Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عيد الحبّ في تونس...عولمة للمشاعر وصناعة للفرح

مفتي الجمهورية التونسية الشيخ عثمان بطيخ قال في بيان إن "عيد الحب ليس حراماً، وقول المتشددين إنه تقليد للنصارى غير صحيح، لأنه لا يتم اعتناق دينهم أو مباشرة شعائرهم"

بدأ الاحتفال بعيد الحب منذ مطلع الألفية الثانية من خلال الدخول إلى عادات المجتمع التونسي ضمن إطار البحث عن "صناعة الفرح" التي تحولت رويداً رويداً إلى حدث تهتم به شريحة كبيرة من الشباب، في رؤية مختلفة عن الأنماط التقليدية للتعبير عن المشاعر تجاه المحبوب.
ظاهرة اقتصادية
عيد الحب الذي يجهل الكثيرون تاريخه وتفاصيله تحوّل إلى ظاهرة اقتصادية مهمة تستعد لها قطاعات اقتصادية عدة، لا سيما بيع الورد الذي يشهد انتعاشاً كبيراً إذ تُباع عشرات آلاف الورود الحمر تعبيراً عن لحظة محبة صادقة بين الشباب من الجنسين في تونس. والأمر سيّان بالنسبة إلى بيع الهدايا والعطور والتحف الفنية، كما تشهد المطاعم حركة مهمة خلال السهرة الخاصة بتلك المناسبة.
هذا التاريخ الذي استقبله المجتمع التونسي بترحاب تجاوز فئة الشباب والمتزوجين الجدد، وتحوّل إلى مناسبة اجتماعية تتأكد فيها مشاعر الحب تجاه الأهل والأقارب، الذين فرضت ظروف الحياة والعمل تراجع قيمتها في الحياة اليومية.


عولمة المشاعر

قال محمد الجويلي، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية، لـ "اندبندنت عربية"، إن "هذا العيد أحد منتوجات العولمة، عولمة المشاعر صارت موجودة تماماً مثل عولمة الغذاء، وهي جزء من فهم رأسمالي يبحث في آليات تحقيق الأرباح، ومن بينها الاستثمار في العواطف". وأضاف "نحن جزء من هذه العولمة، والمجتمع التونسي من أكثر المجتمعات العربية تفاعلاً معها لأسباب جغرافية، منها قرب تونس من أوروبا، إضافة إلى أسباب تاريخية وثقافية تجعل من التفاعل مع المتغيرات في العالم عموماً وأوروبا خصوصاً، أكثر تأثيراً وهذا ليس غريباً على المجتمع التونسي".
وأشار الجويلي إلى أن "فئة الشباب العازبين والمتزوجين الجدد وبخاصةً الطبقة الوسطى هم الأكثر تفاعلاً مع عيد الحب الذي يتركّز أساساً في المدن الكبرى والشريط الساحلي حيث يرتفع الاهتمام به، عكس المدن الداخلية التي لم تزل اهتماماتها بعيدة عن تلك المناسبات".
في المقابل، يعتبر الاعلامي التونسي حسن الهمالي أن "عيد الحب عشناه مراهقين وشباباً واليوم تختلف نظرتنا له، وكيف تحوّل من رمزية الفكرة إلى ظاهرة تجارية بامتياز، في ظل غياب أي فرصة في مجتمعنا لكثير من الشباب للتعبير عن فرحهم ونسيان مآسيهم اليومية". وأضاف أن "هذا الاحتفال بات عادةً قد تكون غريبة لكن الشباب يكتشفها ويتفاعل معها حتى كبار السن بدأوا يهتمون بعيد الحب، إذ يعيد إحياء مشاعر هرمت بمرور الزمن".


"الحب ليس حراماً"
من جهة أخرى، قال مفتي الجمهورية التونسية الشيخ عثمان بطيخ في بيان إن "عيد الحب ليس حراماً، وقول المتشددين إنه تقليد للنصارى غير صحيح، لأنه لا يتم اعتناق دينهم أو مباشرة شعائرهم عند الاحتفال بعيد الحب، كما أن كل ما يقرّب الناس ويجمعهم هو أمر جيد ومطلوب"، وأضاف "ما من مانع بخصوص الاحتفال بعيد الحب، شرط عدم الخروج عن الأخلاق، فكل ما فيه مصلحة للناس لا إشكال فيه".

 


"تشبّه بالكفار"
يعكس هذا الموقف رأي عدد لا يستهان به من التونسيين الذين يعتبرون أن ليس هنالك ما يخالف المعتقدات الدينية في الاحتفال بعيد الحب، لكن هذا الموقف يُواجَه برفض عنيف من متشددين يعتبرونه "تشبهاً بالنصارى" والبعض منهم يعدّه "تشبهاً بالكفار".
وشنّ الشيخ البشير بن حسن الذي يُعدّ أحد الأئمة المتشددين، هجوماً عنيفاً على مفتي الجمهورية، إذ خاطبه "للمسلمين اعيادهم وهذا ليس عيدنا". وسأل بن حسن المفتي "ما هو دليلك على هذا الحل وأن هذا العيد ليس مخالفاً للشرع الإسلامي وهو لا أصل له شرعاً وهو بدعة محدثة ومخالف للدين الإسلامي الذي يقولها صراحةً، لنا اعيادنا ولهم أعيادهم، وليس هذا العيد إلا عيداً للنصارى ولا يجوز شرعاً للمسلم أن يحتفل به".


خوف من التطرف
أما الناشطة في المجتمع المدني فاطمة غربال ورئيسة جمعية "نشاء وكرامه"، فعبرت عن مخاوف تنتشر في المجتمع التونسي من تعميم الفكر المتطرف. وقالت "قبل الثورة كان الشارع يحتفل بتلقائية بعيد الحب ثم ظهر تيار التحريم والتحليل". أضافت غربال أن الإصرار على الاحتفال بهذا العيد مهم لمواجهة مَن يريدون حرماننا من الفرح والحياة وبثّ ثقافة الكره للآخر ما دام مختلفاً عنهم".


أفكار مجنونة: حبيب للإيجار
في موقف لافت، اعتمد أحد المطاعم في ضواحي العاصمة التونسية فكرةً غير مسبوقة لمَن يريد الاحتفال ولا يرغب في قضاء "عيد الحبّ" بمفرده، فقدّم فرصةً للراغبين في قضاء سهرة لطيفة أمام طاولة حمراء تزينها الشموع رفقة "حبيب وقتي" يقدم علبة شوكولاته وخاتماً هديةَ خطبةٍ بهدف إشعار الشخص أن هذه المناسبة لن تمرّ دون أن تترك أثراً في حياته.

المزيد من منوعات