Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الزواج بنية الطلاق... خداع للمرأة أم حفظ للرجل؟

داعية سعودي اعتبر "فتنة الحسناوات" ذريعة كافية للإقدام عليه، وناشطون: هذا ما يحدث عندما يصبح الفقه ذكوريا.

أثارت فتوى رجل دين سعودي يبيح فيها الزواج بنيّة الطلاق ردود فعل واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي التي انقسمت ما بين مؤيد ومعارض لهذا الطرح الذي تنبذه بعض الأوساط الاجتماعية، ويعدّه ناشطون ذريعة للتحايل على المرأة وخداعها لفترة معينة من الزمن، ثم التخلص منها عند تحقق النية المضمرة، وإشباع الرغبات العاطفية دون اكتراث بموقف الزوجة ومشاعرها. 

مبررات

وظهر إمام وخطيب مسجد قباء في المدينة المنورة صالح المغامسي في حديث تلفزيوني، يجيز من خلاله الزواج بنية الطلاق للمسافر بغرض العمل أو التجارة أو العلاج، قائلا: "من خاف على نفسة الفتنة عند رؤية الحسناوات في الأسواق والمطاعم والفنادق فله أن يتزوج بنية الطلاق حتى مع عدم إخبارها"، واصفا هذا النكاح بأنه "أقرب إلى مقاصد الشرع"، كونه يحقق عفاف الرجل مدة سفره.

وذكر المغامسي بأن هذا الرأي يتطابق مع قول الجمهور من العلماء، مستشهدا بمفتي السعودية الراحل الشيخ عبدالعزيز بن باز الذي يأخذ بإباحة النكاح بنية الطلاق، "إذا تزوج في بلاد غربة ونيته أنه متى انتهى من دراسته أو من كونه موظفًا وما أشبه ذلك أن يطلق، فلا بأس بهذا عند جمهور العلماء، وهذه النية تكون بينه وبين الله سبحانه، وليست شرطًا."

وإثر ذلك فقد اعتادت اللجنة الدائمة للإفتاء التي تعد أعلى هيئة شرعية بالسعودية إقرار هذا الطرح، قبل أن تبطله لاحقا بسبب استدراك حدوث تأقيت النكاح الذي يعد محرما، ويناقض ديمومة الزواج الذي يُرجى له البقاء والاستمرارية، وهو ما يأخذ به أحد أبرز الفقهاء السعوديين محمد بن عثيمين الذي يحظر ذلك لما فيه من غش وخداع للمرأة وأوليائها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ردود


واستفز إحياء دوامة الجدل الفقهي، والميل نحو اتجاه معين في المسألة، ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي، ما دعا قناة mbc  التي يُبث فيها برنامج "الأبواب المتفرقة" ويحلّ فيه الباحث الديني السعودي طرفا أسبوعيا، إلى المسارعة بحذف مقطع الفيديو من على صفحاتها بعد تداوله على نطاق واسع، في تصرف قد يصفه البعض بأنه يعبّر عن موقف القناة الرافض لغمط حقوق المرأة.
 

وضوح

وأثار مواطنه الكاتب تركي الحمد العلاقة بين هذا النوع من الزواج ونكاح المتعة، مبررا تفضيله للأخير لما يعتريه من الوضوح والصراحة بين الطرفين في مثل هذه الحالات، مستدلا بالفقه الجعفري الذي يعد من المذاهب الإسلامية التي اعترف بها الأزهر في الخمسينيات، وأبدى الحمد كراهيته للزواج بنية الطلاق لشبهة الخداع والمكر، وعدم اتساقه مع روح الأخلاق في الدين الإسلامي.

غش

من جانبه، استنكر الكاتب صغير العنزي هذا الطرح لتركيزه على مصلحة الرجل، وإهمال المرأة، وعدم اعتبار إنسانيتها، حسب تعبيره. متسائلا هل فات المغامسي الحديث النبوي "من غشنا فليس منا"، أم أنه لا يرى المرأة إنسانة يؤلمها الغش والخداع؟
 


وانتقدت عضو مجلس الشورى إقبال درندري الواقع الفقهي، لافتة النظر إلى أن ارتباط الفتوى بمصلحة الرجل فقط، يؤدي إلى تركيز الاهتمام على متعته كزوج، وإغفال حقوق المراة التي يضرب بها عرض الحائط وكأنها ليست كائنا ذا احساس واحتياجات، عندئذ يصبح الفقه فقه رجل، على حد وصفها.



فيما تفاعل الكاتب الإماراتي عبدالله النعيمي بقوله: "والله لو أجمع كل الفقهاء على هذا الرأي، لما اتبعته، وذلك ليقيني التام بأن الله سبحانه لا يرضى أن نخدع امرأة بريئة كل ذنبها أنها بادلتنا الحب والثقة، وسأنام مرتاح البال والضمير لأني تمسكت بمبدأ الوفاء والصدق!!"
 

انحياز

وفي سياق الانحياز الفقهي لمصالح الرجل، دون النظر في الاحتياجات النفسية للمرأة، انتهجت الدكتورة صالحة آل شويل منحى تنويريا من خلال تجديد الدعوة إلى تعيين فقيهات وقاضيات في السلك القضائي، مستنكرة بشدة اجتهادات بعض الفقهاء والقضاة التي تحوي تحيزا كبيرا، ما وصفته بالتجني على حقوق المرأة وكرامتها بالإسلام.

وشهدت البلاد أخيرا قرارات عديدة لتعزيز الحضور النسائي في المرافق العدلية، باستحداث مجالات ومسميات وظيفية، مثل باحثة اجتماعية، وباحثة شرعية، وباحثة قانونية، ومساعدة إدارية، بالإضافة إلى تذليل العقبات أمام المحاميات للترافع بحرية ومساواة، والإمساك بزمام التحقيق في النيابة العامة، في إطار القوانين والتشريعات الجديدة، بيد أن كرسي القضاء مازال منيعا أمام النسوة اللواتي يضعنه نصب أعينهن، تلك الرغبة التي عبّر عنها عضو مجلس الشورى الدكتور فيصل آل فاضل بمطالبته في وقت سابق بتعيين قاضيات من الكفاءات الشرعية والقانونية.

اقرأ المزيد

المزيد من