Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مرشحون جزائريون يعززون حملاتهم الانتخابية ب"البكاء"

ميهوبي وبن قرينة وبن فليس بلعيد ذرفوا الدموع في المهرجانات ما أثار السخرية

تحوَّلت الحملة الدعائية للانتخابات الرئاسية في الجزائر، المقرّرة عملياً في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إلى "حملة بكائية"، وفق وصف الشارع الذي استغرب مشاهد الدموع وهي تنهمر من عيون المرشحين في مهرجاناتهم الشعبية، التي باتت تُنظم بشق الأنفس على خلفية تصاعد الرفض الشعبي للانتخابات.

بينما تروِّج السلطة للانتخابات باعتبارها عُرساً ديموقراطياً نحو جزائر جديدة، ظهر أربعة من المرشحين من أصل خمسة، وهم عز الدين ميهوبي وعبد القادر بن قرينة وعلي بن فليس وعبد العزيز بلعيد، وكأنهم في عزاءٍ يذرفون الدموع في مواقف مختلفة، أثارت كثيراً من الجدل عن أسبابها وخلفياتها.

ميهوبي هو من دشّن ما بات يُسمى "حملة البكاء"، وذلك في أول يوم من بداية الحملة الدعائية في الـ17 من نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما توجّه إلى زاوية دينية تقعُ بولاية أدرار الجنوبية، ولم يتمالك المرشح الرئاسي نفسه، وهو يسمع أحد شيوخ الزاوية يُردّد دعاءً.

وبعدها، ظهر المرشح الرئاسي علي بن فليس باكياً بعدما ألقت طفلة قصيدة تتحدث عن المضايقات التي تعرَّضت لها بعد انشقاقه عن نظام عبد العزيز بوتفليقة في العام 2004. عبد العزيز بلعيد هو الآخر بكى في أثناء إلقاء مواطن قصيدة خلال تجمّع شعبي.

ولعل أكثر المرشحين إثارة للجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي المرشح الإسلامي بن قرينة، بسبب مفاجآته، فإضافة إلى بكائه عند سماع آيات من القرآن الكريم، قبل انطلاق إحدى مهرجاناته الشعبية، ظهر بن قرينة وهو يصلي على الرصيف وهو في طريقة إلى أحد اللقاءات الشعبية.

وزعم المرشح الرئاسي أنه استقلّ سيارة مملوكة لكبير شيوخ الطرق الصوفية في منطقة أدرار، جنوبي الجزائر، الشيخ محمد بلكبير، والأخير أبلغه أن من يركب هذه السيارة يصبح رئيساً، إذ ركبها بوتفليقة قبله.

وفي تصريح ثانٍ مثير، قال بن قرينة رئيس حركة البناء التي تحوز رئاسة البرلمان، إن الاتحاد الأوروبي تحرَّك قلقاً من احتمال وصوله إلى الرئاسة، باعتباره مرشحاً إسلامياً، وذلك في أعقاب عزم البرلمان الأوروبي عقد جلسة لمناقشة تطورات الأوضاع السياسية بالجزائر. 

وقود الحملة الانتخابية

في السياق ذاته، قال الإعلامي أحمد جيلالي إن "أهم ما ميّز حملة المرشحين الخمسة لرئاسيات الـ12 من ديسمبر (كانون الأول) وهي تدخل أسبوعها الثاني بكاء المتنافسين توالياً، بعدما اتسمت في أسبوعها الأول باحتجاجات رافضة المرشحين والانتخابات".

وأضاف "ما عدا المرشح عبد المجيد تبون الذي يظل لحد الساعة متحكماً في مشاعره متفادياً على الأقل لحظة ذرف دمعة خلال جولته عبر المدن والمحافظات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأبرز جيلالي في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن "الجزائريين استقبلوا مشاهد المرشحين وهم يذرفون الدموع بكثيرٍ من الاستغراب، هل هي دموع حب الوطن أم أنها وقود جديد للمتنافسين لاستعطاف الناخبين واللعب على الأوتار الحساسة؟".

وبين الطرحين يبقى الثابت، وفق أحمد جيلالي، أن "أغلب المرشحين عجزوا عن تقديم الصورة الجميلة التي أبان عنها الشعب في ثورته السلمية التي أسقطت الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، ورُفعت فيها أسمى الشعارات التي تعكس وطنية وتحضُّر الجزائريين في مطالبتهم بالحرية وإرساء دولة الحق والقانون".

ضعف وضغط

في المقابل، يعتقدُ الأستاذ الجامعي توفيق بوقعدة أن "مظاهر التأثر التي أبداها المرشحون تدخل في إطار التسويق السياسي لأشخاصهم، وهم يعرفون أن الشعب الجزائري عاطفي، وكثيراً ما كان ينخدع لمعسول الكلام".

ووفقاً لمتحدّث "اندبندنت عربية"، "يمكن وضع لحظات بكاء المرشحين في قالب واحد، واعتبار أن سبب البكاء نابعٌ من تأثر حقيقي للحظة التي عايشها المرشح، كما قد تكون تلك الدموع تعبيراً عن حالة الضغط الذي على عاتق المرشح، وهو يخوض في حملة وسط موجة إكراهات متعددة الأدوات والمستويات والجهات في ظل المسار السياسي، الذي انتهجته السلطة للذهاب إلى الانتخابات رغماً عن إرادة الحراك الشعبي وتجاوزاً لمطالبه".

ويرى بوقعدة أن ظاهرة بكاء المرشحين تحتاج إلى دراسة ومراقبة سلوك المرشحين عن قرب، لا عبر شبكات التواصل الاجتماعي فحسب، لأن هذا السلوك وفقه ليس سياسياً، بل هو في أحسن تبريراته حالة ضعف لمن يريد تحمُّل مسؤولية قيادة الجزائر في هذا الوقت العصيب.

بالتالي، يعتقد بوقعدة أنه كان يتوجّب على المرشحين الانخراط في إبراز البرامج المتعددة الجوانب وتصوّر الآليات والطرق التي يمكن تنفيذها، ويعتبر أن "رهان السلطة كان يتجه نحو ضمان انخراط المترشحين الخمسة في المسار لتجنيد أكبر عدد من الناخبين، لكن يبدو أن العملية صارت عكسية، وأصبح خطاب المتسابقين على كرسي الرئاسة منفراً أكثر ما هو جاذب لأصوات الناخبين".

وحتى الساعة، لم يستطع المرشحون الخمسة إقناع الشارع بالتصويت لمصلحتهم أمام غياب برامج حقيقية وخطابات قوية، وظهر أن همهم الأكبر هو الترويج للانتخابات أكثر من أنفسهم، وهو ما يثبت أن التحدي الأكبر للسلطة في الظرف الراهن يكمن في تمرير الانتخابات، حتى ولو كان الرئيس المقبل فاقداً الشرعية الشعبية، وفق مراقبين.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي