطق الخاضعة للتنظيم، في حصيلة هي الأدنى منذ إطلاق "قسد" عملياتها العسكرية ضد "داعش" في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والتي دفعت نحو 40 ألف شخص إلى الخروج، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الإرهابيين. ويخضع هؤلاء للتحقيق والتفتيش والتدقيق في هوياتهم من قبل عناصر "قسد"، في منطقة فرز خاصة بهم قرب باغوز وسط ظروف مناخية وغذائية صعبة، قبل أن يُنقلوا إلى مخيّمات للنازحين في شمال البلاد. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تأكيد أميركي بالانسحاب  

مع استمرار المعارك، أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في مقابلة تلفزيونية ليل الخميس، أن التزام الرئيس دونالد ترمب بتدمير "داعش" التزام "حقيقي ومستمر"، موضحاً أن "القرار بسحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا لا يزال قائماً وسيُطبّق".  

ولفت بومبيو إلى "تغيير طرأ على التكتيكات وليس في المهمة" التي تبقى تدمير "داعش"، مضيفاً أن "هذا الأمر استُكمل تقريباً وسنستمرّ فيه للتأكّد من أن داعش أو أي مجموعات إرهابية أخرى، لا تستطيع السيطرة على أراضٍ من جديد".  

ويمهّد إعلان الانتصار الرسمي على "داعش"، الطريق أمام ترمب لتنفيذ قراره بالانسحاب من سوريا، الذي فاجأ به العالم في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، خصوصاً حلفائه الغربيين في التحالف الدولي والأكراد في سوريا.  

وتحدّث بومبيو في هذا السياق عن "نقاشات مع القوات الكردية والأتراك حول كيفية تنفيذ الانسحاب"، إذ يخشى الأكراد أن يسمح القرار الأميركي لتركيا بتنفيذ تهديداتها بشن هجوم على مواقع سيطرتهم، مقابل رفض أنقرة قيام حكم ذاتي كردي قرب حدودها.  

إجراءات أمنية مشدّدة وتفاؤل كردي  

في غضون ذلك، يسود الأوساط المحلية في شمال سوريا خوف من تحوّل التنظيم بعد هزيمته عسكرياً إلى تهديد أمني عبر خلاياه النائمة، التي يمكن أن تتسلّل مع المدنيين الفارين من المعارك إلى المخيّمات المجاورة لمناطق الاشتباكات، وإلى داخل مناطق الإدارة الذاتية للأكراد. ودفع هذا الخوف قوى الأمن الداخلي الكردية (الأسايش) إلى تشديد إجراءاتها الأمنية عند مداخل المدن وعلى الطرقات العامة. 

ويصف محمد طحلو لـ "اندبندنت عربية"، وهو بائع دراجات للأطفال داخل السوق المركزية لمدينة القامشلي (شمال شرق سوريا)، معركة "قسد" بـ "الخطوة المميزة والمتقدمة للتخلص من داعش وتوابعه في المنطقة"، معرباً عن تفاؤله "بالتخلّص من الإرهاب والفكر المتشدّد من خلال القضاء على التنظيم"، وآملاً في أن تنتج هذه المرحلة اتفاقات سياسية تؤمّن العيش الكريم للناس. 

وأعرب شاب آخر عن ثقته بقدرة قسد على إنهاء التنظيم، مستغرباً "لماذا لا تحارب إيران داعش في بادية السويداء التي تقع تحت سيطرة النظام وهي حليفته".  

أمّا محمود رمضان، صاحب محل للخضار في بلدة الدرباسية غرب القامشلي، فدعا إلى إقامة حكم ذاتي للأكراد، قائلاً "من حقنا نحن الذين كافحنا داعش ودفعنا دماء أبنائنا الشهداء وأرسينا مبدأ أخوّة الشعوب، أن نعيش في إقليم خاص بنا تسود فيه الديمقراطية والمساواة. نحن الكُرد ظلمنا على مرّ التاريخ على الرغم من أنّنا لم نظلم أي شعب، نريد الخير لغيرنا كما نريده لأنفسنا".

المزيد من العالم العربي