Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هجرة الشباب الفلسطيني... رحلة من المجهول إلى المجهول

نسبة الفقر بين عمر 19 و29 سنة بلغت 30 في المئة بواقع 57 في المئة في قطاع غزة و13 في المئة في الضفة

جانب من الأنشطة التي ينظمها الشباب كنوع للترفيه عن أنفسهم (اندبندنت عربية)

"وصلتُ إلى المطار ضمن تبادل دراسي لمدة قصيرة، وحين اقترب موعد العودة، مزقتُ جواز السفر الخاص بي، وذهبت إلى أحد مراكز اللجوء، وقدمتُ طلباً، فلا شيء يدفعني إلى العودة في فلسطين".

بصوت متهدج، يروي أحمد (اسم مستعار)، ما حصل معه في إحدى الدول الأوروبية، موضحاً أنه ينتظر الحصول على إقامة أو رفض البقاء.

 ومن الأسباب التي دفعته إلى الخروج من فلسطين، النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي بشكل أساسي في بلده، فهو منذ سنوات لم يجد عملاً.

أحمد ليس أول المهاجرين ولن يكون آخرهم، إذ يرى البعض أن عوامل كثيرة تلعب دوراً في تشجيع الهجرة، تتركز غالبيتها في الأوضاع الاقتصادية المتردية وغياب فرص العمل، حتى إن جزءاً من الشباب يعتبر أن هذه الفرص ولو توفرت، فإن توزيعها غير متكافئ، بسبب المحسوبية والواسطة المنتشرة في عددٍ كبيرٍ من المؤسسات، ما يولد شعوراً لدى الخريجين أن سنوات الدراسة ذهبت هباءً.

البطالة والفقر يتفشيان

تشكل الفئة الشابة في فلسطين 23 في المئة من السكان، أي ما يقارب مليون و130 ألفاً خلال عام 2017، ونظراً إلى آخر الأرقام الصادرة عن جهاز الإحصاء المركزي في ما يتعلق بأوضاع الشباب، فإن نسبة الفقر من عمر 19 سنة وحتى 29، بلغت 30 في المئة، بواقع 57 في المئة في قطاع غزة، و13 في المئة من الشباب في الضفة الغربية، لأسباب أهمها ارتفاع البطالة، إذ وصلت العام الماضي إلى 45 في المئة، وكانت غالبيتها بين الإناث، والحصة الأكبر من البطالة كانت في قطاع غزة.

عدد آخر من الشبان والشابات، يوضح أن الضغوط الاجتماعية الممارسة من قبل المجتمع في ما يتعلق بمستوى الحريات الشخصية والفكرية والعادات والتقاليد وعوامل الإحباط والتدخل في كل صغيرة وكبيرة في الحياة الخاصة، تشكّل سبباً آخر للخروج من فلسطين، عدا عن انخفاض الحريات السياسية، والانقسام بين حركتي فتح وحماس الذي انعكس على حياة المواطنين في الضفة والقطاع، والتضييقات التي تمارسها إسرائيل على الحركة والحرية، والتوسع الاقتصادي بحسب البعض.

الهجرة المؤقتة

يتجه كثيرون من الشباب إلى الهجرة المؤقتة، أي السفر لبضع سنوات بهدف الدراسة أو العمل، والعودة إلى فلسطين لاحقاً، بسبب انخفاض جودة التعليم ومحدودية التخصصات، وعدم مواكبتها للتطور على أصعدة عدّة، وغياب المواءمة بين سوق العمل والخريجين، كما قال بعض من يدرسون في جامعات خارج فلسطين، وجزء منهم أوضح أنه يحاول البحث عن أي فرصة للعمل أو ربما الزواج للحصول على الجنسية والبقاء في تلك الدول.

الهجرة من قطاع غزة

الأوضاع المعيشية في قطاع غزة متردية أكثر من الضفة، ويرغب الشباب هناك في الهجرة المؤقتة أو الدائمة بشكل أكبر، بسبب الحصار المفروض عليهم ومحدودية الحركة من وإلى القطاع، إذ أظهر استطلاع للرأي صدر عن جامعة الأقصى قبل عامين أن من بين الأسباب التي تدفع الشباب إلى الهجرة، الوضع الاقتصادي والسياسي، وبحسب مسح الشباب الفلسطيني عام ،2015 فإن 37 في المئة من الشباب في غزة يودون الهجرة، ويرجح كثيرون أن هذه النسبة ازدادت مع تدهور الحياة هناك.

"رحلة الموت"

أطلق البعض اسم "رحلة الموت" على ما قام به ويقوم به جزء من الراغبين في الهجرة، حين يغادرون على متن قوارب إلى أوروبا. فمع بداية هذا العام، أنقذ خفر السواحل التركي 13 فلسطينياً كانوا يهاجرون بشكل غير شرعي من تركيا إلى اليونان، عدا عن وفاة شاب من غزة، كان ينتظر دوره للهجرة مع آخرين، إلاّ أنّ الشرطة التركية لاحقتهم، فسقط من أحد المباني وفارق الحياة.

جهود للتخفيف من الهجرة

على الرغم من كل ما سبق، ثمة جهود تُبذل من جانب المؤسسات الرسمية والخاصة الفلسطينية لاحتواء الشباب وتمكينهم اقتصادياً واجتماعياً، والحد من الهجرة إلى الخارج، لتجنب خسارة فلسطين للعقول والطاقات الشابة.

 ويقول الأمين العام للمجلس الأعلى للشباب والرياضة عصام القدومي إن المجلس يحاول توفير فرص مؤقتة للعمل في إطار المؤسسات الخاصة بهم، إضافة إلى منحهم قروضاً حسنة، أي من دون فوائد، بهدف فتح مشاريعهم الخاصة، ومن ثم مواكبتهم لتطويرها لتكون مصدر دخل لهم، ومساعدتهم على المشاركة في مسابقات تجري محلياً وعالمياً، من أبرزها Hult Prize التي تُنظّم سنوياً في بريطانيا، عدا عن إقامة مخيمات تخصصية وورشات عمل للشباب والطلائع لنقاش القضايا الخاصة بهم كالتطوع والانتماء، والاستماع إلى وجهات نظرهم في ما يتعلق بالمشاركة المجتمعية والسياسية، وتعزيز برامج التبادل الثقافي مع الدول الأخرى.

وعلى صعيد الحكومة الفلسطينية التي شُكلت خلال هذا العام، استحدثت وزارة للريادة والتمكين للاهتمام بقضايا الشباب ودعمهم بشكل أساسي. وأوضح الوزير أسامة السعداوي أن الحكومة ستعمل على توفير بيئة ملائمة للمشاريع بأشكالها كافة، وأخرى استثمارية جاذبة لرأس المال، وستؤمن الدعم الفني لأصحاب الأفكار.

"لا نرغب في الهجرة"

على الرغم من أن هناك من يريد الهجرة، إلاّ أنّ بعض الشباب لا يحبذ مغادرة فلسطين، كتعبير عن الانتماء الوطني أو حتى المجتمعي، فبالنسبة إليهم، لن تكون ظروفهم أفضل في الخارج، مع وجود فئة أخرى تفضل الخروج للسياحة أو لحضور تدريب معين على سبيل المثال، على أن تعود لتنقل الخبرة المستفادة وتوظّفها في القطاعات المختلفة.

محاولات للتنفس

يحاول الشباب الفلسطيني باستمرار التخلص من الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي يتعرضون لها في حياتهم اليومية نتيجة السياسة الداخلية أو الإسرائيلية، عبر تنظيم أنشطة مختلفة في عطلاتهم الأسبوعية أو السنوية، كالسفر لمدة قصيرة، أو التجول في فلسطين، وزيارة الأماكن الأثرية أو ذات التنوع الحيوي والبيئي، أو حتى تنظيم رحلات الشواء والسباحة أو زيارة المقاهي والمراكز التجارية. 

المزيد من العالم العربي