Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معاهدة الدفاع المتبادل بين واشنطن وتل ابيب... تشعل الخلافات الإسرائيلية

خطط عسكرية في مواجهة إيران و"حزب الله" و"حماس"

الخلافات الإسرائيلية حول معاهدة الدفاع المتبادل أدت الى انقسام داخلي بين المؤسستين العسكرية والسياسية (رويترز)

بعد أقل من 24 ساعة على تحذيرات رئيس حزب "أزرق أبيض"، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، بيني غانتس، من خطر انعكاس معاهدة الدفاع المتبادل بين إسرائيل والولايات المتحدة، وتقييدها لحركة الطيران الإسرائيلي والنشاطات العسكرية التي وضعتها إسرائيل في مواجهة المخاطر المحدقة بها، على الجبهتين الشمالية، من قبل التموضع الإيراني في سوريا و"حزب الله"، والجنوب من قبل "حماس"، خرج رئيس الحكومة الإسرائيلية، المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، بحملة محلية ودولية لدعم مثل هذه المعاهدات وتوسيع نطاقها إلى دول أخرى، بما في ذلك الدول العربية تحت عنوان "ضرورة الحفاظ على أمن إسرائيل".

الخلافات الإسرائيلية حول المعاهدة أدت إلى انقسام داخلي بين المؤسستين العسكرية والسياسية، فكل جانب اتخذ موقفه لتحقيق خططه وأهدافه. القيادة العسكرية الأمنية تعارض هذه المعاهدة لأنها تجعل إسرائيل ملزمة أمام الولايات المتحدة في الكثير من القرارات التي تتخذها حول عمليات خارجية، وفي حال أقرت إسرائيل تنفيذ عملية معينة أو خطة عسكرية أو حتى اتخذت قرارات لرد عسكري ما بعد الحدود، تكون ملزمة بداية التشاور مع الولايات المتحدة.

وفي ظل ما أعلن خلال الأسبوعين الأخيرين عن خطط إسرائيلية حول التعامل مع خطر التموضع الإيراني في سوريا، وتغيير قواعد اللعب بما يتيح لإسرائيل توجيه ضربات مكثفة، ومن دون توقف باتجاه أهداف إيرانية في سوريا أو الجيش السوري، فإن مثل هذه المعاهدة قد يعيق تنفيذ جوانب عدة من هذه الخطة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غانتس... إلى المؤسسة العسكرية

وبينما تنشغل إسرائيل في أزمة تشكيل الحكومة وخطر التوجه إلى انتخابات ثالثة، وتعنت بيني غانتس حول عدم الدخول إلى حكومة برئاسة نتنياهو، عاد رئيس حزب "أزرق أبيض"، إلى حلته العسكرية ليخوض خلافاً آخر، بعيداً عن تشكيل الحكومة، حول معاهدة الدفاع المشترك. وبرأيه، فإن نتنياهو في إصراره على هذه المعاهدة إنما يعرض حرية إسرائيل في العمل العسكري للخطر، وينهي عقوداً من سياسة الدفاع التي تتبعها المؤسسة العسكرية، بل أعرب غانتس عن قلقه حول قدرة نتنياهو على التفاوض على هذه الصفقة، في الوقت الذي يواجه فيه المخاوف القانونية، من تهم الفساد الموجهة ضده. وأعلن غانتس أن حزبه لن يدعم "اتفاقاً دولياً يقيّد أنشطة إسرائيل وقدرة الجيش الإسرائيلي على حماية البلاد من التهديدات التي تواجهها".

وكتب غانتس على حسابه في "تويتر" يقول "أكنّ احتراماً عميقاً للعلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، حليفتنا، التي نتقاسم معها القيم المتماثلة والمصالح المشتركة. لكن هناك قلق شديد من أن رئيس الحكومة الذي ينشغل بنفسه سيسمح بتقييد أيدي قوات الأمن، خلافاً للموقف الذي تعبر عنه المؤسسة الأمنية منذ عقود".

ويحظى غانتس بدعم من المؤسستين العسكرية والأمنية. وحسب عسكريين سابقين، فإن إضفاء الطابع الرسمي على معاهدة للدفاع المتبادل لن يحقق فائدة تذكر أو فائدة إضافية. وإلى جانب ما حذر منه الكثيرون بشأن عرقلة حرية نشاط الجيش في التصرف العسكري، من المحتمل أن يشمل أيضاً إلزام الجيش الإسرائيلي على إرسال قوات له إلى الخارج للمشاركة في حرب تخوضها الولايات المتحدة.

معاهدة أمنية بتأثيرات سياسية

نتنياهو، الذي يخوض معركة صعبة للحفاظ على مكانته السياسية، استغل هذه المعاهدة من أجل تحقيق أهداف حزبية له، فدافع عنها بقوة، ورد على موقف غانتس بالتأكيد على أنه لن يتوقف عن جهوده للتوصل إلى توقيع على هذه المعاهدة، معتبراً أن إبرامها مع الولايات المتحدة لن يقيّد حرية العمل العسكري للجيش الإسرائيلي. وسعى نتنياهو إلى تجنيد حزبه "الليكود" إلى جانب موقفه، فطرح الموضوع خلال اجتماع له مع أعضاء مركز الليكود، ليعلن أنه "سيتم تصميم اتفاق الدفاع بما يتناسب مع احتياجات إسرائيل وسيحافظ على حرية العمل للجيش الإسرائيلي"، وقال "ستكون حكومة وحدة قادرة على تحقيق إنجازات تاريخية، لذلك سأبذل قصارى جهدي لتشكيلها".

من جهته، اعتبر الرئيس السابق للدائرة الأمنية العسكرية في الجيش الإسرائيلي، عاموس جلعاد، أن إصرار نتنياهو على هذه المعاهدة ينبع من اعتبارات حزبية داخلية. وبرأي جلعاد، فإن "إقامة حلف دفاع بين إسرائيل والولايات المتحدة فكرة ممتازة سطحياً لمن ليس ضالعاً في الأمور، أما عملياً فهي فكرة تفوق أضرارها منفعتها".

وشرح جلعاد موقفه قائلاً "صحيح أن إسرائيل توجد في منطقة مركبة تستوجب نشاطاً مستقلاً للجيش الإسرائيلي، خصوصاً وأن جانباً منه لا ينسجم أحياناً مع السياسة العامة للولايات المتحدة. فبوجود الحلف بين البلدين، سيتعين على إسرائيل أن تطلب الإذن وتنسق مسبقاً كل نشاط".

التشاور مع الولايات المتحدة

وتابع جلعاد "لا يمكن توسيع الحديث عن القيود الأمنية، ولكن ليس سراً مثلاً أنه في حرب الخليج طلبت الولايات المتحدة من إسرائيل الامتناع عن مهاجمة صدام حسين، الذي أمر بإطلاق الصواريخ على إسرائيل. لقد كانت المصلحة الإسرائيلية، والتي كانت موضع خلاف، أن تقبل بالطلب الأميركي ولكن لا يصح دائماً. توجد لإسرائيل اليوم علاقات أمنية متفرعة ومؤثرة للغاية مع جهاز الأمن الأميركي. هذه العلاقات هي عمود فقري مركزي في الأمن القومي لإسرائيل أكثر مما كان في أي وقت مضى. العلاقات هي واسعة وشاملة، في مجالات متنوعة، وهي مضاعفات القوة والقدرة لإسرائيل".

وبالنسبة إلى كيفية التصرف تجاه إيران، اختلف جلعاد مع عسكريين وأمنيين. وبرأيه، فإنه في مسار المواجهة مع طهران، الذي توجد فيه إسرائيل، "من الأفضل التشاور مع الولايات المتحدة، على أن يكون القرار النهائي في أيدينا، كما ينبغي أن نتذكر ميل الرئيس دونالد ترمب لتقليص الوجود الأميركي، الميل الكفيل بأن يكون على تناقض مع حلف الدفاع، وهكذا يوجد خطر في أنه كنتيجة للحلف ينشأ توتر زائد بين الطرفين، ومن الأفضل أن تكون الأمور من تحت سطح الأرض".

إسرائيل... والروس

ويتابع "هكذا مثلاً تضطر إسرائيل إلى أن تجري اليوم تنسيقاً أمنياً مع الروس، الدور الذي أدته الولايات المتحدة في الماضي كقوة عظمى عالمية حيال روسيا، وإذا كان هناك حلف دفاع، فسيتعين علينا أن نساوم الأميركيين على دورهم. وعندما نجري الحساب، من الأفضل أن نحافظ على قدرة عمل إسرائيل في منطقة مركبة مثل الشرق الأوسط أولاً، وقبل كل شيء حيال إيران، وتوجد أيضاً تحديات أخرى".

وحذر جلعاد من أن أساس المبادرة لحلف الدفاع ينبع من اعتبارات سياسية داخلية في إسرائيل، مثل تعزيز الصورة قبيل الانتخابات. وقال "من الحيويّ أن يكون كل نقاش في هذا المسار موضوعياً وعميقا، وألا يجري في تصريحات متسرعة. ثمة حاجة إلى دراسة مفصلة، إعداد أوراق موقف، مداولات عميقة وإقرار من المستويات الأمنية والحكومية المختلفة. هذه المرة لا يبدو هذا جدياً، بل مثل الدعاية الانتخابية"، بحسب ما يقول عاموس جلعاد.

يشار إلى أن نتنياهو لا يحصر جهوده في المعاهدة مع الولايات المتحدة، بل إنه بحث مع وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، المبادرة لتوقيع دول عربية على معاهدة "عدم الاعتداء" مع إسرائيل، وذلك في إطار التقارب الإسرائيلي مع الدول العربية.

المزيد من الشرق الأوسط