Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طرح الشركات التابعة للجيش... هل يوقف خسائر البورصة المصرية؟

خبير مالي: لا سبيل أمام المؤسسات الحكومية المتعثرة سوى الطرح

 الأسهم المصرية في مرمى الخسائر العنيفة رغم الإجراءات الحكومية التحفيزية (حسام علي. اندبندنت عربية)

على مدار أكثر من عام، تتكبد الأسهم المصرية خسائر عنيفة دفعت المؤشر الرئيس إلى التهاوي من مستويات كانت تقترب من 20 ألف نقطة إلى مستويات في حدود الـ13 ألف نقطة في الوقت الحالي.

وعلى الرغم من الإجراءات التي تعلنها الحكومة بين حين وآخر لدعم حركة التداول، سواء كان ذلك في تبسيط إجراءات القيد أو وضع آليات جديدة للتداول، وأيضاً برنامج الطروحات الحكومية، فإن الأسهم المصرية حتى الآن في مرمى نيران الخسائر العنيفة.

وحتى نعرف حجم الأزمة التي تعانيها البورصة المصرية، فإن سهم "أرامكو"، الذي طُرح أمس في البورصة السعودية، قفز إلى الحد الأعلى المسموح به وهو 10%، وفي المقابل وفي أول يوم تداول لسهم "راميدا" في البورصة المصرية أمس، فإن السهم تراجع بنسبة 13% بنهاية الجلسة.

وربما دفعت الخسائر العنيفة والمتتالية التي مُنيت بها الأسهم المدرجة في البورصة إلى تدخل رئاسي، حيث جاء إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبل فترة، بشأن طرح الشركات الحكومية في البورصة بمثابة تجديد لثقة الدولة، وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة، في البورصة المصرية وعلى دورها الرئيس بأنها السوق التمويلية الأهم لدعم اقتصاد البلاد وتوفير قاعدة تمويلية حقيقية للشركات المملوكة للدولة، سواء التابعة للحكومة أو للجيش المصري، تقوم على مبدأ المشاركة الاستثمارية وتسمح بمساهمة القطاع الخاص المحلي والأجنبي في تمويل التوسعات وعمليات إعادة الهيكلة للقطاع العام وفقاً لمبدأ الاستثمار وليس الاستدانة.

ويأتي في ذات الإطار إتاحة المشاركة المجتمعية الواسعة من أفراد الشعب المصري في الاستثمار في شركات بلده والمشاركة في القرار الاستثماري، مما يتيح للدولة آفاقا تمويلية مستقبلية بناءً على ثقة الشعب في مؤسساته بمشاركة الشعب في تمويل مشروعاته القومية والوطنية من خلال البورصة المصرية.

تطبيق قواعد الحوكمة والإدارة الرشيدة

إيجابيات توجه الدولة بجميع مؤسساتها نحو البورصة المصرية لا تتوقف عند هذا الحد، بل إن طرح الشركات الحكومية والشركات التابعة للجيش في البورصة وفقاً لقواعد القيد يضع ضوابط رئيسة على هذه الشركات من خلال تطبيق قواعد الحوكمة والإدارة الرشيدة، كما تخضع لقواعد الإفصاح والشفافية، مما يخلق مراقبة مجتمعية غير مباشرة على هذه الشركات ويمنح مشاركة كبيرة لكافة أفراد الشعب في المتابعة والمراقبة وتعزيز الثقة بين الشعب ومؤسساته الوطنية.

برنامج الطروحات الحكومية في البورصة

عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية والرئيس التنفيذي الإقليمي لمجموعة "سوليد كابيتال"، محمد رضا، يرى أن الإعلان الأخير عن انضمام شركات تابعة للقوات المسلحة إلى برنامج الطروحات الحكومية في البورصة، رسالة وتجديد التزام من جانب الدولة بتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية الذي شهد العديد من التأجيلات وتأخرت الحكومة في اتخاذ إجراءات تنفيذية حقيقية لتنفيذه، مما سيعيد اهتمام الاستثمار المحلي والأجنبي بالمشاركة في هذا البرنامج، وهو ما يخلق نجاحاً لتحقيق أهدافه الرئيسة التي حددتها الدولة، كما يحقق استفادة كبيرة من تطور سوق المال المصرية بطرح مجموعة من الشركات الكبرى الناجحة وفي قطاعات استراتيجية ومتنوعة.

ويضيف "كما يؤكد هذا الإعلان على الرغبة الحقيقية للدولة ممثلة في رئيس دولتها في مشاركة الشعب في العملية التنموية والمشروعات القومية العملاقة، التي تقود تنفيذها شركات تابعة للجيش من خلال امتلاكه أسهماً في هذه الشركات".

وأوضح رضا لـ"اندبندنت عربية"، أنه وبالنظر مرة أخرى إلى الشركات الحكومية المتضمنة في برنامج الطروحات الحكومية والتي أعلنت الحكومة عنه منذ سنوات، سنجد أن الحكومة تمتلك مجموعة من الشركات في قطاعات متعددة، منها شركات ناجحة تسهم في الناتج المحلي الإجمالي وتمول خزينة الدولة بأرباحها، وتسهم في تغطية الطلب في السوق المحلي وبخاصة في قطاعي البترول والبنوك.

شركات حكومية تواجه خسائر ضخمة

أيضاً، مجموعة أخرى من الشركات تتراكم خسائرها وتحتاج تمويلات كبيرة من الحكومة لإعادة هيكلتها وتطويرها لوضعها على مسار الربحية والمساهمة في دعم الاقتصاد المصري، ولكن لا تمتلك الحكومة المصرية حالياً التمويلات الكافية لضخ سيولة في هذه الشركات في ظل فجوة تمويلية كبيرة تعاني منها الحكومة في موازناتها حالياً ما بين 10 إلى 12 مليار دولار سنوياً ومحاولاتها سد هذه الفجوة عبر الاقتراض وتخفيض الدعم ورفع الضرائب مع توجهها إلى بند الاستثمارات الحكومية في الموازنة العامة بشكل رئيس إلى مشروعات البنية التحتية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولذلك فإنه لا توجد أية تمويلات حكومية متاحة أو قد تتاح لتمويل الشركات الحكومية المتعثرة لإعادة هيكلتها، واستمرار الشركات الحكومية الخاسرة على هذا الوضع يضعها على مقصلة الانهيار، وفي نفس الوقت فإن التجربة القاسية التي تعرضنا لها في برنامج خصخصة الشركات الحكومية الذي طُبق في العقد الماضي بشكل خاطئ وفاسد وبصورة كارثية وفي ظل تعمق منظومة الفساد في الدولاب الحكومي والتي يصعب معها إعادة هذه التجربة القاسية حتى ولو كان بشكل صحيح، فلم يصبح أمام الحكومة المصرية إلا التوجه إلى طرح الشركات الناجحة في البورصة المصرية واستخدام حصيلة الطرح في تمويل إعادة هيكلة الشركات الحكومية الخاسرة والمتعثرة، وكان توجه الحكومة إلى هذه الاستراتيجية ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أقره صندوق النقد الدولي لمنح مصر قرضاً بقيمة 12 مليار جنيه خلال 3 سنوات.

ويشمل برنامج الطروحات الحكومية طرح 24 شركة تابعة لقطاع الأعمال العام في البورصة، والذي تستهدف منه تحصيل ما بين 8 إلى 10 مليارات دولار خلال 3 إلى 5 سنوات، وتتمثل استراتيجية الطرح في شقين، الأول طرح حصص من بعض الشركات الجاهزة للطرح، والثاني خاص بالشركات المطروحة فعلياً من خلال رفع حصص الطرح إلى نحو 12 شركة مطروحة بالفعل.

دعم هيكلة شركات القطاع العام

وأوضح عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية أن برنامج الطروحات الحكومية وانضمام شركات تابعة للجيش إليه يمثل استراتيجية طموحة للدولة تدعم إعادة هيكلة شركات القطاع العام وتوفير التمويل اللازم للتوسع وزيادة ربحيتها وحجم أعمالها بعيداً عن الاستدانة التي أثقلت كاهل شركات القطاع العام وحملت الموازنة والاقتصاد القومي أعباء لانهاية من خلال الديون التي تعيق بشكل كبير نمو أداء شركات القطاع العام ونجاح خطط إعادة هيكلته، ولكن شريطة استخدام حصيلة الطرح للشركات الناجحة في تمويل إعادة هيكلة وتطوير الشركات الحكومية الخاسرة والمتعثرة، وليس استخدام حصيلة الطرح في تمويل عجز الموازنة والفجوة التمويلية المتنامية بشكل كبير، كما يمثل توفير تمويل كبير ومنتظم ومستدام لتمويل المشروعات القومية العملاقة للدولة من خلال مشاركة الشعب بامتلاك أسهم في هذه الشركات لتمويل بناء دولته وتطويرها.

وتعد البورصة أو سوق رأس المال أحد أهم مصادر التمويل للمشروعات والتي تدعم التوسعات الرأسمالية للشركات وتساعدها على النمو والتطور، من خلال المشاركة الاستثمارية ومن دون أية تكاليف أو أعباء، ومثلت البورصة المصرية طريق النجاح والتطور للعديد من شركات القطاع الخاص والتي بطرح أسهمها في البورصة ساعدها ذلك على النمو بشكل كبير وتحولت إلى شركات عملاقة.

وسيكون لبرنامج الطروحات الحكومية عائد إيجابي قوي على البورصة المصرية، حيث سيمثل دفعة كبيرة وهائلة لتنشيط البورصة وإضافة قطاعات جديدة فيها وزيادة السيولة ودخول مستثمرين جدد محليين وأجانب وجذب لرؤوس أموال جديدة، والذي سيحدث تطوراً قوياً لأدائها لإتاحة الاستثمار في هذه القطاعات.

كما أن برنامج الطروحات الحكومية سيعزز دور البورصة كإحدى أهم القنوات للتفعيل الحقيقي لمفهوم الشركة بين القطاع العام والخاص في القطاعات الاستراتيجية، كما أن قيد شركات القطاع العام في البورصة يحقق هدفاً آخر مهماً أيضاً وهو توافر الشفافية والإفصاح بما يُمكِّن المواطنين من متابعة أوضاع تلك الشركات ونتائج أعمالها لينعكس في النهاية بشكل إيجابي على الاقتصاد المصري ككل.

الطرح في البورصة أم الخصخصة؟

وبالنسبة إلى القيمة العادلة للطرح، فسيجري إعدادها من قبل مستشارين ماليين مستقلين، وستحدد قيمة بيع الحصص في الشركات الحكومية وستخضع للمراجعة مسبقاً من الهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية قبل إعلان القيمة العادلة وتنفيذ الطرح.

كما أنه سيتم طرح حصة محدودة كما هو متوقع لا تتعدى نسبة 25% من رأس المال، وبالتالي فإن سيطرة الحكومة المصرية عليها ستظل قائمة، وكذلك فإن الجزء المطروح سيتفتت على عديد من المستثمرين، وفقاً لقواعد القيد لا يقل عن 300 مستثمر ومن دون حد أقصى، وبالتالي فلن تكون الحصة المباعة عن طريق الطرح في يد مجموعة واحدة، وإنما ستمتلكها مجموعة من المستثمرين وقواعد التداول في البورصة المصرية تعيق سيطرة مجموعة من المستثمرين مرتبطين على الحصة المطروحة من الشركة.

كذلك فإن تداول أسهم الحصة المطروحة وتحديد سعر السهم وفقاً لقوى العرض والطلب وأداء الشركة المالي يوفر آلية تسعير يومية لقيمة الشركات الحكومية المطروحة، وأيضاً يضمن طرح الشركات في البورصة تطوير هذه الشركات، وتعزيز الشفافية والحوكمة والإفصاح مما يجعل أداء الشركات الحكومية تحت رقابة ومتابعة يومية وتقييم دائم لها.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الطرح يوفر فرصة قوية لهذه الشركات بشأن زيادة رأسمالها في أي وقت عن طريق البورصة لتمويل التوسعات الاستثمارية والإنتاجية، مما يمنحها قدرات هائلة على التوسع والنمو، وبالتالي تعظيم قيمة الشركات وزيادة مستويات الربحية وقيمة الأصول، وهو ما يزيد من العائد لخزينة الدولة من أرباحها بشكل مستمر ويعظِّم من مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي وتغطية احتياجات السوق المحلية والمساهمة في التصدير، مما يفتح آفاقاً أكبر لموارد من النقد الأجنبي.

ويعد مفهوم الطرح في البورصة هو بيع جزء من ملكية الشركة للمستثمرين في البورصة (السوق الأوليّة) ثم بعد ذلك يتم التداول على الأسهم المطروحة بيعاً وشراءً (السوق الثانوية)، وذلك على عكس الخصخصة، والتي كانت تبيع الشركة بالكامل لمستثمر من دون أن تكون هناك جهات رقابية تراجع الأمر مسبقاً وتحدد سعر البيع.

لكن يجب على القائمين على برنامج الطروحات الحكومية سرعة حصر وتحديد قائمة بالشركات التي سيتضمنها برنامج الطروحات الحكومية وكذلك الشركات التابعة للجيش، مع إصدار التعديلات اللازمة لإزالة العوائق القانونية أمام تنفيذ عملية الطرح بتحويلها إلى شركات مساهمة وتحديد نسب الطرح، مع اتباع مثلث النجاح للطروحات وهو قيمة عادلة، وتوقيت مناسب وترويج أمثل لضمان نجاح الطروحات الحكومية.

قيمة عادلة لطرح الأسهم

ويجب تحديد قيمة عادلة لطرح الأسهم وتسعير الأسهم بشكل جذاب، واختيار التوقيت المناسب للطرح وتهيئة السوق أولاً من خلال زيادة أحجام التداول والسيولة به لاستيعاب برنامج الطروحات والذي سيكون تخفيض أسعار الفائدة لدى البنك المركزي من أكبر وأهم المحفزات لزيادة التداول والسيولة ودخول مستثمرين وجذب استثمارات جديدة في البورصة، وكذلك القيام بأعمال الترويج للطروحات عن طريق مؤسسات متخصصة واستقطاب عملاء المؤسسات وعملاء الأفراد ذوي الملاءة وتوفير صانع سوق لطروحات الشركات الحكومية.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد