Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في ذكرى الثورة الإيرانية... هل من سبب يدفع الإيرانيين حقاً إلى الاحتفال؟

على الرغم من موجات الاحتفال فإن من يتخطى التصريحات إلى ما هو أبعد قليلاً قد يجد حقيقة مغايرة، لن تعجب بالتأكيد مؤيدي الثورة

رجل دين ايراني يمرّ من أمام جدارية مناهضة للولايات المتحدة في طهران (رويترز)

تكثر في هذه الأيام التصريحات والاحتفالات المتعلقة بذكرى مرور أربعين عاماً على الثورة الإيرانية، التي أدت في عام 1979 إلى سقوط حكم الشاه وعودة روح الله الخميني إلى إيران، ومعه دخلت البلاد مرحلة جديدة تمتد تطوراتها إلى يومنا هذا.

يربط كثيرون هذه الذكرى بعبارات النصر وبعظمة ما تحقق داخلياً وخارجياً، سواء كان من الناحية العسكرية أم من الناحية العقائدية التي ارتكزت عليها تلك الثورة، ولكن من يتخطى هذه التصريحات إلى ما هو أبعد قليلاً يجد حقيقة مغايرة، لن تعجب بالتأكيد مؤيدي هذه الثورة.
واقع الحال هو أن الشعب الإيراني دفع أثمانا باهظة للتغيير قبل أربعين عاماً، لكنه يصارع اليوم للبقاء في ظل مجموعة من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والثقافية الكبيرة والمتراكمة منذ سنوات طويلة من دون حل في الأفق، وهي المشكلات نفسها التي تحاول القيادة الإيرانية التعتيم عليها منذ أكثر من ثلاثة عقود.
إحصاءات
اقتصادياً، شددت العقوبات الدولية، بسبب النشاط الإيراني النووي، الخناق على الداخل الإيراني، حيث انخفضت العملة المحلية مقابل ارتفاع أسعار السلع الغذائية في الأشهر الماضية أكثر من 50 في المئة، وارتفاع حجم التضخّم أكثر من 40 في المئة، والبطالة 12 في المئة بحسب مركز الاحصاء الإيراني الحكومي، على الرغم من امتلاك إيران ثروات كبيرة من النفط والغاز.
التدهور الاقتصادي هذا لا يعود إلى العقوبات الدولية فحسب، بل أيضاً إلى صرف مبالغ كبيرة جداً على التدخل العسكري في كل من العراق وسوريا خلال السنوات الماضية، وعمليات التسليح وشراء منظومات أسلحة جديدة.
وأدى هذا الواقع إلى استقالة وزيري الصناعة والنقل الإيرانيين في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وإجراء تعديلات حكومية أخرى بعد أشهر على سحب الثقة من وزيري العمل والمالية في أغسطس (آب) من العام نفسه، في حين رصد مؤشر الشفافية العالمي إيران ضمن الأعلى فساداً في العالم، وأتت في المرتبة 131 من بين 176 دولة.
بالأرقام أيضاً، إن 45 مليون مواطن من مجموع 80 مليوناً من سكان البلاد يعيشون ظروفاً معيشية صعبة، في حين يعيش قرابة 26 مليوناً تحت خط الفقر، بحسب معيار يعتمده البنك الدولي، الذي توقّع انكماشاً اقتصادياً في إيران عام 2019 أكثر من 3 في المئة بفعل تضاؤل إيرادات النفط.
إدمان المخدرات يعتبر أيضاً من أصعب المشكلات الاجتماعية في هذه الدولة، فالجمهورية الإيرانية تعدّ أكبر مشترٍ للأفيون الأفغاني وأحد أكبر منتجي الهيرويين في العالم. وتشير إحصاءات صادرة عن جهات رسمية إيرانية إلى وجود أكثر من مليونين وثمانمئة وثمانية آلاف مدمن فيها، لكن تقارير دولية تقول إن العدد هو أكثر بكثير.
بيئياً، تُصنف طهران واحدة من أسوأ المدن من حيث تلوث الهواء في العالم. وتشير التقارير إلى وفاة قرابة 13 شخصاً يومياً في العاصمة جراء أمراض ناجمة بشكل أساسي عن التلوث.
انهيار من الداخل
إلى جانب الفقر والبطالة وإدمان المخدرات، يواجه الشعب الإيراني تضييقاً يومياً على حرية التعبير، وسط حملات اعتقال لا تتوقف أو تهدأ وتيرتها، فأي معارضة للنظام، علانية أم سرية، ستواجه قمعاً يصل إلى حد السجن، وربما الإعدام.
في هذا الإطار كشفت منظمة العفو الدولية عن اعتقال ما يزيد على 7000 شخص خلال الاحتجاجات في العام 2018، من بينهم صحافيون ومحامون وناشطات حقوق المرأة ونشطاء حقوق الأقليات ونقابيون وغيرهم.
وللإعدام سجله الطويل في إيران التي هي الثانية عالمياً في عدد عمليات الإعدام، والأولى في عمليات إعدام الأطفال دون 18 عاماً، بحسب شبكة "دويتشه فيله" الألمانية.
إزاء هذا الواقع، خرج آلاف الإيرانيين، معظمهم من الفئة الشابة، قبل أشهر في تحركات احتجاجية أطلق عليها إسم "ثورة الجياع"، ورُفعت خلالها شعارات "الموت لروحاني"، و"الموت للديكتاتور"، و"لا غزة ولا لبنان.. روحي فداء إيران".
وهي ليست التظاهرات الأولى في إيران، إذ سبق أن خرج متظاهرون في أكثر من تحرّك منذ العام 2009 للأسباب نفسها.
وعلى الرغم من أنه لا يسمح بوجود معارضة إيرانية في الداخل، فإن بعض المسؤولين خرج بتصريحات تنتقد هذا الواقع.
فقد وجه النائب الإيراني جليل رحيمي جهان آبادي نقداً علنياً غير مسبوق في 7 يناير (كانون الثاني) الماضي، محذراً بلاده من مصير الاتحاد السوفياتي، قائلاً: "إذا لم نقلل تكاليفنا الزائدة في الداخل والخارج، فسنتلقى الهزيمة داخل طهران".
وهو موقف ليس بعيداً عما أدلت به فائزة رفسنجاني، ابنة الرئيس الإيراني الراحل، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، في 28 ديسمبر (كانون الأول) 2018، معتبرةً أن المشكلات الاجتماعية والاقتصادية تتزايد في إيران من دون حل، وأن النظام الإيراني ينهار من الداخل.
وكان الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي قد حذّر في 9 يونيو (تموز) 2018 من أن الفساد في إيران بلغ مستوى يهدد الثورة الإيرانية ويشكل خطراً على البلاد.

المزيد من الشرق الأوسط