Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما يحتاجه الناخبون في عيد الميلاد هو الصدق بشأن الإنفاق عوض الأكاذيب 

يجب على الأحزاب السياسية أن تتوقف عن التصرف مثل بابا نويل يقدم هدايا براقة وأن تنخرط عوض ذلك في نقاش جاد حول مشكلة ركود اقتصاد البلد

زعيم حزب المحافظين ورئيس الحكومة بوريس جونسون يواصل حملته لاقناع البريطانيين بالتصويت لحزبه ودعم خطته للخروج من أوروبا (رويترز) 

كان من المفترض أن يدرك مهندسو انتخابات بوريس جونسون بأن إجراء انتخابات عامة غير ضرورية في ديسمبر (كانون الأول) قد يتسبب في تحويل الأنظار من بريكست إلى الموضوع الأكثر إبهاجاً والمتعلق بما سيقدمه بابا نويل في عيد الميلاد.

تقوم الأحزاب السياسية بعمل جيد بانتحال شخصية الرجل الكريم ذي اللحية البيضاء. قيل لنا إن حزب العمال سيقدم هدايا بقيمة تزيد على تريليون جنيه. وسيقدم المحافظون أقل من ذلك بقليل، أي بضع مئات المليارات. أما صديقي الديمقراطي الحر إيد ديفي فهو يتقشف بعرض لا يتجاوز 50 مليار جنيه. وحتى حزب الخضر انضم إلى هذه الروح الموسمية حيث يتعامل مع تريليون جنيه كمبلغ صغير. هكذا انطلق السباق على العرض الأول بمبلغ كوادرليون جنيه.

أنا أبالغ لكن ليس كثيراً. يجب أن ننخرط في نقاش جاد حول كيف يمكن لبلد يعاني اقتصاده من الركود، ويواجه تكاليف ومشاكل الخروج من أوروبا، أن يوفّق بشكل أفضل بين تطلعه لخدمات أجود (نهاية التقشف) والتردد في صرف المزيد من المداخيل التي لم ترتفع إلا قليلاً على مدى عقد، إن هي ارتفعت أصلاً. 

فالنقاش يدعو إلى الصدق والتواضع. وعوض ذلك يتم التعامل مع الجمهور على أنهم أغبياء وسُذج وأطفال يحلمون برحلة مدفوعة لاقتحام كهف بابا نويل في لابلاند.

عندما يظهر ما يسمى بالبيانات الحزبية التي تتضمن الوعود الانتخابية المحددة التكاليف، يجب على الناخبين المشككين أن يسألوا عن ثلاثة قضايا: كيف يمكن أن يتم تمويل جميع الاستثمارات المقترحة؟ وكيف يمكن التوفيق بين التعهدات (الظاهرة) بتوفير ميزانية خالية من العجز حالياً وإنهاء عهد التقشف؟ وكيف سيؤثر (أو لا يؤثر) البريكست على الخطط؟

يوجد اليوم إجماع واسع بأن الحكومة المقبلة يمكنها ويجب عليها أن تزيد من الإنفاق المالي من خلال الاستفادة من الانخفاض التاريخي في نسب الفائدة. لقد كان من المفترض أن نقوم بذلك في وقت سابق خلال هذا العقد أثناء عهد حكومة الوحدة (2010)  لكن كان الأمر آنذاك أقل وضوحاً مما هو عليه اليوم بأنه في عالم متخم بفوائض الادخار من الآمن اقتراض المزيد من الأموال من دون زيادة كلفة الاقتراض (الفائدة على السندات الحكومية). لكن لا تزال هناك شهية محدودة في السوق للسندات السيادية لبلد يحظى في الوقت الراهن بصدقية أكبر قليلاً من الأرجنتين. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن المشكلة الكبرى تتمثل في تنفيذ الاستثمارات أكثر من كونها مشكلة أموال – و أيضاً الحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي على الدعم الحكومي (الذي يبقى شرطاً ملزماً لمدة أربع سنوات أخرى حتى في ظل اتفاقية جونسون للانسحاب) ورسم الخطط، واقتناء الأراضي متى كان ذلك ضرورياً، وتشكيل فريق جيد للمشروع، وتقدير المخاطر التقنية، وبعد ذلك مواجهة تحديات الهندسة والبناء في بلد يعاني بصورة مزمنة من نقص عمال ومهندسي البناء.

كنت في تلك الفترة في الحكومة الإئتلافية أشرف على بنك الاستثمار الأخضر الذي اعتُبِرَ نجاحاً كبيراً. فقد أخرجنا منه ملياري جنيه للمشاركة في تمويل مشروعات "خضراء" جيدة مع القطاع الخاص الذي استثمر 10 مليارات جنيه. ولو لم يكن هناك سقف مالي، لكان بإمكاننا القيام بأكثر من ذلك، ليس بكثير. كان صندوق التنمية الإقليمي الموجه بشكل رئيسي للمشاريع الصناعية في المناطق "المتخلفة"، الذي يخضع لتدقيق فريق يقوده مايكل هزلتاين، يشتغل في مستوى مماثل لمستوى البنك لكنه عانى للقيام بعمل أكبر بكثير. إن الفكرة بأن أي حكومة تستطيع أن تستثمر بشكل معقول 10، وما بالك 100، أضعاف ذلك المبلغ على أنشطة مماثلة هي فكرة خيالية وغير صادقة.

إن المكان الجيد للبدء عند البحث عن مشاريع تمويل جديدة مجدية هو مجال سكك الحديد. إلا أن التجربة تُظهر أن الأمر يتطلب أكثر من الإرادة السياسية والإعلانات المتفائلة لشق الأنفاق وإدارة مشاريع معقدة. لقد كان يُنظر إلى مشروع كروسريل (crossrail) على أنه قصة نجاح باهرة لبريطانيا، حتى تأخر إنجازه كثيراً بسبب مشاكل برمجيات معقدة وتجاوزت كلفته الميزانية المقررة. ولا يزال الجدال محتدماً حول الخط الثاني للقطار فائق السرعة.

وستنجح الحكومة البريطانية المقبلة إذا أطلقت أي مشروع سكك حديدية جديد مثل الخط الثالث للقطار فائق السرعة شمال إنجلترا، وذلك بافتراض دائم بأن شركة "شبكة السكك" يمكنها إصلاح إدارتها الفوضوية وبأن القطاع يمكنه تجنب التعرض للشلل بسبب نقاشات عقيمة حول التأميم.

الأمر الآخر الذي يجب أن يحظى بالأولوية هو الإسكان الاجتماعي. ومرة أخرى هنا، إن القول أسهل من الفعل. فأغلب المجالس حلت إدارات البناء لديها وعليها أن تعتمد على مقاولات بناء تابعة للقطاع الخاص تعمل فوق طاقتها وتكابد من أجل إيجاد مديري المواقع، وبنّائين وحرفيين آخرين. كما أن أسعار الأرض مرتفعة بشكل غير طبيعي. لذلك يجب على الحكومة المقبلة إصلاح نظام التعويض لتجنب نهبها من طرف ملاك الأراضي.

بعدها ستكون ملزمة باستخدام الشراء الإجباري لاقتناء أراضي البناء – فكلها ستكون موضوع نزاعات في المحاكم وستتطلب وقتاً طويلاً. وحينما تبنى المساكن، على أمل أن تكون وفق معايير أفضل وأكثر رفقاً بالبيئة من الماضي، سيكون من الضروري دعم الإيجارات لذوي الدخل المحدود، وهو ما يثير التساؤل حول كيفية تغطية الإنفاق الحالي.

إن أهم التزام تعهدت به جميع الأحزاب السياسية إلى حد الآن هو احترام "القاعدة الذهبية" (التي صاغها في الأصل غوردون براون) لتحقيق التوازن في ميزانية الدولة. فالإنفاق الحكومي الراهن يجب أن تعادله إيرادات الضرائب خلال الدورة الاقتصادية. إذاً من أين سنأتي بالأموال اللازمة للحصول على الرعاية الصحية المجانية، وإلغاء الرسوم الدراسية، ورفع الأجور في القطاع العام، وزيادة أعداد المعلمين والأطباء وعناصر الشرطة، والرفع من المخصصات الاجتماعية والرعاية المجانية للأطفال وغيرها؟

فباستثناء حزب الأحرار الديمقراطيين (الذي سيمول وعوده بزيادة قدرها واحد في المئة على ضريبة الدخل)، لا أحد يحذر من مغبة رفع ضريبة الدخل، وضريبة القيمة المضافة، وضريبة البلدية على الممتلكات. هناك حجة معقولة لرفع ضريبة الشركات قليلاً وانتزاع مبالغ إضافية قليلة من كبار الأثرياء من دون دفع المستثمرين والمقاولين للهروب من البلاد،. لكن ذلك لن يغطي إلا جزءاً قليلاً مما وُعِد به الناخبون.

بعد ذلك، هناك كلفة بريكست – إذا حدثت. فبريكست أو الخروج من أوروبا سيسبب، بشكل أو بآخر، ركوداً سريعاً في الاقتصاد وخسائر في إيرادات الضرائب لا يمكن تعويضها بمبالغ من المحتمل توفيرها من ميزانية الاتحاد الأوروبي. ليست لدي أية فكرة عن الكلفة النهائية التي سيكبدها بريكست للميزانية، على الرغم من أنني أرى أن الأحرار الديمقراطيين متفائلون جداً بتقديرلا يتجاوز 50 مليار جنيه على مدى خمس سنوات.

ما أعرفه هو أن الناخبين يتعرضون للكذب على نطاق واسع. فحينما يمزق الناخبون ورق الهدايا الغالي الثمن، لن يجدوا شيئاً داخل العلبة التي وصلتهم.

(السير فينس كيبل زعيم سابق لحزب الأحرار الديموقراطيين) 

 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء