Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مؤتمر وارسو" يعيد توصيف صراع الشرق الأوسط ويثير خلافات الحلفاء

واشنطن تهاجم أوروبا وتل أبيب تريد التقارب مع العرب وطهران تتوعد

نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس مخاطباً مؤتمر وارسو (أ ب)

مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب المفاجئ أواخر العام الماضي عن نيته سحب قوات بلاده من سوريا،، ذهب العديد من المراقبين إلى أن الخطوة لها علاقة بإيران، وجاءت عدة تصريحات وإجراءات أميركية لتصب في مجرى هذا التحليل، حيث زار الرئيس الأميركي قوات بلاده في العراق بشكل مفاجئ أواخر ديسمبر (كانون أول) الماضي، وصرح بعدها بأن قوات بلاده في العراق ستعمل على مراقبة الأنشطة الإيرانية، وهو ما أثار عاصفة من الانتقادات لدى العراقيين والإيرانيين على حد سواء.

ومع ارتفاع وتيرة الحرب الكلامية بين إيران والولايات المتحدة-على خلفية إعلان الرئيس ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران-جاءت الدعوة إلى "مؤتمر وارسو"، الذي ينعقد للبحث في أمن منطقة الشرق الأوسط. وتشير التصريحات إلى أن الهدف من وراء عقد المؤتمر هو الضغط على إيران لتغيير سياساتها، بعد أن قال نائب الرئيس الأميركي الذي شارك في المؤتمر يوم الخميس 14 فبراير (شباط) إن ممثلي الدول المشاركة يتفقون على أن إيران تمثل "أكبر تهديد" في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي عكسته تصريحات وزير الخارجية مايك بومبيو الذي قال إن "إيجاد حل للتحديات في الشرق الأوسط غير ممكن دون التصدي لإيران".

ومع حرص الإدارة الأميركية على انتهاج سياسة حازمة إزاء ما تراه "سلوكاً ضاراً" لإيران، يحاول حلفاؤها الأوروبيون عدم مسايرة واشنطن في هذه السياسة، نظراً لاختلاف ظاهر في المصالح على جانبي الأطلسي.

فالقوى الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي لم ترض عن خطوة واشنطن في الانسحاب من الاتفاق النووي، وأعلنت مع روسيا والصين مضيها قدماً في الالتزام بالاتفاق، وتبنت ألمانيا وفرنسا مع بريطانيا وسيلة للالتفاف على العقوبات التي أعاد فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب كاملة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو ما حدا بنائب الرئيس الأميركي مايك بنس في وارسو إلى اتهام الحلفاء الأوروبيين بمحاولة إفساد العقوبات الأميركية على طهران داعياً إياهم إلى الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني. وقال بنس خلال المؤتمر الذي تنظمه الولايات المتحدة في وارسو "بعض شركائنا الأوروبيين الرئيسيين لم يبدوا للأسف أي تعاون، بل قادوا في الحقيقة مساعي وضع آليات لإفساد عقوباتنا".

ويشارك في اجتماع وارسو أكثر من 60 دولة لكن قوى أوروبية كبرى مثل ألمانيا وفرنسا رفضت إرسال وزراء خارجيتها، وهما من الدول الموقعة على الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

وتأتي السياسة الأوروبية المغايرة-فيما يبدو-رداً على عدد من السياسات الأميركية التي استهدفت دولاً أوروبية على الصعيد الاقتصادي، وعلى عدد من الخطوات الأميركية الأحادية الجانب، مثل انسحاب واشنطن من اتفاقيات دولية حول الاقتصاد والمناخ ووقف التسلح النووي. وتأتي كموقف للاحتجاج العملي على تصريحات لا تنقطع للرئيس الأميركي دونالد ترامب تعد مستفزة، وخالية من اللباقة الدبلوماسية، كما يُنظر إليها من زاوية أوروبية.

وعلى الجانب الآخر يوجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان من أوائل المرحبين بالفكرة الأميركية لعقد "مؤتمر وارسو"، لتحقيق هدفين: الأول تحشيد الرأي العام في المنطقة والعالم ضد إيران، والثاني الخروج عن الرؤية التقليدية لصراعات الشرق الأوسط، وهي الرؤية التي تقوم على أساس أن الصراعات هي-أصلاً-بين العرب وإسرائيل، إلى رؤية أخرى تظهر فيها إيران في طرف يعتدي على الدول العربية ويهدد إسرائيل، وهذا الهدف ساعد على تحقيقه سياسات إيرانية تقوم على التدخل في دول الجوار، وعلى تصدير العنف والفتن الطائفية في المنطقة.

وقد نشر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مساء أمس الأربعاء تصريحات له عن "المصلحة المشتركة" للدولة العبرية والدول العربية "في المعركة" مع إيران.

ويأتي بدء اجتماع وارسو الذي ترعاه واشنطن الخميس غداة هجوم انتحاري استهدف الحرس الثوري الإيراني وأسفر عن سقوط 27 قتيلا في محافظة سيستان بلوشستان (جنوب شرق إيران)، نفذته منظمة "جيش العدل البلوشي". وقد اتهمت إيران على لسان الرئيس حسن روحاني أميركا وإسرائيل.
وتعليقا على الهجوم، صرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنه "ليس من قبيل الصدفة أن يضرب الإرهاب إيران في اليوم نفسه" الذي بدأ فيه مؤتمر وارسو.

من جانبهم، ينظر الفلسطينيون إلى "مؤتمر وارسو" على أساس أنه مكسب إسرائيلي، وأنه أحد أدوات التطبيع مع تل أبيب، ولذا أعلنت السلطة مقاطعة المؤتمر، وعبّرت الخميس عن استنكارها للمؤتمر "الذي يهدف برأيها إلى تطبيع" الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية"، حسبما قال مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل شعث في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، جاء  فيه إن إدارة ترامب "بوقوفها كلياً في صفّ الحكومة الإسرائيلية، تسعى إلى تطبيع الاحتلال الإسرائيلي والإنكار المنهجي للحقّ الفلسطيني في تقرير المصير.

ومع كل تلك المعطيات، وفي الوقت الذي ينعقد فيه "مؤتمر وارسو" لتحقيق أمن واستقرار الشرق الأوسط، حسب الداعين له، يتخوف الكثير من أن يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، حسبما يرى آخرون منهم الروس وبعض الدول الأوروبية.

المزيد من دوليات