Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محتجو النبطية صامدون في وجه اعتداءات "حزب الله" و"أمل"

استطاعت خيمة الاحتجاج في كفررمان أن تحيط نفسها بحماية بشرية وإصرار على حق التعبير "مهما كلف الأمر"

صنع نصب "صرخة وجع" في مدينة النبطية اللبنانية من ركام خيمة المحتجين المحروقة (اندبندنت عربية)

يعيد المحتجون في النبطية، بناء خيمتهم التي دمرها وأحرقها عناصر من حركة أمل، من تبرعات جمعوها من بعضهم، و"للتماهي مع حقنا في التعبير عن آرائنا وحريتنا، حوّلنا بقايا الخيمة السابقة إلى نصب وضعناه في باحة الاعتصام تحت عنوان صرخة وجع، للتعبير عن وجعنا مما تلقيناه من اعتداءات فقط لأننا نطالب بحقوقنا المسلوبة من سلطة فاسدة ناهبة، بما لا يتعارض لا مع جمهور حركة أمل ولا جمهور حزب الله. وما أعنيه أن مطالبنا يجب أن تكون مطالبهم، فالوضع الاقتصادي والفساد يصيبان الجميع في الصميم"، يقول الناشط باسم نحلة.

نفذ نحلة والفنان تمام غندور نصب "صرخة وجع" وضمّا إلى الأخشاب المحترقة، ما بقي من ركام الكراسي والمقاعد وصور من الحراك في النبطية، كانت جزءاً من معرض نفذ سابقاً.

السيطرة الحزبية

مرّ وقت طويل وساحات المدن والبلدات الجنوبية مقبوض عليها، إما من حركة أمل أو حزب الله، أو منهما متحالفين كانا أو متخاصمين، وما تقاسمهما النفوذ في بلديات الجنوب جمعاء منذ ثلاث سنوات، من عمر البلديات الأخيرة، إلا دليلاً آخر على إحكام قبضتيهما على مفاصل الحياة في مختلف مناطق الجنوب.

من هنا لم يستسغ الطرفان عملية الشراكة في التموضع في الطرقات والساحات من طرف ثالث يهتف ويشتم "في بداية الحراك" ويعبّر عن آرائه وينادي بحقوقه ومطالبه علناً، ويرقص ويغني و"يصفّق" من دون إذن مسبق. لذلك استشعر الطرفان سريعاً أن ثمة خطراً داهماً يجب معالجته قبل استفحاله، يقضي بإخراج هذا الدم الجديد من الساحات والطرقات، ومن هنا كان اللجوء إلى العنف مع المتظاهرين المعتصمين في ساحتي صور والنبطية ضرباً وشتماً في محاولة لإخراجهم من الشارع، بعد أقل من أسبوع من انطلاق الانتفاضة في لبنان.

عاملان اثنان أسهما في تمسك "ثوار النبطية" بحقهم في التعبير عن آرائهم والمطالبة بحقوقهم ورحيل سلطة الفساد. العامل الأول الإصرار عند المنتفضين، وجلهم من الشباب، المهمشين طوال سنوات، باعتبار أن وجودهم في الشارع حق مشروع من حقوقهم التي غيبت طويلاً، وأنّ هذا "التابو" يجب كسره حتى لو تعرضوا للضرب مرة واثنتين وثلاثاً.

أما العامل الثاني، فهو تمايز الجيش اللبناني من دون غيره من القوى الأمنية اللبنانية بحمايتهم والوقوف سداً منيعاً في وجه التطاول عليهم. من أجل ذلك، لجأ عناصر حركة أمل ومناصروها، إلى الاعتداء على أمكنة التجمع، وتحديداً في باحة السرايا الحكومية في النبطية، ليلاً، في وقت يغيب المحتجون. وبسبب تكسير خيم النبطية ليل الاثنين الماضي، ثم حرقها في الليلة التالية، أيقنت مجموعة "حراك النبطية" أن عناصر قوى الأمن الداخلي خذلتهم و"تعامت" عن تكسير الخيم ثم حرقها في باحة السرايا الحكومية، حيث عيون قوى الأمن الداخلي تبقى ساهرة على حراسة هذه السرايا ليلاً ونهاراً.

كفررمان

استطاعت خيمة الاحتجاج في كفررمان، عند المدخل الشمالي لمدينة النبطية، أن تحيط نفسها بحماية عددية بشرية وإصرار على حق التعبير والانتفاض "مهما كلف الأمر"، يقول يوسف سلامة. ويضيف "نحن منذ البداية تعالينا على الشتم وإحراق الإطارات وإقفال الطرقات، بل نتحرك ونتظاهر ونقيم المنتديات الاقتصادية والثقافية والفنية، بكل سلمية، وهذا حق مشروع لنا، لن نرضى أن نتخلى عنه أو أن ينتزعه أحد منا، مهما كان هذا الأحد أو تعالى شأنه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حاول محازبو "أمل" مهاجمة خيمة دوار كفررمان، فكان أول من وقف بوجههم، رئيس بلدية البلدة هيثم أبو زيد، وهو مرشح الحركة، معلناً تضامنه مع أبناء بلدته "المسالمين غير الشتامين"، ومن ثم تدخل الجيش اللبناني والقوى الأمنية. ومع ذلك، تلقى المهاجمون ضربة قاسية، إذ وقع في صفوفهم نحو 17 إصابة في مقابل جريحين من الطرف الآخر، جراء التراشق بالحجارة. ومرد ذلك أن نحو 150 محتجاً دافعوا عن خيمتهم هم من أبناء الفلاحين، وأبناء المقاومة الوطنية التي واجهت لسنوات طويلة الاحتلال الإسرائيلي لبلدتهم أو لتلالها بين 1982 و2000 وسقط منهم الشهداء والجرحى، "فلن يتهاونوا بالدفاع عن كرامتهم وحقوقهم"، يؤكد سلامة. أما سلاح المدافعين فكان مثل سلاح المهاجمين، العصي والحجارة.

هذا الإصرار عند المحتجين في النبطية، ودفاعهم عن حقهم المشروع في التظاهر والانتفاض والاعتصام، دفع بقيادتي حركة أمل وحزب الله، أخيراً، إلى التراجع عن استخدام القوة التي باتت تدينهما في بيئة اجتماعية تخرج كل نهار أحد في مسيرة حاشدة بين كفررمان والنبطية للمناداة بالمطالب الشعبية من طبقة الحكام وباجتراح سلطة عادلة. لذلك، أوعزت قيادة "الحركة"، ومن قبلها قيادة "الحزب"، إلى مناصريهما ومحازبيهما عدم الاحتكاك بالمعتصمين أو التعرض لهم.

ثمة إشارة إلى أن نشاط الحراك في كفررمان والنبطية، لا يقتصر على التظاهر والاعتصام، بل تواكبهما سلسلة من النشاطات الثقافية أو "التثقيفية" والفنية واستضافة عدد كبير من المحللين الاقتصاديين والسياسيين والفنانين على نحو مرسيل خليفة وأحمد قعبور وخالد الهبر وشربل روحانا وزياد الأحمدية، إلى المحللين الاقتصاديين كمال حمدان وحسن مقلد ومحمد زبيب وغيرهم.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي