Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اختطاف في وضح النهار... مسلحو إيران يكرسون حالة اللادولة في العراق

اختفاء عشرات النشطاء والمتظاهرين في ظروف غامضة وسط بغداد... وعبد المهدي يكتفي بتحذير الخاطفين

يكشف بيان موقف رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي تجاه ازدياد عمليات الخطف خلال الآونة الأخيرة، عن حالة العجز التي تعانيها الدولة، في ظل انفلات الأمن، وتعدد الجهات التي تملك السلاح والنفوذ.

وبرهنت حركة الاحتجاج العراقية التي بدأت مطلع الشهر الماضي، وما زالت مستمرة، أن العراق يحتاج إلى كثير من العمل، كي يستعيد مفهوم الدولة، فعلى الرغم من هزيمة تنظيم داعش تمتلك المجموعات المسلحة الموالية لإيران مساحة النفوذ الأكبر في هذا البلد، الذي يرفع محتجوه منذ 45 يوماً شعار "نريد وطناً"، في إشارة صريحة إلى جزعهم من هيمنة طهران على القرار السياسي في بلادهم.

في المقابل، صعدت المرجعية الدينية الشيعية العليا في العراق من نبرتها الجمعة، مؤكدة دعمها للاحتجاجات التي تشهدها البلاد، ومشددة على أنها ستشكل انعطافة كبيرة في الوضع العام.

وقال المرجع الشيعي علي السيستاني، في خطبة الجمعة التي تلاها ممثله السيد أحمد الصافي في كربلاء، "إذا كان من بيدهم السلطة يظنون أنّ بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون". وأضاف "لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال، فليتنبهوا إلى ذلك".

واعتبر أن الفساد في البلاد يتفاقم "بتوافق القوى الحاكمة... على جعل الوطن مغانم يتقاسمونها فيما بينهم وتغاضي بعضهم عن فساد البعض الآخر".

هذه المرة الأولى تقول فيها المرجعية إنها تدعم الاحتجاجات وليس مطالبها فقط، في ما يعد انعطافة كاملة في الخطاب لمصلحة الشارع.

خطف ضابط كبير

يوم الأربعاء الماضي، توجت هذه المجموعات المسلحة جهود الهيمنة والنفوذ في العراق، بعملية اختطاف غريبة، شملت ضابطاً كبيراً في وزارة الداخلية، ونفذت في وضح النهار، وفي منطقة تصنف من بين "الأرقى" والأهم في العاصمة العراقية.

قالت مصادر أمنية إن مسلحين ملثمين، يقودون سيارات حديثة رباعية الدفع لا تحمل لوحات تسجيل، أوقفوا سيارة اللواء ياسر عبد الجبار، رئيس المعهد العالي للتطوير الأمني والإداري، في شارع الوزراء بمنطقة الجادرية في بغداد، وأنزلوه منها، ثم اقتادوه إلى مكان مجهول.

يعرف سكان بغداد أن منطقة الجادرية، هي الموقع المفضل لسكن كبار المسؤولين والزعماء والساسة، ولكنها أيضاً مفضلة لدى قادة الميليشيات الموالية لإيران.

تعليقات صادمة

احتاج رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلى أكثر من 24 ساعة، ليعلق على هذه العملية، التي أعقبت سلسلة عمليات خطف طاولت نشطاء وصحافيين ومتظاهرين، من قبل جهات مجهولة، كانت تحاول إرهاب المحتجين للتأثير في الحراك الشعبي. لكن تعليق رئيس السلطة التنفيذية، والقائد العام للقوات المسلحة، الذي يأتمر بأمره أكثر من مليون مقاتل في مختلف الصنوف الأمنية والعسكرية والاستخبارية، جاء صادماً لمراقبين.

قال عبد المهدي، "نشهد ازدياد حالات الخطف التي تقوم بها جهات توحي بأنها تنتمي إلى إحدى مؤسسات الدولة، سواء بعناوين حقيقية أو مزيفة"، مشيراً إلى أن كاميرات المراقبة سجلت "اختطاف اللواء الدكتور ياسر عبد الجبار محمد حسين عميد المعهد العالي للتطوير الأمني والإداري في وضح النهار وفي منطقة الجادرية من بغداد واقتياده إلى جهة مجهولة".

