Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قادة البحار يجددون من الرياض عزمهم "تأمين الممرات الاستراتيجية"

ممثلو 15 دولة تساءلوا عن الجاهزية أمام حركة 6000 سفينة وحضوا "دولاً خاملة" على التحرك

تحرك خليجي ودولي لتأمين شريان الاقتصاد العالمي عبر المضايق الاقليمية. (اندبندنت عربية)

في الوقت الذي بدأت القطع البحرية الأميركية بالتدفق إلى مياه الخليج الأسابيع الماضية، تسارعت الخطوات الخليجية والعالمية للانضمام إلى التحالف الدولي لتأمين الملاحة البحرية عبر فرض السيطرة على ممرات المياه الإقليمية الاستراتيجية بعد أعمال الإرهاب والقرصنة الإيرانية التي خلقت إصراراً عالمياً على وضع حدٍ لتهديد نحو 90 في المائة من اقتصاد العالم الذي يمر عبر البحار، وعلى رأسها مضيق هرمز وباب المندب، حيث يعبر يومياً 19 مليون برميل نفط تشكل شريان الطاقة في الكرة الأرضية.

وفي السعودية التي جددت مرات عدة الاحتفاظ بحقها في الرد على التهديدات التي تعرضت لها منشآتها وناقلاتها النفطية من جانب النظام الإيراني المتدثر بالنكران، أجمع قادة القوات البحرية في 15 دولة بينها أميركا وبريطانيا وفرنسا وأسبانيا، على ضرورة التوحد من أجل تعزيز أمن المياه البحرية في منطقة الخليج والشرق الأوسط، بعد تزايد التهديدات التي تتعرض لها المسارات التجارية عبر بحار المنطقة وممراتها الاستراتيجية.

وأكد المجتمعون في سياق "الملتقى البحري السعودي الدولي" الذي أقيم في الرياض أخيراً برعاية ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، أهمية "تعزيز استقرار المياه الدولية، هي مسؤولية كل دول العالم وليس قوات التحالف الدولي بمفردها"، في إشارة إلى التحالف الذي تقوده أميركا ويضم 33 دولة، كان آخر من أعلن انضمامه إليه عربياً الكويت وقطر. وهو تحالف يقوم بالتزامن مع جهود موازية تقودها فرنسا بمشاركة ألمانية وأخرى هولندية لأداء المهمة نفسها في المنطقة، بتنسيق مع الولايات المتحدة.

وكان قائد القوات البحریة الملكیة السعودیة الفریق الركن فھد بن عبدالله الغفیلي اعتبر "بناء الثقة بين جميع الأطراف، المرتكز الأهم لتحقيق الأمن البحري، بالتوافق بين الأنظمة القتالیة البحریة"، ليؤكد مواطنه  اللواء البحري الركن علي الغانمي، أن بلاده لديها "ما يقارب 16٪؜ من احتياطي النفط في العالم، لذلك هي من أكبر المصدرين للنفط الخام في العالم، وأن الحدود والممرات البحرية فيها تنقل أكبر منتجات النفط بما يقارب 12 مليون برميل نفط يومياً، بينما نقاط الاختناق والمعابر البحرية مسؤولة تقريبا عن 61٪؜ من احتياطي الوقود في العالم والمنتجات البترولية"، مؤكداً أن مضيق هرمز هو الأهم في العالم بتدفق 19 مليون برميل يومياً في العام الجاري 2019، عبره، ناهيك عن أن 90 في المائة من تجارة العالم تمر عبر البحار، وعندما يختل أمن بحر من تلك البحار، فإذن ذلك يبعث رسالة للقوى المعادية في بحار أخرى بأن العبث بسلع العالم الاستراتيجية أصبح أمراً ممكناً!

حلول جمعية وأحادية

أمام التحركات التي آمن القادة البحريون الذين حضروا المناسبة مدججين برتبهم العسكرية، استعرضوا الحلول الجماعية والأحادية، وأقروا بدور قوات التحالف في خفض التهديدات، فهي "تبذل قصارى جهدها من أجل استقرار الامن، وتراقب حركة آلاف السفن للتأكد من قانونية انتقالها، مستخدمة في ذلك القطع البحرية والجوية لضمان الأمن في المضايق البحرية، وهناك وسائل وطرق اتبعها البحرية البريطانية من أجل حماية أسطولها البحري، عبر إدارة المخاطر، في المجال البحري، لتعزيز الرخاء في المملكة المتحدة، والمساعدة في بناء عالم مستقر"، كما يُنظّر اللواء البحري أحمد البريكان، الذي لفت إلى تأمل المرتكزات الأربع التي رآها عالم هولندي محورية في قيام الدول، وهي "التطوير البيئي، وتطوير الاقتصاد، وتعزيز الأمن القومي، وقوة البحر"، بما يعني أن الأمن البحري عنصر أساس فيها جميعاً.

أما العقيد في القوات البحرية الأميركية  كروزبي فأقر بأن المنطقة شهدت أحداثاً سياسية وعسكرية خلال أشهر مايو ويونيو ويوليو، وأن "لمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية واستراليا وألبانيا وغيرها من الدول، كانت لاعبا رئيسياً في هذه الأحداث التي شهدتها المنطقة، كما شاركت الولايات المتحدة في هذه الأحداث بشكل أو بآخر، وربما يفسر هذا الأمر مجيئي إلى هنا بالزي العسكري، وليس المدني، وما لفت نظري بالفعل مشاركة ألبانيا في تلك الأحداث، لأنها أدركت خطورة الموقف عليها، وضرورة أن يكون لها دور في صد هذا الخطر عنها".

معنى تكوّن الحضارات على ضفاف البحار

فيما لفت العميد البحري الركن سامي العقيل من القوات المشتركة للتحالف إلى رمزية البحر ليؤكد على أهمية حماية المضايق الدولية، للمحافظة على استقرار التجارة الدولية. وقال: "نحن ندرك أهمية البحار في نشر المعرفة وتعزيز العلاقات وتبادل الثقافات بين الدول، وهذا يفسر لنا أسباب تشييد الحضارات على مقربة من البحار فعبر التاريخ البشري، كانت البحار مهمة جدا للإنسان، وكانت الطرق البحرية هدفاً للعصابات المختلفة، التي أرادت السيطرة على خيرات البحار ومقدراتها، ومن هنا، قامت الأمم المتحدة بتطوير الإجراءات، وسن القوانين والأنظمة لحماية البحار من أعمال القرصنة والسيطرة عليها، وكانت منطقة الشرق الأوسط من المناطق المستهدفة من هذه القوانين ولأنظمة".

وأضاف: "اكتشاف النفط والغاز كان فصلا مهما لتعزيز أهمية البحار، في تسويق هذه المنتجات، ونقلها من الدول المصدرة، إلى الدول المستوردة، وهناك أعمال قرصنة، تمت مقاومتها من قبل رجال خفر السواحل، ولعل ما تعرضت له شركة أرامكو السعودية هذا العام، لهجوم على منشآتها النفطية، من أخطر الأعمال التي شهدتها مياه الخليج العربي، وأيضا تعرض السفينة البريطانية للحجز في مياه الخليج، رغم انها ترفع علم بريطانيا، وهذا الأمر يشير على عدم توقع الأمور والاحتياط لها بالشكل المطلوب".

وتابع "القوات الأمريكية تتفاعل مع هذه الحوادث، وتحرص على مساعدة الذين يحتاجون إلى مساعدتها، ومن منطلق القيم والمبادئ التي تؤمن بها البحرية الأمريكية، وهذا يعزز أهمية المشاركة بين الدول، والتعاون فيما بينها لحماية المصالح العامة للدول في المياه الإقيلمية".

دول خاملة بلا دور

وكشف المقدم روب شو من القوات الأمريكية والقوات البحرية المشتركة عن توجهات البحرية الأمريكية في المنطقة، والدور الي تلعبه لمكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط. وقال: " كنا حريصين على نشر الأمن في المنطقة وتعزيز الاستقرار في البيئة البحرية في الخليج العربي، والمحيط الهندي، وأخذنا كل التهديدات التي تصدر هنا أو هناك على محمل الجد، وتتعامل الدول المشاركة في التحالف الدولي بكل جدية مع هذه التهديدات وننسق الأدوار بيننا للوصول إلى  أفضل توافق لمواجة التحديات".

وأضاف: "التحالف مكون من 33 بلدا حول العالم، وكل قارة تشترك بقوات لحماية التجارة العالمية، مدركة أن أي تهديدات ستؤثر على مستقبل التجارة الحرة، في الوقت نفسه، هناك دول خاملة، ليس لها أي مشاركة في التحالف الدولي، ونحن نراقب حركة أكثر من 500 سفينة في المنطقة، لضمان الاستقرار في البحار".

من جهته ركز المقدم بين كيث من القوات البحرية الملكية البريطانية، على لغة الأرقام لإبراز ما يمثله تأمين تجارة البحار من أهمية، حتى لأولئك الدول التي تبدو كأنها معنية. وقال عن إحصائية شهري أغسطس ويوليو الماضيين " لقد رصدنا خلال هذه المدة حركة 6000 سفينة في كل المنطقة، 2000 سفينة منها عبرت باب المندب، ونلاحظ أن وتيرة التهديدات بالمياه الدولية في منطقة الشرق الأوسط تزيد أحياناً وتنقص أخرى، وأستطيع التأكيد على أن التهديدات على الخطوط التجارية في زيادة مستمرة، ووجودنا هنا، هدفه ضمان استقرار حركة التجارة الدولية في المنطقة لمواجهة العمليات غير القانونية، لضمان الأمن البحري، ونحن نبذل الجهود لإيجاد الحلول الدولية، لتعزيز الأمن في المياه الدولية، ونستخدم من أجل القيام بهذه المهمة، القطع البحرية العسكرية والطيران الحربي، لحماية المضايق الرئيسية". وتابع "ندعو الدول غير المشاركة في التحالف الدولي، إلى المشاركة فيه، لتعزيز القوات العسكرية الداعمة لاستقرار المياه البحرية، علما باننا لا نوفر خدمات حماية مرافقة للسفن التجارية، وإنما ندعم الاستقرار في المنطقة بشكل عام، وهذا يشير إلى ان عملنا دفاعي وليس هجومياً".

التهديدات مستمرة فماذا عن الجاهزية؟

وخلص الجمع البحري العسكري في توصياته إلى تبني الوحدة أمام التهديدات التي تستهدف في مآلاتها الجميع. و ذكر العميد في القوات البحرية الباكستانية نعمان رفيق في مداخلته أن التحديات التي تواجه البحر الهندي تكون ناشئة عن قلة تبادل المعرفة الاقتصادية والاجتماعية والتطور في المحيط البحري والأعمال غير المشروعة، مبيناً أن التصدي لتلك التحديات والهجمات الإرهابية التي تقع في البحر يتطلب أن يكون هناك مستوى معين من التعاون وأن تنشأ هناك مراكز مؤهلة لذلك، مؤكداً أنه "لا يوجد دولة في البيئة البحرية تريد أن يكون هناك ضرر على طرقها البحرية، لذلك يجب أن يكون هناك تعاون من الجميع لتبادل المعلومات وأن نضمن أن تكون البيئة بحرية آمنة وسليمة".

وأيد هذا المنحى العقيد في البحرية الاسبانية أجينيشيو باز الذي كان أكثر واقعية حين صارح الحضور بأن "التهديدات والمخاطر على الأمن البحري ستستمر، وما يجب علينا جميعا أن نعمل معاً ونكون أكثر جاهزية لمواجهتها وردعها، مبينا أن الحصول على الأمن البحري يحتاج إلى ثلاثة أركان أساسية، تتمثل في المعرفة، والوسيلة، والأفعال"، لافتا إلى أن الحركة البحرية خلال الـ 25 سنة الماضية زادت بنسبة 400%، وتمثل نسبة التجارة العالمية التي تمر عبر الخطوط البحرية ما يقارب 90%، لذلك فإن تأمين الأمن البحري مهم جدا لتأمين أمننا ورخائنا واقتصادنا".

 

 

المزيد من الشرق الأوسط