Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضعف برنامج المحافظين دليل على خشية جونسون من هزيمة محققة

يحاول رئيس الوزراء الجمع بين أمر ونقيضه. فهو يريد "انتخابات بريكست" بالتركيز على قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي وبرنامج انتخابي يعد بتخفيف الضائقة الاقتصادية

زعيم حزب المحافظين بوريس جونسون خلال جولة انتخابية على منطقة سالزبوري في غرب لندن (أ.ب)  

قال  بوريس جونسون  في سياق إطلاقه البيان الانتخابي للمحافظين، "إن هذه حكومةً جديدة،" وذلك في تعليق لا يخلو من دلالة. فهو يريد إقناع الناخبين بأنه يوفر لهم التغيير الذي ينشدونه، كي لا يضطروا للمراهنة على "التغيير الحقيقي" الجذري الذي يعِد به جيريمي كوربين.

ومن خلال الإشارة إلى أيامه الـ 120 في رئاسة الوزراء، يريد جونسون إقناع الناس  بأنه غير معني بالتسع سنوات الأخيرة من حكم المحافظين، على الرغم  من أنه كان نائبا محافظا في مجلس العموم خلال نصف مدة التقشف التي بدأت في عام 2010. (غير أن الرجل الذي وصفه ديفيد كاميرون ذات مرة بـ " خنزير صغير مغطى بالدهن" يصعب قبضه، قد أفلت من المساءلة مرة أخرى خلال برنامج "وقت السؤال" على القناة الأولى التابعة لـ "هيئة الإذاعة البريطانية"  (بي بي سي) يوم الجمعة الماضي، عندما واجهت زعيمة الديمقراطيين الأحرار جو سوينسون أسئلة أصعب حول التقشف بسبب دور حزبها في التحالف).

وسلّط بيان جونسون الانتخابي الضوء على الفجوة الواسعة بينه وبين أسلافه المحافظين. فقد أثبت برنامج تيريزا ماي لعام 2017 صحة القول المأثور بأن البيانات الرسمية نادرا ما تُكسب الانتخابات، بل قد تقود لخسارتها. وكانت وثيقتها نقطة التحول قبل عامين، حين أدى تراجعها عن إصلاحات نظام الرعاية الاجتماعية، التي أُطلق عليها "ضريبة الخرف"، إلى تحولها من مرشحة "قوية وثابتة" إلى "ضعيفة ومتقلبة."

كان التناقض صارخا بين برنامجها وبين بيان جونسون المبني على فكرة الأمان أولا. قال لي مسؤول مطلع داخل حزب المحافظين إن ماي "قدمت لنا دليلا إرشاديا حول كيفية تفادي الأخطاء،" مضيفاً "راجعنا المسودّات مراراً  بشكل دقيق، وأُزيل كل ما من شأنه صرف الانتباه عن الرسالة الرئيسية."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحت إدارة ماي، أحاط داونينغ ستريت أوراق البيان الانتخابي الخاص بها بسرية شديدة، إذ كان الوحيد في الحكومة الذي اطلع على الوثيقة بأكملها هو وزير المالية فيليب هاموند، فيما قرأها بعض الوزراء فقط أثناء سفرهم إلى حفل الإعلان. وبخلاف ذلك، كان الوزراء هذه المرة أكثر انخراطا، وكُشف مقدما عن موضوعات البيان بشكل جيد، وأهمها "تنفيذ البريكست" أولا، ثم يمكننا الاستثمار في الخدمات العامة بعد ذلك. وفي المقابل، لم تهيئ "ماي" الأرضية لمقترحاتها المتعلقة بالرعاية الاجتماعية، وعندما تعرضت هذه المقترحات  للهجوم كان من الصعب حتى عليها أن تدافع  عنها.

أما جونسون، فقد ذهب إلى الطرف النقيض في الرعاية الاجتماعية، واستبدل الحذر بالجرأة، متناسيا ببساطة الوعد الذي قطعه على نفسه  في يوليو (تموز) الماضي بـ "حل" الأزمة. ويؤكد الوزراء أنه لن يتغاضى عن القضية، وسيعالجها بشكل سريع بعد الانتخابات إذا احتفظ بالسلطة. غير أن الكشف عن مزيد من التفاصيل في بيانه كان سيكون موضع ترحيب.

