Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انفجار في "ساحة التحرير" ببغداد... والسيستاني ينحاز الى المحتجين

مواقف المرجعية الشيعية ستغير من موازين القوى في السلطة

دوّى ليل الجمعة - السبت انفجار في ساحة التحرير قلب الحركة الاحتجاجية المناهضة للحكومة في العاصمة بغداد، اتضح أنه ناجم عن عبوةٍ ناسفة وُضعت تحت سيارة، ما أسفر عن مقتل شخص وجرح 20 آخرين.
وقالت خلية الإعلام الأمني العراقية في بيان إن التفجير كان جراء "عبوة أسفل عجلة"، مشيرة إلى أن القوات الأمنية تجري تحقيقاً لمعرفة ملابسات الحادثة.


موقف واضح
 

وكانت المرجعية الدينية الشيعية العليا في العراق صعّدت من نبرتها الجمعة، مؤكدةً دعمها للاحتجاجات التي تشهدها البلاد، ومشددةً على أنها ستشكل انعطافة كبيرة في الوضع العام، بعد أكثر من شهر ونصف الشهر على انطلاق تظاهرات في بغداد ومدن جنوبية عدة مطالبة بـ"إسقاط النظام".
وكانت خطبة الجمعة تلك، الأكثر وضوحاً للمرجعية منذ انطلاق موجة الاحتجاجات التي بدأت مطلبية في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله السيد أحمد الصافي في كربلاء "إذا كان مَن بيدهم السلطة يظنون أن بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة، فإنهم واهمون". وأضاف "لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك". وهذه هي المرة الأولى التي تقول فيها المرجعية إنها تدعم الاحتجاجات وليس مطالبها فقط، ما يُعد انعطافة كاملة في الخطاب لصالح الشارع.
وأكد السيستاني، الذي لا يظهر إلى العلن، أن "المواطنين لم يخرجوا إلى التظاهرات المطالِبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة ولم يستمروا عليها طوال هذه المدة بكل ما تطلّب ذلك من ثمن فادح وتضحيات جسيمة، إلاّ لأنهم لم يجدوا غيرها طريقاً للخلاص من الفساد".
واعتبر أن الفساد في البلاد يتفاقم "بتوافق القوى الحاكمة على جعل الوطن مغانم يتقاسمونها في ما بينهم وتغاضي بعضهم عن فساد البعض الآخر".
ويُعد ذلك انتقاداً صريحاً للسلطة الحاكمة، التي ضمنت الأسبوع الماضي اتفاقاً برعاية إيرانية، يبقيها في السلطة، مع إنهاء الاحتجاجات بكل الوسائل المتاحة.
 

قتلى في التظاهرات
 
وبعد خطبة الجمعة، شهدت المسيرات الاحتجاجية مزيداً من المشاركة في المدن الجنوبية وبغداد، حيث قُتل أربعة أشخاص بالرصاص الحي وقنبلة غاز مسيل للدموع، وفق مصادر طبية، التي ذكرت أنّ اثنين من المتظاهرين قُتلا بعد ظهر الجمعة بالرصاص الحي في ساحة الخلاني في بغداد، فيما قُتل ثالث بسبب قنابل الغاز المسيل للدموع.

وقطع متظاهرون في البصرة، الطريق المؤدية إلى ميناء أم قصر. وكانت قوات الأمن فرقت الأسبوع الفائت اعتصاماً في المكان ذاته، لكن 20 شخصاً تقريباً عمدوا مجدداً إلى قطع الطريق.
وأكد محتجون متمركزون في ساحة التحرير في بغداد أنهم باقون في المكان، فيما دعا متظاهر عندما أطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع "لا أحد يتراجع، حتى السيستاني معنا".
وأفادت مصادر طبية بمقتل متظاهر ليل الخميس - الجمعة، بعد مقتل أربعة آخرين في اليوم السابق.
يُذكر أنه منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل في الاحتجاجات أكثر من 330 شخصاً في العراق، غالبيتهم من المتظاهرين، وفق مصادر طبية وأمنية.
 
 
موازين القوى
 
ويبدو أن موازين القوى قبل خطبة اليوم، لن تكون كما بعدها، إذ اعتبر المحلل السياسي في معهد كارنيغي حارث حسن أن السيستاني "كان دائم الحرص على عدم استنفاد رصيده بالسياسات الضيقة، وحفظ كلماته للمواقف الأكثر خطورة". وأضاف أن "كلماته الأخيرة عن الاحتجاجات كشفت عن مدى جدية إدراكه للوضع الحالي في العراق. ومن خلال انحيازه بشكل أوضح للمحتجين، قام السيستاني بأكثر تحركاته جرأةً حتى الآن، التي قد تحدد نتيجة ميزان القوى داخل البيت الشيعي والسياسة العراقية لسنوات مقبلة".
وجددت المرجعية العليا تأكيدها الجمعة أن "معركة الإصلاح التي يخوضها الشعب العراقي الكريم إنما هي معركة وطنية تخصه وحده، ولا يجوز السماح بأن يتدخل فيها أي طرف خارجي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دور إيران

 
ويوجّه جزء كبير من الشارع العراقي أصابع الاتهام إلى إيران، على أنها العمود الفقري للنظام القائم، بخاصة مع الزيارات المتكررة لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إلى البلاد.
وقال مصدر سياسي رفيع مقرّب من دوائر المرجعية لوكالة الصحافة الفرنسية، إن طهران حاولت في الآونة الأخيرة إيصال رسائل إلى المرجعية، تطلب منها دعم الحكومة الحالية في خطبتها ودعوة المتظاهرين إلى الانسحاب من الشارع وإعطاء فرصة لإجراء إصلاحات خلال مهلة زمنية محددة.
وأوضح المصدر أن المرجعية "رفضت الاستجابة لتلك الرسائل أو حتى تلقيها. ولذلك لم توافق أيضاً على استقبال (رجل الدين الشيعي مقتدى) الصدر بعد عودته مباشرة من طهران، كي لا يظنّ الشارع أنه يحمل رسالة من إيران".
وأشار المصدر إلى أن "سليماني نفسه، سمع كلاماً قاسياً من المرجعية حيال الدور الإيراني في الأزمة العراقية"، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
لذلك، بدا أن الشارع بدأ يستعيد زخمه، خصوصاً بعدما وجدت السلطات نفسها محرَجة في قمع التظاهرات، وبعدما نفت المرجعية أن تكون طرفاً في أي اتفاق لتجفيف الشارع. وباتت الحكومة الآن تحت ضغط الشارع والحركات السياسية والدبلوماسية.
وكان السيستاني التقى مطلع الأسبوع الحالي رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت، التي طرحت عليه خريطة طريق حظيت بموافقته، مقسمة على مراحل، تدعو إلى وضع حد فوري للعنف، والقيام بإصلاحات ذات طابع انتخابي، واتخاذ تدابير لمكافحة الفساد في غضون أسبوعين، تتبعها تعديلات دستورية وتشريعات بنيوية في غضون ثلاثة أشهر.
 
الانتخابات هي الحل
 
وفي هذا السياق، اعتبرت المرجعية في خطبتها الجمعة أن "إرادة الشعب تتمثل في نتيجة الاقتراع السري العام، إذا أُجري بصورة عادلة ونزيهة"، داعية إلى "الإسراع في إقرار قانون منصف للانتخابات، يمنح فرصةً حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد خلال السنوات الماضية". وأضافت أن "إقرار قانون لا يمنح مثل هذه الفرصة للناخبين لن يكون مقبولاً ولا جدوى منه".

المزيد من العالم العربي