Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران الغارقة في انتفاضات المشرق تتجنب الرد على التهديدات الإسرائيلية

تعرف أن الخطر الحقيقي الذي تواجهه هو انتصار الشعب العراقي في معركته من أجل قيام دولته الوطنية

تدرج إيران انتفاضتي لبنان والعراق في سياق "جدول أعمال أميركي" (أ.ف.ب)

لم يبدِ المسؤولون الإسرائيليون علناً، اهتماماً كبيراً بالتحركات الشعبية الجارية في لبنان على حدودهم الشمالية، ولم يصدر عنهم ما يشير إلى مراقبة حثيثة لتطورات العراق حيث يواصل العراقيون ثورة شعبية تواجه بالقمع والمجازر.

فِي المقابل، تُدرج إيران انتفاضتي لبنان والعراق في سياق "جدول أعمال أميركي" يستهدف ما تسميه محور المقاومة. وتلاقيها إسرائيل في ذلك بحديث لا يتوقف عن استعدادات لضرب إيران عسكرياً، في سوريا ولبنان وحتى في العراق، من دون أن يتحول الحديث إلى خطوات نوعية عملية. ما يثير شبهات حول حقيقة الصراع الإيراني الإسرائيلي حجماً وأهدافاً.

صادف يوم ٢٩ نوفمبر (تشرين الثاني) اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. واكتفت إيران التي اعتادت التجارة بالمناسبات المتعلقة بفلسطين بتغريدة على تويتر أطلقها عباس موسوي الناطق باسم وزارة الخارجية قال فيها "سبعة عقود من الْخِزْي للكيان الصهيوني. سبعة عقود من العار على المجتمع الدولي...". تراجع الاهتمام الإعلاني بقضية فلسطين مسألة لافتة للنظر، يفسرها التركيز الإيراني على مسار استثمارات طهران في دول المنطقة وفي إيران نفسها، حيث تلقت انتفاضة شعبية اقتصادية ردوداً قمعية قاتلة.

يقول خطيب جمعة طهران محمد علي أكبري في خطبته يوم الجمعة الماضي، إنه خلال الشهور الثمانية الماضية "تلقى قادة الاستكبار ضربات إستراتيجية من محور المقاومة". وأدرج تلك الضربات على النحو الآتي:

الهجمات الصاروخية من غزة على الأراضي الفلسطينية.

هجمات الحوثييين على أرامكو!

هجوم حزب الله على إسرائيل.

رد الحرس الثوري الإيراني في موضوع ناقلات النفط، وإسقاطه طائرة أميركية مسيرة.

واعتبر الخطيب المذكور، مكرراً التحليل الذي أطلقه خامنئي منذ البداية، أن "جدول أعمال أميركا" تضمن في المقابل تشجيع ما يجري في لبنان والعراق. إذ يقول إن "ما حدث في العراق والهجوم على القنصلية الإيرانية، والتظاهرات في لبنان... كل ذلك في جدول الأعمال الأميركي".

لا تظهر إسرائيل على شاشة رادر القيادة الإيرانية إلا من نافذة دور أنصار إيران في غزة، فتلك القيادة تولي أهمية قصوى لحفظ مكاسبها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ولا تثير الأحاديث الإسرائيلية عن خطط لضرب النفوذ الإيراني قلقاً يذكر، ما يطرح سؤالاً قديماً يتردد في الذهن العربي عن حجم التلاقي والتنابذ الإيراني الإسرائيلي في مشروع السيطرة على المشرق العربي.

لم تهتم طهران كثيراً، أقله علناً، بالتصريحات الأخيرة للمسؤولين الإسرائليين عن ضرب وجودها في سوريا. ولم تعلق على هجمات تعرضت لها قواتها في محيط دمشق. وفي أعقاب هذه الهجمات تحدث وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينيت، عن سياسة جديدة ضد الوجود الإيراني في سوريا "تقضي بشن هجمات متواصلة ضد القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها حتى انسحابها من سوريا". وخلال اجتماع لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي قال باستغلال فرصة أن "إيران تواجه أزمة داخلية عميقة خصوصاً في العراق ولبنان... وأن حزب الله يواجه أزمة مشابهة واحتمال تدخله ضئيل". وختم الوزير الإسرائيلي أن "على إيران الانسحاب من سوريا... وممنوع تكرار خطأ السماح لحزب الله بنصب قذائف صاروخية قرب الحدود كما جرى منذ ٢٥ سنة (من سمح بذلك؟)... وينبغي القيام بعملية عسكرية هجومية إلى جانب زيادة الضغوط الاقتصادية والسياسية على إيران... والتوقيت الصحيح هو الحالي، إذ نشأت نافذة فرص إستراتيجية لتنفيذ سياسة متشددة"، يختم وزير الأمن الإسرائيلي.

لم تلقِ القيادة الإيرانية بالاً للمشاريع الإسرائيلية ضدها، فهي تعرف أن التهديد الحقيقي الذي تواجهه هو انتصار الشعب العراقي في معركته من أجل قيام دولته الوطنية، وتحقيق الشعب اللبناني طموحاته في دولة القانون والسلطة النزيهة، وهو كذلك في استعادة الشعب اليمني سلطته عبر مؤسساته الشرعية وإنهاء الحالة الانقلابية المستشرية. ويمكن هذه القيادة أن تستفيد من التحليلات الإسرائيلية لتعزيز دعايات محور المقاومة المزعوم، لكن الغريب أنها لم تستثمر في هذا المجال بقوة كما اعتادت. ما يشير إلى حجم الأزمة التي تعانيه في بلد المنشأ كما في بلدان انتشار المشروع الخميني.

المزيد من آراء