Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فلتُنقذ الحكومة البريطانية الشارع التجاري من الموت... تلافياً لنتائج كارثية

في الكفاح من أجل إنقاذ المحلات، حان وقت العمل. كريس بلاكيرست يعاين ما ينبغي إجراؤه فعلاً لتجنّب أزمة تسوّق.

ثمة إجماع على أن أحد الأسباب وراء جعل المحلات في وضع صعب الآن، هو الضريبة المفروضة على العقارات التجارية (غيتي)

ما زالت الدلائل تتبرز تباعاً على أن قطاع تجارة التجزئة يشهد أزمة ما. فسيل الأخبار السيئة متواصل وحثيث. وبالتوازي مع الأخبار الواردة عن تزايد المحلات التي أُغلقت والمؤسسات التجارية التي أشهرت إفلاسها، يأتي إعلان "اتحاد باعة التجزئة  البريطاني" عن اختفاء 85 ألف وظيفة من الشوارع التجارية مقارنة بما كان عليه الحال قبل سنة واحدة. وجاء هذا بعد التوصل أخيراً إلى أن الزيادة في نسبة المحلات الفارغة قد بلغت حالياً 10%  من عددها الإجمالي.

ومع ذلك، فإن الإجراءات التي تُتخذ لمواجهة هذه الظاهرة محدودة للغاية. وعدم القيام بأي فعل حقيقي حيال المشكلة يثير الحيرة حقا. وكم كانت هيلين ديكنسون، رئيسة "اتحاد باعة التجزئة  البريطاني" (بي آر سي) على حق حين قالت "بينما يقف النواب بقوة ضد ضياع وظائف في قطاع الصناعة، يبقى ردهم على ضياع عدد أكبر من الوظائف في قطاع تجارة التجزئة خافتاً".

فإغلاق مصنع سيارات واحد يكفي لشغل مجلس النواب عن أي شيء آخر، ولملء صدر الصفحات الأولى للصحف بعناوين قاتمة. أما إغلاق المحلات فهو بالكاد يثير ضجيجاً مسموعاً في المجلس، وبالتأكيد لا يُتخذ أي فعل تجاهه.

صحيح، أن لجاناً برلمانية أجرت تحقيقات، ونُظمت جلسات لجمع الأدلة من جانب مجموعات متعددة الأحزاب.  وعبّر النواب واللوردات عن قلقهم، وأُنتجت برامج تلفزيونية متنوعة عن هذه المشكلة استعان بعضها بمستشارة تجارة التجزئة ماري بورتاس للإعراب عن رأيها. لكن كان هذا في الواقع، هو كل ما جرى.

يمكن القول إنه ليس هناك شعور بحصول أزمة على المستوى الوطني كان من شأنه أن يؤدي إلى تضافر الجهود، لاتخاذ جملة إجراءات مُصمَّمة لإيقاف هذا المدّ. وأنا على يقين، لو أن الأمر يتعلق بقطاع آخر، لكانت خطوات كهذه قد اتُخذت منذ فترة طويلة.

ليس واضحا ما سبب هذه اللامبالاة. ربما لأننا نعتبر قطاع تجارة التجزئة  شيئاً مسلَّماً به. فهو ليس صناعة تدفع باتجاه توسيع مجال البحث والتطور، كما أنه ليس قابلا للتحويل دوليا. فخلافاً لقطاع التجزئة، تتمتع للتكنولوجيا، والصيدلة- البيولوجية، والتكنولوجيا الحيوية والخدمات المالية والصناعات الابتكارية بجاذبية أكبر بكثير  وقدرة أعلى لاستقطاب عبارات الثناء باعتبارها "الأفضل في العالم".

تجارة التجزئة  في حالة تراجع على المستوى الوطني، وتعاني من تقليص واسع في وظائفها  في شتى أنحاء البلد، إذ لم تتكبد بقعة واحدة فقط خسائر فادحة مماثلة لتلك التي يسفر عنها إغلاق مصنع  فيلحق الضرر بآلاف من عائلات السكان المحليين.

وفي حالة إغلاق مصنع واحد، تستجيب الحكومة لدعوات النائب المحلي والتماسات من المجلس البلدي، فتقدم من وقت إلى آخر مساعدة طارئة وتبذل كل ما تستطيع، لإيجاد استعمالات بديلة للمصنع المتضرر، وإيجاد وظائف بديلة للقوة العاملة فيه. غير أنه ليس هناك أي إجراء معادل لهذا  حين يُغلِق متجر للبيع بالتجزئة  بعض فروعه.

قد تكون أزمة شارعنا التجاري مستعصية على الحل. وثمة إجماع على أن أحد الأسباب وراء جعل المحلات في وضع صعب الآن، هو الضريبة المفروضة على العقارات التجارية. وهناك اتفاق واسع على أن هذه الضريبة عفا عليها الزمن وتتطلب مراجعة أو إلغاء بالكامل. ومع ذلك، لم يطرح أي طرف حتى الآن حلا عمليا لهذه المسألة. في الوقت نفسه، تعتد المجالس البلدية على المبالغ النقدية التي تردها بموجب هذا النظام القديم.

كذلك، بوسع أصحاب المحلات إظهار قدر أعلى من التعاطف والمرونة من خلال الأجور التي يطلبونها لمحلاتهم. ومرة أخرى، فإن قول ذلك أسهل من فعله.

نستطيع تحقيق التكافؤ  في الفرص بين ما يباع في المحلات وعبر الانترنت، عن طريق فرض ضريبة على البيع الأخير بشكل أكبر مما هي عليه حاليا. مع ذلك فهذه الخطوة لن تكون مباشرة، لأن باعة التجزئة  التقليديين قد أنشأوا أذرعاً رقمية لأنفسهم، وباتوا يبيعون في بعض الحالات سلعا أكثر عبر الانترنت مما يبيعونه في محلاتهم الواقعة في الشوارع التجارية. ولذلك فإن تقرير ما إذا كان بائع التجزئة  يستخدم الانترنت لبيع سلعه أم لا، لم يعد أمرا واضحا.

كذلك يمكن جعل مناطق التسوق أكثر جاذبية للمتسوقين والوصول إليها أكثر سهولة بالنسبة إلى أصحاب السيارات. وهذا يتطلب إنفاقا على تصميم المواقع وإضفاء بعض الجمال عليها. بالنسبة إلى السيارات، فإن مراكز بلداتنا ومدننا مزدحمة بما فيه الكفاية حاليا، والطرق الرئيسة هي في الغالب ضيقة، بل هي حتى قبل اختراع السيارات كانت محدودة. إضافة إلى ذلك، فإن المجالس البلدية تتطلع إلى رسوم ركن السيارات باعتبارها دخلا ثابتا لها. ونحن نعيش في عصر الوعي بالبيئة الذي باتت فيه قيادة السيارة لا تحظى بالتشجيع.

وقد يكون جعل الشوارع محطّ إعجاب أوسع  وأقل ازدحاماً بحيث يستطيع السائقون أن يركنوا سياراتهم بسهولة أكبر وبتكلفة أقل، أمرا مرغوبا فيه على الورق لكن شخصا ما عليه أن يدفع. وبالمثل، سيؤدي تعزيز النقل العام  إلى وصول المتسوقين إلى المحلات، وهذه البادرة مفيدة جدا لكنها تتطلب استثمارا مماثلا.

يُنظر إلى الشوارع التجارية كجزء من القضايا المحلية، لذلك فهي مصدر قلق على المستوى المحلي فقط، لكن إغلاق المحلات أمر مزعج بالنسبة للمجالس البلدية وليس للحكومة الوطنية. وإذ تعاني المجالس البلدية من شحّ في الدخل، فإنها غير قادرة على بذل جهود منسقة لإضفاء الجمال على مناطق التسوق. لذلك فإنه لا شيء سيُنجز في هذا المجال.

ولعل المسؤولين قد شغّلوا نماذجهم الكمبيوترية حول قطاع تجارة التجزئة  الخاصة بنا وتوصلوا إلى استنتاجات حازمة مفادها  أن عدد المحلات التي في حوزتنا أكثر مما ينبغي وأن زيادة المبيعات عبر الانترنت سيجعل الوضع أسوأ. وفي كل الأحوال فإن هذه النتائج لم تُنشر بعد وربما لأنها قاتمة جدا.

مع ذلك، فإن هناك من يجادل بأن علينا أن نتخذ بإجراءات استثنائية لإنقاذ محلاتنا. ليس جميعها بل بعضها. تلك التي ما زالت مراكز تواصل مجتمعية، وتؤدي دور المغناطيس، فبإزالتها لن يكون هناك سوى فراغ وتفسخ، وآلاف المنقطعين عن الدراسة من دون عمل.

تستحق شوارعنا التجارية أن نحافظ عليها، وربما ليس بشكلها الحالي، لكنها بالتأكيد تتطلب قدراً مناسباً من الانتباه على المستوى الوطني. وعلى الحكومة أن تسرع باتخاذ الإجراءات المناسبة، بطريقة هادفة وجادة، لتحقيق هذا الهدف.

© The Independent

المزيد من دوليات