Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوتين مسؤول عن تفشي فيروس نقص المناعة البشرية في روسيا

من بين 1.4 مليون حالة إصابة بفيروس نقص المناعة البشرية في روسيا منذ العام 1987، سجّلت أكثر من نصف الحالات منذ العام 2012 حين تولّى بوتين الحكم للمرة الثالثة 

يرى عالم اجتماع روسي أن فلادمير بوتين انتهج في ولايته الرئاسية الثالثة سياسة محافظة في روسيا ساهمت في تفشي فيروس نقص المناعة (غيتي)

عكف مركز دراسات الشباب في المدرسة العليا للإقتصاد خلال السنوات الأخيرة على دراسة حملات النشاط الشبابي في روسيا، بما فيها الحملات المعنية بفيروس نقص المناعة البشرية. وفي هذه الحالة، صبّ علماء الإجتماع اهتمامهم على كيفية تعريف مشكلة فيروس نقص المناعة البشرية/ومتلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز) برأي الأشخاص الذين طالهم الوباء من ناحية أولى والمسؤولين الحكوميين من الناحية الأخرى.

ولم يتطرّق فلاديمير بوتين إلى موضوع فيروس نقص المناعة أبداً خلال ولايته الرئاسية الثالثة وهو يلتزم الصمت حياله إلى يومنا هذا. لكن في هذه الأثناء، انتشر الفيروس بسرعة في روسيا بحسب المركز الفيدرالي العلمي والمنهجي للوقاية من الإيدز ومكافحته.

ومن بين 1.4 مليون حالة إصابة بفيروس نقص المناعة البشرية في روسيا منذ العام 1987، سجّلت أكثر من نصف الحالات –حوالي 750 ألف حالة- منذ العام 2012 حين بدأت ولاية بوتين الثالثة في الحكم.

لكن بوتين السابق، على عكس بوتين الحالي، إعترف بأهمية المشكلة. فخلال ولايتيه الأولى والثانية (2000-2008) كرّر وصفه فيروس نقص المناعة/الإيدز على أنه "خطر" ومسألة "ملحّة للغاية" و"مشكلة شديدة الحدّة" و"مرض خطير إلى أقصى حد" كما استخدم عبارات "وباء" و"انهيار الإيدز" و"الفيروس القاتل". واعتبر الإيدز والسلّ أخطر الأمراض في العالم وأكثرها إثارة للقلق. وصوّر الرئيس روسيا على أنها طرفٌ منخرط في الجهود العالمية لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز.

ويعود الخطاب الشامل الوحيد الذي ألقاء بوتين حول فيروس نقص المناعة البشرية إلى الحقبة نفسها، خلال اجتماع لهيئة رئاسة مجلس الاتحاد الروسي يوم 21 أبريل (نيسان) 2006. وحفَل الخطاب بالأخطاء: فقد خلط بوتين بين مفهومي فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز، كما تحدّث عن الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية وعن المجموعات المعرّضة للإصابة به وعن ضرورة تعزيز القيم الأخلاقية. لكنّه اعترف مع ذلك بخطورة الوضع.

إنّما لم يطل الأمر قبل أن يختفي موضوع فيروس نقص المناعة البشرية من جدول الأعمال العلني للرئيس الروسي. ولم ينشر أي بيان رئاسي حول الفيروس على موقع الكرملين منذ العام 2010. ويتزامن الصمت الرئاسي الطويل مع تدهور العلاقات مع الدول الغربية الذي بدأ بخطاب بوتين في ميونيخ في العام 2007. ممّا يعني أنّ موسكو استخدمت موضوع فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز عملياً لتصوير روسيا على أنها عضو مسؤول في المجتمع الدولي من باب معاناتها مع تحديات العصر. 

لكن عدم اكتراث بوتين بالمشكلة هو أحد العوامل التي تساهم في انتشار الوباء. فخلال السنوات القليلة الماضية، لم تبدر إشارة عن هيكلية السلطة القائمة "من رأس الهرم نحو أسفله" تفيد بأهمية مسألة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. ونتيجة لذلك، حتى رؤساء المناطق الروسية التي تعاني من ارتفاع في نسبة الإصابة بالفيروس لم يتصدّوا للمشكلة.

ومن الظروف التي تساهم في انتشار وباء الفيروس في روسيا موقف بوتين ومحيطه المتمسّك بالتقاليد. فمناصرة الحكومة "للقيم التقليدية" تحظر تعليم الثقافة الجنسية في المدارس وتعيق انتشار ممارسة الجنس الآمن باستخدام الواقي الذكري، كما تحول دون تنفيذ برامج الحدّ من الأضرار التي يعاني منها من يتعاطون المخدرات وتقديم بدائل علاجية للمدمنين على المخدرات في روسيا.

وسمعت شخصياً سؤالاً طرحته طالبة ثانوية للناشطين في مجال فيروس نقص المناعة البشرية وهو "في حال تناول حبوب منع الحمل من دون استخدام واقٍ ذكري، هل يظل من الممكن الإصابة بالفيروس؟". يمثّل هذا السؤال إدانة لنظام التعليم الثانوي في روسيا الذي يفتقر إلى أدنى محاولات الحدّ من انتشار الممارسات الخطرة ولا سيّما ممارسة الجنس غير الآمن. فعوضاً عن تثقيف الشباب جنسياً، تقترح الحكومة عليهم أن يلتزموا بشعار "السلاح الأهم في مواجهة فيروس نقص المناعة البشرية هو الحب والوفاء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوفّي إلى الحين أكثر من 340 ألف شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية في روسيا، ووقع ثلثا هذه الوفيات منذ العام 2012. ولا يموت الناس لأنّ الفيروس قاتل، فبفضل العلاج بمضادات فيروسات النسخ العكسي، لم يعد فيروس نقص المناعة البشرية مرضاً قاتلاً. لكن المصابين بالفيروس في روسيا غالباً ما يموتون لأنه في ظلّ غياب النقاش العلني والعام حول الوباء، يرفضون تشخيصهم بالفيروس ولا يصدّقون الأطباء ويرفضون تلقّي العلاج. وفي معظم الحالات، يعود انتقال الفيروس إلى الجهل وقلة المعرفة والوعي بالمخاطر.

ويتحمّل بوتين جزءاً كبيراً من المسؤولية عن وباء فيروس نقص المناعة البشرية في روسيا، بسبب صمته والتزامه بالتقاليد القديمة.

اسكندر ياساييف دكتور في علم الإجتماع وكبير الباحثين في مركز دراسات الشباب التابع للمدرسة العليا للإقتصاد في سانت بطرسبرغ.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء