Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتهاكات الجيش البريطاني المزعومة في العراق وأفغانستان تؤكد فشله الكامل في الحربين

تحليل: إذا كانت الادعاءات صحيحة فإنها ستكون منسجمة مع سجل المملكة المتحدة السيء على جبهتي القتال

كشف التحقيق عن أدلة جديدة من داخل فريق الادعاءات التاريخية في العراق (غيتي)

يبدو أن الرهان المزعوم للحكومة والجيش البريطانيين في سعيهم لإغلاق التحقيقات المعنية بأعمال التعذيب والقتل المتعمد في العراق وأفغانستان، يبدو أن ذلك جاء نتيجة شعور عام في المملكة المتحدة لنسيان كل ما يتعلق بهاتين الحربين الفاشلتين.

وإذا كان اللوم يُلقى عموماً على رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الذي يعتبر مسؤولاً عن إشراك بريطانيا في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في 2003، فإن هناك اهتماما ضئيلا بالوضع البائس الذي دُفعت القوات البريطانية للخوض فيه بعد الغزو، في جنوب العراق أولا، وثانيا في إقليم هلمند بأفغانستان بعد ثلاث سنوات.

ليس هناك شك بأن الحسابات الخاطئة في الحالتين كانت جسيمة. وكان السير شيرارد كاوبر- كولز، السفير البريطاني في كابُل آنذاك، قد كتب في مذكراته أن أسوأ خطأ ارتكبته وزارة الخارجية في الثلاثين سنة الأخيرة هو غزو العراق، ويأتي بعده في المرتبة الثانية من حيث السوء "تأييدها المتحمس للجهد البريطاني غير الناضج لاحتلال هلمند عام 2006".

فالمزاعم بأن جرائم حرب قد ارتُكبت، كما سيذكر برنامج  "بانوراما" الذي تبثه القناة التلفزيونية الأولى التابعة لـ " هيئة الإذاعة البريطانية" ( بي بي سي)  مساء الاثنين،  منسجمة مع سجل المملكة المتحدة السيء في هذين النزاعين.

وبهذا الصدد، قالت "المحكمة الجنائية الدولية" إنها تفكر في فتح تحقيق بالمزاعم، استنادا إلى وثائق مسربة. أما وزارة الدفاع البريطانية فاعتبرت إن هذه المزاعم عارية عن الصحة ولا تستند إلى أدلة.

يُذكر أنه بعد احتلال بغداد، بقي الجيش البريطاني في جنوب العراق، وغالبا في البصرة ومحيطها، ويبدو أن اختيار منطقة الانتشار تلك تمّ على أساس تصور مفاده أنها مناطق ستكون أكثر هدوءاً من محافظات يقطنها العرب السنّة وكانت تدعم صدام حسين بقوة.

لكن سرعان ما اتضح أن الشيعة في الجنوب لم يكونوا مستعدين للقبول بالاحتلال البريطاني على الرغم من سعادتهم بالتخلص من صدّام. وجاء نذير الشؤم الذي يؤكد هذا الموقف في 24 يونيو (حزيران) 2003، حين سقط ستة من أفراد "الشرطة العسكرية الملكية البريطانية" قتلى برصاص أُطلق عليهم في بلدة المجرّ الكبير القريبة من مدينة العمارة. 

وقُتل الجنود الستة الذين كانوا يقدمون المشورة للشرطة المحلية، في الوقت الذي كان فيه قوات من المظليين البريطانيين يقومون بعملية أمنية في جزء آخر من المدينة تخلّلها تبادل لإطلاق النار أسفر عن مقتل عدد من السكان. وفي أعقاب ذلك مباشرة كان هناك هجوم انتقامي استهدف أفراد الشرطة العسكرية الملكية.

تلخص تلك الحادثة التناقض المدمر الذي كانت تواجهه القوات البريطانية التي شاركت باحتلال العراق. فعدد أفراد هذه القوات وطبيعتها يناسبان القيام بعمليات في بلد يكون أغلب سكانه مسالمون وينظرون بعين الرضا إلى هذه القوات، لكن إذا كان العكس صحيحا، وكان الأمر كذلك بكل تأكيد، فإن عدد الجنود كان قليلا جدا وكانوا في وضع خطر. وكان الضباط البريطانيون يزعجون نظراءهم الأميركيين بادعائهم أنهم يمتلكون خبرة مسبقة في هذا النوع من الحروب، استقوها من تجاربهم في الملايو وآيرلندا الشمالية. وقال نقيب في المخابرات العسكرية، كان قد تمركز مدة عام في البصرة، في وقت لاحق على خدمته هناك "بقيت أحاول دون نجاح أن أشرح لرؤسائي أنه كان لنا حلفاء محليون في  ملايو وآيرلندا الشمالية وذلك خلافاً لوضعنا  في البصرة حيث نحن لوحدنا  من دون أي حليف ".

وكان تقرير شيلكوت قد كشف عام 2016 بالتفصيل عن جوانب الضعف في وضع القوات البريطانية. لكن كشوفاته في هذا المجال طغى عليها هوس الإعلام آنذاك في سعيه للعثور على دليل مادي قاطع يدين توني بلير بتوريط بريطانيا بالحرب، من جهة، وصدمة نتيجة استفتاء بريكست التي تزامنت مع صدور ذلك التقرير، من جهة ثانية.

يشرح تقرير شيلكوت أن القوات البريطانية في البصرة، استنفدت بحلول عام 2007 الأفكار التي تساعدها على مواجهة الوضع، وكان أمرا "مهينا أن تصل المملكة المتحدة إلى وضع جعلها تعتبر عقد اتفاق مع ميليشيا جيش المهدي، التي كانت قد استهدفت، بشكل فعال، القوات البريطانية، أفضل خيار متوفر لها".

فحسب شيلكوت، كانت الاستراتيجية البريطانيةالثابتة  من عام 2003 وحتى انسحاب هذه القوات الكامل من العراق في 2009 هي "خفض مستوى نشر القوات" هناك من دون الإساءة  للولايات المتحدة. وكان السبيل للقيام بذلك عبر إعادة نشر هذه الوحدات في أفغانستان التي كان يعتقد أنها أكثر استقرارا من العراق. لكن توقيت وصول هذه القوات إلى أفغانستان تزامن مع استئناف حركة طالبان حرب العصابات ضد قوات التحالف الدولي والتي تمخضت عن  مقتل 405 عسكريين بريطايين في السنوات اللاحقة.

أجريت تحقيقات مع هؤلاء الذين يمكن أن يكونوا قد ارتكبوا جرائم حرب في هذين النزاعين، حتى ولو أنهم لم يمثلوا أمام المحكمة. لذلك، سيكون أمرا حسنا أن يتحمل أولئك المسؤولين عن هذه الغزوات المشؤومة مسؤولية أفعالهم.

© The Independent

المزيد من الشرق الأوسط