Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يقبل "حزب الله" لدياب ما رفضه للحريري أم يملي عليه حكومة جاهزة؟

ديفيد هيل أبلغ صديقه جبران باسيل أن سياسته "ليست صديقة" لواشنطن

بين زيارة وكيل وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل إلى العاصمة اللبنانية بيروت ولقاءاته مع مختلف الأطياف السياسية، وبين الاستشارات التي يجريها الرئيس المكلف تأليف الحكومة حسان دياب، وامتناع الكتل النيابية الرئيسة عن الاشتراك فيها، شكّل تجنب هيل لقاء دياب إشارة إلى حرصه على تفادي أي تفسير أو إيحاء بأن واشنطن تتدخل في عملية التشكيل والتوزير. وهناك من يقول بين المتابعين لزيارة الموفد الأميركي إنه يتجنب أيضاً أن يستغل الفريق الذي سمّى دياب أي لقاء من قبل هيل معه ليوحي على الطريقة اللبنانية بأن واشنطن تؤيده.

فبعض الأوساط الإعلامية أوحى أن ترشيحه كأستاذ في الجامعة الأميركية، ورد مع بداية الأزمة حين طلب الرئيس ميشال عون من رئيسَيْ الجامعتين الأميركية واليسوعية اقتراح أسماء اختصاصيين أكاديميين لاختيار وزراء من بينهم. لكن مصادر الجامعة الأميركية نفت أن يكون رئيسها الدكتور فضلو خوري رشّحه.

فالحملة على زيارة هيل قبل وصوله إلى بيروت من أوساط قوى 8 مارس (آذار)، تارة بأنه جاء لفرض رأي واشنطن بالتشكيلة الحكومية، وقبلها بأن بلاده تريد ترشيح هذا أو ذاك لرئاسة الحكومة، وأخرى بأنه حضر ليقطف ثمار تدخل بلاده في دعم الحراك الشعبي أو لإفشال الحراك، بدت حملة متناقضة، بعدما عكست الأوساط التابعة لهذه القوى أجواء أخرى عن لقاءاته تشدّد على حياديته وعدم تناوله أي من المواضيع التي جرى توقعها.

من بين المواضيع التي توقع الوسط "الممانع" أن يثيرها هيل أن يطلب من لبنان الموافقة على الصيغ السابقة التي كان طرحها الموفدون الأميركيون لترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل تحت ضغط المأزق الاقتصادي الذي يمر به، وهي لصالح وجهة النظر الإسرائيلية في النزاع مع لبنان على مكامن الغاز والنفط في البحر.

لا بحث بالحدود ولا تغيير نهج العقوبات

فضلاً عن تجنبه لقاء الرئيس المكلف، فإن شخصيات التقت هيل خلال زيارته يومَيْ الجمعة والسبت، خلُصت إلى النتائج الآتية:

1- لم يتناول مسألة ترسيم الحدود، لأن الملف المتعلق بها يعود إلى مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر بالتنسيق مع وزير الخارجية مايك بومبيو.

2- أن سياسة واشنطن تجاه لبنان لم تتغير، بمعنى مواصلة نهج فرض العقوبات على "حزب الله"، في إطار استمرار الضغوط القصوى على إيران وحلفائها في المنطقة. ويشير من التقوا هيل إلى أن واشنطن مستمرة على مبدأ business as usual. ويقول أحدهم إن الأميركيين ليسوا مستعجلين على تعديل نهجهم السابق في هذا الصدد.

3- أن واشنطن تستمر مع عددٍ كبيرٍ من دول المجتمع الدولي في ربط مساعدة لبنان لتجاوز أزمته الاقتصادية بنوع الحكومة الجديدة التي طالبت الدول كلها بتأليفها سريعاً، كي تتمكن من معالجة الأزمة وتلقي الدعم الخارجي، فضلاً عن أن التعاطي مع الحكومة التي سيؤلفها الرئيس دياب، سيكون وفقاً لتناغمها مع مبادئ تحلّي وزرائها بالصدقية والكفاءة وتناسقها مع مطالب الحراك الشعبي والشبابي في مواجهة الفساد والهدر والحاجة إلى التصحيح الاقتصادي. لكن واشنطن استبقت زيارة هيل بالإعلان عن أنها ستقدم مساعدات إنسانية إلى اللبنانيين، الذين يعانون من الوضع الاقتصادي السيئ، وليس للدولة والحكومة.

رسالة إلى باسيل

4- أن لقاء هيل مع رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل ليس مستغرباً، وفق ما أوضحه بعض من اجتمعوا مع المسؤول الأميركي لـ"اندبندنت عربية"، قبل حصول اللقاء. فهيل على صداقة مع باسيل منذ كان سفيراً لبلاده لدى لبنان، وهو من الدبلوماسيين الأميركيين الذين بنوا علاقة قريبة مع المجتمع السياسي اللبناني الكثير القيل والقال. وانخرط في هذا النوع من العلاقة مع السياسيين اللبنانيين ومنهم باسيل منذ أن واكب عامَيْ 2015-2016 التسوية الرئاسية، وكان من المشجعين لزعيم تيار "المستقبل" سعد الحريري كي ينخرط فيها من أجل إنهاء الفراغ الرئاسي في حينها. إلاّ أن هذا لم يمنعه، حسب قول الشخصية نفسها، من إبلاغ باسيل بأن الإدارة الأميركية لا تنظر إليه على أنه صديق لها وأن لديها ملاحظات كثيرة على سلوكه. في المقابل، كان لافتاً لأوساط تسنّى لها الاطّلاع على جانب من حصيلة لقاءات هيل أن اجتماعه مع رئيس البرلمان نبيه بري كان إيجابياً جداً.

5- أن العمود الفقري للسياسة الأميركية في هذه المرحلة هو مساعدة الجيش اللبناني ونهج قائده الجنرال جوزيف عون، إن لجهة تعزيز قدرات الجيش أو لجهة مقاومته الضغوط عليه كي يتعاطى بعنف مفرط مع الانتفاضة الشعبية.

تجنب الإيحاء بدعم دياب

مع الحرص الأميركي على تجنب أي إيحاء بالتدخل في تأليف الحكومة والتركيز على استمرار السياسة السابقة، تتمحور مهمة هيل اللبنانية حول الاستماع إلى الفرقاء اللبنانيين عن كثب، وإبلاغ رسائل إلى بعضهم، وتأكيد حضور واشنطن في لبنان بالتزامن مع الأزمة المتعددة الأوجه التي يمر بها ولها امتدادات وخلفيات إقليمية أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن ما مصير تأليف الحكومة استناداً إلى هذه المعطيات؟

تلفت مصادر مواكبة لاتصالات الرئيس المكلف حسان دياب إلى أنه على الرغم من تأكيده، كما فعل رئيس الجمهورية ميشال عون أثناء استشارات التكليف، أن "علينا جميعاً التعاون من أجل الخروج من الأزمة"، فإن تأكيد كتلة "المستقبل" النيابية لدياب مجدداً أنها لن تشارك في الحكومة وكذلك كتلتَيْ حزب "القوات اللبنانية" و"اللقاء الديموقراطي"، سيجعل الحكومة من لون واحد إذا كانت ستضم سياسيين تحت قبعة الاختصاصيين، يمثلون "حزب الله" وحركة "أمل"، وحلفاء الحزب من الطائفة السنية إضافة إلى "التيار الوطني الحر". وفضلاً عن أن توزير وجوه من القوى السياسية الداعمة لتولي دياب رئاسة الحكومة سيضعه في مواجهة الحراك الشعبي، سيسهل على المجتمع الدولي استخدام هذه الحجة للامتناع عن تقديم المساعدة للبنان في ظل حكومة كهذه. فهل ستمنح القوى السياسية الداعمة لدياب الرجل ما رفضته للحريري حين كان يشترط تأليف حكومة اختصاصيين فقط من دون تمثيل الأحزاب؟

الصيغة الحكومية جاهزة؟

وعد الرئيس المكلف نواب الكتل الذين التقاهم طوال يوم السبت بحكومة "الاختصاصيين المستقلين". إلاّ أنه أوحى في تصريحه أنه سيتعاون مع الفرقاء لتسميتهم، ثم استبعد ذلك.

لكن مصادر الفرقاء الذين رفضوا تسميته، رجّحت لـ"اندبندنت عربية" أن تكون لائحة الوزراء الذين سيعينهم جاهزة باتفاق بين "الثنائي الشيعي" و"التيار الوطني الحر"، مثلما كان ترشيحه جاهزاً لدى هذه الأطراف حين تعذّر اتفاقها مع الحريري. وقد يكون هؤلاء الوزراء من الموالين لأحزاب السلطة. فهو حسب الأوساط النيابية التي امتنعت عن تسميته، ليست لديه رؤية سياسية إنقاذية للخروج من الأزمة. وذهب بعض رموز الحراك الشعبي بعيداً في الترويج لحبه للمناصب ولترويج ما كتبه في سيرته الذاتية (136 صفحة) على وسائل التواصل الاجتماعي، عن أنه أول أستاذ جامعي في تاريخ الأميركية عُيّن وزيراً، متناسياً أنه سبقه في ذلك شارل مالك ونجيب أبو حيدر وطارق متري وغيرهم من الأكاديميين.

لكن الحملات على دياب لا تتوقف عند رموز الحراك والكتل التي رفضت تسميته، بل تجاوزتها إلى الشارع السني في شكل يهدد بتحول موقف جمهور الانتفاضة ضد السلطة الذي انطلق في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى احتجاج مذهبي، وفق ما حصل في شوارع بيروت وطرابلس في اليومين الماضيين. ويقول مصدر نيابي لـ"اندبندنت عربية" إن هناك شعوراً لدى بعض الأوساط السنية بأن القيادات الشيعية والمسيحية هي التي باتت تسمي ممثل السنة في الحكم، ما دفع بعض رجال الدين أيضاً إلى انتقاد الرئيس المستقيل سعد الحريري على ما يعتبره البعض تهاوناً من قبله. لكن ذلك يشكل عائقاً بالتأكيد أمام إنجاز دياب حكومته، إلاّ إذا كانت حكومة مواجهة ينفي "حزب الله" أن تكون خياره.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي