Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرئيس الجزائري يحاور "النواة الصلبة" في الحراك

العلاقة ما بين عبد المجيد تبون وقيادة أركان الجيش لا تزال غير واضحة

تلاقي دعوة الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون، إلى حوار وصفه بـ"الجاد والشامل" مع الحراك الشعبي في الجزائر، قبولاً إلى حد كبير مقروناً بـ"شروط تهدئة" تتصل أساساً بالإفراج عن معتقلي المسيرات الشعبية، بيد أن أولى المعطيات تشير إلى استعادة مفترضة من الحراك "الأخطاء" السابقة ذاتها، برفضه أن يكون ممثلاً من أي طرف كان.

في المقابل، تفاعل نشطاء في الحراك مع دعوة الرئيس إلى حوار "جاد وشامل"، قد يسبق مشروع تعديل الدستور، وبما أن تبون اختار طريق الاستفتاء الشعبي قبل إقرار دستور جديد للبلاد، فإن ذلك سيشكل عامل جذب للنشطاء، إذ يقر الدستور الساري المفعول، بأن الاستفتاء الشعبي لا يكون إلاّ إذا مست التعديلات "التوازنات الكبرى للسلطات"، أي احتمال أن يستجيب ذلك لمطالب الطرف "المتشدد" في المسيرات الشعبية.                                    

"إطلاق سراح السجناء"

برزت نقاشات واسعة توافق في الغالب على الدعوة، لكنها تقرن ذلك "بشروط مسبقة" أشبه بالشروط التي استبقت تأسيس هيئة الحوار والوساطة الصيف الماضي، لكنها قوبلت في تلك الفترة بـ"فيتو" من المؤسسة العسكرية. ويشترط ناشطون "إطلاق مساجين الرأي والإفراج عن المجاهد لخضر بورقعة وتحرير الإعلام".

في سياق متصل، يقول المحلل السياسي عبد النور بوخمخم "يعلم تبون أنه ما كان ليظهر وجهه مرة أخرى علناً لو لم يحرّره بشجاعة شباب 22 فبراير (شباط) كما حرروا كل خدم السعيد بوتفليقة السابقين، وعليه، إذا أراد فعلاً أن يصدق الجزائريون ما يدّعيه أنه ليس من عصابة الرابعة والخامسة، وأنه كان صالحاً مصلحاً يكتم إيمانه، وتصدق وعوده بالتغيير ، فالأمر ليس معقداً ولا يحتاج إلى جهد كبير".

ويذكر بوخمخم ثلاث نقاط هي "وقف القمع الهمجي الذي بدأ يُمارَس ضد المتظاهرين ووقف التضييق على المظاهرات في المدن وإطلاق سراح سجناء الحراك الشعبي من الشباب والنشطاء والمناضلين ورفع القيود غير المسبوقة على الإعلام والإعلاميين ومنع تحويلهما إلى مجرد بوق يتنفس كذباً وتضليلاً، وبعدها يمكن الحديث عن صدق نيته من عدمها في فتح حوار جدي يمهد لتغيير جدي".

ولا يبتعد الإعلامي محمد علال كثيراً عن رأي بوخمخم، موضحاً "سأصدق تبون عندما يأمر بإطلاق سراح معتقلي الحراك قبل تعديل الدستور، مع رد الاعتبار الى المجاهد لخضر بورقعة قبل أن يقضي أول ليلة له على مخدة قصر المرادية ورفع الحصار عن الإعلام والسماح بنقل فيديوهات الحراك في التلفزيون الحكومي والقنوات الخاصة".

ويشير المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر ادريس عطية، إلى أن المتوقع "من تبون بخصوص الحراك الشعبي هو تطعيم الدستور المقبل بمقترحات عنه، الحراك الشعبي يحمل أفكاراً تنويرية غير مسبوقة، ومن يتجاهلها لن يضر إلاّ نفسه".

ظروف جديدة

العلاقة ما بين عبد المجيد تبون وقيادة أركان الجيش لا تزال غير واضحة، وإن كان رئيس الجمهورية بحكم دستور الدولة هو وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة، فإن هذا لا يعني بالضرورة المضي في خيارات كبرى من دون المرور على رأي هذه المؤسسة، وعليه يفترض مراقبون كثر أن دعوة تبون تمت باستشارة قيادة الأركان، التي على الأرجح تعتقد بتغير الظروف ما بعد الانتهاء من أكبر ورشة سياسية ودستورية وهي الرئاسيات في حد ذاتها.

يقول الدكتور عطية لـ"اندبندت عربية"، إن "مقومات الحوار قائمة بغض النظر عن ميزان القوة، ففوز تبون لا غبار عليه في صناديق الاقتراع وفي المقابل الحراك الشعبي عنصر مهم في المكون السياسي، ولا يجب نفيه أو عدم الإقرار به".

 ويضيف "الردود الأولى من نشطاء الحراك ولو أنها مقرونة بشروط تكشف عن مقاربة سياسية جديدة تتماشى والمشهد الجديد، بل إقرار من الجميع بوضع مصلحة الجزائر قبل كل شيء".

"تآكل وسط الحراك؟"  

بمجرد إطلاق الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون، دعوة الحوار إلى نشطاء الحراك، تعددت النقاشات حول إمكانية التمثيل من عدمه، لكن اللافت بروز سجالات بين "حراكيين" أنفسهم إثر انقسامات في الرأي بخصوص الشعارات التي انتهجها الحراك في الأشهر الأخيرة.

وتعرض الناشط إسلام بن عطية لانتقادات واسعة بعدما استهجن بدوره شعارات المسيرات في الأشهر الأخيرة، وقصد تلك التي وُجّهت ضد المؤسسة العسكرية ورئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح على وجه التحديد.

وخاطب المحلل السياسي عيسى منصر، وهو أحد المشاركين الدائمين في الحراك، إسلام بن عطية قائلا "أنا لا أُخوّنك و لا أتهمك و لكنني أريد مناقشة تصريحاتك الأخيرة، لماذا لم تتطرق إلى موضوع الشعارات التي انتقدتها في حينها وأنت الحراكي المعروف".

 وأضاف "لماذا لم تطلب في حينها من الحراك الكف عن مثل هذه الشعارات، فلربما اقتنع كثيرون بكلامك وكفوا عن ترديدها، ولكن أن تنتظر كل هذا الوقت لتتطرق إلى الموضوع، فهذا يمكن أن يطرح تساؤلات ويزرع الشك في نفوس كثيرين".

في المقابل، يفيد الباحث القانوني و المحلل السياسي خميس معامرة لـ"اندبندت عربية" عن حالة النقاش بين نشطاء في الحراك الشعبي بأن "الأمر يعكس طبيعة الحراك من الداخل، فهو مشكل من نواة بعضها صلب يرفض النقاش وبعضها منفتح على نتيجة الرئاسيات والرهان اليوم على عدم إقصاء أي طرف".                             

أحزاب قاطعت ترحب بالحوار

ردود الفعل حول دعوة تبون إلى الحوار على المستوى الحزبي، كانت إيجابية في الغالب، فقد شملت مختلف الأحزاب سواء المعارضة أو الموالية، وحتى تلك التي لم تكن معنية بالانتخابات الرئاسية والفاعلين في الحراك الشعبي.

وبعد التجاوب الذي أبداه كل من رئيس "جبهة العدالة والتنمية" عبد الله جاب الله ومن ثم "جبهة القوى الإشتراكية"، امتدت ردود الفعل وتواصلت من خلال حزب "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، لتصل إلى "حركة مجتمع السلم" الطرف المتشدد في التيار الإسلامي ضد الرئاسيات الماضية.

 وقالت الحركة اليوم الاثنين إن "خطاب الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون بعد إعلان النتائج كان خطاباً جامعاً، يساعد في التخفيف من التوتر ويفتح آفاق الحوار والتوافق".

المزيد من العالم العربي