Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طلاب عراقيون "سنزيل الجهل ثم نتعلم"

​​​​​​​إضراب واسع ومطالبة بحل مجلس النواب 


انطلقت إضرابات واسعة شملت محافظة بغداد ومدن جنوبية عدّة اليوم الأحد، بعد دعوات إلى ناشطين ونقابات، فيما بدت شوارع معظم المدن العراقية خالية وسط انتشار أمني كثيف وتعطيل كبير لدوائر الدولة الرسمية.

ودعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من خلال صفحة صالح محمد العراقي على "فيسبوك" العراقيين إلى اضراب "طوعي".

واستبق محافظو عدد من المحافظات الجنوبية، الإضراب العام معلنين تعطيل الدوام الرسمي في محافظات بابل وذي قار وواسط.

مسيرات طلابية إلى التحرير

في مشهد صباحي لاحتجاجات بغداد، انطلقت صباح الأحد مسيرات لآلاف الطلاب الجامعيين من غالبية الجامعات، إلى ساحة التحرير، حاملين لافتات تطالب الحكومة بالاستقالة والتحضير لانتخابات مبكرة بقانون جديد وحلّ مجلس النواب. ومن الشعارات المرفوعة "ما راح دمك يا شهيد" و"سنزيل الجهل ثم نتعلم" في إشارة إلى استمرارهم بالإضراب.

في المقابل، قال علاء ستار، أحد منسقي مسيرات الطلبة إن "عشرات الآلاف من الطلاب توجهوا اليوم في مسيرات من وزارة التعليم إلى ساحة التحرير".

وأضاف لـ"اندبندنت عربية" أن "الإضراب الطلابي مستمر منذ  ثلاثة أسابيع ومستمرون حتى عودة الوطن المختطف"، مشيراً إلى أن "تنسيق المسيرات جاء بعد الاتفاق مع أكثر من 15 جامعة وكلية في بغداد".

وأوضح ستار أنّ "اللافتات الطلابية حملت المطالب الرئيسة للمحتجين، التي تكاد تكون موحّدة في غالبية مناطق الاحتجاج العراقية، أي المطالبة بإقالة الحكومة وحلّ البرلمان والتحضير لانتخابات مبكرة".

أبلغ لغات الرفض

يرى ناشطون أن الإضراب العام يعطي زخماً كبيراً للمعتصمين في ساحة التحرير، فيما أشاروا إلى أن تلك الإضرابات وتحديداً الطلابية، جعلت السلطة في حال من العزلة الكبيرة.

ويقول علي رياض، ناشط وصحافي، إن "هناك نتيجتين لا تقل أهمية الواحدة منهما عن الأخرى في دعم ساحات التظاهر، الأولى متمثلة في شلال الروح المعنوية الذي يحمله الطلبة لحظة دخولهم الساحات بالقمصان البيض، والثاني إحصائياً، يعطي نتيجة واضحة عن سعة الطبقة المحتجة في العراق وتنوعها الطبقي".

ويضيف أن "الإضراب هو أبلغ لغات رفض السلطة، وعندما تأتي من أكثر شرائح المجتمع أهمية من حيث العمر والمستوى العلمي، تنزل الحكومة درجة إضافية من سلم شرعيتها"، لافتاً  أنّ "السلطة الآن على الرغم من تشبّثها ومحاولة إظهار نفسها بصورة المسيطر، أصبحت وحيدة وأشبه بقدر الضغط الذي تجاوز البخار فيه الحد الآمن، فازداد صلابة قبل أن ينفجر".

البصرة... مسيرات تحت المطر الغزير

المشهد في محافظة البصرة جنوب العراق، لا يختلف كثيراً عن بغداد وباقي المحافظات، حيث شمل الإضراب العام معظم دوائر المحافظة، فيما نظّم الطلبة مسيرات كبيرة إلى ساحة الاعتصام، بحسب ناشطين.

ويقول الناشط البصري نقيب اللعيبي، إن "الإضراب في المحافظة كان شبه كامل، إذ أغلق محتجون غالبية الطرقات العامة المؤدية إلى الدوائر لمدة ساعتين صباح اليوم، ما دفع  الموظفين للعودة إلى منازلهم"، مشيراً إلى أنّ "مسيرات طلابية حاشدة أتت إلى ساحة التظاهر صباحاً، واستمرت هتافاتهم على الرغم من غارة الأمطار".

ويضيف اللعيبي أن "المعتصمين في البصرة شكّلوا لجاناً للحماية، يرتدي أعضاؤها سترات صفراء، ويفتّشون الداخلين إلى الساحات خوفاً من أي خروقات أو حتى اشتباكات مع قوى الأمن القربية".

تصفير المعادلة السياسية

في سياق متصل، يرى خبراء سياسيون أن غالبية القوى السياسية متخوّفة من إقالة الحكومة وتنفيذ مطالب المحتجين، لأنها لا تريد خسارة المكتسبات السياسية التي حقّقتها، مشيرين إلى أن العصيان المدني سيكون أحد أبرز الأساليب الاحتجاجية في الأيام المقبلة.

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري إن "الحركة الاحتجاجية في تصاعد مستمر ولم تتناقص أو تنحصر، بل تحولت إلى إنتفاضة أربكت الطبقة السياسية والرئاسات الثلاث".

ويرى أنه "على الرغم من كل محاولات إضعاف الحراك الاحتجاجي لكنه نجح في الصمود، وتعنّت الحكومة والقوى السياسية سيؤدي إلى مآلات أخرى وقد يكون العصيان المدني  أبرز الأساليب الاحتجاجية في الفترة المقبلة"، مضيفاً أنّ "غالبية القوى السياسية اتفقت على عدم إقالة الحكومة، لأن هذه القوى تعتقد أنّ سقوط عادل عبد المهدي يعيدهم إلى الحالة الصفرية في ما حصلوا عليه من مكاسب".

ويوضح أن "الحكومة لم تلامس حتى الآن مطالب المتظاهرين في جميع إصلاحاتها"، مبيناً أن "المطالب انتقلت من محفزاتها الاقتصادية والخدمية وتحولت إلى إقالة الحكومة والانتخابات المبكرة وآلياتها".

ويحذر الشمري من أن "استمرار قتل المتظاهرين سيؤدي إلى سيناريو خطير جداً، لذا فإن الاستجابة لكامل المطالب قد ينقذ البلاد من تلك المآلات".

من جانبه، يقول الكاتب والصحافي، قاسم السنجري إن "الاستجابة للإضراب العام في العاصمة بغداد جيدة، ولكنها في المحافظات الجنوبية والفرات الأوسط أفضل بكثير، نظراً إلى أن غالبية موظفي العاصمة يعملون مؤسسات أمنية أو دوائر حساسة، ويرضخون للقرار الحكومي الذي يحاول أن يصوّر أن الحياة تسير بشكل طبيعي ولا وجود لأي معرقلات"، مشيراً إلى أن "هذا يُعتبر نوع من أنواع الإنكار للواقع الذي تعيشه حكومة آيلة للسقوط، أو تتعرض لضغط من قوى سياسية تظن أن نهايتها مع استقالة هذه الحكومة التي ورطت نفسها بسفك دم متظاهرين سلميين".

وأضاف السنجري أن "الاحتجاجات تقترب بخطى حثيثة نحو النجاح وكذلك نحو الصدام مع القوى الرافضة للتغيير، وهذه القوى التي تسيطر على الحكومة ترفض الانصياع لمطالب المتظاهرين التي اخذ سقفها بالارتفاع يوما إثر يوم".

وتابع "انخرطت الحكومة ومن وراءها القوى السياسية الحاكمة بمسلسل مماطلة لكسب الوقت ومحاولة تمييع هذه الطلبات ولكن الامور بالنسبة لهذه القوى ليست تحت السيطرة، ففي اي لحظة قد تفلت الامور من زمامها ويتم التصعيد اكثر مما مضى من الايام السابقة، وهذه المماطلة تحاول من خلالها هذه القوى ان تكون هي الممسكة بالنرد وهي من يلقيه وهي من يقتسم الارباح بالرغم من ان هذه الاحتجاجات تهدف الى الاطاحة بهذه القوى الغائبة عن الواقع".

وأوضح أن "الاحتجاجات نحو التصاعد،  ولا يمكن التنبؤ بما هي الخطوات المقبلة للمحتجين الذي يحاولون الحفاظ على سلميتهم، امام قوى استعانت بميليشياتها لنصرة حكومة عجزت عن تلبية مطالب المحتجين".

المزيد من العالم العربي