في ثاني أيام التداول، تقترب القيمة السوقية لأرامكو السعودية من تخطي حاجز 2 تريليون دولار، وسط تداولات قياسية وتاريخية غير مسبوقة لم تشهدها سوق الأسهم السعودية "تداول" منذ تأسيسها، ليكون السهم الكنز بالنسبة لأكبر سوق مالية في الشرق الأوسط، وسيكون المحرك الأول للتداولات بالفترة المقبلة.
وارتفع سهم أرامكو بنسبة 4.55% في ثاني جلساته بالسوق السعودية إلى 36.8 ريال سعودي (9.82 دولار أميركي) بعد أن افتتح الجلسة على مكاسب بالنسبة القصوى عند 38.70 ريال (10.32 دولار)، ليتصدر ارتفاعات الأسهم المدرجة بالسوق، بحجم تداولات سجل 417.92 مليون سهم، وبقيمة تداول 15.865 مليار ريال (4.23 مليار دولار)، ما يعد رقماً قياسياً جديداً محطماً الرقم المسجل لسهم "بترورابغ" في أولى جلسات إدراجه بالسوق السعودية في شهر يناير (كانون الثاني) 2008، إذ بلغت قيمة التداولات على السهم وقتئذ نحو 10.9 مليار ريال (2.9 مليار دولار).
واستحوذ سهم أرامكو على نحو 86% من إجمالي سيولة السوق البالغة نحو 18.5 مليار ريال (4.93 مليار دولار)، وهي أعلى سيولة منذ أغسطس (آب) الماضي.
وكان السهم صعد بأول جلسة تداول يوم الأربعاء بعد دقائق من بدء التداول عليه إلى 35.2 ريال (9.4 دولار) بزيادة 3.2 ريال (0.85 دولار) عن السعر الرئيس، ما يرفع قيمة الشركة من 1.71 تريليون دولار إلى 1.88 تريليون دولار.
وأصبح عملاق النفط السعودي أكبر شركة مدرجة في سوق مالية على مستوى العالم.
وأنهى المؤشر العام للسوق السعودية "تاسي" تعاملات الخميس على تراجع بنسبة بلغت 1.57% إلى مستوى 8005.77 نقطة ليخسر نحو 127.95 نقطة.
وانتهى اكتتاب أرامكو الأربعاء 4 ديسمبر (كانون الأول) 2019 للمؤسسات والشركات، والذي سبقه بأيام اكتتاب الأفراد، وبلغت حصيلة الاكتتاب للأفراد والمؤسسات نحو 446 مليار ريال (119 مليار دولار)، وهو ما يعادل نسبة تغطية تبلغ 465% من إجمالي أسهم الطرح، إذ بلغت قيمة الطرح 96 مليار ريال سعودي (25.6 مليار دولار).
ويعزِّز اكتتاب أرامكو موقع السوق المالية السعودية المحلية "تداول"، لتصبح من بين أكبر عشر أسواق عالمية.
استقرار سعر السهم
وفي هذا الصدد، قال سالم الزمام رئيس شركة سعودي سكوب للدراسات والاستشارات الاقتصادية والاستثمار، "إن سعر سهم أرامكو استقر كنتيجة لانتهاء تمركز الاستثمار المؤسسي الذي قاد صفقات اليومين، إضافة إلى اتجاه المستثمرين الأفراد للاحتفاظ بالسهم، وهذا سيناريو طبيعي".
وأضاف الزمام، "توجد فوائد لإدراج أرامكو بالسوق السعودية، أهمها زيادة عمق السوق وقيمتها السوقية ورفع مستوى تصنيف سوق المال في مجال الحوكمة والأسواق الناشئة، وهذا يساعد أيضاً مع عوامل أخرى على ارتفاع تصنيفات عالمية محددة للسوق، أهمها المركز المالي الذي يهم المستثمرين المستقبليين، كذلك يساعد حركة السيولة المحلية على زيادة قاعدتها بالاقتصاد ككل بما يسمح بزيادة الإقراض سواء لقطاع خاص أو مستهلكين".
وتابع، "من الطبيعي تأثر السيولة على أسهم أخرى فترة وجيزة، ثم تعود لنموذج تحرك جديد لسيولة السوق بعد دخول شركة بحجم قيمة تداول أرامكو وأسهمها، ولا يمكن الجزم بمعرفة سلوك هذه السيولة حتى تستقر التداولات، خصوصاً إذا علمنا أنه خلال أسبوعين تقريبا سينضم سهم أرامكو لمؤشرات عالمية وسيولة جديدة".
التداولات على أرامكو هي الأبرز في تاريخ البورصة السعودية
وعلى الصعيد ذاته، قالت رنيم طرفة محللة أسواق المال، "التداولات على أرامكو هي الأبرز في تاريخ البورصة السعودية، وارتفاع السهم بالنسبة القصوى بأول يوم 10%، ثم بأكثر من 2% بالجلسة الثانية يعكس قوة السهم".
وأضافت، "الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها السوق مهمة جداً وداعمة لأسهم أرامكو، خصوصاً على صعيد استخدام تداول عملية الاستقرار السعري، وذلك لإعطاء الاستقرار لسعر السهم في حال وجود أي نوع من التذبذب، وهذا لم يكن مستخدماً بالسوق السعودية".
وأشارت إلى الإجراءات الاستثنائية التي حصلت عليها شركة أرامكو هي إعلان كل من وكالة ستاندرد آند بورز داو جونز وشركة فوتسي راسل لمؤشرات الأسواق على سرعة ضم أرامكو السعودية إلى مؤشراتهما بنهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ما يزيد الحوافز على شراء السهم.
إشارة واضحة
من جهته، قال ماجد شبيب المحلل المالي، إن حجم الطلب الكبير على سهم أرامكو "يعكس الثقة من قِبل المتداولين على جدوى الاستثمار رغم ارتفاع السهم في أول جلستي تداول في السوق، كما يعطي إشارة واضحة إلى استمرار الارتفاع للجلسات المقبلة، وبذلك فإن قيمة الشركة قد تصل إلى تريليوني دولار في أقرب وقت".
الإقبال الكبير
وعلى الصعيد ذاته، قال محمد زيدان كبير المحللين الاستراتيجيين لأسواق المال لدى مؤسسة "ثنك ماركتس"، "ارتفاع سهم أرامكو في أول يومين من التداولات بالحد الأقصى بنسبة إجمالية 15% إلى جانب الإقبال الكبير على الطرح، يعكس ثقة المستثمرين في الشركة ما يزيد من التوقعات بمزيد من الارتفاعات خلال جلسات التداول المقبلة"، مؤكداً أن "الطلب المرتفع على السهم مدعوم بشكل كبير بمستقبل الشركة وخططها الاستثمارية التوسعية والتوزيعات والتوقعات العالمية بالتفاؤل حيال أسعار النفط".
الوصول للقيمة الحقيقية
وقال جون لوكا الخبير الاقتصادي، إن السعودية "نجحت في أن تصل بطرح حصة من أسهم أرامكو، إلى القيمة الحقيقية لكامل رأسمال الشركة، التي جرى الإعلان عن أول تقدير لها من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بنحو تريليوني دولار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى نتائج دراسة حديثة نشرتها جامعة شيكاغو تفيد بأن تطبيق مفاهيم أعلى للحوكمة يرفع العائد على رأس المال بمعدل 23% بعد مرور عشر سنوات من تنفيذ تلك المفاهيم في الإدارة الرشيدة، التي وصفها بأنها لا حدود لها، ولها أهميتها في رفع قيمة الشركة وزيادة الثقة بها وفي مستقبلها.
ولفت إلى أن حركة السهم جاءت للتأكيد من قبل المستثمرين على أن تقييم الشركة بسعر الطرح كان أقل من القيمة العادلة، وبالتالي نرى أن المؤسسات المالية هي التي تطلب شراء السهم لتعويض عدم تخصيص المقدار الكافي لها بعد التغطية بقيمة 5 مرات.
وأوضح ارتفاع شهية المستثمرين الأجانب في الإقبال على سهم أرامكو، مؤكداً أن مرحلة بدء التداول "محت كل التوقعات والأخبار المغلوطة التي كانت تحاول النيل من هذا الطرح الأكبر في التاريخ، حتى تفوقت أرامكو على قيمة شركة آبل".
وأفاد أن "وزن أرامكو سيشكل نحو 10% من مؤشر سوق الأسهم السعودية (تاسي)، ما سيجعل معظم مديري المحافظ التي تعمل على أساس نشط أن يحاولوا الحصول على هذا الوزن وأكثر من أسهم أرامكو ضمن موجوداتهم، وفي محافظهم ما سيرفع الطلب على السهم".