Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

روسيا وإيران خفايا الخلاف والاتفاق في سوريا

قوة العلاقات الروسية الإيرانية وضعفها تضيق وتتسع حلقاتهما كلما اشتد الصراع في المنطقة إقليمياً، وبتأثير من مصالحهما المشتركة

منطقة باب قنسرين في المدينة القديمة في حلب (أ. ف. ب)

تولت موسكو إدارة دفة سلسلة من التسويات على نار هادئة، خلال مفاوضات واتصالات مع المجتمع الدولي، في وقت يقترب السوريون من حل سياسي وشيك ستوضع أولى نقاطه في مؤتمر سوتشي، المزمع عقده في 14 فبراير (شباط) الحالي. وعلى الرغم من أن التوأمة الروسية الإيرانية، طوال السنوات الثماني من عمر الحرب السورية، مثّلت دوراً داعماً لدمشق عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، في ظل استفادة طهران من توفير موسكو المناخ لها للتقارب الدولي، إلا أن هذه العلاقة أمام امتحان صعب الآن.

صراع في الخفاء

مع تسارع الحراك الدبلوماسي الذي تشهده المنطقة، بالتزامن مع دفع عجلة التفاوض السوري ـ السوري نحو الأمام، تدور تكهنات عن تراجع في العلاقات الروسية الإيرانية وانحدارها في الخفاء. وهذا ما يعزوه سياسيون إلى تحجيم كل طرف تمدد نفوذ الآخر في سوريا. وفي ظل لعبة المصالح الاقتصادية محلياً، تدخل الحسابات الإقليمية في اختبار صلابة هذه العلاقات ومتانتها، ومن بينها الضغط الإسرائيلي، خصوصاً الاعتداءات المكثفة التي تشنها إسرائيل على سوريا، التي وُصِفت بأنها الأشد بعد استهدافها مواقع عسكرية إيرانية غاية في الأهمية.

وتفسر المعارضة السورية إعلان موسكو ضرورة خروج القوات الأجنبية من سوريا، مع انطلاق الحل السياسي، بأنها إشارة عن سعي موسكو إلى إخراج طهران من البلاد. ما دفع ألكسندر لافرنتييف، المبعوث الروسي إلى سوريا، إلى توضيح المقصود بأنه إجلاء القوات الإيرانية، فضلاً عن الأميركية والتركية.

وعلى الرغم من أن لكل من إيران وروسيا مصلحة مشتركة في الحد من نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إلا أن العامل الإسرائيلي هو من عوامل الخلاف على الأرض. كذلك، تسعى موسكو إلى وضع تسويات سياسية لإنهاء الحرب، والعمل على إعادة الإعمار في المقام الثاني. وهذان الأمران لا يحصلان إلا برحيل الجانب الإيراني عن الأرض السورية، فلا إعمار من دون تمويل دولي، وفق ما يقول معارضون.

وتنتقل العلاقات بين الحليفين الروسي الإيراني من الإستراتيجي إلى التكتيكي، وبالعكس، وفق ما تحمله كل مرحلة من قواسم مشتركة أو نقاط تباعد بين البلدين. ووفق منصات المعارضة السورية، فإن الجانبين قد يختلفان في الميدان، إلا أنهما يتفقان على تنمية الاقتصاد، وكلما زادت العقوبات الأميركية والأوروبية على البلدين زاد التقارب بينهما أكثر.

إيران تستورد من روسيا

تحاول إيران دفع العلاقات مع روسيا نحو الأمام، عبر تعزيز قطاعها الدفاعي وتطوير إستراتيجية جديدة للأمن القومي، خصوصاً بعدما وقّعت اتفاقاً حكومياً دولياً في شأن التعاون العسكري طويل الأمد. وتعدّ إيران رابع أكبر مستورد للمعدات العسكرية الروسية، بعد الصين والهند والإمارات العربية المتحدة، وهي اشترت 6.1 في المئة من إجمالي صادرات روسيا من الأسلحة. وكشف مركز تحليل تجارة الأسلحة العالمية في موسكو أن صناعة الدفاع الروسية خسرت حوالي 13 مليار دولار في مبيعات الأسلحة، إثر عقوبات الأمم المتحدة المفروضة على إيران.

وعلى الرغم من حالة الجفاء الاقتصادي، يُحتمل أن تتفاوض إيران وروسيا حول إيجاد آلية للتعامل المالي للتهرّب من هذه العقوبات، وفق الغرفة المشتركة الإيرانية الروسية التجارية. إذ إن الدولتين تتمتعان بقدرة تجارية عالية، وما زال جزء كبير من هذه القدرة غير مستغل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نقاط الخلاف مع روسيا، أثارها الإصلاحيون في إيران، الذين يصرّون على أن طهران يجب أن تشارك بجديّة في عملية إعادة إعمار سوريا لتعويض نفقاتها خلال سنوات الصراع، وهم يسألون: لماذا يجب أن ننفق ثروتنا الوطنية في مكان آخر في العالم من دون الحصول على منافع اقتصادية من ذلك؟

يرى المحافظون من جهتهم، أن التعاون مع روسيا حافظ على مصالح إيران الأمنية والجغرافية السياسية في سوريا. كما أنه منع انتشار المتطرفين في جميع أنحاء المنطقة.

ويحاول البلدان، على اختلاف رؤيتهما مستقبل سوريا، ترسيخ التحالفات. ويرى مراقبون أن موسكو وطهران على الرغم من شراكتهما، إلا أنهما لا يمتلكان الخطط المستقبلية المشتركة والرؤية المتكاملة في شأن سوريا. ويبدو أن المحافظين يحاولون التقليل من أهمية موقعهم في سوريا. وذكر حميد عزيزي، الباحث في معهد الدراسات الإيرانية والأوراسية، أن فريقاً في إيران يرى أنه يجب أن تدخل الصين في تحالف مع روسيا وإيران للتعامل مع الحرب المختلطة التي تشنّها الولايات المتحدة.

عسكرياً، هناك عقبات رئيسة أمام التعاون العسكري الإيراني الروسي، بعدما وافقت روسيا على بيع خمسة أنظمة "S-300PMU- 40" قاذفة إلى إيران مقابل 800 مليون دولار، وفق تقرير صحيفة إيكونوميك تايمز. لكن، نتيجة قرار مجلس الأمن الصادر في يونيو (حزيران) 2010، بفرض عقوبات على إيران تتضمّن حظراً على بيعها الأسلحة الحديثة بسبب برنامجها النووي، ألغت روسيا تسليم الصواريخ وأوقفت جميع أشكال التعاون العسكري والتقني.

في المقابل، طالبت إيران بتعويضات بقيمة أربعة مليارات دولار، إذ لا يمكن أن يتحقق التعاون العسكري الكامل بين إيران وروسيا إلا بعد رفع عقوبات الأمم المتحدة.

ودخل البلدان في سباق ميداني لكسب الأرض في حربهما على المتطرفين. وأعلنت روسيا تزويد سوريا بمنظومة الدفاع الجوية "إس 300" المتقدمة، إضافة إلى أجهزة إلكترونية حديثة قادرة على التمييز بين المقاتلات الصديقة والمعادية في الأجواء. لكن إرسال هذه المنظومة إلى سوريا، أثار غضباً إسرائيلياً وأميركياً، فيما قدّمت إيران الدعم اللوجستي والخبراء العسكريين والقوات البرية حفاظاً على المصالح المشتركة.

قوة العلاقات الروسية الإيرانية وضعفها تضيق وتتّسع حلقاتها، كلما اشتدّ الصراع في المنطقة إقليمياًـ وبتأثير من مصالحهما المشتركة. إذ شهدت العلاقات تطوّراً في أكتوبر (تشرين الأول) 2007 بعد لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمرشد الأعلى في إيران السيد علي خامنئي، وعقدهما تحالفاً إستراتيجياً عميقاً في وجه الولايات المتحدة، الخصم اللدود لكلي البلدين. ثم ازداد التقارب، بعد مدّ موسكو إيران بالتجهيزات العسكرية والبحثية، ثم دخل البلدان في تحالف، إثر اندلاع الحرب السورية، مع دمشق.

المزيد من الشرق الأوسط