Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان… الكرة في ملعب الحريري ورهان على مناخات التفاوض الخارجية

بري و"حزب الله" يفضلان بقاءه لكن من دون شروطه

تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة إلى الاثنين المقبل، في 16 ديسمبر (كانون الأول)، بعد إعتذار المهندس سمير الخطيب عن القبول بترشيحه إلى رئاسة الحكومة، انتهى بإعادة رمي الكرة في ملعب الرئيس المستقيل سعد الحريري.

فالمخرج الذي استند إليه الخطيب للتخلي عن المهمة الشاقة، بعدما أجرى مشاورات بعيدة من الأضواء مع عدد من الفرقاء، هو أن مفتي الجمهورية أبلغه أن القوى الرئيسة في الطائفة السنية ترشح الرئيس الحريري، هذا على الرغم من أن الأخير كان اعتذر عن القبول بالمهمة في بيان أصدره قبل أسبوعين، عقب إلحاح "حزب الله"، ورئيس البرلمان نبيه بري، عليه القبول بتأليف الحكومة الجديدة وبأن تكون مختلطة، أكثريتها من التكنوقراط وتضم سياسيين من الأسماء غير النافرة، بدلاً من إصراره على حكومة الاختصاصيين الصرفة. ومع أن بيانه في حينها أدى إلى ترجيح كفة الخطيب، فإن المحاولة مع الأخير لم تنجح، نظراً إلى إغراقه في مداولات على نوعية الحكومة ووزرائها، تعيد بعض الوجوه من شباك التشكيلة الوزارية الجديدة بعدما كانت خرجت من باب استقالة الحكومة.

هل يعود الحريري؟

بات السؤال هل يعود الحريري عن اعتذاره عن التأليف على الرغم من ترشيحه من دار الفتوى وفعاليات إسلامية أخرى، وهل سيغير شرطه بحكومة اختصاصيين، أم أن الثنائي الشيعي سيغير شرطه بحكومة مختلطة تكنوسياسية برئاسته، أم أنه سيسمي مجدداً شخصية أخرى، يفترض أن يجرى التشاور حولها في الأيام الفاصلة عن موعد الاستشارات المقبلة؟

أوساط الحريري قالت لـ"اندبندنت عربية" إنه يجري مشاورات بعيدة من الأضواء لتكوين الموقف الذي سيتخذه. 

مصادر رئاسة الجمهورية أوضحت لـ"اندبندنت عربية" أن الحريري هو الذي طلب من الرئيس ميشال عون تأجيل الاستشارات المقررة الاثنين في 9 ديسمبر، بعد اعتذار الخطيب. وهذا ما تسبب بانتقادات له على هذا الطلب بعدما كان يلح على الإسراع في تحديد موعد استشارات التكليف وفق الأصول الدستورية، وبعدما كانت الفعاليات السنية تنتقد "تخطي الدستور" بإجراء مشاورات للاتفاق على الرئيس المكلف حول شكل الحكومة، قبل تكليفه.

انتقادات التيار الوطني الحر و"حزب الله"

وبرزت الانتقادات في تسريبات ومواقف عدة، الأحد، من أوساط التيار الوطني الحر، ومن مقربين من "حزب الله"، اعتبرت أن زعيم تيار المستقبل متناقض في إلحاحه على تحديد موعد الاستشارات قبل أسبوعين، ثم باقتراحه على عون تأجيلها يوم الأحد، خصوصاً أن نواباً في كتلته النيابية كانوا انتقدوا تجاوز رئاسة الجمهورية صلاحياتها بإجراء المشاورات قبل الاستشارات النيابية لتسمية الرئيس المكلف، الذي يعود للنواب تسميته، ويعود له التشاور حول تأليف الحكومة قبل عرضها على رئيس الجمهورية.

كما أن أوساطاً متابعة لموقف القصر الرئاسي أشارت إلى أن بعض محيط عون في التيار بات ضد التمسك بالحريري، وأن توجهه هو إجراء الاستشارات وتسمية النائب فؤاد مخزومي لرئاسة الحكومة كرجل أعمال له صلات خارجية، مقابل توقعات بأن الحريري قد يعود إلى تسمية السفير السابق القاضي في محكمة العدل الدولية، الدكتور نواف سلام، كاسمٍ يحظى باحترام وسمعة طيبة في الداخل والخارج، ما يساعد على إسهام المجتمع الدولي في إنقاذ البلد من الانهيار، فضلاً عن أنه يقبل به الحراك الشعبي.

ومع تأكيد مصادر متصلة بـ"حزب الله" لـ"اندبندنت عربية" أنه ما زال على تفضيله ترؤس الحريري الحكومة لأنه الأكثر تمثيلاً في طائفته ونظراً إلى ارتياح الحزب إلى التعامل معه في الحكومة السابقة، كان لافتاً صدور بيان بعد الظهر عن لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية، الذي يلعب "حزب الله" دوراً رئيساً في المواقف التي يعلنها، اتهم الحريري باتباع سياسة "المماطلة بالحديث عن ترشيح شخصية أخرى من جهة، والعمل على وضع العراقيل أمامها ودفعها للاعتذار من جهة أخرى، سواء من خلال تحريك الشارع أو عبر رؤساء الحكومات السابقين، أو عبر استغلال موقع دار الفتوى". كما انتقد لقاء الأحزاب تخلي الحريري "عن مسؤولياته في تصريف الأعمال".

اتصالات الحريري الخارجية

لكن الانتقاد الأخير جاء قبل لحظات من إعلان مكتب الحريري أنه أجرى بصفته رئيس حكومة تصريف الأعمال اتصالاً هاتفياً بأمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، "وعرض عليه المصاعب السياسية والاقتصادية التي يشهدها لبنان وشكره على وقوف الكويت الدائم إلى جانب لبنان واللبنانيين". ومعلوم أن الحريري كان بعث نهاية الأسبوع الماضي رسائل إلى رؤساء وملوك ورؤساء حكومات 11 دولة عربية وآسيوية يطلب منهم فيها مساعدة لبنان على تسهيلات لفتح اعتمادات الاستيراد للمواد الضرورية ولضمان الأمن الغذائي، في دولهم نظراً إلى شح السيولة في لبنان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما أن أوساطاً في تيار المستقبل ردت على انتقاد ترشيح دار الفتوى للحريري باعتباره هو أيضا تجاوزاً للأصول الدستورية للاستشارات النيابية، بالقول "ألم يصدر اتفاق على ترشيح الزعامات المسيحية الأربع منذ سنوات وبينها الرئيس عون في البطريركية المارونية قبل انتخاب الأخير؟".

وعلى الرغم من الانتقادات للحريري، فإن رئيس البرلمان نبيه بري ما زال على تأييده عودته إلى الرئاسة الثالثة، حيث أكد أمام العديد ممن التقاهم في الساعات الماضية أنه باقٍ على توليه المهمة.

إلا أن المصادر المتصلة بـ"حزب الله" ترى أن الأخير لن يتمكن من الموافقة على شروط الحريري لتأليف الحكومة بعد زهاء شهر ونصف الشهر من رفضها، لأنه يعتبرها شروطاً أميركية تهدف إلى إبعاد من يمثله عن التركيبة الحكومية.

المناخات الخارجية وتسهل قيام الحكومة

في المقابل، يقول أحد رؤساء الحكومة السابقين لـ"اندبندنت عربية" إن ما حصل يفترض أن يعيد الأمور إلى نصابها بترشيح الحريري مجدداً، بحيث يتلمس ما يمكنه إنجازه لإحداث خرق في المأزق الحكومي لأن إنقاذ الوضع الاقتصادي بات يتطلب تسريع الحكومة لانتشال البلاد من الانهيار. وأمل أن يوافق الحراك الشعبي على تولي الحريري المهمة لهذا السبب، الذي يفرض القبول بترؤس الحريري الحكومة.

ويأمل أحد أقطاب السياسة اللبنانية بحصول تسوية بين الحريري و"الثنائي الشيعي" تقوم على قبوله بحكومة مختلطة، فلا تكون من اختصاصيين بالكامل كما سبق أن اشترط، لكن أن يتم تعيين 4 وزراء سياسيين فيها من الوجوه المقربة للقوى الرئيسة، لكنها جديدة وغير فاقعة وغير حزبية، لأن ما من وزراء إلا لهم خلفية سياسية معينة حتى لو كانوا تكنوقراط.

ويتطلع القطب نفسه إلى أن تنعكس بعض مناخات التفاوض والاسترخاء الموضعية في المنطقة على الوضع اللبناني، استناداً إلى ما تقوم به الدولة السويسرية من تواصل بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وما يقوم به وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي بين الدولتين من أجل إطلاق مسار تفاوضي جديد، والذي سبق أن أبلغ صحيفة "واشنطن بوست" بتفاؤله في هذا الصدد. كما يشير القطب إياه إلى أن الجانب الفرنسي يتولى التأكيد لحزب الله أنه لا ضرورة لمغالاته في التوجس من طريقة تشكيل الحكومة اللبنانية، عله يسهل قيامها.

ويواكب الفرقاء اللبنانيون الموقف الدولي حيال لبنان من خلال اجتماع مجموعة الدعم الدولية التي تنعقد الأربعاء في باريس والذي دعيت إليه دول عربية وأوروبية، على مستوى الأمناء العامين لوزارات الخارجية، والذي سيعرض الوضعين السياسي والاقتصادي. ويهتم المجتمعون بالاطلاع بدقة على المعضلات المالية والاقتصادية الراهنة، وسيوجهون رسالة دعم، لكنهم سيشددون على أن يقوم لبنان بما عليه اقتصادياً، وسياسياً بتشكيل حكومة "فعالة وذات صدقية"، كي يتلقى المساعدة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي