Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توطين اللاجئين في تركيا مقابل النفط السوري... مقايضة أم مناورة؟

أنقرة تسعى لتقويض نفوذ الأكراد وزيادة في المبالغ المالية التي تقدم للمساعدات 

أطفال سوريون في مخيم واشو كاني على مشارف مدينة الحسكة الذي أنشئ في الفترة الأخيرة للنازحين من مدينة رأس العين في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

لم تشح القوى الدولية المتصارعة على الأرض السورية نظرها عن مواقع الذهب الأسود المكتنز في جوف شمال شرقي سوريا، في ظل وجود آبار تنتظر أيادٍ خبيرة تتعامل معها، وآلات تنقيب تتجهز لسباق محموم سعياً للنفط الخام، ومعها تدور على تلك الأرض أشرس المعارك.

رؤية سوداء

في المقابل، برزت أنقرة كأحد أكثر اللاعبين والمخططين للاستحواذ على الرقعة السورية المتاخمة لحدودها الجنوبية طلباً للمنطقة الآمنة، ولم يفتأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التوقف عن المناداة بها حرصاً على توغل من يصفهم بـ"الإرهابيين" في إشارة إلى التنظيمات الكردية، لا سيما بعد أن نادت الأخيرة بحكم ذاتي لمناطق سيطرتها في السنتين الأخيرتين.

ويرى مراقبون أن "الصرخة الإنسانية" التي ضجت بها قاعة أكبر منتدى عالمي للاجئين، والمنعقد في جنيف، لا يمكن رؤيتها إلا مناورة من أنقرة لتخليص الأكراد من حصص عائدات النفط التي تستحوذ عليه وتُهرّب خارج الأراضي السورية.

أو مقايضة تلوح بالأفق لزيادة الدعم العالمي خصوصاً الأوروبي، سعياً لكسب المساعدات وزيادتها على ستة مليارات دولار، وإلا أبواب تركيا ستشرع لأوروبا أمام اللاجئين لديها، وهذا الأمر بالنسبة إلى القارة الباردة بمثابة كارثة و"باب من أبواب جهنم"، فهي تخشى تسلل متطرفين إليها.

اللعب سوياً

في غضون ذلك، لا يعجب إسطنبول التفرد الأميركي باستثمار حقول النفط، حيث انكفأت قواتها المنتشرة في الشمال الشرقي وتقلص عددها سوى تلك الموجودة بآبار النفط مع قوات من سوريا الديموقراطية، بل يرغب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالمشاركة باستخراج النفط، وهذا ما نوّه به بكلمته التي ألقاها "لنستخرج معاً النفط من الآبار التي يسيطر عليها الإرهابيون في سوريا، ولننجز مشاريع بناء الوحدات السكنية والمدارس والمستشفيات في المناطق المحررة من الإرهاب ونوطن اللاجئين".

من جهتها، تقابل الأحزاب الكردية خصوصاً الجناح المسلح منها "قسد"، العزم التركي بكثير من الإصرار على التمسك بمطالبها بحكم ذاتي، مدعومة من الحليف الأميركي، ولو أن انسحاب الولايات المتحدة من تلك المنطقة شكل صدمة مفزعة أربكت الأكراد في الشمال.

وأحكمت القوات الكردية قبضتها على أرض تعج بخيرات دفينة في شرق البلاد، يصل الاحتياطي النفطي فيها إلى ملياري برميل، ولعل الحقول التي لا تنضب بسهولة تتركز في تلك البقعة، أثارت حفيظة القيادة التركية باعتبار أنها العقدة الجغرافية الأبرز التي تربط بين العالم العربي وتركيا وإقليم كردستان والعراق وصولاً إلى إيران.

اللاجئون في الهاوية

ومع أن جارة الشمال السوري (تركيا) تستضيف أكبر عددٍ من اللاجئين السوريين يصل عددهم إلى نحو 3.6 مليون، إلا أنهم يعانون تضييقاً في الآونة الأخيرة، وتدفع السلطات التركية إلى ترحيلهم إلى المناطق السورية الواقعة ضمن نفوذها، أمر قوبل باتهامات حول مساعي إسطنبول لتغيير ديموغرافية البلاد.

في حين تسعى إلى إعادة توطين ما يقارب 600 لاجئ سوري يضافون إلى 371 ألفاً موجودين حالياً في الشمال السوري، وجهود لإعادة توطين ما يقارب مليون سوري على أراضٍ تسيطر عليها الفصائل السورية المعارضة بدعم تركي في ريف حلب ومناطق في الحسكة شمال شرقي البلاد.

وتختار السلطات التركية جلّهم من الشباب بعد ترحيلهم لزجهم في الحرب التركية ضد الفصائل الكردية في الصراع الأخير الدائر هناك، وقالت مصادر أهلية في مدينة عفرين في ريف حلب "يستولي القادمون إلى تلك المناطق في مدينة عفرين وريفها على الأراضي والبيوت، وكأنها من دون مالكين حقيقيين، السيناريو يتكرر أيضاً في المناطق الجديدة التي سيطرت عليها تركيا في الفترة الأخيرة في رأس العين".

شؤون وشجون

وعلى المقابل الآخر، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تخصيص مساعدات إنسانية وتوظيفها بمشروعات لدعم اللاجئين في تركيا، في مجالات التعليم والخدمات الأساسية والرعاية الصحية.

ويتحدث كريستوس ستيليانيدس، مفوض المساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي، عن توفير منظمته الاحتياجات لنحو 1.7 مليون لاجئ، وتقديم تسهيلات للتعليم لأكثر من نصف مليون طفل لاجئ، حسب بيان المفوضية السامية للاجئين.

في وقت يرى مسؤول تركي أنه يتوجب على الاتحاد الأوروبي أن ينفق أكثر من ستة مليارات يورو، أي ما يقارب 6.6 مليار دولار، على المهاجرين السوريين في تركيا، بناء على تصريح المسؤول المعني بشؤون الاتحاد الأوروبي نائب وزير الخارجية التركي فاروق قايماقجي، في 14 ديسمبر (كانون الأول).

عراقيل وتعطيل

وأمام هذا الواقع، تلملم العاصمة السورية بقايا اعتداءات طالت ثلاثة حقول نفط وغاز تخضع لسيطرتها وسط البلاد، وتراقب ما يحدث في شمالها الشرقي بحذر، في حين تنشغل بمعارك الشمال الغربي حيث إدلب وحملتها لإسقاط آخر معاقل المعارضة، رافضة في الوقت ذاته ما وصفته بترويج الرئيس التركي بأنها "خطط مشبوهة"، ويضيف مصدر في الخارجية السورية أن ذلك يندرج "بإبعاد قسري وترحيل جماعي لسكان تلك المناطق وإحلال آخرين مكانهم".

الخيار الأفضل

أمَّا فيما يتعلق بموقف المعارضة السورية من خطة (النفط والتوطين)، فلم يصدر أي تعليق من ممثلي المعارضة في الائتلاف الوطني المعارض، في حين استنكروا استخدام الصين وروسيا حق النقض "الفيتو" ضد القرار الذي أعدته بلجيكا والكويت وألمانيا بخصوص تمديد نقل المساعدات الإنسانية للاجئين عبر الحدود لمدة عام آخر.

وذكرت قوى "الثورة" والمعارضة السورية ممثلة بالائتلاف ببيان نشر في 21 ديسمبر، أن دخول المساعدات من خلال معابر لا يسيطر عليها النظام هو الخيار الأفضل والوحيد لملايين السوريين.

وأضاف البيان، "من واجب المجتمع الدولي أن يتمسك بهذا الخيار وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية فقط عبر النظام"، مطالباً بالتدخل المباشر ومنع نتائج هذا التصويت.

المزيد من الشرق الأوسط