Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تستسلم القوى السياسية العراقية لخيار الانتخابات المبكرة؟

تتخوف طهران من خسارة الكتل الداعمة والممررة لأجنداتها في بغداد

لا يزال المحتجون العراقيون يطالبون بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وبعد دعم مرجعية السيستاني في النجف، اليوم الجمعة، 20 ديسمبر (كانون الأول) مطلب تنظيم انتخابات مبكرة بعيداً من أجواء السلاح والتدخلات الخارجية، بات المشهد السياسي بالنسبة إلى القوى السياسية الموالية لطهران معقداً، ففي حين تعوّل تلك القوى المناوئة للحراك الاحتجاجي على المماطلة وكسب الوقت، جاء الرد سريعاً من النجف، داعماً لمطالب المحتجين.

خريطة طريق

ورسم المحتجون منذ انطلاق الموجة الثانية للتظاهرات في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خريطة طريق تبدأ باستقالة الحكومة، ومن ثم تشريع القوانين الانتخابية، وصولاً إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف أممي. إلاّ أنّ هذه المطالب جوبهت بحملات شديدة من الرفض من معظم القوى القريبة من السلطة.

واحد من أهم عوامل رفض الكتل السياسية للانتخابات المبكرة، الجو الشعبي العام المناهض لكل الطبقة السياسية الحالية الذي يعني التراجع الكبير للحاضنة الانتخابية لتلك الكتل.

كما تمارس طهران ضغطاً كبيراً على الكتل الموالية لها، بعدم الذهاب نحو خيار الانتخابات المبكرة، متخوفةً من خسارة الكتل الداعمة والممررة لأجنداتها في العراق، فضلاً عن احتمال مساءلة قادة ميليشيات يتهمها المحتجون بالمساهمة بقمع الاحتجاجات.

ومن أبرز العوامل الدافعة للرفض، أن تلك القوى السياسية وصلت إلى السلطة من خلال نظام المحاصصة الطائفية والحزبية الذي بدأ بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، والذي لم يعد يجد أي قواعد مؤيدة له في المجتمع العراقي، بحسب مراقبين.

حرب أهلية

كتب الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق" في العراق قيس الخزعلي، على "تويتر"، الشهر الماضي، أن "تصريح البيت الأبيض كشف عن حجم التدخل الأميركي في الشأن العراقي وهو دليل أن مشروع الانتخابات المبكرة، مشروع أميركي أساساً، يُراد إحياؤه على الرغم من أن المرجعية الدينية رفضته سابقاً عندما أكدت على الانتخابات الدورية".

وعلى الرغم من الالتفاف الشعبي الواسع حول مطالب المحتجين، وعدم توفر الأرضية الملائمة للحرب الأهلية، تستمر القوى الموالية لإيران بالحديث عن أن إجراء الانتخابات المبكرة في ظل استقالة الحكومة والوضع الأمني غير المستقر، قد يقود إلى "حرب أهلية".

وكان الخزعلي، قال في لقاء متلفز إن "إجراء انتخابات مبكرة في ظل استقالة الحكومة والوضع الأمني غير المستقر، مخاطرة كبيرة قد تدفع إلى حرب أهلية".

مماطلة وتسويف

تتضارب الرؤى البرلمانية حول جدية الكتل السياسية بحل البرلمان والشروع بإجراء انتخابات مبكرة، ففي حين يرى نواب أن غالبية الكتل متفقة حول هذا الموضوع، يؤكد آخرون أن كتلاً برلمانية عدّة لديها هواجس من إجرائها وتعمل على المماطلة والتسويف.

في المقابل، يقول النائب محمد الخالدي إن "التعجيل بحل البرلمان ليس في صالح العراقيين لعدم استكمال القوانين التي تؤدي إلى انتخابات مبكرة، وهي المرحلة الأخيرة".

ويضيف في حديث  لـ"اندبندنت عربية"، "غالبية الكتل السياسية تريد حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة إثر الضغط الجماهيري".

إلاّ أنّ لزميلته في مجلس النواب، وعضو تحالف "سائرون" إيناس المكصوصي رأياً آخر، إذ توضح أن "بعض الكتل السياسية لديها هواجس من إجراء الانتخابات المبكرة، هي تقول خلاف ذلك في العلن، لكن في الحقيقة ما يحدث من تأخير وتسويف ومماطلة تعتبر بالنسبة إلينا أدلة على أنها ترفض إجراءها".

وتشير إلى أن "رفض تمرير قانون الانتخابات من قبل بعض الكتل هو إحدى دلالات تلك المماطلة ورفض الانتخابات المبكرة"، موضحةً أنها "مطلب جماهيري".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قاعدة احتجاج "شيعية"

يبدو واضحاً أن الكتل السياسية وتحديداً الشيعية منها، تتخوف من احتمالية خسارة قواعدها الانتخابية، التي تمثل القاعدة الرئيسة للاحتجاجات الدائرة منذ أكثر من شهرين. ويرى ناشطون أن الكتل السياسية مستمرة بالمماطلة لأنها لا تمتلك ضمانات إعادة انتخابها مرة أخرى.

في هذا السياق، يقول الناشط حسين النجار، إنه "ليست في نية الكتل السياسية حل البرلمان"، مضيفاً أنّ "قوى الإسلام السياسي وتحديداً الشيعية منها، خسرت عدداً كبيراً من قواعدها التي تحتجّ عليها الآن".

ويشير إلى أن "محاولة إنتاج قانون انتخابات بقانون ذي دوائر متعددة، وحل كل مكاتب مفوضية الانتخابات واستبعادات شملت حتى مدراء الأقسام فيها، تأتي ضمن مساعي إطالة أمد الأزمة وتمديد عمر مجلس النواب".

ويوضح أن "الكتل السياسية تتخوف من إجراء انتخابات مبكرة، لأنها بداية الخلاص من الطبقة السياسية، وهذا المطلب هو الذي سيعجّل بتغييرالنظام السياسي في المستقبل القريب".

ارتباطات خارجية ومخاوف من المساءلة

ارتباط الكتل السياسية بدول خارجية والمخاوف من الخسارة، فضلاً عن احتمالات فتح ملفات الفساد، تمثّل الدوافع الرئيسة للكتل السياسية برفض الانتخابات المبكرة، فيما يرى خبراء أن القوى السياسية لن تنتظر إلى نهاية عمر البرلمان لإجراء الانتخابات، لكنها تنتظر انتهاء الأزمة الحالية.

في السياق، يرى المحلل السياسي قحطان الخفاجي، أن "معظم القوى السياسية غير جادة في حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، لأنها هي التي أسست هذه العملية السياسية وتبني عليها مصالحها".

ويوضح لـ"اندبندنت عربية"، أن "حجم الفساد الكبير الذي يُتهم فيه عدد كبير من القيادات السياسية يحذرها من احتماليات المساءلة في ما لو حُلَّ البرلمان".

ويلفت إلى أن "بقاء العملية السياسية الحالية مرتبط بإرادة خارجية داعمة لقوى سياسية فوق إرادة الشعب العراقي، ولن تسعى هذه القوى السياسية إلى التغيير ذاتياً".

ويضيف الخفاجي أن "احتمالات خسارة الانتخابات هي السبب الرئيس التي تجعل تلك القوى السياسية متخوفة من إجراء انتخابات مبكرة"، مرجحاً أن "تكون الخسائر مضاعفة لتلك القوى، إذ قد تؤدي إلى فتح ملفات فساد".

شرعية انتخابية

من جهة ثانية، يرى المحلل السياسي جاسم الموسوي أن "مجلس النواب يعتقد أن شرعية وجوده مرتبطة بآليات انتخابية ومن وجهة نظر الكتل لا يمكن الذهاب بخيار انتخابات مبكرة، لكنها لن تكون متأخرة أيضاً"، موضحاً أن "تلك الكتل لن تنتظر إلى نهاية أمد البرلمان لإجراء الانتخابات، وقد تجريها في حالة انتهاء الأزمة الحالية لوجود الشارع العراقي كعامل ضاغط".

ويشرح أن "الكتل السياسية متخوفة من التعجّل بإجراء الانتخابات، التي قد يؤدي عدم الرضا عن نتائجها إلى رفع السلاح"، مشيراً إلى أن "إجراءها في ظل الخصومات السياسية وعدم وجود استقرار، لن تجد ضمانة لقبول نتائجها".

ويلفت إلى أن "شفافية الانتخابات ستكشف عن حجم الجمهور الحقيقي للكتل السياسية، ومساحة الفوضى في التزوير"، مبيناً أن "الأحزاب الحالية لم تبنَ على أساس الفكر السياسي، وتشكلت على أساس تكتلات بشرية وليس تجمعاً فكرياً، ودليل ذلك أنها تتشظى".

المزيد من العالم العربي