Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحلات الفرار مستمرّة مع تقدّم قوات سوريا الديموقراطية وانحسار "داعش"

ينحصر وجود التنظيم في مناطق صحراوية صغيرة لا تتعدّى الثلاثة كيلومترات مربعة، والفارون يجتازون الصحراء على متن شاحنات صغيرة وسط الغبار والحرارة المنخفضة

نساء وأطفال فارون من "داعش" في شاحنة، 11/2/2019 (رويترز)

يستمرّ المدنيّون بالفرار من الكيلومترات الأخيرة الواقعة تحت سيطرة "داعش" في ريف دير الزور الشرقي، في ظلّ اشتباكات عنيفة في المنطقة بعد إعلان قوات سوريا الديموقراطية (قسد)، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، بدء المرحلة الأخيرة من عملياتها العسكرية لطرد التنظيم من آخر معاقله، وذلك بعد توقف المعارك لأكثر من أسبوع، للسماح للمدنيّين بالخروج من هذه المناطق.

فبعد منتصف ليل الاثنين، خرج نحو 600 شخص من منطقة باغوز، الواقعة تحت سيطرة التنظيم، وفق ما أفاد مصطفى بالي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديموقراطية لوكالة "فرانس برس"، مرجّحاً وجود أكثر من 600 مقاتل من التنظيم في المنطقة المحاصرة، من دون أن يكون زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي من بينهم. ونفى بالي وجود أي مفاوضات أو اتفاق مع التنظيم للسماح له بالانسحاب إلى خارج سوريا.

وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، لـ "فرانس برس"، إنّ غالبية الذين خرجوا من المنطقة المحاصرة هم من النساء والأطفال الأجانب، من جنسيات روسية وتركية وفرنسية وشيشانية، أوقف منهم 28 مقاتلاً من التنظيم، بينهم سبعة أجانب. ويعيش المدنيون في آخر معاقل التنظيم ظروفاً بائسة، في ظلّ نقص الطعام والمياه والأدوية.

خسائر "داعش" ومعاناة الفارّين

التنظيم، الذي استطاع منذ العام 2014 السيطرة على مساحات واسعة تقدرّ بمساحة بريطانيا، توالت خسائره الميدانية منذ بدء الهجوم ضدّه في أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي. إذ تمكّنت قوات سوريا الديموقراطية، التي تضم فصائل كردية وعربية، من طرده من كل بلدات وقرى ريف دير الزور الشرقي وحصر وجوده في مناطق صحراوية صغيرة لا تتعدّى الثلاثة كيلومترات مربعة، تمتدّ من أجزاء في بلدة باغوز وصولاً إلى الحدود العراقية. وتخطّى عدد الفارين من مناطق سيطرة "داعش"، منذ ذلك الوقت، الـ 37 ألف شخص، بينهم حوالي 3400 موقوف مشتبه بانتمائهم إلى التنظيم، وفق المرصد السوري، الذي سجّل مقتل 670 عنصراً من "قسد" مقابل 1298 عنصراً من "داعش"، إضافة إلى مقتل 417 مدنياً بينهم 151 طفلاً.

يجتاز الفارون من التنظيم مئات الكيلومترات على متن شاحنات صغيرة، وسط غبار الصحراء والحرارة المنخفضة، ليصلوا إلى منطقة قاحلة مخصصة لفرزهم، حيث يخضعون لعملية تفتيش وجمع البصمات وتدقيق أوّلي في هوياتهم من قبل عناصر "قسد"، قبل أن يُنقلوا إلى مخيّمات في شمال شرق سوريا، فيما يحوّلُ المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم إلى مراكز تحقيق خاصّة.

وأحصت الأمم المتحدة وفاة 35 من الأطفال وحديثي الولادة، بسبب البرد خلال رحلات الخروج من مناطق "داعش" في الشهرين الماضيين.

وروت سيدتان فرنسيتان لـ "فرانس برس" أنّهما دفعتا المال لمهرّبين لقاء تأمين خروجهما من منطقة سيطرة التنظيم. وقالت إحداهما، بعدما عرّفت عن نفسها باسم كريستال وهي في العشرينات من العمر من مدينة بوردو الفرنسية، إنّ "العديد من الفرنسيين والمهاجرين ما زالوا يحاولون الخروج، لكن التنظيم لا يسمح لهم". أضافت، وهي تحمل طفليها، البالغين من العمر سنة وثلاث سنوات، "يسمحون لجميع العراقيين والسوريين بالخروج، لكن يعرقلون خروجنا".

 

تقدّم بطيء لـ "قسد" 

على الرغم من توقّعها استمرار الهجوم الأخير أياماً عدة، تتقدّم "قسد" ببطء على حساب "داعش"، بسبب زرع الأخير الألغام الأرضية وحفره الأنفاق في المنطقة واستخدامه القنص، إضافة إلى أسره عناصر من "قسد". وحذّرت الأخيرة من الخلايا النائمة للتنظيم، خصوصاً المنتشرة في ريف دير الزور، حيث لاتزال تشن هجمات مضادّة.

وقال الكولونيل شون راين، المتحدّث باسم التحالف الدولي، لـ "فرانس برس"، إنّ "العدوّ" محصّن في شكل كامل ويستمرّ مقاتلوه في شنّ "هجمات معاكسة"، موضحاً أنّ التحالف مستمرّ في "ضرب أهداف التنظيم كلما كان ذلك متاحاً"، وأنّه حرّر حوالي 99.5 في المئة من الأراضي الواقعة تحت سيطرته. أمّا بعد انتهاء المعارك، فيبقى أمام "قسد" والتحالف الدولي "إجراء عمليات تطهير"، وفق راين، بعدما "تعمّد التنظيم ترك عبوات مفخخة خلفه لقتل المدنيين الأبرياء".

ومع صعود سحب من الدخان الكثيف فوق باغوز، ومواصلة التحالف الدولي شنّ الغارات والقصف المدفعي دعماً لـ "قسد"، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 16 مدنيّاً على الأقلّ، الاثنين، بينهم سبعة أطفال، نتيجة غارات التحالف على أطراف بلدة باغوز.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ماذا بعد "داعش"؟

تستمرّ "قسد" في معركتها ضدّ "داعش" وسط تخوّف الأكراد، وهم أبرز حلفاء واشنطن، من تبعات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من سوريا، الذي فاجأ العالم به في 19 ديسمبر (كانون الأوّل) الماضي، معلناً هزيمة التنظيم.

وأعقب القرار الأميركي تفجير انتحاري استهدف دورية أميركية وسط مدينة منبج، شمال سوريا، موقعاً أربعة قتلى أميركيين وخمسة من "قسد" وعشرة مدنيين. تلاه بعد أيّام، تفجير انتحاري ثان استهدف رتلاً أميركياً في ريف الحسكة الجنوبي، وأسفر عن مقتل خمسة مقاتلين من الأكراد كانوا يرافقون الرتل. 

ويخشى الأكراد أن يسمح انسحاب أميركا من سوريا لتركيا بمهاجمتهم، خصوصاً أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان أعلن استعداد بلاده لتنفيذ عملية عسكرية شرق الفرات. وإعلان ترمب وأردوغان لاحقاً اتفاقهما على إقامة منطقة آمنة شمال سوريا، دفع الأكراد إلى فتح باب الاتصال مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد لحمايتهم من أي تهديد تركي.

ومع الاقتراب المزمع للقضاء على "داعش"، تعود إلى الواجهة مسألة توزيع القوى وبسط النفوذ في الشمال السوري، في ظلّ مصالح متضاربة بين الحلفاء والخصوم.

المزيد من الشرق الأوسط