القائد العام يرفض ويستنكر

أضاف رئيس الوزراء العراقي، "إننا نرفض هذه الممارسات بشدة ونعد هذا العمل جريمة يعاقب عليها القانون، وعلى الجناة إطلاق سراحه فوراً ومن دون قيد أو شرط"، مشيراً إلى أن "الأمر يتناول أي شخصية أخرى مختطفة، فالقانون يعاقب على احتجاز أو اعتقال أي شخص من دون أوامر قضائية أصولية ومن غير الجهات المخولة بأوامر إلقاء القبض وتنفيذه".

ووجه عبد المهدي "تحذيراً إلى الجهات التي تقوم بهذه الأعمال أو تغطيها بأنها ليست خارج القانون مهما كانت صفتها، وأن عقوبات مؤكدة تنتظرها نتيجة أفعالها هذه، فكما قلنا مراراً فنحن بين خيارين، أما الدولة أو اللادولة. ولن نقبل إطلاقاً أية تصرفات خارج قوانين وتعليمات وتنظيمات الدولة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تضمّن حديث عبد المهدي إِشارات عديدة إلى أن الجماعات التي تنفذ عمليات الخطف تابعة للدولة، أو أنها تستخدم عنوانها وأدواتها على الأقل، معترفاً بأن لدى هذه الجماعات نفوذاً وتأثيراً واسعين، لكن اللافت هو استخدامه لغة التحذير والنداءات في الحديث عن ميليشيات خارجة عن القانون، تستخدم مقدرات الدولة لترويع السكان.

وقالت مصادر مطلعة إن المجموعة المسلحة التي نفذت هذه العملية على صلة بكتلة نيابية كبيرة في البرلمان العراقي، موالية لإيران، مضيفة أن قرار الخطف اتخذ بعد رفض اللواء عبد الجبار إصدار أمر بقبول عدد من العناصر غير المؤهلين في المعهد الذي يرأسه".

سخرية من رئيس الوزراء

قوبلت تعليقات عبد المهدي بسخرية واسعة في فضاء التواصل الاجتماعي، إذ وصفه مدونون بـ "الناشط المدني"، و"موظف الإغاثة"، الذي يكتفي بتوجيه النداءات، متناسياً أنه رئيس السلطة التنفيذية والقائد العام للقوات المسلحة.

قال عدنان الزرفي، وهو برلماني ينتمي إلى كتلة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، إن عملية اختطاف مسؤول أمني كبير بهذه الطريقة وسط بغداد، "تؤكد ضياع الدولة التي أسست لأضعاف الأجهزة الأمنية وحولتها إلى ملاذ لتصفية الحسابات السياسية"، سائلاً "هل واجب رئيس الحكومة أن يتوسل الخاطفين لإطلاق سراح المختطفين؟".

القضاء يفضح الحكومة

سبقت عملية اختطاف اللواء عبد الجبار، حملات اعتقال واختطاف واسعة في بغداد والمحافظات، ضد مئات النشطاء والصحافيين والمتظاهرين، في محاولة للسيطرة على حركة الاحتجاج، وسط إصرار حكومي على نفي حدوثها.

لكن الوقائع على الأرض خلال اليومين الماضيين، أثبتت أن الحكومة العراقية لم تكن صادقة في هذا المجال، إذ أعلن مجلس القضاء الأعلى أنه أفرج عن أكثر من 1600 شخص، اعتقلوا بسبب المشاركة في الاحتجاجات.

جاء هذا الإعلان بالتزامن مع إطلاق سراح اثنين من النشطاء البارزين في بغداد، وهما صبا المهداوي وعلي هاشم، اللذين اعتقلا لدى جهة مجهولة مع تصاعد الاحتجاجات أوائل الشهر الجاري.

احتجاجات العراق، اختطاف النشطاء، عادل عبد المهدي، العراق، إيران

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي