Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراق... معتصمو التحرير يحددون ملامح رئيس الوزراء المقبل

الكتل السياسية لن تكف عن اللعب في ساحة التحاصص والمكاسب

تشهد العملية السياسية العراقية حالة انسداد كبيرة مع اقتراب نهاية المهلة الدستورية الخاصة بتكليف رئيس حكومة جديد، وفيما يؤكد رئيس الجمهورية برهم صالح الالتزام بالمدد الدستورية لتكليف مرشح بديل، تستمر الحوارات السياسية بين الكتل البرلمانية لتحديد ملامح المرحلة المقبلة.

ويرى المحتجون العراقيون أن حوارات الكتل السياسية "لا تعنيهم"، ويجب على تلك الكتل الرضوخ للمواصفات التي يطرحونها للمرشح المقبل في ساحات التظاهر، مبدين "رفضهم أي شخصية تفرزها الأحزاب السياسية".

ويؤكد مراقبون، أن الكتل الحزبية لن تخرج عن "ساحة التحاصص"، وستعمل على إيجاد صيغ وسطية تكون هي المستفيد الأول منها، مشيرين إلى أن تلك الكتل لا تكترث بالمدد الدستورية، ولا تحترم هذا العقد الاجتماعي إلا بالقدر الذي يضمن مصالحها.

ماضون باسترجاع الوطن

وأكد معتصمو ساحة التحرير، اليوم الأربعاء، ضرورة التزام الكتل السياسية برؤيتهم فيما يتعلق بالمرشح المقبل لمنصب رئيس الوزراء، وأشاروا إلى أنهم ماضون باسترجاع "الوطن والأرض".

وقالوا، في بيان، "أيها الشعب العراقي الثائر، كما تعلمون نحن ماضون باسترجاع الوطن والأرض. نعم، نحن نشعر أن أرضنا مغتصبة رغم أن من يحكمنا عراقي".

وأضافوا، "لقد خرجنا ثائرين بوجه الظلم والظالمين، وكل يوم احتجاجي نذرف فيه الكثير من الدماء والدموع ونفقد فيه الرفقة والأصدقاء، من أصحاب المواقف النبيلة والمشرفة الذين سقطوا شهداءً أبطالاً في مختلف مدن بلدنا الحبيب الذي يشهد صراعاً سلمياً من أجل استعادة ما سلبه منا الظالمون".

وأشاروا إلى أنه "بعد صبر وعزيمة استطعنا أن نسقط حكومة القتل بالقنص، أما الآن فنحن على أبواب مرحلة جديدة تتطلب منا إيضاح الواضحات. لذا وبعد المشاورة وجدنا من الأهمية أن نحدد مواصفات رئيس الوزراء العراقي الذي سيتسلّم دفة الحكم في المرحلة المقبلة (الانتقالية) الممهدة للانتخابات المبكرة، كون أن المرحلة المقبلة مرحلة حساسة وستحدد مصير أمة".

شروط أساسية "للحكم"

ويستمر معتصمو ساحة التحرير في رسم ملامح المرحلة المقبلة، مع استعصاء الحلول وعدم التعاطي الإيجابي للكتل السياسية مع مطالبهم.

وعن الشروط الواجب توافرها في رئيس الوزراء المقبل، بيَّن معتصمو ساحة التحرير أن "الشروط الأساسية التي يجب أن يتحلَّى بها رئيس الوزراء القادم، هي أن يكون مستقلاً وغير منتمٍ لأي حزب أو تيار ومن غير مزدوجي الجنسية، ولم يكن وزيراً أو بدرجة وزير أو برلمانياً أو محافظاً، وأن يكون نزيهاً وشجاعاً، ولم يؤشر عليه أي قضية فساد".

وتابعوا "رئيس الوزراء المقبل يجب أن يكون شاباً ولا يتجاوز عمره الـ55 سنة، ويتعهد بعدم الترشح للانتخابات المقبلة، ويكون ملزماً بتنفيذ مطالب الثوار في ساحات الاعتصام".

ولفتوا إلى ضرورة أن "يكون قراره عراقياً مستقلاً خالصاً، ولا يخضع لضغوط الكتل السياسية أو للتدخلات الخارجية".

تسويف للمطالب

ويرى ناشطون أن الكتل السياسية تعمل على إشغال المحتجين بقضية اختيار رئيس الوزراء، حتى تبتعد عن المطالب الرئيسة المتعلقة بإقرار القوانين، مشيرين إلى أن القوانين التي لا تشرع وفق رؤية ساحات الاحتجاج لا تمثلهم.

وقال الناشط المدني ميمون عباس، إن "المحتجين لم ولن يتبنوا أي أسماء لمنصب رئيس الوزراء المقبل، بل طرح الشباب مهام ومعايير واضحة للمرحلة الانتقالية".

وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "الكتل السياسية تحاول إشغال المحتجين بمسألة بدائل رئيس الوزراء، حتى تبتعد عن المطالب الرئيسة المتعلقة بإقرار القوانين التي نطالب بها منذ انطلاق الاحتجاجات".

وأشار إلى أن "القوانين التي لا تخرج وفق رؤية ساحات الاحتجاج لا تمثلنا، ولن نقبل بها مطلقاً".

مرشح وسطي

ويشير مراقبون إلى أن الكتل السياسية تماطل في اختيار بديل لعبد المهدي، للتوصل إلى صيغ مرضية، مؤكدين أنها تسعى إلى تمرير مرشح وسط يُرضي جميع الأطراف بما يضمن مصالح القوى السياسية.

وقال الصحافي قاسم السنجري، إن "الكتل تحاول الاتفاق على شخصية قريبة منها، لكن هذه الصفة لا ترضي المتظاهرين، الأمر الذي يجعل الكتل السياسية مجبرة على أن تُرضي الشارع المنتفض، وهذا الإرضاء بالضد من مصالحها".

وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "حالة الانسداد وعدم التوصل لصيغ مرضية في اختيار رئيس الوزراء الجديد، جعل الكتل السياسية تماطل من جهة، وتفاوض من جهة أخرى لتمرير مرشح وسط يُرضي جميع الأطراف بما يضمن مصالح القوى السياسية ولو بالحد الأدنى".

وبيَّن أن "القوى السياسية لم تعودنا على الالتزام بالمدد الدستورية، فهي تشعر بأنها فوق الدستور، ولا تحترم هذا العقد الاجتماعي إلا بالقدر الذي يضمن مصالحها".

وأشار إلى أنه "في هذا الظرف بالتحديد قد تتخذ هذه المدد الدستورية ذريعة لتمرير مرشح يضمن مصالحها، ولو لمدة 6 أشهر، من أجل ترتيب أوضاعهم وتسوية ملفات الفساد، لذا أرى أن يكون رئيس الحكومة المقبل ذا صلاحيات محدودة".

وتابع، "التعويلُ على الوقت أمل خائب، فالزمن لا يعود إلى الوراء، ولا المتظاهرون سيعودون إلى بيوتهم، وأعتقد أن التظاهرات ستستمر لحين موعد الانتخابات المبكرة".

صيغ وسطية للتحاصص

في المقابل، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد أثير الجاسور، إن "الكتل الحزبية لن تكف عن اللعب في ساحة التحاصص والمكاسب، بالتالي فإنها ستعمل على إيجاد صيغ وسطية تكون هي المستفيد الأول منها، وستدفع بالطلب من المحتجين من ترشيح أو دفع مجموعة تتصدى للعمل السياسي في بعض النقاط".

وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "التضحية بعبد المهدي هي مجرد بداية لتساقط الكتل الرئيسية، خصوصاً أن العراقيين يدركون أنه جاء بعد توافق كتلتين كبيرتين تم على أساس التفاهمات فيما بينهما على إنتاج هذه الحكومة، التي عدَّت من أضعف الحكومات سواء من حيث تنفيذ برنامجها أو حتى الإجراءات المتبعة في معالجة الأزمات".

وعن تنفيذ باقي مطالب المحتجين المتعلقة بتشريع القوانين، بيَّن الجاسور أن "الكتل السياسية تحاول كسب الوقت من خلال التركيز على قضية اختيار رئيس الوزراء، لأنها لن تستطيع أن تنفّذ وعودها بالمدد الزمنية المحددة".

فراغ دستوري

ويؤكد خبراء قانونيون، أن لرئيس الجمهورية الحق في اختيار مرشح مستقل، مشيرين إلى أنه في حالة الفراغ الدستوري يحل رئيس الجمهورية محل رئيس الوزراء لتصريف الأعمال.

ويقول الخبير القانوني علي التميمي، إن "لرئيس الجمهورية 15 يوماً ليكلف مرشحاً جديداً، وبالإمكان أن يختار مرشحاً مستقلاً"، مبيناً أنه "في حال فشل رئيس الجمهورية في التكليف خلال الـ15 يوماً ولم يفلح، وبعد انتهاء الـ30 يوماً المحددة لتصريف الأعمال تنتهي حكومة عبد المهدي ومن معه".

ويضيف لـ"اندبندنت عربية" "في حال الفشل بالتصويت على أي مرشح بديل، ضمن المدد الدستورية، نتحوَّل إلى المادة 81 من الدستور، التي تنص على "تولي رئيس الجمهورية منصب رئيس وزراء تصريف الأعمال".

ويلفت إلى أن "الدستور يُلزم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح جديد خلال 15 يوماً من تاريخ خلو المنصب، لكنه لم يعالج مسألة الفشل في اختيار هذا المرشح".

ويرجِّح التميمي، أنه "إذا حصل هذا الفراغ، يستمر رئيس الجمهورية لحين إيجاد رئيس وزراء جديد".

المزيد من العالم العربي