Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخاوف سورية من تأثيرات الاحتجاجات الإيرانية

الهاجس العسكري وفقدان الدعم في معارك الشمال أكثر ما يؤرق دمشق

ناقلة نفط متوقفة قبالة السواحل السورية في مدينة اللاذقية (اندبندنت عربية)

قليلة هي المواقف الرسمية الصادرة من العاصمة السورية تجاه ما تشهده إيران من حراك شعبي، ما عدا تصريحات صحافية مقتضبة لا تستبعد المؤامرة ضد الحليف الاستراتيجي.

وتكفي إدانة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في تغريدة له، منتقداً استخدام النظام الإيراني القوة بقمع المحتجين لتكون تغريدته كفيلة بتسويق السلطة في دمشق نظرية التآمر تجاه ما يحدث في طهران.

هي النظرية التي طالما خبِر السوريون فصولها جيداً مع بداية حراكهم السلمي، إلى أن وصلت إلى الصراع المسلح والحرب الأهلية، وسرعان ما يرد الحرس الثوري ملقياً اللوم على ما وصفهم بأيدٍ خارجية تزرع الفتنة.

القاسم المشترك

ترنو دمشق بنظرها إلى الساحة الإيرانية مع أملها بانطفاء لهيب احتجاجات أشعلها قرار رفع أسعار المحروقات 200 في المئة، وأودت بحياة عشرات المتظاهرين، وامتدادها على مساحات واسعة في مختلف الولايات الإيرانية مطالبة بإسقاط ولاية الفقيه.

من جهتها تراقب سوريا عن كثب الخطط الاستراتيجية المشتركة بين البلدين، وإلى أي نفق مسدود ستصل إليه أواصر الدعم الإيراني غير المحدودة.

البلد الواقع في دائرة نزاع مسلح، لم تنته فصوله بعدُ منذ عام 2011، تعلم السلطة فيه جيداً ماذا يعني انزلاق الحراك السلمي إلى مستنقع الدم ما سيؤدي الى اشتداد شرارة العنف تمهيداً للنزاع المسلح، ومن ثم انهيار النظام أو تداعيه إن لم يسقط فعلاً.

في مقابل ذلك، تُنبئ المعلومات الواردة عن قلق يساور السلطة السورية من استمرار الانتفاضة الشعبية الإيرانية وتداعياتها عن توقف الدعم الإيراني، وهي في أحلك ظروفها صعوبة في معركة ريف إدلب الجنوبي المندلعة منذ مايو (أيار) وما زالت في أوجها.

توقف الدعم

من جهة ثانية، يرجح مراقبون تخلي طهران عن حليفها السوري، وسط نداءات من المعارضة بكف الدعم، سبقها تعالي أصوات نواب إيرانيين متسائلة عن حجمه ومتى يتوقف، يأتي هذا متناغماً مع شعارات أطلقها أمس المتظاهرون تطالب بالكف عن دعم حلفاء إيران في سوريا ولبنان واليمن.

وردد متظاهرون شعارات في مدينة داراب، الواقعة في ولاية فارس الإيرانية منتقدين دعم سوريا في وقت تتقشف فيه البلاد، مع أصوات تنتقد حجم إنفاق الحكومة في حربها على الأراضي السورية.

ولا تنكر مصادر مطلعة ومقربة، أن الضربات الإسرائيلية المركزة التي شنت على ريف دمشق وجنوب البلاد، أنهت أكبر مشروع تمركز للجانب الإيراني، لكنه تحول إلى شرق البلاد بالقرب من الحدود العراقية على أمل استكمال مشروع ثلاثي بين بغداد ودمشق وطهران لم يكتمل بعد بسبب التطورات الشعبية التي يعيشها البلدان.

واقع الحال تؤكده وثائق كشفتها خدمة ISI للأقمار الصناعية، إذ عرضت صوراً لبناء طهران داخل الأراضي السورية قاعدة عسكرية كبيرة على طول الحدود العراقية - السورية، تعرضت لقصف وأودت بحياة 21 شخصاً، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

حيال ذلك، تجد موسكو الفرصة سانحة إلى توسيع مناطق نفوذها على حساب النفوذ الإيراني في البلاد، بعد استحواذها على مشاريع وقواعد بحرية ومطارات وموانئ، ومعها ستتمكن إن حدث وتراجع الدور الإيراني بالتفرد في الملف السوري بحسب مراقبين.

تعويض الفرص

في سياق متصل، يحثّ الحرس الثوري خطاه لإنهاء فتيل الاحتجاجات وتجفيف منابعه، لكن وإن لم ينسحب عسكرياً وسياسياً يتوقع خبراء انهزامه اقتصادياً بعد استحواذه على مشاريع في مجالات الكهرباء والطاقة ومجالات البناء والصحة والأدوية وغيرها، وسيخسر الطرفان بلا شك مئات العقود أو عرقلتها بسبب الأوضاع الحالية.

في المقابل، لم تستقطب الشراكة الإيرانية الضعيفة بين البلدين طوال السنوات الماضية أو تستهوي رجال الأعمال السوريين على الرغم من كل التسهيلات المقدمة لزيادة حجم التبادل التجاري، حيث بلغت الصادرات السورية بعد عام 2011 ما قيمته 700 مليون ليرة (مليون دولار)، أما المستوردات وصلت نحو 14 مليار ليرة سورية (20 مليون دولار) مع توقيع الجانبين عام 2012على اتفاقية التجارة الحرة خفضت معها الحواجز الجمركية تدريجاً.

وعلى الرغم من أن المخاوف الاقتصادية هي من بين الهواجس التي تؤرق النظام السوري في حال تراجعت طهران عن دورها في الدعم إلا أن خبراء لا يكترثون من إخلاء إيران ساحة سوريا الاقتصادية كون الخطط البديلة موجودة عن طريق الشراكة الروسية أو حتى الاستثمار الصيني الجاهز لدخول السوق السورية بل وبدأ بالعمل فعلياً.

لعبة المصالح

تتشابك العلاقات والمصالح السورية الإيرانية ممتدة جذورها مع بداية الثورة الإيرانية، فيما برزت جلية للعيان مع بداية الحرب السورية عام 2011 إلى الآن.

وفي حينها تلقت الحكومة السورية قرضاً بلغ قيمته مليار دولار في يناير (كانون الثاني) عام 2013 مع زيادة الإنفاق العسكري ومنحت قرضاً آخر بقيمة 3.6 مليار دولار، لاستيراد المشتقات النفطية، مع توريدات نفطية آخرها وصل الصيف المنصرم وبطريق التهريب على خلفية العقوبات الأميركية.

وبعد تدخل القوات الإيرانية من الحرس الثوري وخبراء على الأرض رجحت بالتالي كفة الجيش السوري في المعارك المندلعة وكسبت من خلالها أراضي جديدة، وذلك في مناطق مثل حمص وريف حمص وريف دمشق عدا عن تدخل موسكو الأبرز عام 2015 التي مهدت الطريق لعودة مدينة حلب في الشمال السوري بيد الدولة.

المزيد من العالم العربي