إن ما يُحسب لماي هو أنها تناولت قضية استفادة كبار السن الميسورين من مساعدة الحكومة، باقتراحها إنهاء ضمان "التأمين الثلاثي" على معاشات التقاعد الحكومية، والحدّ من مدفوعات الوقود في فصل الشتاء. وبالمقابل، لا توجد مثل هذه المخاطر في برنامج جونسون الانتخابي، بل تظل اكراميات المتقاعدين (باستثناء تراخيص التلفزيون المجانية لمن هم فوق الـ75 عاماً) ثابتة.

في عام 2017، لم تُدرج ماي تكلفة تعهداتها في بيانها الانتخابي. وعلى نحو ذكي، أعلن حزب العمال عن تكلفة مقترحاته، ليحتل بذلك موقع المحافظين، الذين أُخذوا على حين غرة وأصبحوا عاجزين عن مهاجمة "تكلفة كوربين"  بسبب خطئهم ذاك. وكان العمال يخشون أن يحاول المحافظون الترويج بأن تكلفة مقترحاتهم تصل إلى 1 ترليون جنيه استرليني، لكن ذلك لم يحصل أبداً.

لكن في هذه الانتخابات اختلق جونسون هذه التكلفة، إذ قدّر كم ستُكلف تعهداته المتواضعة واستغل خطابه في إطلاق البيان الانتخابي لترديد ادعاء المحافظين بأنها ستكلف 1.2 تريليون جنيه إسترليني، وهو الادعاء الذي أطلقوه قبل أن يروا برنامج حزب العمال.

في عام 2017، كانت ماي تتصدر استطلاعات الرأي عندما كشفت عن برنامجها الانتخابي. لذلك ليس لدى جونسون أي استعداد للمغامرة بتقدمه بفارق واسع حاليا على الأحزاب الأخرى من حيث الشعبية في استطلاعات الرأي، فأصدر بياناً لتجنب المخاطرة، صُمّم كي لا يُحدث صدمة أو فزعا بين المحافظين. إن فريق جونسون لن يشعر بكثير من القلق إزاء اعتبار برنامجه الانتخابي برنامجا حذراً. إنه يأمل أن يثق الناخبون في تعهداته ويضعونها على نقيض قائمة رغبات حزب العمال الطويلة التي سيراها البعض جيدة إلى درجة لا تُصدق.

يحاول جونسون حتماً الجمع بين أمر ونقيضه. فسبب ضغوط  وزير الخزانة ساجد جاويد، جمّد رئيس الوزراء بعض التخفيضات الضريبية  إضافة إلى الزيادة في الإنفاق التي كان قد خطط لها. وبالتحديد جمّد التعهد الذي قطعه على نفسه خلال انتخابات زعامة حزب المحافظين برفع الحد الأدنى لمعدل الضريبة على الدخل البالغة 40% من 50 إلى 80 ألف جنيه إسترليني. وهو يأمل أن يحظى بالثناء  لصرف الأموال على "أولويات الناس" مثل خدمة الصحة الوطنية والمدارس والشرطة، وفي الوقت نفسه يريد ضمان وجود خط فاصل واضح بينه وبين حزب العمال في المسؤولية المالية.

يودّ جونسون، على غرار ماي قبل عامين، لو يهيمن موضوع البريكست على الانتخابات، لكنه يعرف أن ذلك لن يحصل. أساءت ماي تقدير المزاج الشعبي بشأن التقشف. وفي المقابل وجد جونسون "شجرة المال السحرية،" التي يهزّها فتعطيه ما يريد من النقود، لكنه أقل سخاءً من كوربين في توزيع ثمارها.

إنه يعرف، هو وحزبه، أن لديهما مشكلة ثقة حين يتعلق الأمر بالخدمات العامة. قد يرى بعض الناخبين أن جزءاً كبيرا من إنفاق حزب المحافظين الإضافي لن يكفي لمعالجة المشاكل الناجمة عن التخفيضات التي نفذوها هم أنفسهم، لا سيما في دوائر حزب العمال الداعمة للخروج من الاتحاد الأوروبي في شمال ووسط البلاد، التي يستهدفها جونسون، وهي نادرا (هذا إن حدث ذلك أصلا) ما انتخبت نائبا محافظا. لذلك، فبعد تسع سنوات من التقشف ربما يكون الناخبون أقل استعداداً لاعتبار حكومة جونسون "جديدة" كما يأمل.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء