Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان... سيناريو التوافق على سمير الخطيب لم يلحظ موقف الحراك الشعبي

"المرونة" التي وعد بها "حزب الله" الحريري تفرض الحد من شروط باسيل وإلا طال التأليف

شرطة مكافحة الشغب اللبنانية تطلق قنابل الغاز المسيل للدموع بوجه المتظاهرين في بيروت (أ.ب)

تسارعت التطورات في لبنان بتحديد رئيس الجمهورية ميشال عون الاثنين، التاسع من ديسمبر (كانون الأول)، موعداً للاستشارات النيابية الملزمة التي تأخرت شهراً وخمسة أيام ملأته مناورات شملت تجاذبات حول تطبيق الأصول الدستورية نتيجة تأخيرها بشكل غير مسبوق في تاريخ تأليف الحكومات.

ومع بلورة أركان الحكم واللعبة السياسية التقليدية اتفاقاً على دعم ترشيح المهندس سمير الخطيب ليرأس الحكومة العتيدة، فإن هؤلاء لم يحسبوا حساب الحراك الشعبي وموقفه من الخطيب نفسه من جهة، ولا يعني اتفاقهم على دعم ترشيحه، الذي لن يصبح دستورياً إلا بعد إجراء "الاستشارات الملزمة"، أن المناورات حول شكل الحكومة ستتوقف في شكل يتيح إنجازها سريعاً من جهة ثانية. فللحراك موقف أيضاً من نوع الوزراء الذين ستضمهم لأن مطالب المتظاهرين منذ 50 يوماً ضد السلطة وأحزابها، هي حكومة تكنوقراط مصغرة لا تتمثل فيها هذه الأحزاب التي يعتبرون أن المحاصصة التي اعتمدتها هي من عوامل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية في البلد جراء الهدر والفساد والإفساد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التباشير حول الصيغة الحكومية لا يبدو أنها ترضي الحراك الشعبي، فضلاً عن أن تجديد نزول المحتجين إلى الشارع بقوة ليل الثلاثاء، ومساء الأربعاء، كان موجهاً ضد تسمية الخطيب نفسه. فالتسريبات عما يجري تداوله حول صيغة الحكومة أفادت بأنها ستكون من 24 وزيراً بينهم ستة وزراء دولة سياسيين، والباقون هم من تكنوقراط وممثلين للحراك الشعبي. بل إن الأكثر استفزازاً للحراك كان تسريب المعلومات عن أن الأحزاب تقاسمت أعداد الوزراء التكنوقراط، وكشفت أن بعض الوجوه القديمة قد تعود، باستثناء رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل الذي هناك إجماع على وجوب أن "يرتاح" خارج الحكومة.

"الثنائي الشيعي"... سنتعاطى بمرونة

سيناريو التوافق على الخطيب تم بعدما طلب "الثنائي الشيعي" من الحريري أن يعلن مباركته الخطيب إلى الملء حسبما روى مصدر سياسي بارز لـ"اندبندت عربية"، وفحوى الرسالة كان "نحن نريدك أنت لرئاسة الحكومة ونصرّ على أن تتولى المهمة، لكن إذا كانت ظروفك لا تسمح بذلك، فنحن نتفهم. لكننا نصر على أن تسمي أنت من يخلفك، أو أن يجري التوافق معك على اسمه. إلا أن تأييده مطلوب علناً، قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة حتى لا تحصل أي مفاجأة بعد تعيين موعدها وأثنائها، كأن يتم التخلي عن المرشح الذي نتفق عليه (والمقصود به الخطيب). وإذا حصل هذا التأييد فإننا سنتعاطى بمرونة مع وجهة نظرك حول شكل الحكومة". (الحريري كان برر اعتذاره عن تكليفه بإصراره على حكومة اختصاصيين لا تضم أياً من ممثلي الأحزاب التي رفضها الثنائي الشيعي وتمسك بحكومة تكنوسياسية لرفضه إخراجه وحلفائه من الحكومة).

وكرر رئيس البرلمان نبيه بري هذا الموقف أمام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حين التقاه مساء الثلاثاء، فنقله الأخير إلى الحريري الذي اجتمع به على إثرها. وتقصد زعيم "المستقبل" السلام على الصحافيين الذين وجدوا لتغطية زيارة جنبلاط، وقال لهم في دردشة قصيرة العبارة التي كانت مفتاح الإيجابية التي انتظرها "الثنائي الشيعي" وهي "أدعم ترشيح اسم المهندس سمير الخطيب لرئاسة الحكومة"، وأعقب ذلك زيارة المعاون السياسي للرئيس بري وزير المال علي حسن الخليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ "حزب الله" حسين الخليل، ولم يدم اجتماعهما به أكثر من ربع ساعة لتُشاع من بعده أجواء إيجابية. وهذا يقود إلى أن الحريري سيسمي الخطيب مع كتلته النيابية (19 نائباً من أصل أعضاء البرلمان الـ 128).

الحريري: الخطيب يمثلني

ما قام به الحريري كان لطمأنة محدثيه بأن ما أبلغهم به في الغرف المغلقة الأسبوع الماضي ملتزم به. فهو شدد وفق تأكيد مصدر مقرب منه منذ الأسبوع الماضي لمن اتصل به من قبل "حزب الله" وبري، على أنه يريد الخطيب "وسأدعمه وهو يمثلني"... حتى أن بعض المحيطين بالحريري طرح علامات استفهام عن سبب مطالبة "الثنائي الشيعي" الحريري بموقف سبق لممثليه أن سمعوه منه بدقة.

ويضيف المصدر المقرب "السؤال هو هل تكون الحكومة التي سيؤلفها الخطيب من اختصاصيين أم يكتفي هو بأن يتمثل بهذا الصنف من الوزراء. لكن الحريري سيسهم في شكل إيجابي مع الخطيب في تكوين الحكومة لأن عليه مسؤولية مساعدته طالما أيده من جهة، ولأنه مهتم بتسطير رسالة إلى الخارج بأن حكومة الخطيب تراعي معايير الدول المعنية بلبنان، وأن الحكومة المقبلة مؤهلة كي تتلقى المساعدة لإنقاذه من الانهيار".

وفي وقت حرص الحريري على القول إنه لا يضع شروطاً على التأليف لأن الرئيس المكلف هو الذي يؤلف الحكومة من باب الالتزام بصلاحيات الأخير الدستورية، فإنه وجه بذلك رسالة إلى فرقاء في مقدمهم "التيار الوطني الحر"، عملوا على إلزام الخطيب بعدد الوزراء الذين سيسميهم سواء كانوا تكنوقراط أو سياسيين.

وفي هذا السياق تعددت التفسيرات لتأجيل تحديد عون الاستشارات إلى الاثنين المقبل، خصوصاً أنه كان بإمكانه تعيينها الخميس أو الجمعة لتتم تسمية الرئيس المكلف في نهاية الأسبوع الحالي بدل الأسبوع المقبل.

تحسين الشروط أو إطالة التأليف؟

وتخشى مصادر سياسية واكبت اتصالات حلحلة العقد في الأسابيع الماضية من أن تكون دعوة عون إلى الاستشارات مجرد خطوة لرفع الضغط الداخلي والخارجي عليه لتحديد موعدها، على أن تتعقد عملية التأليف لاحقاً، بسبب الشروط على تمثيل الفرقاء، فيبقى الخطيب مكلفاً لأسابيع أو لأشهر نتيجة العقد في صيغة الحكومة. وإذا بقي فريق "التيار الحر" على مطالبه بالحصول على سبعة وزراء من التكنوقراط يسميهم باسيل والرئيس عون إضافة إلى أكثر من وزير سياسي (في التمثيل السياسي)، فهذا معناه العودة إلى فكرة حصول فريق عون على الثلث المعطل (تسعة من أصل 24).

وفضلاً عن أن هذا يمثل عودة إلى الأسلوب القديم في تأليف الحكومات الذي ثبت فشله لحؤوله دون اتخاذ القرارات وربطها بالمحاصصة والصفقات. والتسريبات شملت حديثاً عن أن قوى أخرى تصر على الاحتفاظ بحقائب (مثل وزارة المال لحركة "أمل") وهو الأسلوب الذي نزل مناصرو الحراك إلى الشارع الثلاثاء والأربعاء ضده.

جدية "حزب الله"؟

وهناك بين هذه المصادر من يترك مجالاً لاحتمال أن يكون "حزب الله" ما زال على موقفه بأن تبقى الحكومة المستقيلة لتصرّف الأعمال في انتظار التطورات في المنطقة لأن قيادته تربط بين الأزمة في لبنان وبين التأزم في المنطقة في إطار الصراع الأميركي الإيراني. وسبق لقادة الحزب أن أعلنوا ذلك رداً على ما اعتبره محاولات لاستبعاده عن الحكومة.

وثمة تفسير ثالث يترك مجالاً لاحتمال تحسين شروط التأليف، طالما أن الحريري سيكون له رأي إلى جانب الخطيب في الصيغة الحكومية. وأصحاب هذا الرأي يرون أن فسحة الأيام الثلاثة المقبلة قبل الاستشارات قد تهدف إلى حلحلة عقد مطالب الحد الأقصى عند بعض الفرقاء، بهدف تشذيب الشهوة القديمة نحو الاستئثار.

وإذا كان "حزب الله" جاداً في إبداء "المرونة" التي وعد الحريري بها، فإن دوره أن يمارس نفوذه مع حليفه باسيل كي يتواضع في شروطه، إذ إن أوساطاً سياسية قالت إنه من غير المقنع أن يعجز الحزب عن الضغط على باسيل كي يتخلى عما يعيق إنجاز الحكومة للانكباب على المعالجات الاقتصادية بالتعاون مع المجتمع الدولي والدول العربية القادرة، التي لها علاقات مع الخطيب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل