Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هدوء سوري بعد قصف إسرائيل مواقع عسكرية

غابت عبارة "الاحتفاظ بحق الرد" الشهيرة عن بيان وزارة الدفاع السورية

ما إن هدأت العاصمة السورية من ضجيج وصخب قذائف فصائل جيش الإسلام المعارضة للدولة والمتموضعة في ريف دمشق، مستهدفةً المدينة بوابل نيران أسلحتها الثقيلة والمتوسطة، حتى صوّبت تل أبيب صواريخها بشكل كثيف ومتقطع، مستهدفةً مواقع للجيش السوري ونقاط إيرانية.

وأثار استهداف الصواريخ الإسرائيلية حالة من الذعر في الشارع السوري، بعدما أدّت آخر غاراتها في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى وقوع قتلى وأضرار مادية ووضعت منظومة الدفاع الجوي، بخاصة الروسية الجديدة منها أمام امتحان قوة الردع.

في قلب المعركة

وعلى الرغم من تصدي الدفاعات الجوية السورية لعدد من الصواريخ بحسب وسائل إعلام محلية، إلاّ أنّ مقاتلات إسرائيلية استهدفت عشرات الأهداف العسكرية لما يُسمى "فيلق القدس" الإيراني ومواقع للجيش السوري عن طريق صواريخ أرض ـ جو، أودت بحياة 11 مقاتلاً، سبعة منهم غير سوريين، وفق ما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان.

واقع الحال لا ينبئ بارتياح من قبل السوريين بكل أطيافهم، بخاصة المعارضة التي طالبت بضرورة خروج القوات الأجنبية كافة، فالأهداف الإسرائيلية باتت تتركز على مناطق ونقاط النفوذ الإيراني ومن تدعمهم من فصائل وقيادات.

غابت عبارة "الاحتفاظ بحق الرد" الشهيرة بعدما كانت الحاضرة على الدوام في كل البيانات الصحافية الصادرة من دمشق، رداً على الاستهداف الإسرائيلي المتكرر في السنوات السابقة إبان كل عدوان، فيما اكتفت الوكالة السورية الرسمية للأنباء "سانا" بنشر أخبار عن إصابات بين المدنيين جراء القصف الإسرائيلي. وحدّدت وزارة الدفاع السورية في بيان لها مواقع استهداف الطائرات من الجولان المحتل ومرج عيون، ولم تُشر إلى الأضرار العسكرية بشكل واضح، إلاّ أنّها ألمحت إلى اعتراضها معظم الصواريخ قبل وصولها إلى أهدافها.

الأهداف المتنقلة

ويرجّح خبراء أن تل أبيب تتعامل أخيراً مع الأهداف على الأراضي السورية بطريقة مختلفة، فلوحظت دقة استهداف مراكز حساسة، غالبيتها إيرانية أو حتى مواقع تابعة للجيش السوري، أو استهداف مواقع لـ"حزب الله" اللبناني.

وفي مستهل ذلك، ترى مصادر مأذونة أن وقائع هذا التطور ليست بكميات الاستهداف، بل بنوعية الأهداف التي تختارها إسرائيل، إذ انتقلت إلى استهداف قيادات وشخصيات من المقاومة الفلسطينية، وآخرها نجاة قيادي في تنظيم الجهاد الفلسطيني وعضو المكتب السياسي فيه أكرم العجوري من محاولة اغتيار عن طريق صاروخ سقط في منزله بحي المزّة وسط العاصمة، وأودى بحياة أحد أفراد عائلته ومصرع شخص ثانٍ في 12 نوفمبر الحالي.

ويحتّم هذا الاستهداف وجود معلومات لدى الاستخبارات الإسرائيلية عن أهداف في مجملها شخصيات لبنانية وفلسطينية تسعى إسرائيل إلى تصفيتها، ما أعاد الشارع السوري بذاكرته إلى عملية اغتيال أبرز القياديين العسكريين في حزب الله اللبناني، عماد مغنية في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2008 في حي كفرسوسة الدمشقي.

المنظومة والنظام

في المقابل، تتمحور أحاديث السوريين حول مسار هذه الصواريخ المعادية، ومنظومة الدفاع الروسية وقوة ردعها في مواجهة الغارات المتكررة من قبل تل أبيب، إضافةً إلى تساؤلات عن كثافة هذه الغارات، بخاصة أن معظمها يتجه صوب نقاط تمركز عسكرية لقوى إيرانية. وترجح بعض المصادر أن الدفاعات الجوية السورية ومنها الروسية تعمل بشكل جيد، حتى إنّ سوريا وصلت إلى درجة تمكّنها من الرد على مصادر النيران "لن تقف دمشق مكتوفة الأيدي كما في السابق ولكن الرد القاسي سيكون قريباً وفي الوقت المناسب".

 وهذا الموقف يتطابق مع غالبية البيانات الصحافية والحوارات للشخصيات القيادية في سوريا والنابعة من المصادر الرسمية التي تعزو سبب عدم رد سوريا على الانتهاكات الإسرائيلية لانشغالها بترتيب البيت الداخلي، خصوصاً أن ليست هناك نية للدفع باتجاه فتح جبهة الجنوب مجدداً، على اعتبار أن الحملة العسكرية في الشمال السوري ما زالت مستمرة.

التنسيق الخفي!

في جهة مقابلة، يتبنّى مراقبون محايدون فرضية عدم تفعيل موسكو لمنظومة دفاعها كون إسرائيل لا يمكن أن تتجرأ على القصف إلاّ بعلم الروس. وبالتالي، ثمة خطوط حمراء روسية ترسمها موسكو لتل أبيب وهذا ما يفسر عدم إصابة أي هدف من تلك الأهداف لأي موقع عسكري روسي، بخاصة بعد إصابة الطائرة الروسية بصاروخ إسرائيلي في سبتمبر (أيلول) 2018، كان على متنها 15 عسكرياً من الاستخبارات الروسية  وجزمت تل أبيب وقتها أنه خطأ تقني.

كما أن روسيا أسقطت لإسرائيل عام 2017 طائرة إف 35 بصاروخ من طراز إس 200. كل ذلك دفع الجانبين إلى التهدئة، في حين يشكّك مراقبون بتنسيق روسي إسرائيلي مع بداية هذا العام، وهو تنسيق خفي لتفادي وقوع أي إصابات من الطرفين على الساحة السورية.

ويفسّر مراقبون أن التقارب الأخير بين البلدين الذي شهده الكرملين خير دليل أيضاً على ذلك، عقب الزيارات المتكررة خلال العام وبعد استقبال الرئيس فلاديمير بوتين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جهة، يتطابق أيضاً مع الرغبة الروسية في إنهاء الدور والنفوذ الإيراني ووقف تمدده على الأراضي السورية من جهة مقابلة.

المزيد من العالم العربي