Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المأزق اللبناني يتعمق بنقص الأصوات المسيحية لتكليف زعيم "المستقبل"

 القوات اللبنانية: نخشى حلفا رباعيا وموقفنا لتقوية موقع الحريري

دخل المأزق اللبناني نفقا صعبا بعد التأجيل الثاني للاستشارات النيابية (غيتي)

ينتقل المأزق اللبناني من فصل إلى آخر، وأكثر التعبيرات عنه، الفشل في تأليف حكومة جديدة منذ استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وعجز القوى السياسية عن اختيار رئيسها.

دخل المأزق اليوم الاثنين نفقا صعبا بعد التأجيل الثاني للاستشارات النيابية الملزمة وفق الدستور، التي كان يفترض أن يجريها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، نتيجة عدم وجود توافق على عودة الحريري لترؤس الحكومة المقبلة وصيغتها، بين الفرقاء الرئيسين.

وأخذ الخلاف أبعاداً متعددة طائفيا وسياسيا، لا سيما بين الحريري و"تيار المستقبل" وبين الرئيس عون، وبين الحريري وحزب "القوات اللبنانية". كما أنه يدل على أن كل الفرقاء باتوا محشورين أمام حركة الشارع المنتفض ورفض عودة الوجوه القديمة.

ويتأزم المشهد السياسي قبيل وصول مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية دايفيد هيل إلى بيروت، للقاء معظم المسؤولين وإبلاغهم رسالة واشنطن إليهم، والتي تدعو إلى أخذ مطالب الحراك الشعبي بجدية.

وطلب الحريري تأجيل الاستشارات لأسبوع، لكن الرئيس عون استجاب أن يكون حتى الخميس المقبل، تجنبا لتكليف ناقص قد يحصل عليه زعيم "تيار المستقبل"، بعد أن قررت كتلة "الجمهورية القوية"، التي تضم نواب حزب "القوات" وحلفائه (15 نائبا) ، بعد منتصف ليل الأحد - الاثنين، الامتناع عن تسمية أي شخصية لتولي مهمة تأليف الحكومة، ما أدى إلى خفض عدد الأصوات التي كان سيحصل عليها الحريري إلى 55 - 56  صوتا، أي أقل من نصف عدد أعضاء البرلمان الذي هو 128 نائبا (مع أن الاستشارات لا تشترط حصول الرئيس المكلف على أكثرية النصف زائد واحد).

وبرّر الحريري طلبه التأجيل، بأن "كتلة التيار الوطني الحر كانت بصدد إيداع أصواتها رئيس الجمهورية ليتصرف بها كما يشاء"، معتبراً أنه خرق دستوري.

السجال والاجتماع السلبي

في المقابل، استند الحريري في رفضه تجيير كتلة نواب "التيار الحر" أصواتها إلى الرئيس عون ليسمي من يراه، إلى المادة 53 من الدستور التي تخضع للاجتهادات بين الحين والآخر، لا سيما عند حصول خلافات حول من سيتولى رئاسة الحكومة، إذ يعتبر فريق الحريري أن عبارة "الملزمة" في الدستور تعني إلزام النواب بإبداء رأيهم بإعطاء رئيس الجمهورية اسم الشخص الذي يفترض أن يتبوأ المنصب، وأنه لا يجوز تجيير هذه الصلاحية إلى رئيس الجمهورية كما حصل عام 1998، عندما جيّر نواب أصواتهم للرئيس إميل لحود آنذاك، في مواجهة الأصوات (الأكثرية) التي حصل عليها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكن الحريري الأب رفضها معتبراً ما حصل مخالفة دستورية.

والسجال الذي أطلقه بيان الحريري مع الرئاسة الأولى، سرعان ما قوبل ببيان من المكتب الإعلامي للرئيس عون، اتخذ منحى تصعيديا.

وكان مصدر سياسي مواكب للاتصالات الحكومية أوضح لـ "اندبندت عربية" قبل يومين، أن بعض المحيطين بالرئيس عون سعوا إلى إقناعه باعتماد سيناريو تجيير نواب كتلة "التيار الحر" أصواتهم له ليتصرف بها وتسمية الرئيس المكلف. وقال المصدر إن المعلومات عن توجه كهذا تسربت إلى كتل نيابية تؤيد تسمية الحريري.

ومع نفي عون اتهام الحريري له بهذه النية، فإن حدة السجال بين الجانبين عكست التراجع في العلاقة بين الرجلين، خصوصا بعدما تسرب عن أن الاجتماع البعيد من الأضواء الذي عقده الحريري مع عون ليل السبت الماضي، لإقناعه بأن يصوت نواب "التيار الحر" لمصلحة تكليفه، كان سلبيا.

"المستقلون" بين الحريري و"القوات اللبنانية"

تضمّن بيان المكتب الإعلامي للحريري أيضا، انتقاداً لحزب "القوات"، مشيراً إلى أن امتناعها عن التسمية كان سيوصم تكليف الحريري بضعف المشاركة المسيحية في تسميته.

وكان مصدر وزاري أبلغ "اندبندنت عربية" أن تكليف الحريري بأكثرية منخفضة لا تضم أيا من الكتلتين المسيحيتين الأبرز، ما يعني أن تغطيته المسيحية ستكون ضعيفة لأن الجهات المسيحية التي ستصوت له كانت ستقتصر على كتلة نواب المردة (4 نواب) وحزب "الطاشناق" الأرمني (4 نواب) و 4 إلى 5 نواب مسيحيين مستقلين أو ينتمون إلى كتل أخرى.

 وفي سياق متصل، زاد بيان "المستقبل" التباعد بينه وبين "القوات"، فتحدث عن "الريبة" من امتناعها عن تسمية أي شخصية، ملمحا إلى محاولات "محاصرة موقع رئاسة الحكومة". وبلغ الأمر حد اتهام "القوات"، الحليف القديم بالتقاطع مع "التيار الحر" من أجل "حكومة لا يكون سعد الحريري رئيسا لها".

"القوات" بين "الحلف الرباعي" و"التيار الحر"

وفي وقت زاد ما حصل من تعقيدات الصورة السياسية المتعلقة بتأليف الحكومة سريعا وفق إلحاح المجتمع الدولي، كشرط أساسي لمساعدة لبنان على تجنب الانهيار الاقتصادي، كان الحريري يأمل بأن ينحاز حزب "القوات" إلى تسميته، بعد أن أوفد إلى رئيسها سمير جعجع يوم الجمعة الماضي لهذا الغرض، لكن الأمور أخذت منحى آخر لأسباب عدة.

وبينما قالت مصادر سياسية إن "القوات" ارتابت من أن هناك اتجاها لدى حزب الله لأن يسمي الحريري بدوره خلافا للمعلومات الشائعة عن أنه لن يسميه حتى لا يزيد التباعد بينه وبين "التيار الحر"، قال أحد أعضاء تكتل نواب "القوات" لـ "اندبندت عربية" إنه لم يكن هذا السبب الفعلي للامتناع عن تسمية الحريري، لأن المعلومات كانت تفيد بأن الحزب سيمتنع عن التسمية.

وأضاف "أخذنا في حسابنا أولا موقف الشارع الرافض لعودة أي من قادة المرحلة السابقة. وثانيا كان لدينا سؤال أساسي هو إذا سمينا الحريري فنحن لا نعرف المدى الذي ستذهب إليه مفاوضات التأليف حيث سيُفتح البازار الذي سيلعب فيه حزب الله الدور الأبرز باعتباره الأقوى، فتحصل مماطلة مع الحريري وتأخير لعملية التأليف ليضطر إلى أن يقول هذا أكثر ما استطعت إنجازه، بحيث يقبل بأن يكون الاختصاصيون الذين سيوزّرون من المقربين من الأحزاب، في وقت نحن نصر على أن يكونوا مستقلين، وإلا نعود إلى صيغة الحكومة السياسية التي يسمي قادة الأحزاب وزراءها ".

ويشرح النائب القواتي موقف الامتناع عن تسمية الحريري بالقول "إن تسميتنا للحريري باعتباره متمسكا بصيغة الاختصاصيين، لا تعني أن التأليف سيكون مضمونا وفق المقاييس التي نطرحها. وعندها ستقع كلفة قيام حكومة فيها اختصاصيون سياسيون على القوات باعتبار أنها ستكون نتاج تحالف رباعي جديد كالذي حصل عام 2005 بين حزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي والمستقبل، والذي تعاونت معه القوات في انتخابات ذلك العام واتهمت بأنها غطت تحالفا إسلاميا، فيما رئيس (التيار الوطني الحر)، الوزير جبران باسيل، هو الذي سيكون من سيتعاون مع هذا الحلف عن طريق الوزراء، الذين سيحصل عليهم باسم حصة رئيس الجمهورية حتى لو كانوا من الاختصاصيين. أي أن القوات يكون سمى الحريري كنتاج للتحالف الرباعي المتجدد في تركيبة الحكومة الآتية، بينما التيار، سيكون المتعاون الفعلي مع هذا الحلف كونه حيّد نفسه عنه بإعلانه أنه لن يشارك في حكومة برئاسة الحريري".

"تقوية" موقع الحريري

من جهة ثانية، يعتبر النائب نفسه أن "التيار الحر" يكون حمّل مسؤولية تسمية الحريري للقوات على الصعيد الشعبي، وبرأ نفسه من ذلك. ويقول "إننا لا نشك بنوايا الحريري لكنه على تفاوض مستمر مع حزب الله في وقت لم يحصل تفاوض معنا إلا خلال اللقاء الذي جرى مع الدكتور غطاس خوري، وبالتالي نشك بإمكان الحصول على النتيجة التي نطمح إليها بعد تسميتنا له، أي حكومة الاختصاصيين الحياديين والمستقلين عن الأحزاب".

وفي رأي النائب أن "الانتقادات التي وجهها إلينا بيان (المستقبل) ناجمة عن ردة فعل عاطفية وانفعالية، لكن التعمق بموقفنا يدل على أننا لم ننسق مع التيار الحر في هذا الشأن وفق ما جاء في بيان المستقبل. فنحن نريد الحريري وهو أقرب إلينا من التيار الحر والأفرقاء الآخرين، لكننا اعتمدنا الموقف الذي ما زلنا نكرره منذ 2 سبتمبر (أيلول) الماضي فيما يخص حكومة الاختصاصيين المستقلين، وجعجع قال إن عبارة المستقلين أهم بالنسبة إلينا من الاختصاصيين. ونحن بهذا الموقف حمينا الحريري لأننا نريده متحررا من الشروط التي يسعون إلى فرضها عليه".

ويختم بالقول "موقفنا يجب أن يكون وسيلة لتقوية موقع الحريري لأننا نحرص على ألا يلتزم التكليف، ومن ثم يفشل في التأليف".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي